دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الأول 2019 - سِفْر الرؤيا


Adult Bible Study Guide


1st Quarter 2019


مقدمة ٢


الأخبار السارة من بَطْمُس — ٢٩ كانون الأول(ديسمبر)-٤ كانون الثاني (يناير) ٦

في وسط المناير — ٥-١١ كانون الثاني (يناير) ١٣

رسائل يسوع للكنائس السبعة — ١٢-١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠

مُستحقٌ هو الخروف — ١٩-٢٥ كانون الثاني (يناير) ٢٨

الأختام السبعة — ٢٦ كانون الثاني (يناير)-١ شباط (فبراير) ٣٥

عبيد الله المختومين — ٢-٨ شباط (فبراير) ٤٣

الأبواق السبعة — ٩-١٥ شباط (فبراير)٥٠

الشيطان عدوٌ مهزومٌ — ١٦-٢٢ شباط (فبراير) ٥٨

الشيطان وحليفاه — ٢٣ شباط (فبراير) - ١ آذار (مارس)٦٦

بشارة الله الأبدية — ٢-٨ آذار (مارس) ٧٤

الضربات السبعة الأخيرة — ٩-١٥ آذار (مارس)٨١

الدينونة على بابل — ١٦-٢٢ آذار (مارس)٨٩

«ها أنَا أَصْنَعُ كُلَّ شَيْءٍ جَدِيدًا» — ٢٣-٢٩ آذار (مارس)٩٧

المبادئ والمعتقدات الأساسية للأدڤنتست السبتيين١٠٤


Editorial Office: 12501 Old Columbia Pike, Silver Spring, MD 20904


Come visit us at our Website: http://www.absg.adventist.org


Principal Contributor

Ranko Stefanovic


Editor

Clifford R. Goldstein


Associate Editor

Soraya Homayouni


Publication Manager

Lea Alexander Greve


Middle East and North Africa Union


Publishing Coordinator

Michael Eckert


Translation to Arabic

Sylvia Safwat


Arabic Layout and Design

Marisa Ferreira


Editorial Assistant

Sharon Thomas-Crews


Pacific Press® Coordinator

Wendy Marcum


Art Director and Illustrator

Lars Justinen


Design

Justinen Creative Group



© ٢٠١٩ المجمع العام للأدفنتست السبتيين®. جميع الحقوق محفوظة. لا يجوز تعديل أو تغيير أو تبديل أو تحويل أو ترجمة أو إعادة إصدار أو نشر أي جزء من دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقدَّس للكبار دون الحصول على إذْن خطي سابق من المجمع العام للأدفنتست السبتيين®. ويُصرّح لمكاتب الأقسام التابعة للمجمع العام للأدفنتست السبتيين® العمل على التنسيق لترجمة دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقدَّس للكبار بموجب مبادئ توجيهية محددة. وتبقى ترجمات هذا الدليل ونشره حقًا محفوظًا للمجمع العام. اصطلاحات «الأدفنتست السبتيون»، و «الأدفنتست» وشعار الشعلة هي علامات تجارية مسجلة للمجمع العام للأدفنتست السبتيين®، ولا يجوز استخدامها دون الحصول على إذن سابق من المجمع العام.


دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقدَّس للكبار هو من إعداد مكتب دليل دراسة الكتاب المُقدَّس للكبار التابع للمجمع العام للأدفنتست السبتيين. ويخضع إعداد الدليل للإشراف العام من قِبَل لجنة مدرسة السبت للنشر، وهي إحدى اللجان التابعة للجنة الإدارية للمجمع العام، التي هي الناشر لدليل دراسة الكتاب المقدس. يعكس الدليل المنشور مساهمات لجنة عالمية تقويمية، ويحظى بموافقة لجنة مدرسة السبت للنشر، وعليه فهو لا يمثل بالضرورة وجهة نظر المؤلف (أو المؤلفين) منفردةً.


Sabbath School Personal Ministries



الأخبار

السارة من

بَطْمُس


منذ حوالي ألفي سنة، نُفي الرسول يوحنا إلى جزيرة صخرية صغيرة في بحر إيجة بسبب شهادته الأمينة للإنجيل. فعانى الرسول المُسّن من جميع مشقات الاعتقال الروماني. وفي أحد السبوت، جاءه يسوع المسيح في زيارة خاصة؛ جاءه ليشجع خادمه أثناء معاناته.

وفي سلسلة من الرؤى، أراه يسوع بانوراما تاريخ الكنيسة وما سيختبره شعب الله بينما ينتظرون عودة سيدهم.


فسجّل يوحنا ما رآه في الرؤى بأمانة في مخطوطة عنوَنَها باسم «إعلان يسوع المسيح» (رؤيا ١:١). ويعلن السفر الذي كتبه، عَمَلْ يسوع في السماء وعمله على الأرض منذ صعوده وما سيفعله عندما يجيء. وكان الهدف منه أن يؤكد للمسيحيين عبر الأجيال على وجود المسيح وأنه يحفظهم إذ يختبرون تجارب الحياة اليومية في عالمٍ ساقطٍ ومنغمس في الصراع العظيم.


هذا الربع سوف نتعمق في هذا السّفر. وسنركز بصفة عامة على أجزاء السفر ومواضيعه الرئيسة. فالفكرة هي أن نتعرف على مواضيع السفر الرئيسة وندرك أنه بالفعل يعلن يسوع المسيح، وحياته، وموته، وقيامته، وخدمته الكهنوتية العُظمى لأجل شعبه.


وإذ نفعل ذلك، سنمضي قُدمًا بالطرق التالية:


١. تعتمد دراستنا لسفر الرؤيا على مفهوم الوحي الكتابي: ففي حين أن رسائل السفر هي من الله، إلا أن اللغة التي نُقِلت بها تلك الرسائل هي بشرية. واستخدامًا للغةٍ وصورٍ مستوحاة من تاريخ شعب الله في العهد القديم، سنكتشف الكيفية التي نقل بها يوحنا تلك الرسائل.


٢. تُظهِر القراءة الدقيقة لنبوات سفر الرؤيا (مثل تلك التي في سفر دانيال) أن النهج التاريخي للتفسير النبوي هو النهج الصحيح لفهم تحقيق النبوات المقصود، لأنها تتبع مجرى التاريخ، منذ زمن النبي وحتى نهاية العالم. ويوضح هذا النهج كيف يجب أن نبذل قصارى جهدنا لكي نستنبط المعنى من النص ذاته، عوضًا عن فرض تفسير حُدّد للنص سلفًا.


٣. الهيكل التنظيمي لسفر الرؤيا هو جوهريٌ بطرق عدة للتطبيق المسؤول لنبوات السفر. ولذلك سيعتمد تحليلنا لسفر الرؤيا على هيكلية رباعية الجوانب:


أ. رؤيا ١: ١- ٣: ٢٢ توضّح وضع الكنائس في زمن يوحنا لتتناول وضع الكنيسة في حقب مختلفة من التاريخ تناولًا نبويًا.


ب. رؤيا ٤: ١ - ١١: ١٩ تعيد (أو تلخِّص) تاريخ الكنيسة هذا وتبني عليه استخدامًا لرموزٍ تخص سفر الرؤيا تدريجيًا تضفي تفاصيل أكثر.


ج. رؤيا ١٢: ١ - ١٤: ٢٠ هي المحور الموضوعي للسفر وتمتد عبر تاريخ الصراع العظيم منذ قبل زمن يسوع وحتى المجيء الثاني.


د. رؤيا ١٥: ١ – ٢٢: ٢١ تركز حصريًا على نهاية الزمان.


٤. التفسير المعقول لنبوات الرؤيا يجب يكون المسيح محوره. حيث كُتِب السفر بأكمله من منظور المسيح. وعليه، فمن خلال المسيح وحده تلقى رموز سفر الرؤيا وصوره معناها وأهميتها.


يَعِدُ سفر الرؤيا بالبركات أولئك الذين يقرأون كلماته ويسمعونها ومَن يحفظون تحذيراته. يفتتح سفر الرؤيا بتحذير مقدم لنا لنفهم التعليمات التي يحتويها. حيث يقول الرب: «طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ.» عندما نفهم نحن كأناس ما يعنيه هذا السِّفر لنا، سنرى في وسطنا نهضة عظيمة. ولكننا لا نفهم الدروس التي يجب أن نفهمها فهمًا كاملًا، غير مُدركين تمامًا التحذير المُعطى لنا لتفتيشه ودراسته» – روح النبوة،

Testimonies to Ministers and Gospel Workers, p. 113). بينما نحلل هذا السفر، ندعوكم لأن تكتشفوا لأنفسكم الأمور التي أنتم بحاجة لسماعها والانتباه إذ ننتظر مجيء ربنا يسوع المسيح.


رانكو ستيفانوفك، الحاصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة، هو أستاذ العهد الجديد في معهد اللاهوت الأدفنتستي بجامعة آندروز. وتخصصه هو سفر الرؤيا.


انخراط كافة الأعضاء


حان وقت انخراط كافة الأعضاء


ما هو “انخراط كافة الأعضاء”؟


« انخراط كافة الأعضاء ‹ TMI › » هو تّوجُّه كرازي واسع النطاق على مستوى الكنيسة العالمية يشارك فيه كل عضو، كل كنيسة، كل كيان إداري، كل نوع من أنواع الخدمة العامة الإِيْصَالِيّة، وكذلك الخدمات الإِيْصَالِيّة الشخصية والمؤسساتية.

إنها خطة تعتمد على تواريخ محددة وتهدف إلى ربح النفوس المعني وتقف على احتياجات العائلات والأصدقاء والجيران. ثم تشارك كيف يلبّي الله كل حاجة، مما يؤدي إلى زرع كنائس جديدة ونمو الكنيسة ككل، مع التركيز على إبقاء الأعضاء، التبشير، المشاركة والتلمذة.

كيفية تطبيق «انخراط كافة الأعضاء» في مدرسة السَّبت


خصّص أول ١٥ دقيقة * من كل درس للتخطيط والصلاة والمشاركة:


« انخراط كافة الأعضاء ‹ TMI › » في الوصول لمَن ينتمون للكنيسة: خطط لزيارة الأعضاء المتغيبين أو المتضررين وصلِّ من أجلهم واعتنِ بهم، وقم بتوزيع مهام لكل منطقة. صَلِّ وناقش الطرق التي يمكن من خلالها تلبية احتياجات العائلات الكنسيَّة، الأعضاء غير الفاعلين، الشبيبة، النّساء والرجال، وطرق مختلفة لجعل العائلة الكنسية منخرطة في الخدمة.

« انخراط كافة الأعضاء ‹ TMI › » في الوصول لمَن لا ينتمون للكنيسة: صَلِّ وناقش الطرق التي مِن خلالها يمكن الوصول إلى مجتمعك، مدينتك، والعالم، بإتمام مهمة البشارة من خلال الزَّرع، الحصاد، والحفاظ على ما نجمعه. قم بإشراك جميع الخدمات الكنسيّة إذ تخطط لمشاريع ربح النفوس قصيرة المدى وبعيدة المدى. إنَّ مبادرة « انخراط كافة الأعضاء ‹ TMI › » أساسها أعمال التّرفّق المكترث. فيما يلي بعض الطرق العملية لتصبح منخرطاً بشكل شخصي: ١. قم بتنمية عادة التعرّف على الاحتياجات في مجتمعك. ٢. ضع الخطط لتلبية هذه الاحتياجات. ٣. صَلِّ من أجل انسكاب الروح القدس.

« انخراط كافة الأعضاء ‹ TMI › » للتواصل مع الله: دراسة فصل الكتاب. شجِّع الأعضاء على الانخراط في الدراسة الفردية للكِتاب المُقدَّس – اجعل دراسة الكِتاب المُقَدَّس في مدرسة السبت دراسة تشاركية. ادرسوا من أجل التغيّر الإيجابي وليس من أجل الحصول على المعلومات.

انخراط كافة الأعضاء ‹ TMI ›


الوقت


الشّرح


التبشير بالمشاركة


المرسلية العالمية


١٥ دقيقة.*


صَلّ، خطِّط، نظّم للعمل. اهتم بالأعضاء المتغيبين. ضع جدولاً زمنياً للتواصل. العطاء المرسلي.


درس دليل دراسة الكِتاب المُقَدَّس


٤٥ دقيقة.*


قم بإشراك الجميع في درس الكِتاب المُقَدَّس. اطرح أسئلة. سلّط الضوء على النصوص الرئيسية.


الغداء


خطط للغداء مع أعضاء الصَّف بعد العبادة.


ثم فليخرج كل واحد منكم ويتواصل مع شخص ما.


*يمكن تعديل الوقت حسب الضرورة.


قم بزيارة الموقع الإلكتروني


الخاص بالشرق الأوسط للنشر


للحصول على المزيد من الموارد باللغة العربية


www.middle-east-publishers.com


 

اشترك في


رسالتنا الإخبارية


المجانية


تزوّد بآخر المعلومات المتعلقة بكل


إصداراتنا الجديدة!


+961 1 690290 | www.middle-east-publishers.com


شارع الفردوس، السبتية، جديدة المتن، بيروت، لبنان ١٢٠٢٢٠٤٠


الدرس الأول *٢٩ كانون الأول (ديسمبر) - ٤ كانون الثاني (يناير)


الأخبار السارة من بَطْمُس






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ١: ١-٨؛ يوحنا ١٤: ١-٣؛ تثنية ٢٩:٢٩؛ يوحنا ١٤: ٢٩؛ رومية ١: ٧؛ فيلبي ٣: ٢٠؛ دانيال ٧: ١٣، ١٤.


آية الحفظ: «طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ» (رؤيا١: ٣).


أُعلنت نبوات سفر الرؤيا، من خلال رؤى للرسول يوحنا، لأكثر من تسعة عشر قرن مضى أثناء منفاه على جزيرة صخرية صغيرة في بحر إيجه تُعرَف باسم بَطْمُس (رؤيا ١: ٩). تبارك الآية في (رؤيا ١: ٣) أولئك الذين يقرأون السفر ويسمعونه ويطيعون تعاليمه (قارن لوقا ٦: ٤٧، ٤٨). ويشير هذا العدد إلى جماعة المؤمنين المجتمعة في الكنيسة لسماع الرسائل. ورغم ذلك، فهم ليسوا مباركين لأنهم يقرأون أو يسمعون فقط، بل لأنهم يطيعون كلمات السفر أيضًا (انظر رؤيا ٢٢: ٧).


نبوات سفر الرؤيا هي تعبير عن عناية الله بشعبه. فهي تشير إلى قِصَر هذه الحياة وهشاشتها، وتوجهنا إلى الخلاص بيسوع وإلى عمله، بوصفه رئيس كهنتنا السماوي ومَلِكُنَا، وتوجهنا كذلك لدعوتنا لنشر الإنجيل.


فالنبوات الكتابية تشبه سراج مضيء في مكان مظلم (٢بطرس ١: ١٩). وهدفها هو أن تعطينا إرشاد لحياتنا اليوم ورجاء لمستقبلنا. ونحن سنظل بحاجة لهذا الإرشاد النبوي حتى مجيء المسيح وتأسيس ملكوت الله الأبدي.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٥ كانون الثاني (يناير).


الأحد ٣٠ كانون الأول (ديسمبر)


عنوان السفر


اقرأ رؤيا ١: ١، ٢. ما هي أهمية العنوان الكامل للسفر؟ ماذا يعلمنا العنوان عن مَن هو المحور الرئيس للسفر؟


تذكر رؤيا ١: ١ أن عنوان السفر هو «إعلان يسوع المسيح». وتأتي كلمة «إعلان» من الكلمة اليونانية «apokalupsis» (رؤيا)، والتي تعني «جَلَيان» أو «كشف». حيث تكشف الرؤيا شخص يسوع المسيح؛ فهي منه وعنه. ومع أنها جاءت من الله خلال يسوع المسيح (انظر رؤيا ٢٢: ١٦)، يشهد السفر أن يسوع هو محور محتواها. فالرؤيا هي إعلان ذاته لشعبه وتعبيرٌ عن اهتمامه بهم.


يسوع هو الشخصية الرئيسة في سفر الرؤيا. فيبدأ السفر به (رؤيا ١: ٥-٨) ويُختم به (رؤيا ٢٢: ١٢-١٦). «دع دانيال يتحدث، ودع الرؤيا تتحدث، ليخبرا بالحق. ولكن في أي مرحلة من مراحل الموضوع المُقدمة ارفع اسم يسوع واجعله محور كل رجاء، ‹أَصْلُ وَذُرِّيَّةُ دَاوُدَ. كَوْكَبُ الصُّبْحِ الْمُنِيرُ› » (روح النبوة، Testimonies to Ministers and Gospel Workers، صفحة 118).


أيضًا، يسوع في الرؤيا هو ذاته يسوع في الأناجيل الأربعة. حيث يواصل سفر الرؤيا وصف يسوع وعمله الخلاصي بالنيابة عن شعبه كما صُوِرا في الأناجيل. إلا أن سفر الرُؤيا يركز على نواح مختلفة من حياته وخدمته. إذ يبدأ بصفة رئيسية من حيث انتهت الأناجيل — بقيامة يسوع وصعوده للسماء.


على غرار الرسالة إلى العبرانيين، يركز سفر الرؤيا على خدمة يسوع السماوية. ويوضح أنه بعد صعوده تولى يسوع خدمته المَلَكية والكهنوتية في المقدس السماوي. لولا سفر الرؤيا أو العبرانيين، لكانت معرفتنا عن خدمة المسيح الكهنوتية العُظمى في السماء لأجل شعبه، محدودة جدًا. ومع ذلك، حتى بالإضافة إلى سفر العبرانيين، يزودنا سفر الرؤيا بصورة فريدة عن خدمة يسوع المسيح لأجلنا.


اقرأ يوحنا ١٤: ١-٣. كيف يساعدنا الوعد المُوسّع الموجود هنا على فهم ما يفعله يسوع الآن من أجلنا في السماء فهمًا أفضل؟ أي رجاء يمكننا استخلاصه من هذا الوعد الرائع؟


الاثنين ٣١ كانون الأول (ديسمبر)


غاية السفر


تخبرنا الآية أيضًا في رؤيا ١:١ أن غاية السفر هي توضيح أحداث المستقبل، بداية من زمن كتابة السفر ذاته. وسيلاحظ مَن هو على دراية بسفر الرؤيا أن تنبؤات الأحداث — سواء تلك التي تحققت بالفعل (على الأقل من منظورنا اليوم) أو تلك الأحداث التي لا تزال مستقبلية (أيضًا، من منظورنا اليوم) — تشغل معظم محتوى السفر.


الغاية الرئيسة للنبوات الكتابية هي أن تؤكد لنا أنه بغض النظر عما يجلبه المستقبل، تظل السيادة في يد الله. وهذا ما يفعله سفر الرؤيا بالضبط: فهو يؤكد لنا أن يسوع المسيح واقفٌ مع شعبه خلال تاريخ هذا العالم وأحداثه الأخيرة المُنذرة.


وعليه، فإنّ لسفر الرؤيا غايتان عمليتان: ليعلمنا كيفية عيش الحاضر وليُعِدُّنا للمستقبل.


اقرأ تثنية ٢٩: ٢٩. كيف يساعدنا هذا النص على أن نفهم سبب كون بعض الأمور غير مُعلنة لنا؟ ووفقًا لهذا النص، ما هي الغاية من الأمور المعلنة لنا؟ بمعنى أخر، ما هو سبب إخبارنا بها؟ انظر أيضًا رؤيا ٢٢: ٧.


لم تُعلن نبوات زمن النهاية في سفر الرؤيا بغرض إشباع فضولنا المفرط عن المستقبل. فلا يكشف السفر إلا تلك الأمور المستقبلية التي تهمنا معرفتها. وكُشفت هذه لتقنعنا بجدية ما سيحدث كي نعتمد على الله، ونطيعه نتيجة لذلك.


لقرونٍ، فإنّ التخمين والإثارة لازمت الكثير من التعاليم الخاصة بأحداث زمن النهاية. وصُنعت الثروات من وراء أولئك الذين، في توقعهم للنهاية العاجلة، أرهبوا الناس بهدف دفع الأموال لخدمتهم، لأن النهاية كانت وشيكة. ولكن في كل مرة لم تأتِ النهاية، وتُركت الناس محبطة ويائسة. ففي وجود جميع الأمور الصالحة التي أعطاها الله إيانا، قد يُساء استخدام وتفسير النبوة.


اقرأ يوحنا ١٤: ٢٩. ما هو المبدأ ذات الأهمية الجوهرية الذي يمكننا أن نجده في هذه الآية فيما يتعلق بالقصد من النبوة؟


الثلاثاء ١ كانون الثاني (يناير)


لغة الرموز في الرؤيا


اقرأ رؤيا ١٣: ١، ودانيال ٧: ١-٣، وحزقيال ١: ١-١٤. ما هو الأمر الذي تشترك فيه جميع هذه الرؤى؟


يواصل رؤيا ١:١ ويقول: «وَبَيَّنَهُ مُرْسِلاً بِيَدِ مَلاَكِهِ لِعَبْدِهِ يُوحَنَّا». نجد هنا كلمة هامة جدًا بالسفر. كلمة «بَيَّنَهُ» هي ترجمة للكلمة اليونانية «semainō» التي تعني «التوضيح بعلامات رمزية». وتستخدم هذه الكلمة في الترجمة اليونانية للعهد القديم (الترجمة السبعينية)، حيث يفسر دانيال للملك نبوخذنصر أنه بالتمثال المصنوع من الذهب والفضة والنحاس والحديد عَرَّفَ اللهُ الْمَلِكَ «مَا سَيَأْتِي بَعْدَ هذَا» (دانيال ٢: ٤٥). وتوظيفًا للكلمة ذاتها، يخبرنا يوحنا أن مشاهد وأحداث الرؤيا أُظهرت له في رؤية بِشكل عروض رمزية. وبقيادة الروح القدس، سجّل يوحنا بأمانة هذه العروض الرمزية التي رآها في الرؤى (رؤيا ١: ٢).


وعليه، لا يجب أن تُفَسَّر اللغة التي كُتِبت بها أغلب نبوات الرؤيا حرفيًا. وكقاعدة، تفترض قراءة الكتاب المقدس، على وجه العموم، فهم النصوص حرفيًا (إلا إذا كان النص يشير إلى رمز مقصود). ولكن عندما نقرأ سفر الرؤيا علينا أن نفهمه رمزيًا — إلا إذا كان النص يشير إلى معنى حرفي. ففي حين أن المشاهد والأحداث المُتَنَبَّأ بها في حد ذاتها حقيقية، إلا أنها وُصفت غالبًا بلغة رمزية.


ولذلك فإن الأخذ بعين الاعتبار الصفة الرمزية المتجلية في سفر الرؤيا سيقينا من تحريف الرسالة النبوية. وفي محاولة تحديد معاني الرموز المستخدمة في السفر، لابد من توخي الحذر لئلا نفرض على النص معنًى نابع من مخيلة بشرية أو من المعاني الدارجة لتلك الرموز في ثقافتنا. بل عوضًا، لابد أن نتجه إلى الكتاب المقدس وللرموز الموجودة في صفحاته حتى نفهم الرموز الموجودة في سفر الرؤيا.


في الواقع، في أثناء محاولة الوصول لمعاني تلك الرموز الموجودة في الرؤيا، لابد أن نتذكر أن معظمها مستمدة من العهد القديم. إذ في تصوير المستقبل استخدامًا للغة الماضي، أراد الله أن يبرهن لنا على أن أعماله الخلاصية في المستقبل ستكون شبيهة جدًا بأعماله الخلاصية في الماضي. فما فعله لأجل شعبه في الماضي، سيفعله لأجلهم مجددًا في المستقبل. في سعينا لفك شفرات رموز وتشبيهات الرؤيا لابد من أن نبدأ بإعطاء الاهتمام إلى العهد القديم.


الأربعاء ٢ كانون الثاني (يناير)


الذات الإلهية


يبدأ سِفر الرؤيا بتحية شبيهة بتلك المذكورة في رسائل بولس. فظاهريًا يبدو أن السّفر أُرسلَ كرسالة للكنائس السبع في آسيا الصغرى في زمن يوحنا (انظر رؤيا ١: ١١). إلا أن سفر الرؤيا لم يُكتب لهم فقط، بل لجميع الأجيال المسيحية عبر التاريخ أيضًا.


اقرأ رؤيا ١: ٤، ٥ ورومية ١: ٧. ما هي التحية المشتركة الموجودة في النصين، وممن التحية مرسلة؟


يقدم كلا النصين تحية خطابية: «نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ». تحتوي هذه العبارة على التحية اليونانية charis (نعمة) والتحية العبرية shalom (سلام أو عافية). وكما نرى من هذين النصين، معطو النعمة والسلام هم الأقانيم الثلاثة للذات الإلهية.


فيُعرف الآب بالأقنوم «الْكَائِنُ وَالَّذِي كَانَ وَالَّذِي يَأْتِي» (انظر رؤيا ١: ٨؛ ورؤيا ٤: ٨). ويشير هذا للاسم الإلهي يهوه «أَهْيَهِ الَّذِي أَهْيَهْ» (خروج ٣: ١٤) مشيرًا لوجود الله الأبدي.


ويشار للروح القدس «بالسبعة أرواح» (قارن مع رؤيا ٤: ٥؛ ورؤيا ٥: ٦). وسبعة هو رقم الكمال. وتعني «السبعة أرواح» أن الروح القدس نشيطٌ في جميع الكنائس السبع. وتشير هذه الصورة إلى الروح القدس الكُلّي القدرة وعمله الدؤوب بين شعب الله عبر التاريخ ممكنًا إياهم من إتمام دعوتهم.


أما يسوع المسيح فيعرف بثلاثة ألقاب: «الشَّاهِدِ الأَمِينِ، الْبِكْرِ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ» (رؤيا ١: ٥). وهي تشير لموته على الصليب وقيامته وعرشه في السماء. ثم يذكر يوحنا ما فعله يسوع: «الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ» (رؤيا ١: ٥، ٦).


تشير كلمة «أحبنا» في اللغة اليونانية الأصلية إلى محبة المسيح المستمرة التي تشمل الماضي والحاضر والمستقبل. من أحبنا قد غسلنا من خطايانا بدمه. وفي اليونانية، يشير الفعل «حرَّر» إلى فعل ماضي تام: عندما مات يسوع على الصليب قدم عن خطايانا كفارة كاملة متكاملة.


تصف الآيات في أفسس ٢: ٦ وفيلبي ٣: ٢٠ المفديين بكونهم مُقامين وجالسين مع يسوع في السماويات. ماذا يعني ذلك؟ وكيف لنا أن نستمتع حاليًا بهذه المنزلة المجيدة في المسيح «كملوك وكهنة» (رؤيا ١: ٦) في حين أننا لا نزال في هذا العالم الذي جلبت له الخطية اللعنة؟ كيف لهذه الحقيقة أن تؤثر على حياتنا؟


الخميس ٣ كانون الثاني (يناير)


الكلمة الرئيسة في سِفْر الرُؤيا


تشير خلاصة مقدمة سفر الرؤيا إلى المحور الحقيقي للسفر بأكمله: عودة المسيح في قوةٍ ومجدٍ. حيث تَكرَّر وعد المسيح بمجيئه الثاني ثلاثة مرات في ختام السفر (رؤيا ٢٢: ٧، ١٢، ٢٠).


اقرأ رؤيا ١: ٧، ٨. كلمات هذا النص مستمدة من نصوص نبوية عديدة: دانيال ٧: ١٣، ١٤؛ زكريا ١٢: ١٠؛ متى ٢٤: ٣٠. ماذا تخبرنا هذه النصوص عن يقينية المجيء الثاني؟


في الرؤيا، يمثل المجيء الثاني ليسوع نقطة النهاية التي يتجه إليها التاريخ. وسيكون المجيء الثاني علامة انقضاء تاريخ العالم وبداية ملكوت الله الأبدي، وكذلك علامة التحرر من كل شر وحزن وألم وموت.


على غرار بقية العهد الجديد، تشير رؤيا ١: ٧ إلى المجيء الحرفي والمرئي والشخصي للمسيح في عظمة ومجد. وسيشهد مجيئه كل إنسان سيكون على قيد الحياة في ذلك الوقت، بما في ذلك «الَّذِينَ طَعَنُوهُ». وتشير هذه الكلمات إلى حدوث قيامة خاصة لأناس معينة قبيل مجيء المسيح، والتي تشمل أولئك الذين صلبوه. ففي حين أن يسوع سوف يأتي، في مجيئه، بالخلاص لأولئك الذين ينتظرونه، إلا أنه سيجلب أيضًا الدينونة لأولئك الأحياء على الأرض الذين إزدروا برحمته ومحبته.


يقينية مجيء المسيح تؤكدها هذه الكلمات: «نَعَمْ آمِينَ» (رؤيا ١: ٧). إذ أن كلمة نعم هي ترجمة الكلمة اليونانية «nai»، وكلمة «amen» هي تأكيد عبري. ومعًا، تعبران هاتان الكلمتان عن اليقينية. وهما أيضًا يختمان السفر بتأكيدين شبيهين (انظر أيضًا رؤيا ٢٢: ٢٠).


« أكثر من ١٨٠٠ عامٍ مضى منذ أعطى المخلص الوعد بمجيئه. وعبر القرون ملأت كلماته قلوب عبيده الأمناء بالشجاعة. لم يتحقق الوعد بعد: صوت مانح الحياة لم يدعُ القديسين الراقدين من قبورهم بعد؛ ولكن، وعلى الرغم من ذلك، أكيدةٌ هي الكلمة التي قيلت. ففي وقته سيفي الله بكلمته. هل يجب أن يشعر أحدٌ بالملل الآن؟ هل يجب أن نفقد ثباتنا في الإيمان في حين أننا قريبون جدًا للعالم الأبدي؟ هل يجب أن يقول أحدٌ أن المدينة مفهوم بعيد جدًا؟ — كلا، كلا. بعد فترة وجيزة سوف نرى الملك في جماله. بعد فترة وجيزة سوف يمسح هو كل الدموع من عيوننا. بعد فترة وجيزة سوف يقدمنا ‹أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ› » —

Ellen G. White, The Advent Review and Sabbath Herald, Nov. 13, 1913.


لا تعتمد قوة أي وعد مُقدم إلا على قوة نزاهة مُعطي الوعد وقدرته أو قدرتها على الإيفاء به. كيف تؤكد لك حقيقة كون الله، الذي حفظ كافة وعوده في الماضي، هو من أعطى الوعد بالمجيء الثاني، على أن المسيح سيعود كما وعد؟


الجمعة ٤ تشرين الأول (أكتوبر)


لمزيد من الدرس: اقرأ من روح النبوة الفصل الذي عنوانه

«The Study of the Books of Daniel and the Revelation»، صفحة ١١٢-١١٩، من كتاب Testimonies to Ministers and Gospel Workers.


«لقد أعطيت هذه الرؤية لأجل إرشاد الكنيسة وتعزيتها خلال العهد المسيحي كله.... فالرؤيا شيءٌ يرى ويعلن. فالرب نفسه أعلن لعبده الأسرار المتضمنة في هذا السفر، وهو يقصد أنها تنكشف أمام عيون كل دارسيه. وحقائقه موجهة إلى مَن يعيشون في الأيام الأخيرة من تاريخ هذه الأرض، مثلما هي موجهة لمَن يعيشون في أيام يوحنا. وبعض المشاهد المصورة في هذه النبوة هي في الزمن الماضي، والبعض الآخر يتم الآن، والبعض يصور نهاية الصراع العظيم بين قوات الظلمة وبين ابن الله، أمير السماء. والبعض يكشف لنا عن الانتصارات والأفراح التي يتمتع بها المفديون في الأرض الجديدة.


«لا يَظُنَّن أحد أنه لكونه لا يستطيع أن يوضح معنى كل رمز في الرؤيا فإنه من العبث له أن يفتش هذا السفر محاولًا معرفة معنى الحق المتضمن فيه. فذاك الذي كشف هذه الأسرار ليوحنا سيعطي لمن يفتش عن الحق باجتهاد أن يتذوق شيئًا من الأمور السماوية. وأولئك الذين قلوبهم مفتوحة لقبول الحق ستمنح لهم القدرة على إدراك تعاليمه وسينالون البركة الموعود بها أولئك الذين ›يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا› » (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٥٢٩-٥٣٠).


أسئلة للنقاش


١. إذا كانت الرؤيا إعلان يسوع المسيح، لماذا تحمل كلمة apocalypse (الرؤيا) اليوم معنى سلبي؟ ماذا يخبرنا هذا عن الصورة الشائعة عن سفر الرؤيا بين المسيحيين؟ لماذا ترتبط غالبًا كلمة «خوف» بنبوات الرؤيا؟


٢. فكّر في بعض التنبؤات الفاشلة التي تنبأ بها بعض الناس في العشرين عامًا الماضية فقط عن أحداث نهاية الزمان والمجيء الثاني ليسوع. بغض النظر عن نية قلوب أولئك الذين يتنبأون بتلك التنبؤات أو دوافعهم (التي لا نستطيع أن نعلمها على أية حال)، ما هي النتائج السلبية لهذه التنبؤات الفاشلة؟ وما هو الشعور الذي تتركه تلك التنبؤات في أولئك الذين آمنوا بها؟ وكيف تجعل المسيحيين بصفة عامة يبدون لأولئك ممن في الخارج الذين يرون هذه التنبؤات الفاشلة؟ كيف لنا، بصفتنا شعب يؤمن بالنبوات ويبحث عن أحداث نهاية الزمان كعلامات في الطريق، نحقق التوازن بين كيفية فهمنا للنبوات وكيفية نعلّمها للآخرين؟


الدرس الثاني *٥-١١ كانون الثاني (يناير)


في وسط المناير






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ١: ٩-١٨؛ أعمال ٧: ٥٤-٦٠؛ متى ١٢: ٨؛ خروج ٢٠: ١١؛ دانيال ١٠: ٥، ٦؛ رؤيا ١: ٢٠؛ رؤيا ٢: ١-٧.


آية الحفظ: « ‹مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ› » (رؤيا ٢: ٧).


يصف مزمور ٧٣ حيرة كاتب المزامير إذ لاحظ فخر الأشرار وكبريائهم. حيث عاشوا في رخاء ويسر، على نقيض معاناة الأبرار. فأتعبت حالة عدم العدل هذه كاتب المزامير (مزمور ٧٣: ٢-١٦)، الذي، في حيرته، اتجه إلى المقدس (مزمور ٧٣: ١٦، ١٧). وهناك، في محضر الله، أُعطِي فهمًا أعمق للأمر.


بعد ذلك بقرونٍ، وجد رسولٌ مسنٌ نفسه سجينًا على جزيرة صخرية بسبب شهادته الأمينة. وفي ضيقه، جاءه خبرٌ بأن الكنائس التي في رعايته كانت تتألم. ومع ذلك، في تلك اللحظة الحرجة، أُعطي رؤية رأى فيها المسيح المُقام في المقدس السماوي. وهنا، على غرار كاتب المزامير، كشف الرب ليوحنا بعض أسرار هذه الحياة والمعاناة التي تجلبها. فأكد له مشهد المقدس هذا على وجود المسيح ورعايته — تأكيدًا كان عليه أن يمرره لهذه الكنائس وللأجيال المقبلة من المسيحيين عبر القرون وحتى نهاية تاريخ هذا العالم.


بالإضافة إلى تقديم خدمة المسيح في المقدس السماوي، سوف نبدأ هذا الأسبوع بدراسة الرسالة الأولى من سبع رسائل مميزة لكنيسته، موجهة بالكامل لسبع كنائس في آسيا، والتي تحمل أيضًا معنى لنا اليوم. وفي الأسبوع القادم سوف ندرس رسائله للكنائس الست الأخرى.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ١٢ كانون الثاني (يناير).


الأحد ٦ كانون الثاني (يناير)


على جزيرة بَطْمُس


اقرأ رؤيا ١: ٩. ماذا يخبرنا يوحنا الرائي عن الظروف التي تلقى فيها رؤى سفر الرؤيا؟


كانت بطمس جزيرة صخرية جدباء في بحر إيجه. وكان طولها عشرة أميال وعرض أوسع جزء فيها ستة أميال. واستخدمها الرومان، بالإضافة لجزر محيطة أخرى، لتكون معسكر جنائي للمجرمين السياسيين المنفيين. يذكر الكتّاب المسيحيون الأوائل الذين عاشوا تقريبًا في زمن كتابة سفر الرؤيا تقريبًا، مجمعين، أن السلطات الرومانية نفت يوحنا إلى بطمس بسبب أمانته للإنجيل. فاحتمل الرسول المُسّن بكل ثقة جميع مشقات الاعتقال الروماني في بطمس. إذ كان يُعامل على الأرجح كمجرم، مقيدًا بقيود، وكان يُعطى طعامًا غير كافي، وكان مجبرًا على أداء الأعمال الشاقة خضوعًا لجلدات سياط الحراس الرومان عديمي الرحمة.


«لقد اختيرت جزيرة بطمس الصخرية الجدباء الواقعة في بحر إيجه، من قِبل الحكومة الرومانية لتكون منفى للمجرمين، أما بالنسبة لخادم الله هذا، فقد صارت تلك البقعة الكئيبة باب السماء. ففي هذا المكان المنقطع عن مشاهد الحياة النشطة الصاخبة، وإذ كان هو بعيدًا عن حقل خدمته السابق، كان في صحبته الله والمسيح وملائكة السماء، وقد تلقى منهم التعليمات لأجل الكنيسة على مدى العصور المستقبلة» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٥١٧).


ما هي الشخصيات الكتابية الأخرى التي تحملت مشقات على الرغم من (أو حتى بسبب) أمانتهم لله؟ انظر دانيال ٣: ١٦-٢٣، أعمال ٧: ٥٤-٦٠.


يجب على أتباع المسيح أن لا ينسوا قط أنه متى وجدوا ذواتهم في ظروف شبيهة بتلك التي عاشها يوحنا، فهم ليسوا وحيدين. فيسوع ذاته، الذي جاء ليوحنا بكلمات الرجاء والتشجيع وسط ضيقاته في بطمس، لا يزال موجود مع شعبه ليحفظهم ويدعمهم في ظروفهم الصعبة.


كيف لنا أن نفهم الاختلاف بين المعاناة من أجل المسيح والمعاناة من أجل أسباب أخرى، بما في ذلك اختياراتنا الخاطئة؟ أو ماذا عن المعاناة من أجل أسباب يعسر علينا فهمها؟ كيف يمكننا تعلم الثقة بالرّب في كل الظروف؟


الاثنين ٧ كانون الثاني (يناير)


في يوم الرب


اقرأ رؤيا ١: ١٠ في ظل خروج ٣١: ١٣، وإشعياء ٥٨: ١٣، ومتى ١٢: ٨. وفقًا لهذه النصوص، أي يوم محدد بوضوح في الكتاب المقدس أنه يوم الرب؟ إلى أي مدى كان هذا اليوم مهمًا ليوحنا في وسط مشقاته؟


«في يوم السبت ظهر رب المجد للرسول المنفي. لقد كان يوحنا يحفظ السبت ويقدسه في بطمس كما كان يحفظه وهو يكرز للشعب في مدن اليهودية وقراها. وادعى لنفسه الحق في المواعيد الثمينة التي أعطيت بخصوص ذلك اليوم» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٥٢٨).


إن رؤيا ١: ١٠ تشير إشارة واضحة إلى أن الرسول يوحنا تلقى الرؤية في سبت اليوم السابع. وإنْ كان يتطلع للأحداث المستقبلية، وحتى للمجيء الثاني للمسيح (قارن مع رؤيا ١: ٧)، الذي دُعِي باسم «يوم الرب» (إشعياء ١٣: ٦-١٣، ٢بطرس ٣: ١٠)، إلا أن يوحنا كان يتكلم عن الوقت الذي فيه تلقى هو بذاته الرؤية الخاصة بهذه الأحداث المستقبلة، وكان ذلك في يوم السبت، «يوم الرب».


حتمًا وبلا شك أنه في وسط آلامه كان هذا السبت المملوء بالرؤى بالنسبة له بمثابة لمحة عن حياةٍ خالية من الألم، التي سيحياها هو والمؤمنون من جميع العصور، بعد المجيء الثاني. حقًا، يعتبر السبت، حسب التفكير اليهودي، لمحة عن «العالم الآتي» (olamhaba).


«كان السبت، الذي أسسه الله في عدن...عزيزًا على يوحنا في الجزيرة المنعزلة....


«يا له من سبت قضاه المنفي وحيدًا، الذي هو دومًا عزيز في عيني المسيح، ولكنه الآن كُرّم أكثر من أي وقت مضى! فهو لم يكن يعلم قط كل هذه الأمور عن يسوع. ولم يسمع قط هذه الحقائق السامية» (روح النبوة،

The SDA Bible Commentary، مجلد ٧، صفحة ٩٥٥).


قارن بين نسختي الوصية الرابعة في الوصايا العشر في خروج ٢٠: ١١ وتثنية ٥: ١٥. يشير النصان إلى سبت اليوم السابع بصفته ذكرى لكل من الخليقة والخلاص، مذكرًا إيانا بأن الله خلقنا وكذلك فدانا. كيف يمكننا أن نضع نصب أعيننا، كل سبت، حقيقة كون الله خالقنا وفادينا؟ فكّر في هذا أيضًا: بم سيفيدنا الأمر إذا كان هو خالقنا ولكنه ليس فادينا أيضًا؟


الثلاثاء ٨ كانون الثاني (يناير)


رؤية يوحنا للمسيح في بَطْمُس


اقرأ رؤيا ١: ١٢-١٨. قارن تصوير يوحنا للمسيح مع الذات الإلهية في دانيال ١٠: ٥، ٦. ما هي الصورة التي تجلى فيها المسيح في رؤية يوحنا؟ وماذا يفعل؟


يرى يوحنا يسوعَ متسربلًا بزي الكاهن الأعظم وسائرًا في وسط المناير.


وتشير صورة يسوع سائرًا في وسط المناير إلى وعد الله لإسرائيل القديمة بأنه سيسير في وسطهم بصفته إلههم (لاويين ٢٦: ١٢). وفي سفر الرؤيا، تُمثّل المناير الكنائس السبعة في آسيا التي أُرسلت إليها كتابات الرؤيا في بادئ الأمر (رؤيا ١: ٢٠)، (وكما سنرى في يوم الأربعاء) تمثل المنارة أيضًا كنيسته عبر التاريخ. فمن خلال الروح القدس تستمر رعاية يسوع لكنيسته على الأرض. وهو سيكون مع شعبه دائمًا حتى يأتي بهم إلى موطنهم الأبدي.


علاوة على ذلك، فإن صورة يسوع ككاهن أعظم في وسط المناير مُستمَدَة من الممارسة الطقسية في هيكل أورشليم. حيث كانت المهمة اليومية للكاهن الممسوح هي حفظ المناير مشتعلة وبراقة في المقدس. فكان يُشَذِّب فتيل المصابيح التي خفت ضوءها ويملؤها، ويستبدل الفتائل التي تضاءل نورها، ويملؤها بزيت جديد، ثم يعيد إضاءتهم. وهكذا أصبح الكاهن على دراية بحال كل مصباح. وعلى ذات المنوال، يسوع على دراية باحتياجات وظروف شعبه ويشفع فيهم شخصيًا.


اقرأ رؤيا ٢: ٢، ٩، ١٣، ١٩؛ ٣: ١، ٨، ١٥. ماذا تخبر عبارة «أنا عارفٌ» عن دراية يسوع بأوضاع شعب الله في تلك الكنائس وحاجاتهم؟


عرّف يسوع نفسه بألقاب الله بصفته «الأول . . . والآخر» (انظر إشعياء ٤٤: ٦؛ ٤٨: ١٢). والكلمة اليونانية لكلمة الآخر هي «eschatos»، وهي التي أخذت منها كلمة «eschatology» (دراسة أحداث زمن النهاية). ويوضح هذا أن محور الآخرة هو يسوع المسيح، الذي له الكلمة الأخيرة في الأحداث الأخيرة. فهو «الحي» وله «مفاتيح الهاوية والموت» (رؤيا ١: ١٨). فبموته وقيامته أُعطي يسوع سلطان فتح أبواب الهاوية (أيوب ١٧: ١٦؛ مزمور ٩: ١٣). وكل من يثق فيه سوف يقوم من القبر إلى حياة أبدية (١كورنثوس ١٥: ٢١-٢٣). فلا حاجة لأتباع يسوع المؤمنين لأن يخافوا، لأنه حتى الأموات هم في رعايته. وإذا كان الأمر هكذا مع الأموات، فكم بالأحرى مع الأحياء؟ (انظر ١تسالونيكي ٤: ١٦، ١٧).


الأربعاء ٩ كانون الثاني (يناير)


رسالة المسيح للماضي والحاضر


اقرأ رؤيا ١: ١١، ١٩، ٢٠. نطق يسوع أيضًا بسبع رسائل مميِزة للكنائس في آسيا. ماذا تخبرنا حقيقة وجود أكثر من سبعة كنائس في الولاية آنذاك، عن الأهمية الرمزية لهذه الرسائل للمسيحيين عامةً؟


الرسائل التي وجَّه يسوع يوحنا لإرسالها إلى الكنائس السبعة هي مسجلة في رؤيا ٢ و٣. ولمعانيها ثلاثة تطبيقات:


التطبيق التاريخي: أُرسلت تلك الرسائل في بادئ الأمر إلى سبع كنائس تقع في مدن مزدهرة في آسيا في القرن الأول، حيث واجه المسيحيون هناك تحديات جادة. إذ رسّخت عدة مدن عبادة الإمبراطور في هياكلهم رمزًا لولائهم لروما. وأصبحت عبادة الإمبراطور قسرية. وكان على المواطنين الاشتراك في المناسبات العامة والاحتفالات الدينية الوثنية. ولأن العديد من المسيحيين رفضوا الاشتراك في هذه الممارسات، واجهوا تجاربًا، بل والاستشهاد أحيانًا. فكتب يوحنا، حسب أمر المسيح له، السبع رسائل ليساعدهم أثناء هذه التحديات.


تطبيق نبوي: حقيقة كون الرؤيا سفرًا نبويًا، مع أن سبعة كنائس فقط أختيرت لتلقّي هذه الرسائل، يشير أيضًا إلى الصفة النبوية للرسائل. تتطابق الأحوال الروحية في السبع كنائس مع الأحوال الروحية لكنيسة الله في حقب تاريخية مختلفة. فالقصد من الرسائل السبع هو تقديم عرْض بانورامي للحالة الروحية للمسيحية منذ القرن الأول وحتى نهاية العالم.


تطبيق عالمي: مثلما أُرسل سفر الرؤيا بأكمله كرسالة واحدة، التي وجب قراءتها في كل كنيسة (رؤيا ١: ١١؛ رؤيا ٢٢: ١٦)، هكذا تحتوي الرسائل السبع على دروسٍ يمكن تطبيقها على المسيحيين في كل عصرٍ. وهكذا فهي تمثل أنواع مختلفة من المسيحيين في أماكن وأزمنة مختلفة. على سبيل المثال، في حين أن الصفة العامة للمسيحية اليوم هي اللاوديكية، إلا أنه قد يكون لبعض المسيحيين صفات بعض من الكنائس الأخرى. ولكن الأخبار السارة هي أنه بغض النظر عن حالتنا الروحية، فالرب «يتلاقى مع البشر الساقطين أينما كانوا» (روح النبوة، Selected Messages، مجلد ١، صفحة ٢٢).


تخيل وكأن الرب كتب خطابًا، له صيغة ذلك المكتوب للسبع كنائس، لكنيستك المحلية عن التحديات التي تواجهها وعن حالتها الروحية أيضًا. ماذا سيكون محتوى الخطاب؟


الخميس ١٠ كانون الثاني (يناير)


رسالة إلى الكنيسة في أفسس


كانت أفسس عاصمة الولاية الرومانية في آسيا وأكبر مدنها، وكانت تقع على الطرق التجارية الرئيسة. ولكونها الميناء البحري الرئيسي في آسيا، كانت مركزًا تجاريًا ودينيًا بالغ الأهمية. وكانت المدينة مملوءة بالأبنية الشعبية مثل الهياكل والمسارح وصالات الألعاب الرياضية والحمامات وبيوت الدعارة. كما عُرفت أيضًا بالممارسات السحرية وكذلك الفنون. واشتهرت أيضًا المدينة باللاأخلاقية والشعوذة. ومع كل ذلك، كانت الكنيسة الأكثر تأثيرًا في الولاية هي في أفسس.


اقرأ رؤيا ٢: ١-٤. كيف يعرّف يسوع نفسه للكنيسة في أفسس؟ ما هي المميزات العظيمة للكنيسة التي يمدحها يسوع؟ أي قلق يعرب يسوع عنه أيضًا؟


عُرف أهل أفسس في أيامهم الأولى بولائهم ومحبتهم (أفسس ١: ١٥). وعلى الرغم من مواجهتهم لضغوطات من كل من خارج الكنيسة وداخلها، إلا أن المسيحيين في أفسس ظلوا على ثباتهم وولائهم. فكانوا دؤوبين على عملهم ومطيعين للحق؛ حقًا، لم يتمكنوا من احتمال الرسل الكذبة في وسطهم. وعلى الرغم من ذلك، بدأت محبتهم للمسيح ولأخوتهم الأعضاء تنطفئ. مع أن الناس وقفت بثبات وأمانة، إلا أنه بدون محبة المسيح، فإنّ مصباحهم كان عرضةً للِانْطِفَاءِ.


اقرأ رؤيا ٢: ٥-٧. ما هي الأمور الثلاثة التي يحث المسيح الكنيسة على فعلها من أجل إنعاش محبتهم الأولى وتكريسهم للمسيح ولأخوتهم المؤمنين؟ ما هي علاقة الأمور التالية التي تربط هذه الأمور الثلاثة؟


من الناحية النبوية، كان حال الكنيسة في أفسس شبيهًا بالوضع العام والحالة الروحية للكنيسة منذ ٣١ ب.م ١٠٠ ب.م. حيث تميزت الكنيسة الرسولية بالمحبة والولاء للإنجيل. ولكن مع نهاية القرن الأول، بدأت الكنيسة تفقد أجيج محبتها الأولى، وعليه تركت بساطة الإنجيل ونقاءه.


تخيل كونك جزءًا من جماعة المؤمنين التي تتلاشى محبتها. قد لا يكون الأعضاء يمارسون أي خطية معروفة أو جهارية. على صعيد واحد، هم يفعلون ما هو صواب، ولكنهم يعانون من الشكلية والبرودة. كيف يمكن لنصيحة يسوع هنا أن تحرر الكنيسة من هذه الحالة؟


الجمعة ١١ كانون الثاني (يناير)


لمزيد من الدرس: اقرأ من روح النبوة فصل «جزيرة بطمس»، صفحة ٥١٥-٥٢٥، من كتاب أعمال الرسل.


«أصبح اضطهاد يوحنا وسيلة النعمة. حيث زهت بطمس بمجد المخلص المقام. ورأى يوحنا يسوع في هيئة بشرية، بعلامات المسامير في يديه ورجليه، التي ستبقى أبدًا فخرًا له. والآن سُمِح له مجددًا أن يبصر سيده المقام، متسربلًا بقدر من المجد يمكن للبشر البقاء على قيد الحياة بعد إبصاره.


«يجب أن يكون ظهور المسيح ليوحنا دليلٌ للجميع، مؤمنين وغير مؤمنين، أنه لنا مسيح مقام، ويجب أن يمنح قوة حية للكنيسة. أحيانًا تحيط سحب مظلمة بشعب الله، ويبدو وكأن الظلم والاضطهاد سيدمرانه. لكن في مثل هذه الأوقات تُعطَى أكثر الدروس توجيهًا. إذ غالبًا ما يدخل المسيح السجون، ويكشف عن نفسه لمختاريه. فهو في النار معهم على الخشبة. وكما تبرق النجوم بريقًا لا يفوقه بريق في أحلك الليالي، هكذا تُستعلن أشعة مجد الله الأكثر لمعانًا في أحلك الظلمات. فكلما زادت ظلمة السماء زاد وضوح وجاذبية أشعة شمس البر، المخلص المقام» (روح النبوة،

The Youth Instructor، ٥ نيسان (أبريل) ١٩٠٠).


أسئلة للنقاش


١. شارك يوحنا الرائي مع القراء ما رآه وسمعه في بطمس. بينما تقرأ رؤيا ١: ١٢-٢٠، ما الذي تراه وتسمعه؟ ما هي كلمات العزاء التي يمكن الحصول عليها مما أُعلن هنا؟


٢. يحث الملاك الأول في رؤيا ١٤: ٧ سكان الأرض في وقت النهاية على أن يسجدوا «لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ». وهذه اللغة مأخوذة من خروج ٢٠: ١١. ماذا تخبرنا رسالة الملاك الأولى عن أهمية السبت في الأيام الأخيرة، كما استعلنت في سفر الرؤيا؟


٣. هناك مفارقة غريبة يواجهها العديد من المسيحيين. فكلما طال وجودهم بالكنيسة، خَفَتَ — أو حتى مات — إيمانهم بسهولة. إلا أن العكس هو ما يجب أن يحدث. ففي النهاية، كلما سرنا مع يسوع، زاد ما يجب تَعَلُّمُه عنه وعن محبته لنا. كيف لنا إذًا ألا نبقي أجيج الإيمان مشتعلًا وحسب، بل أكثر توهجًا؟


الدرس الثالث *١٢-١٨ كانون الثاني (يناير)


رسائل يسوع للكنائس السبع






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ٢: ٨-١١؛ ٢: ١٢-١٧؛ ٢: ١٨-٢٩؛ ٣: ١-٦؛ ٣: ١٤-٢٢؛ إشعياء ٦١: ١٠.


آية الحفظ: « ‹مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ› » (رؤيا ٣: ٢١).


أرسل يسوع خطابًا به سبع رسائل إلى شعبه من خلال يوحنا في بطمس. في حين أن تلك الرسائل كانت تخص الكنائس في آسيا في زمن يوحنا، إلا أنها تمثل أيضًا رموز الكنيسة وحالتها عبر التاريخ بأكمله.


توضح لنا مقارنة هذه الرسائل جنبًا إلى جنب أن لها التكوين نفسه ذات الستة أجزاء. فتبدأ كل منها بمخاطبة يسوع للكنيسة المعنية باسمها. ويبدأ الجزء الثاني بجملة: « ‹هذَا يَقُولُهُ الَّذِي...› »، وفيها يعرّف يسوع نفسه لكل كنيسة استخدامًا لأوصاف ورموز موجودة في إصحاح ١. وصفات يسوع تلك توافقت مع الاحتياجات الخاصة بكل كنيسة. ومن ثم أشار يسوع إلى قدرته على سد حاجاتهم في كفاحهم وأحوالهم المختلفة. ثم يقدم يسوع مديحًا للكنيسة وينصح الكنيسة بعد ذلك بكيفية الخروج من مآزقها. وأخيرًا، تختتم كل رسالة بدعوة لسماع رسالة الروح، وبوعودِ لمن يغلب.


وكما رأينا في درس الأسبوع الماضي في تحليلنا للرسالة إلى الكنيسة الأولى في أفسس، وكما سنرى هذا الأسبوع في دراستنا للرسائل الست المتبقية، سوف نرى أن يسوع يقدم رجاءً ويلبّي احتياجات كل كنيسة في كل ظرف. وعليه، فهو بالتأكيد يقدر أيضًا أن يلبّي حاجاتنا اليوم.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ١٩ كانون الثاني (يناير).


الأحد ١٣ كانون الثاني (يناير)


رسائل المسيح لسميرنا وبرغامس


كانت سميرنا مدينة جميلة وثرية ولكن مركزًا لعبادة الإمبراطور الفرضية أيضًا. وقد يؤدي رفض الإذعان لهذا الأمر إلى فقدان الوضع القانوني، والاضطهاد، وحتى الاستشهاد.


اقرأ رؤيا ٢: ٨-١١. ما هي الصلة بين الطريقة التي يقدم يسوع بها نفسه لهذه الكنيسة وحالة الكنيسة؟ ماذا كان وضع الكنيسة؟ أي تحذير يعطيه يسوع للكنيسة بشأن ما سيحدث؟


تنطبق الرسالة إلى سميرنا على الكنيسة في حقبة ما بعد الرسل انطباقًا نبويًا، عندما اضطهد الإمبراطور الروماني المسيحيين بضراوة. فأشارت عبارة «عشرة أيام» المذكورة في رؤيا ٢: ١٠ إلى عشر سنوات من الاضطهاد الدِيُوقليتي من ٣٠٣ ب.م وحتى ٣١٣ ب.م، عندما أصدر قسطنطين الكبير مرسوم ميلان الذي منح المسيحيين حرية دينية.


كانت برغامس مركزًا لعبادات وثنية مختلفة، بما في ذلك عبادة اسكليبيوس، إله الشفاء اليوناني، الذي دُعي باسم «المخلص» ورُمِز له بالحية. فجاءت الناس من جميع الأماكن إلى مقام اسكليبيوس كي يشفوا. وكان لبرغامس دور قيادي في ترويج عبادة الإمبراطور التي كانت قسرية، على غرار سميرنا. فلا عجب من قول يسوع أن المسيحيين في برغامس عاشوا في المدينة «حيث كرسي الشيطان» وحيث يوجد عرشه.


اقرأ رؤيا ٢: ١٢-١٥. كيف يعرّف يسوع نفسه لهذه الكنيسة؟ ماذا كان تقييمه لحالتها الروحية؟


واجه المسيحيون في برغامس تجاربًا من داخل الكنيسة وخارجها. وفي حين أن معظمهم ظل مخلصًا، أيد البعض، «النقولاويون»، المساومة مع الوثنية من أجل تجنب الاضطهاد. ومثل بلعام، الذي ارتدّ وغرر بالإسرائليين ليخطئوا إلى الله في طريقهم إلى أرض الموعد (عدد ٣١: ١٦)، وجدوا أن المساومة على إيمانهم أكثر ملائمةً بل ومجزية. ومع أن مجلس أورشليم قد أوصى بالامتناع «عمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَام» وكذلك «الزنا» (أعمال ١٥: ٢٩)، علمت عقيدة بلعام أعضاء الكنيسة رفض هذا القرار. فكان الحل الوحيد الذي يمكن أن يقدمه يسوع لبرغامس هو: « ‹ تُبْ › » (رؤيا ٢: ١٦).


كنيسة برغامس هي صورة نبوية للكنيسة من حوالي ٣١٣ ب.م – ٥٣٨ ب. م. وعلى الرغم من أن بعضًا في الكنيسة ظل أمينًا للإنجيل، زاد الانحدار والارتداد الروحي زيادة سريعة.


ما معنى لم تنكر « ‹ إيماني › » (رؤيا ٢: ١٣؛ انظر أيضًا رؤيا ١٤: ١٢)؟ كيف يساعدنا رفضنا لإنكار إيماننا، على مقاومة المساومة وعلى البقاء أمناء « ‹ إِلَى الْمَوْتِ › » (رؤيا ٢: ١٠).


الاثنين ١٤ كانون الثاني (يناير)


رسالة المسيح إلى ثياتيرا


مقارنةً بالمدن الأخرى، لم يكن لثياتيرا أية أهمية سياسية أو ثقافية معروفة لنا في التاريخ القديم، وكانت الكنيسة غير معروفة. ولإدارة عمل ما أو الحصول على وظيفة ما، تعين على الشعب في الإمبراطورية الرومانية الانتماء لنقابة التجار. فكانت ثياتيرا تُعرف تحديدًا بالتشديد على هذا الشرط. ويتعيّن على أعضاء النقابة حضور مهرجانات النقابة والاشتراك في طقوس المعبد، التي تضمنت في أغلب الأحيان أنشطة لا أخلاقية. وأولئك الذين لم يتبعوا ذلك حُذِفَتْ عضويتهم وفُرِض عليهم عقوبات اقتصادية. فكان هذا يعني للمسيحيين في ذلك الوقت الاختيار بين المساومة تمامًا أو الحذف تمامًا من أجل الإنجيل.


اقرأ رؤيا ٢: ١٨-٢٩. كيف يُعَرِّف يسوع نفسه لهؤلاء الناس (انظر أيضًا دانيال ١٠: ٦)؟ ما هي الصفات التي مدح يسوع الكنيسة لأجلها، وأية مشكلة جابهتها؟


على غرار الكنيسة في برغامس، دُفِعت الكنيسة في ثياتيرا على المساومة مع المحيط الوثني. ويشير اسم «إيزابل» إلى زوجة الملك آخاب، الذي قاد إسرائيل إلى الارتداد (١ملوك ١٦: ٣١-٣٣). ويصورها يسوع كأنها فاسقة روحيًا، وأولئك الذين ساوموا على الحق وتبنوا أفكار وممارسات وثنية «غير طاهرة» كانوا يزنون معها روحيًا.


ترمز الكنيسة في ثياتيرا إلى حالة المسيحية من ٥٣٨ ب. م – ١٥٦٥ ب. م. حيث لم يصدر الخطر من خارج الكنيسة بل من الداخل. وحلت التقاليد محل الكتاب المقدس، وحل الكهنوت البشري والذخائر المقدسة محل كهنوت المسيح، واعتبرت الأعمال وكأنها وسيلة الخلاص. أما أولئك الذين لم يقبلوا التأثيرات المُفسِدة اُضطهدوا بل وقتلوا. ولقرونٍ وجدت الكنيسة الحقيقية ملجًا لها في البراري (انظر رؤيا ١٢: ٦، ١٣، ١٤). ولكن يمدح يسوع أيضًا الكنيسة في ثياتيرا على إيمانها ومحبتها، أعمالها وخدماتها المُوجِهة للإصلاح والرجوع مجددًا إلى الكتاب المقدس.


فكّر في كلمات رؤيا ٢: ٢٥: « ‹وَإِنَّمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ تَمَسَّكُوا بِهِ إِلَى أَنْ أَجِيءَ› ».

ماذا تعني تلك الكلمات لنا، كأفراد وكمجموعة؟ وماذا حصلنا من يسوع ويجب علينا التمسك به؟


الثلاثاء ١٥ تشرين الأول (أكتوبر)


رسالة المسيح إلى ساردس


كان لساردس ماضٍ مجيد. ولكن مع حلول الحقبة الرومانية كانت المدينة قد فقدت مكانتها. عندما كانت المدينة لا تزال تستمتع بالثراء، كان مجدها مترسخًا في تاريخها الماضي، بدلًا من الواقع الحاضر. وكانت المدينة القديمة قد بُنيت على قمة تلة منحدرة، فكانت شبه حصينة. ولأن السكان شعروا بقدر كبير من الأمان، أُهمِلت حراسة أسوار المدينة.


اقرأ رؤيا ٣ :١-٦ في ظل متى ٢٤: ٤٢-٤٤، و١تسالونيكي ٥: ١-٨. ما هي الأمور الثلاثة التي يحث يسوع المسيحيين في ساردس على فعلها لكونها علاج لحالتهم الروحية؟ كيف يتوافق تحذير يسوع «كن ساهرًا» وتاريخ المدينة؟


في حين أن يسوع يُعرِّف مسيحيين قلائل في ساردس بأنهم أمناء، إلا أن أغلبيتهم أموات روحيًا. فالكنيسة ليست مدانة بأي خطية جهارية أو إرتداد (مثل أولئك في برغامس وثياتيرا)، بل بالخمول الروحي.


وتنطبق الرسالة إلى الكنيسة في ساردس انطباقًا نبويًا على الوضع الروحي للبروتستانت في حقبة ما بعد الإصلاح، من حوالي ١٥٦٥ – ١٧٤٠، حيث انحدرت الكنيسة إلى شكلية لا حياة فيها وحالة من القناعة الروحية. وتحت تأثير التيار المتصاعد للعقلانية والعلمانية، تلاشى التشديد على النعمة المُخَلِصَّة للإنجيل والتكريس الكُلّي ليسوع، مما فتح الباب أمام مجادلات فلسفية مذهبية ومضنية. فكانت الكنيسة في الواقع في هذه الفترة ميتة روحيًا، مع أنها حية ظاهريًا.


كما تنطبق الرسالة على كل جيل من المسيحيين. فهناك مسيحيون يتحدثون دومًا بكلمات جليلة عن أمانتهم السابقة للمسيح. ولكن للأسف، ليس لأمثالهم الكثير ليشاركوه عن تجربتهم الحالية مع المسيح. فديانتهم اسمية، وهم يفتقرون لديانة القلب الحقيقية والتكريس الصادق للإنجيل.


واضعين أمامنا دائمًا الحقيقة العظيمة للخلاص بالإيمان في المسيح وحده، بأية طرق يمكننا القول أن أعمالنا لم تُوجد «كاملة» أمام الله؟ ماذا يعني ذلك، وكيف لنا أن نجعل أعمالنا «كاملة» أمامه؟ انظر متى ٥: ٤٤-٤٨.


الأربعاء ١٦ (كانون الثاني) يناير


رسالة المسيح إلى فيلادلفيا


كانت الكنيسة السادسة التي خاطبها يسوع هي فيلادلفيا («المحبة الأخوية»). كانت المدينة تقع على طريق تجاري عظيم وكانت بمثابة البوابة «بابًا مفتوحًا» لصعيدٍ واسع وخصب. وتوضح الحفريات أنها كانت مركزًا أتى الناس إليه طلبًا للتعافي والشفاء. ولكونها ضُربت مرارًا بزلازلٍ، انتقل سكان المدينة إلى الريف ونزلوا في أكواخ متواضعة.


اقرأ رؤيا ٣: ٧-٩. ما هي الصلة بين الطريقة التي يقدم يسوع بها نفسه وحالة الكنيسة؟ ماذا يخبرنا قول يسوع «لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً» (رؤيا ٣: ٨) عن حالة الكنيسة؟


تنطبق الرسالة لهذه الكنيسة انطباقًا نبويًا على النهضة البروتستانتية العظيمة خلال الصحوتين الأولى والثانية اللتين حدثتا في بريطانيا العظمى وأمريكا تقريبًا في الفترة ١٧٤٠ – ١٨٤٤. حيث سعى شعب الله حقًا لحفظ «كلِمَتي» (رؤيا ٣: ٨) في ذلك الوقت، حسب النور المُعطى لهم. وكان هناك تشديد متزايد على إطاعة وصايا الله والحياة الطاهرة. فمن الواضح أن «الباب المفتوح» هو الطريق للمقدس السماوي، لأن «هَيْكَلِ إِلهِي» مذكورٌ أيضًا (رؤيا ٣: ١٢، قارن رؤيا ٤: ١، ٢). ويشير الباب المغلق والآخر المفتوح إلى التغيير الذي سيطرأ على خدمة المسيح الكهنوتية العظمى في ١٨٤٤.


اقرأ رؤيا ٣: ١٠-١٣. أي مؤشرات مقدمة تشير لأن الوقت قصير وأن مجيء يسوع يقترب؟ ما هي أهمية كتابة اسم الله على شعبه؟ (٢تيموثاوس ٢: ١٩)؟ إذا كان الاسم يمثل شخصية صاحبه، ماذا يخبرنا خروج ٣٤: ٦ عن أولئك اللذين يحملون اسم الله؟


حدَثت نهضات عظيمة في الكنائس في جانبي المحيط الأطلسي. ففي الأعوام السابقة لعام ١٨٤٤، أُعلنت رسالة مجيء المسيح الوشيك في أماكن عديدة من العالم. ويشير الوعد بكتابة اسم الله على أولئك الذين يغلبون إلى أن شخص الله سوف يُرى في شعبه. وبمثل مقدار أهمية الرسالة الخاصة بمجيء المسيح الوشيك هكذا الرسالة الخاصة بوعود المسيح لتهيئة شعبه لذلك الحدث العظيم عن طريق غفران خطاياهم وكتابة ناموسه على قلوبهم (انظر فيلبي ١: ٦؛ عبرانيين ١٠: ١٦، ١٧).


ماذا يعني لك رجاء المجيء الثاني للمسيح؟ كيف يمنحنا وعد المسيح، الثقة، بتكملة عمله الذي بدأه فينا؟


الخميس ١٧ كانون الثاني (يناير)


المسيحيون في لاودكية


كانت آخر كنيسة خاطبها يسوع تقع في لاودكية، مدينة ثرية واقعة على طريق تجاري رئيسي. واشتهرت بصناعة الصوف، وبضفافها (التي احتوت على كمية ضخمة من الذهب)، ومدرسة للطب المنتجة لكحل العيون. فملأ ازدهار لاودكية نفوس السكان بالاكتفاء الذاتي. وحوالي ٦٠ ب.م عندما ضرب زلزالٌ المدينة، رفض السكان عرضًا للمساعدة من روما، مدعين أمتلاكهم لكل ما احتاجوه لإنهاء المهمة. ولما افتقرت المدينة للماء، زُوِدت به من خلال قناة مصدرها الينابيع الساخنة في هيرابولس. ولكن لأن المصدر كان بعيدًا عن لاودكية، صار الماء فاترًا بمجرد وصوله إلى هناك.


اقرأ رؤيا ٣: ١٤-١٧ في ظل هوشع ١٢: ٨. كيف عَمَّ روح الاكتفاء الذاتي للمدينة المسيحيين اللاودكيين؟


لم يوبخ يسوع المسيحيين في لاودكية على خطية خطيرة أو هرطقة أو ارتداد. بل كانت مشكلتهم هي الاكتفاء الذاتي الذي أدى إلى خمول روحي. فعلى غرار الماء الذي وصل إلى المدينة، لم يكونوا منتعشين كونهم باردين أو حارين، بل فاترين. كما ادّعوا الثراء وعدم احتياجهم لأي شيء، مع أنهم كانوا فقراء وعراة وعمي روحيًا.


ترمز الكنيسة في لاودكية إلى الحالة الروحية لكنيسة الله قرب نهاية تاريخ هذه الأرض كما تُظْهِر روابطٌ معينةٌ مع الأجزاء الخاصة بزمن النهاية من سفر الرؤيا. أحد تلك الروابط، المقدمة في تحذير يسوع الاعتراضي في رؤيا ١٦: ١٥، تشير إلى « ‹ الثياب البيض › » — بر المسيح الذي تحتاجه لاودكية العارية روحيًا (رؤيا ٣: ١٨). وهذا التحذير بحراسة كل واحد لثيابه وبألّا نمشي عراة، يظهر في وسط الإشارة إلى معركة هرمجدون الروحية. قد يبدو توقيت تحذير يسوع في البداية غريبًا إلى حدٍ ما، لأن استلام هذه الثياب ليس ممكنًا بعد. ففي النهاية، ستكون فترة الإنذار قد اٌغلقت بالفعل للجميع. ولكن يظهر تحذير حراسة كل واحد لثيابه متصلًا بالضربة السادسة وهرمجدون لأن يسوع يريد أن يذكِّر لاودكية بالاستعداد الآن قبل وقوع ذلك الصراع المهول — قبل أن يفوت الآوان إلى الأبد. ولهذا، تحذر رؤيا ١٦: ١٥ اللاودكيين بأنهم إذا فشلوا في الإصغاء لإرشاد يسوع وعوضًا اختاروا أن يظلوا عراة (رؤيا ٣: ١٧، ١٨)، سيهلكون ويُخْزَوْن عند مجيئه (انظر ١يوحنا ٢: ٢٨ – ٣: ٣).


أكد يسوع للاودكيين أنه يحبهم، ويتوسل إليهم ليتوبوا (رؤيا ٣: ١٩). ويختم التماسه بتشبيه ذاته بالحبيب في نشيد الأنشاد ٥: ٢-٦، الواقف على الباب قارعًا ومتوسلًا كي يُسمح له بالدخول (رؤيا ٣: ٢٠). وهو يَعِدْ كل من يفتح الباب ويدعوه للدخول بتناول عشاء وِدِّي معه، وفي النهاية، بأن يملك معه على عرشه (انظر رؤيا ٢٠: ٤).


اقرأ رؤيا ٣: ١٨-٢٢. أي نصيحة يقدمها يسوع للاودكيين؟ إلام يَرمزْ الذهب والثياب البيض وكحل العين (انظر ١بطرس ١: ٧؛ إشعياء ٦١: ١٠؛ أفسس ١: ١٧، ١٨)؟ ماذا تخبرنا هذه النصيحة بصفتنا أدفنتست سبتيين ونرى أنفسنا مثل كنيسة اللاودكيين؟


الجمعة ١٨ كانون الثاني (يناير)


لمزيد من الدرس: اقرأ من روح النبوة فصل «الرؤيا»، صفحة ٥٢٥-٥٣٧، من كتاب أعمال الرسل.


توضح رسائل الكنائس السبعة انحدار الكنائس السبعة روحيًا. حيث إن الكنيسة في أفسس لا زالت مخلصة، مع أنها خسرت محبتها الأولى. وكانت الكنائس في سميرنا وفيلادلفيا مخْلصة بوجه عام. أما برغامس وثياتيرا فساومتا أكثر فأكثر حتى ارتدت الأغلبية العُظمى تمامًا عن إيمان الرسل الكامل. وكانت الكنيسة في ساردس في حالة خطيرة جدًا. إذ كانت الأغلبية في هذه الكنيسة غير متوافقة مع الإنجيل، بينما مَثَّلت فيلادلفيا الأقلية الأمينة. أما الكنيسة في لاودكية فكانت في حالة من الخمول الروحي والرضا الذاتي لدرجة لم تجعل هناك أي شيء صالح يُذكر عن تلك الكنيسة.


ختامًا لكل رسالة يقدم يسوع وعودًا لأولئك الذين في الكنائس أن يقبلوا إرشاده. وقد نلاحظ، على الرغم من ذلك، أنه في ظل الانحدار الروحي الملحوظ في الكنائس، هناك زيادة طردية في عدد الوعود المقدمة. أفسس، التي يقدم لها يسوع الرسالة الأولى، تتلقى وعدًا واحدًا فقط. وإذ تتبع كل كنيسة الإتجاه الروحي المنحدر، تتلقى كل كنيسة وعودًا أكثر من سابقتها. وأخيرًا، كنيسة لاودكية، في حين أنها أعطيت وعدًا واحدًا فقط، إلا أنه أعظمهم: مشاركة يسوع في عرشه (رؤيا ٣: ٢١).


أسئلة للنقاش


١. كيف تعكس هذه الزيادة في الوعود، في ظل الانحدار الروحي في الكنائس، المقولة بأنه متى كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا (رومية ٥: ٢٠)؟ فكّر في ذلك في ضوء المقولة بأن «كنيسة المسيح رغم ضعفها ونقائصها، هي الهدف الوحيد على الأرض الذي يغدق عليه المسيح اعتباره الأسمى. وهو يحرسها دائمًا بعناية شديدة، ويقويها بروحه القدوس» (روح النبوة، Selected Messages، مجلد ٢، صفحة ٣٩٦).


٢. يقول المسيحيون غالبًا أنه من الصعب أن نكون مسيحيين في المدن الصناعية أو التجارية أو الحضرية. في المدن المزدهرة في آسيا وُجِد مسيحيون ظلوا مخلصين للإنجيل وثابتين في أمانتهم لله وسط الضغوطات الواقعة عليهم من بيئتهم الوثنية. ماذا يمكننا أن نتعلم من هذه الحقيقة؟ فكّر في أولئك المسيحيين في آسيا في ظل صلاة يسوع في يوحنا ١٧: ١٥-١٩. كيف ينطبق مفهوم «الوجود في العالم ولكن ليس من العالم»، على المسيحيين اليوم، وخاصة أولئك الذين يعيشون في مدنٍ حضرية؟


٣. كيف لنا بصفتنا أدفنتست سبتيين أن ننتبه أكثر إلى الكلمات المعطاة لنا في الرسالة إلى اللاودكيين؟


الدرس الرابع *١٩-٢٥ كانون الثاني (يناير)


مُستحقٌ هو الخروف






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ٤؛ حزقيال ١: ٥-١٤؛ رؤيا ٥؛ أفسس ١: ٢٠-٢٣؛ عبرانيين ١٠: ١٢؛ أعمال ٢: ٣٢-٣٦.


آية الحفظ: « ‹لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، أَصْلُ دَاوُدَ، لِيَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ السَّبْعَةَ› » (رؤيا ٥: ٥).


في الأسبوع الماضي درسنا رسائل المسيح إلى شعبه على الأرض. والآن تنتقل رؤية يوحنا من الأرض إلى السماء وتركز على « ‹مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا› » (رؤيا ٤: ١) — المستقبل.


تحدث الرؤية في الإصحاحين ٤ و ٥ في موضع العرش السماوي. ويصور المشهد في الإصحاحين ٤ و ٥ تحكم الله في التاريخ وخطة الخلاص تصويرًا رمزيًا. ومع ذلك، قبل أن يُكشَف المستقبل تستعلن لنا محورية خدمة يسوع الكهنوتية العظمى في السماء ثم سيادته على شؤون الأرض وفداء الجنس البشري. وهكذا، يقدمان الإصحاحين ٤ و ٥ وجهة نظر السماء عن معنى الأحداث المستقبلية المسجلة في باقي السفر.


قد تلاحظ أنه في حين أن رسائل الكنائس السبعة كُتِبَت بلغة مباشرة نوعًا ما، إلا أن السفر يوظف من الآن فصاعدًا لغة أكثر رمزية لا يسهل فهمها في أغلب الأحيان. وهذه اللغة مأخوذة من تاريخ شعب الله، كما سُجِل في العهد القديم. وعليه، فإن الفهم الصحيح للرؤيا يتطلب فهمًا صحيحًا للغته الرمزية في ضوء العهد القديم.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٢٦ كانون الثاني (يناير).


الأحد ٢٠ كانون الثاني (يناير)


في موضع العرش السماوي


بداية من رؤيا ٤: ١، يدعو يسوع يوحنا لأن يصعد إلى السماء حتى يُعرض عليه عرضًا بانوراميًا للتاريخ منذ زمنه وحتى مجيء المسيح.


تصف رؤيا ٤: ١-٨، وحزقيال ١: ٢٦-٢٨، ورؤيا ٥: ١١-١٤ موضع العرش السماوي. ماذا تعلمنا هذه الأعداد عن طبيعة موضع العرش السماوي؟


نظر الرسول من خلال الباب المفتوح إلى الهيكل السماوي وعرش الله. يمثل العرش حكم الله وسلطته الحاكمة على الخليقة، بينما يشير قوس قزح حول العرش إلى أمانة الله لوعوده (تكوين ٩: ١٣-١٦؛ إشعياء ٥٤: ٩، ١٠). ولكن الشيطان، الذي اغتصب سيادة هذه الأرض والذي هو عدو الله، شكك في السلطة الإلهية. حيث إن القضية المركزية في الصراع العظيم بين الله والشيطان هي عن مَن له أحقية الحكم. وكان الهدف من المجلس السماوي، الذي رآه يوحنا مجتمعًا في موضع العرش السماوي، هو تأكيد حكم الله العادل للكون (رؤيا ٤: ١-٨؛ ريا ٥: ١١-١٤).


اقرأ رؤيا ٤: ٨-١١ ورؤيا ٥: ٩-١٤. ماذا يمكنك أن تتعلم عن العبادة الحقة في هذه الفقرات؟ وفي إصحاح ٤، لماذا يستحق الرب الإله العبادة، وما هو سبب استحقاق الخروف؟


يقدم رؤيا ٤ وصفًا عامًا لموضع العرش في الهيكل السماوي وللعبادة التي تحدث هناك مرارًا وتكرارًا. مع أن العبادة في إصحاح ٤ تمجد قوة الله الخلاقة، يحتفل الإصحاح ٥ بالفداء الذي قدمه الخروف المذبوح. وهذه الأصحاحات توضح أن العبادة الحقة تسرد عملي الله العظيمين — الخليقة والفداء — وتحتفل بهما. فالله، الذي خلق العالم في ستة أيام، له القوة والقدرة على أن يعيد العالم أيضًا إلى حالته الأصلية وأن يجعله موطنًا أبديًا لشعبه، وجميعها وعد بفعلها.


فكّر فيما يعلِّمه الإنجيل: من خلقنا نحن وعالمنا بل والكون كله أيضًا، كان هو أيضًا «الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ» عنّا (رؤيا ٥: ١٢). أي رجاء عظيم يقدمه هذا التعليم وسطَ عالمٍ مليء بالألم والاضطراب؟


الاثنين ٢١ كانون الثاني (يناير)


المجلس السماوي في موضع العرش


يوضح وصف الشيوخ في رؤيا ٤:٤ أنهم ليسوا كائنات ملائكية. حيث يُستخدم المصطلح «شيوخ» في الكتاب المقدس دائمًا مع البشر. على نقيض الملائكة الذين يقفون دومًا في محضر الله، يجلس هؤلاء الشيوخ على عروشٍ. وثيابهم البيض التي يرتدونها هي زي شعب الله الأمين (رؤيا ٣: ٤، ٥). وحُفظِت تيجان النصرة (من اليونانية stephanos، رؤيا ٤: ٤) على رؤوسهم حصريًا من أجل القديسين المنتصرين (يعقوب ١: ١٢). توضح كل هذه التفاصيل أن الأربعة عشر شيخًا هم القديسون الممجدون.


العدد ٢٤ هو عدد رمزي يتكون من مجموعتين من ١٢، والعدد ١٢ في الكتاب المقدس رمزٌ لشعب الله. قد يمثل الأربعة وعشرون شيخًا شعب الله في مجملهم، من كل من زمني العهد القديم والجديد. كما يعكس العدد ٢٤ رؤساء أقسام الكهنة الأربعة والعشرين الذين تبادلوا الأدوار في خدمات الهيكل الأرضي (١أخبار ٢٤: ١-١٩).


تشير حقيقة كون الأربعة وعشرين شيخًا لم يذكروا قبلًا في الكتاب المقدس، إلى أنهم مجموعة جديدة في موضع العرش السماوي. من المحتمل أنهم مَن قاموا من الأموات في وقت موت يسوع (متى ٢٧: ٥١-٥٣).


إن صح ذلك، هؤلاء الشيوخ الأربعة وعشرون الذين صعدوا إلى السماء مع يسوع أصبحوا ممثلين عن البشرية، ليشهدوا عدالة أعمال الله في تنفيذ خطة الخلاص. وفي رؤيا ٥: ٩ خرّ الأربعة والعشرون شيخًا والحيوانات الأربعة (عدد ٨) سجودًا أمام الحمل الذي ذُبِح وهو بعدٌ حيّ. ومعًا يرنمون ترنيمة جديدةً، ممجدين الحمل بصفته المستحق الوحيد: « ‹ لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ › » (رؤيا ٥: ٩، ١٠).


تذكر رؤيا ٤: ٦-٨ أيضًا الحيوانات، أو الكائنات الحية، الأربعة. قارن وصفهم بالحيوانات الأربعة في حزقيال ١: ٥-١٤ وحزقيال ١٠: ٢٠-٢٢ والسرافيم في إشعياء ٦: ٢، ٣.


ترمز الحيوانات الأربعة إلى الكائنات السامية التي تخدم الله بصفتهم وكلاءه وحراس عرشه (مزمور ٩٩: ١). وتشير أجنحتهم إشارة رمزية إلى خفتهم في تنفيذ أوامر الله، وتشير عيونهم إلى بصيرتهم. وحضورهم، مع الأربعة والعشرين شيخًا وعدد الملائكة الذي لا يُحصى الموجودة حول العرش (رؤيا ٥: ١١) يبين أن كلا من الأرض والسماء ممثلةٌ في موضع العرش.


الثلاثاء ٢٢ كانون الثاني (يناير)


السفر المختوم


اقرأ رؤيا ٥: ١. في ضوء إشعياء ٢٩: ١١، ١٢، ما معنى السفر المختوم، ولماذا بكى يوحنا؟


يشير النص اليوناني إلى أن السفر كان موضوعًا على العرش عن يمين الآب، حيث كان بانتظار مَن كان مستحقًا ليأخذه « ‹وَيَفُكَّ خُتُومَهُ› » (رؤيا ٥: ٢).


في كلمات روح النبوة، يحتوي السفر المختوم على «تاريخ تدابير الله والتاريخ النبوي للأمم والكنيسة. وفيه حُفِظت كلمات الإله، وسلطانه، ووصاياه، ونواميسه، وكامل رموز إرشاده الأبدي، وتاريخ كافة القوى الحاكمة للأمم. وبلغة رمزية كتب في هذا السفر سلطان كل أمة ولسان وشعب منذ بداية تاريخ الأرض وحتى نهايته» (روح النبوة، Manuscript Releases، مجلد ٩، صفحة ٧).


باختصار، يحتوي السفر المختوم على أسرار الله بشأن خططه لحل مشكلة الخطية ولإنقاذ البشر الساقطين. وَسَيُكْشّف ذلك السر تمامًا عند المجيء الثاني ليسوع (انظر رؤيا ١٠: ٧).


اقرأ رؤيا ٥: ٥-٧. لماذا يُعَدْ يسوع الشخص الوحيد في الكون كله المستحق لأن يأخذ السفر المختوم ويفتحه؟


تتعلق الأزمة الحاصلة في موضع العرش بتمرد الشيطان. حيث ما دام الكون، مع أن الله هو خالقه، تحت سيادة المغتصِب، الشيطان. وعبّر بكاء يوحنا عن دموع شعب الله منذ آدم من أجل الخلاص من قيود الخطية. واحتوى السفر المختوم على خطة الله لحل مشكلة الخطية. بلا شك أن الله بقوته غير المحدودة يقدر على تنفيذ تلك الخطة. ومع ذلك، تطلب فداء الجنس البشري الساقط شيئًا مميزًا، وكان ذلك يسوع، الذي «غلب» وبالتالي كان مستحقًا ليفتح السفر ولأن يتولى السيادة على هذه الأرض، ولأن يصبح وسيطنا في المقدس السماوي.


كيف لنا أن نتعلم أن نجعل يسوع الأول والأهم في تجربتنا المسيحية؟


الأربعاء ٢٣ كانون الثاني (يناير)


مُستحقٌ هو الخروف


اقرأ رؤيا ٥ :٨-١٤ في ظل أفسس ١: ٢٠-٢٣ وعبرانيين ١٠: ١٢. ماذا الذي تجمع عليه الآيات ويجب أن يعطينا أملًا وعزاء عظيمين وسط عالمٍ لا يقدم من ذاته إلا القليل من أي منهما؟


إذ يقترب المسيح الخروف من العرش، يأخذ السفر. ويوضح هذا الفعل أن له كل سلطة وسيادة (انظر متى ٢٨: ١٨، أفسس ١: ٢٠-٢٢). وفي تلك اللحظة، يعترف العالم أجمع بحُكم المسيح العادل على الأرض. فما فُقِد من خلال آدم استعيد من خلال المسيح.


عندما يأخذ المسيح السفر، يبين ذلك أن في يديه مصير كل البشرية. فتسقط أمامه الحيوانات الأربعة والأربعة والعشرون شيخًا ويسجدون، كما فعلوا في رؤيا ٥: ٩: « ‹مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ› ». وبهذا التمجيد تؤكد الملائكة السامية والممثلون عن البشرية المفدية ذبيحة المسيح بالنيابة عن البشرية. وبدمه دفع الفدية عن بشرٍ ساقطين ويقدم لهم كل رجاءٍ في الفداء وكل وعدٍ بمستقبل يفوق الخيال.


انضم الآن إلى الحيوانات الأربعة والشيوخ جنودُ الملائكة المحيطة بالعرش التي توجه تسبيحها للحمل الذي ذُبح والآن «حيٌّ» ليشفع في الجنس الساقط (عبرانيين ٧: ٢٥). وبانسجام تام يعلن الساكنون في موضع العرش بصوت عظيم: « ‹مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!› » (رؤيا ٥: ١٢).


عند هذه النقطة تتحد معًا كافة الخلائق في السماء وعلى الأرض في تقديم العبادة لكل من الآب والمسيح: « ‹لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ!› » (رؤيا ٥: ١٣). فترد على المديح بكلمة «آمين» كل من الحيوانات الأربعة والأربعة والعشرون شيخًا الساجدين، ومن ثم خاتمين هذا التبجيل البهيج في موضع العرش السماوي.


يتكهن الفيزيائيون بأنه يومًا ما إما سيحترق الكون أو ينهار ذاتيًا أو يُدَمر. يا له من تناقض مع صورة المستقبل المقدمة في كلمة الله! كيف يمكننا أن نبدأ الآن الاحتفال بالمستقبل الذي ينتظرنا؟


الخميس ٢٤ كانون الثاني (يناير)


أهمية يوم الخمسين


من خلال انسكاب الروح القدس في يوم الخمسين، يؤكد أعمال ٢: ١-٤ أحد أهم الأحداث الحاسمة في تاريخ خطة الخلاص: تولي المسيح خدمته فيما بعد الجلجثة بصفته رئيس كهنة وملكًا في المقدس السماوي (انظر أيضًا أعمال ١: ٤-٨؛ أعمال ٢: ٣٣). ومن خلال خدمته الكهنوتية العظمى عن يمين الآب (رؤيا ٥: ٦، ٧)، يقدر المسيح على تنفيذ خطة الخلاص تنفيذًا تامًا. وبصفته شفيعنا في المقدس السماوي، يعمل يسوع ليخلصنا. ومن خلاله، يحصل المؤمنون على دخول مجاني إلى الآب، وينالون غفرانًا لخطاياهم.


اقرأ أعمال الرسل ٢: ٣٢-٣٦ في ظل يوحنا ٧: ٣٩. أي رجاء وتشجيع تجدهما في حقيقة أن يسوع يقف في السماء بصفته كاهنًا وملكًا لنا؟


تبع تمجيد المسيح في المقدس السماوي نزول الروح القدس على التلاميذ. وتذكر رؤيا ٥: ٦ الأرواح السبعة «الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ». وكما رأينا في درسٍ سابقٍ، تدل الأرواح السبعة على ملء نشاط الروح القدس في العالم. حيث يُرسَلْ الروح إلى الكنيسة عند تتويج يسوع. وإرسال الروح القدس هذا هو أول عمل للمسيح بصفته كاهننا الأعظم في المقدِس السماوي. ويعنى إرسال الروح القدس هذا أن يسوع كان قد تراءى أمام الآب وأن الله كان قد قبِل ذبيحته نيابة عن البشرية.


«إن صعود المسيح إلى السماء كان علامة على أن تابعيه سيقبلون البركة الموعود بها.... وعندما دخل المسيح من أبواب السماء جلس على عرشه وسط تمجيد الملائكة. وحالما تم كل هذا نزل الروح القدس على التلاميذ في سيول غامرة وتمجد المسيح حقًا بالمجد الذي كان له عند الآب منذ أيام الأزل. إن انسكاب الروح في يوم الخمسين كان علامة السماء على أن عملية تتويج الفادي وتسلمه للسلطة قد تمت. فبناءً على وعده أرسل الروح القدس من السماء إلى تابعيه كعلامة على أنه قد أخذ كل سلطان في السماء وعلى الأرض بصفته كاهن وملك، وصار هو المسيح (الممسوح) على شعبه» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٢٦).


اقرأ عبرانيين ٤: ١٦ وعبرانيين ٨: ١. أي رجاء وتشجيع تجدهما في التأكيد على أن يسوع بصفته كاهننا وملكنا استلم كل سلطان في السماء وعلى الأرض؟ كيف يساعدك تصديق هذه الحقيقة في تعاملك مع المواقف اليومية في حياتك، وكذلك عدم يقينية المستقبل؟


الجمعة ٢٥ كانون الثاني (يناير)


لمزيد من الدرس: اقرأ من روح النبوة « ‹ملاكان ووعد› » صفحة ٧٨٤-٧٨٩، من كتاب مشتهى الأجيال؛ و»عطية الروح»، صفحة ٣٥-٤٣ من كتاب أعمال الرسل.


رسالة الرؤيا في الإصحاحين ٤و٥ مهمة بصفة خاصة لشعب الله الذين يعيشون في نهاية تاريخ الأرض. أوضح حلول الروح القدس في يوم الخمسين بداية الكرازة بالإنجيل للعالم أجمع، وكانت الرسالة الرئيسة هي عن يسوع الذي مُجِّد بصفته كاهنًا وملكًا عن يمين الآب. وكانت هذه الحقيقة عن يسوع محور إيمان المسيحيين الأوائل (عبرانيين ٨: ١) وأساس كرازتهم (أعمال ٢: ٣٢-٣٣؛ أعمال ٥: ٣٠، ٣١)، وكانت أيضًا دافعهم ومصدر إيمانهم وشجاعتهم في وجه الاضطهاد ومواقف الحياة الصعبة (أعمال الرسل ٧: ٥٥، ٥٦؛ رومية ٨: ٣٤). ونتيجة لذلك، استجاب العديد من الناس لكرازتهم. ومنذ ذلك الوقت فصاعدًا، أعلنت ولا تزال تعلن مملكة الله عن ذاتها من خلال خدمة الروح القدس.


لا يجب أن ننسى أبدًا أنه ليس هناك إلا الأخبار السارة بشأن الخلاص في المسيح التي يمكنها الوصول إلى قلوب البشر وتغييرها وقيادة الناس إلى الاستجابة لدعوة البشارة الأبدية كي يخافوا الله ويعطوه مجدًا ويسجدوا له (رؤيا ١٤: ٧). فرجاؤنا الوحيد هو في مخلصنا، الذي هو كاهننا وملكنا في المقدس السماوي. وهو مع شعبه، وسيبقى معهم دائمًا وأبدًا (متى ٢٨: ٢٠). فهو بيده المستقبل.


ليتنا لا ننسَ أبدًا أن الاحتفاظ بروح الإنجيل في عقولنا سيحقق نجاحًا باهرًا في الكرازة بالرسالة الأخيرة إلى بشرٍ ضالٍ ومتألمٍ. ليس هناك ما نكرز به ذات أهمية أكثر من الصليب وما يعلمنا إياه عن الله.


أسئلة للنقاش


١. يومًا ما سنكون في السماء نسبح الرب ونعبده من أجل صلاحه وقوته (وبالأخص) نعمته. ما هي الطرق التي يمكننا بها الاستعداد الآن من أجل وقت مجيء ذلك اليوم العظيم؟ أي كيف لنا أن نعبد الله ونسبحه الآن بقلوب شاكرة من أجل كل ما فعله وسيفعله؟


٢. اقرأ رؤيا ٤: ١١؛ ٥: ٩. في أي دورين نرى الآب والابن هنا، وكيف لا يُعَدْ كلا الدورين جوهريين في خطة الخلاص وحسب بل أيضًا في سبب استحقاق الله الكامل لعبادتنا؟ كيف يُعَدْ السبت وما يعلمه لنا تعبيرًا عن هاتين الحقيقتين الرائعتين عن إلهنا؟


الدرس الخامس *٢٦ كانون الثاني (يناير)- ١ شباط (فبراير)


الأختام السبعة






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ٦: ١-١٧؛ لاويين ٢٦: ٢١-٢٦؛ حزقيال ٤: ١٦؛ تثنية ٣٢: ٤٣؛ ٢تسالونيكي ١: ٧-١٠.


آية الحفظ: « ‹مُسْتَحِق أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا للهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ، وَجَعَلْتَنَا لإِلهِنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً، فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ› » (رؤيا ٥: ٩، ١٠).


يحتوي رؤيا ٦ على مشهد الإصحاحين ٤ و٥، الذي يصف المسيح بصفته مستحقًا لفتح السفر المختوم لأنه، من خلال حياته وموته الانتصاري، استعاد ما فقدناه من خلال آدم. وهو الآن مستعدٌ من خلال فتح الأختام التي على السفر لتحقيق خطة الخلاص على أكمل وجه.


وتميَّزَ يوم الخمسين ببداية انتشار الإنجيل، الذي من خلاله يوسع المسيح مملكته. وعليه، يشير فتح الأختام إلى الكرازة بالإنجيل، ونتائج رفضها. ويأخذنا فتح الختم السابع والأخير إلى ختام تاريخ هذا العالم.


تقدم لنا رؤيا ٣: ٢١ المفتاح لمعنى الأختام السبعة: « ‹مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ› ».


ويخبرانا الإصحاحان ٤ و ٥ عن غلبة المسيح واستحقاقه، كنتيجة لتضحيته على الجلجثة، لأن ْيكون رئيس كهنتنا السماوي ولأنْ يفتح السّفر. وتصِفُ الأعداد الأخيرة من الإصحاح ٧ المنتصرين أمام عرش المسيح. وهكذا، فالإصحاح ٦ هو عن شعب الله في أثناء الانتصار من أجل أن يشتركوا في عرش يسوع.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٢ شباط (فبراير).


الأحد ٢٧ كانون الثاني (يناير)


فتح الختم الأول


اقرأ رؤيا ٦ :١-٨ في ظل لاويين ٢٦: ٢١-٢٦، ومتى ٢٤: ١-١٤. لاحظ الكلمات الرئيسة المشتركة في هذه النصوص. ماذا تتعلم عن معنى أول أربعة أختام استنادًا إلى هذه المقارنات؟


لابد أن تُفهم أحداث الأختام السبعة في سياق ضربات ميثاق العهد القديم، الموصوفة بالكلمات: سيف، ومجاعة، ووباء، ووحوش برية (لاويين ٢٦: ٢١-٢٦). ويدعوها حزقيال «أحكامي (الله) الرديئة» (حزقيال ١٤: ٢١). فقد كانت الأحكام التأديبية التي عاقب بها الله شعبه سعيًا لفتح أعينه إلى حالته الروحية عندما أصبح غير مخلصًا للعهد. وبالمثل، الفرسان الأربعة هم الوسائل التي يستخدمها الله ليبقي شعبه يقظًا في أثناء انتظاره لعودة يسوع.


هناك أيضًا أوجه تشابه قوية بين الأختام الأربعة الأولى ومتى ٢٤: ٤-١٤ حيث يشرح يسوع ما سوف يحدث في العالم. فالفرسان الأربعة هم الوسائل التي يُبقي بها الله شعبه على الطريق الصحيح عن طريق تذكيرهم بأن هذا العالم، بحالته الراهنة، ليس موطنهم.


مع أنها رمزية، فالآيات في رؤيا ٦: ١، ٢، تدور حول الغلبة أيضًا. وهي تذكّرنا برؤيا ١٩: ١١-١٦، التي تصور المسيح جالسًا على فرس أبيض وقائدًا جيوش ملائكته السماوية ليحرر شعبه عند مجيئه الثاني. يرتبط اللون الأبيض باستمرار بالمسيح وأتباعه، رمزًا للنقاء. كما يمسك راكب الفرس بقوسٍ ويُعطى تاجًا (رؤيا ٦: ٢)، مما يستحضر صورة الله في العهد القديم راكبًا فرسًا وماسكًا قوسًا في يده بينما يقهر أعداء شعبه (حبقوق ٣: ٨-١٣؛ مزمور ٤٥: ٤، ٥). والكلمة اليونانية للتاج (رؤيا ٦: ٢) على رأس الراكب هي stephanos، التي تعني تاج النصرة (رؤيا ٢: ١٠؛ رؤيا ٣: ١١). فهذا الراكب هو غالبٌ ومتقدم للإمام غالبًا وليغلب.


يصف مشهد الختم الأول انتشار الإنجيل، الذي بدأ بقوة في يوم الخمسين، والذي بدأ المسيح من خلاله توسيع نطاق مملكته. ولكن كان، ولا يزال، هناك أراضي عديدة للظفر بها، وأناس كثيرون ليصبحوا أتباع يسوع، قبل أن تتحقق الغلبة الكبرى من خلال مجيء المسيح في مجدٍ.


يشبه مشهد الختم الأول الرسالة إلى الكنيسة في أفسس تشابهًا نبويًا؛ إذ أنه يصف الحقبة الرسولية من القرن الأول التي انتشر فيها الإنجيل سريعًا إلى جميع أنحاء العالم (كولوسي ١: ٢٣).


لماذا يجب علينا أن نتذكر دائمًا أننا منتصرون في المسيح بغض النظر عن ظروفنا المحيطة؟


الاثنين ٨٢ كانون الثاني (يناير)


الختمان الثاني والثالث


اقرأ رؤيا ٦: ٣، ٤. استنادًا إلى وصف الفرس الأحمر والراكب، ما هو موضوع الآيات هنا فيما يتعلق بالإنجيل؟


اللون الأحمر هو لون الدم. حيث يمسك الراكب بسيف عظيم وهو مفوضٌ لنزع السلام من الأرض، مما يفتح الطريق للناس ليقتلوا بعضهم بعضًا (متى ٢٤: ٦).


يصف الختم الثاني عواقب رفض الإنجيل، ابتداءً من القرن الثاني. بينما يشعل يسوع حربًا روحية من خلال الكرازة بالإنجيل، تبدي قوى الشر مقاومة شرسة. فيأتي الاضطهاد حتمًا. والراكب لا يقاتل. عوضًا، ينزع السلام من الأرض، فيأتي الاضطهاد حتمًا (انظر متى ١٠: ٣٤).


اقرأ رؤيا ٦: ٥، ٦ في ظل لاويين ٢٦: ٢٦، وحزقيال ٤: ١٦. استنادًا إلى وصف الفرس الأسود والراكب، أي حقيقة مرتبطة بالكرازة بالإنجيل يشار إليها؟


يمسك الجالس على الفرس الأسود ميزانًا لوزن الطعام. ويعلن: « ‹ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلاَثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ› » (رؤيا ٦: ٦). كان القمح والزيت والشعير في ذلك الجزء من العالم هم احتياجات الحياة الأساسية (تثنية ١١: ١٤). لذلك يدل تناول الخبز بعد وزن القمح بحرص على وجود شح عظيم أو مجاعة (لاويين ٢٦: ٢٦؛ حزقيال ٤: ١٦). كان الدينار في زمن يوحنا أجرةَ يومٍ (متى ٢٠: ٢). وكانت أجرة يومٍ في الظروف الاعتيادية تكفي لشراء جميع احتياجات العائلة لذلك اليوم. على الرغم من ذلك تجعل أي مجاعة الأسعار الاعتيادية تتضخم تضخمًا هائلًا. ففي مشهد الختم الثالث، تَطلَّبَ شراء طعام كافيًا لشخص واحد فقط عمل يوم كامل. ولإطعام عائلة صغيرة استخدمت أجرة يوم لشراء ثلاث أثمان شعير، وهو طعام أرخص وأردأ للفقراء.


كما يشير مشهد الختم الثالث إلى نتائج أخرى لرفض الإنجيل، بداية من القرن الرابع حينما اكتسبت الكنيسة قوة سياسية. ففي حين أن الفرس الأبيض يمثل الكرازة بالإنجيل، فالفرس الأسود يمثل غياب الإنجيل والاعتماد على التقاليد البشرية. ويرمز القمح في الكتاب المقدس إلى كلمة الله (لوقا ٨: ١١). وعليه، فإن رفض الإنجيل ينتج عنه جوعًا لكلمة الله شبيهًا بذلك الذي تنبأ عنه عاموس (عاموس ٨: ١١-١٣).


الثلاثاء ٢٩ كانون الثاني (يناير)


مشهد الختم الرابع


اقرأ رؤيا ٦: ٧، ٨. ما هو المشهد المُصوّر هنا؟ كيف يرتبط هذا المشهد بالمشهد الذي يسبقه؟


الكلمة اليونانية chloros تعبر عن لون الفرس في الختم الرابع، التي هي لون الرمادي الشاحب لجثة متحللة. واسم الراكب عليه «الموت»؛ والهاوية، مقام الموتى، تتبعه في ذات الوقت. وأُعطي هذان الاثنان السلطة على ربع الأرض ليدمرا الناس بالسيف والمجاعة والموت والوحوش البرية (متى ٢٤: ٧، ٨).


ولكن الخبر السار هو أن قوة الموت والهاوية محدودة؛ إذ ليس لهما سلطان إلا على جزءٍ من الأرض (ربع الأرض). كما يؤكد لنا يسوع أنه يمسك بمفاتيح الهاوية والموت (انظر رؤيا ١: ١٨).


راجع مجددًا محتوى الرسائل إلى الكنائس في أفسس سِمِيرْنَا وبرغامس وثياتيرا في رؤيا ٢. وقارن حالة تلك الكنائس بمشاهد فتح الأختام الأربعة الأولى. أي أوجه شبه تلاحظها بينهما؟


تُصور مشاهد الأختام السبعة مستقبل الكنيسة. وكما كان الحال في الكنائس السبعة، ترتبط الأختام بحقب مختلفة من التاريخ المسيحي. ففي الأزمنة الرسولية انتشر الإنجيل سريعًا في جميع أنحاء العالم. ثم تبع ذلك حقبة من الاضطهاد في المملكة الرومانية، منذ نهاية القرن الأول وحتى بداية القرن الرابع، كما صُور في مشهد الختم الثاني. ويشير الختم الثالث إلى حقبة المساومة في القرنين الرابع والخامس اللذين تميزا بجوع روحي للكتاب المقدس، الذي أدى إلى «العصور المظلمة». ويصف الختم الرابع الموت الروحي الذي اتسمت به المسيحية لما يقرب من الألف سنة وصفًا مناسبًا.


تذكر رؤيا ٦:٦ أن «الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ» لن يتأثرا بالمجاعة جراء ضربة الختم الثالث. حيث يمثل الزيت الروح القدس (١صموئيل ١٦: ١٣؛ أعمال ١٠: ٣٨)، وتمثّل الخمر الجديدة الخلاص بيسوع المسيح (مرقس ٢: ٢٢). ماذا تخبرنا معاني هذه الرموز عن حقيقة كون الروح القدس دائبًا على العمل وأن الخلاص لا يزال متاح لكل من يسعى إلى الحق حتى ولو كانت كلمة الله شحيحة؟


الأربعاء ٣٠ كانون الثاني (يناير)


فتح الختم الخامس


اقرأ رؤيا ٦: ٩، ١٠. ماذا يحدث هنا؟


تدل كلمة «نفس» في الكتاب المقدس على الشخص كاملًا (تكوين ٢: ٧). ويُصوَّر هنا استشهاد شعب الله الأمين والمضطهد في شكل دم الذبائح المصبوب إلى أسفل مذبح المقدس الأرضي (خروج ٢٩: ١٢؛ لاويين ٤: ٧). حيث قاسى شعب الله من الجور والموت بسبب ولائهم للإنجيل. فهم يصرخون لله طالبين منه أن يتدخل ويبرئهم. تتعلق هذه النصوص بالجور الحاصل هنا على الأرض؛ وهي لا تذكر شيئًا عن حالة الموتى. ففي النهاية، هؤلاء الناس لا يبدون وكأنهم يستمتعون بأفراح السماء.


اقرأ رؤيا ٦: ١١ في ظل تثنية ٣٢: ٤٣، ومزمور ٧٩: ١٠. ماذا كانت استجابة السماء لصلوات شهداء الله؟


أعطي للقديسين الشهداء ثيابًا بيضًا ترمز لبر المسيح، الذي يقود إلى التبرير، الذي هو عطيته لأولئك الذين يقبلون هبة نعمته (رؤيا ٣: ٥؛ ١٩: ٨). ثم قيل لهم أنه عليهم أن يستريحوا حتى يَكمَل أخوتهم الذين سيخضعون للتجربة ذاتها. من الجدير ملاحظة أن النص اليوناني في رؤيا ٦: ١١ لا يحتوي على كلمة «عدد». حيث لا تشير الرؤيا إلى اكتمال عدد القديسين الشهداء قبل عودة المسيح، ولكن إلى اكتمال شخصيتهم. ويكتمل شعب الله بثوب بر المسيح، وليس بجدارتهم الخاصة بهم (رؤيا ٧: ٩، ١٠). وعليه فإن القديسين الشهداء لن يُقاموا ويبرروا حتى المجيء الثاني للمسيح وبداية الألفية (رؤيا ٢٠: ٤).


ينطبق مشهد الختم الخامس انطباقًا تاريخيًا على الفترة السابقة للإصلاح والفترة التي تلته، التي استشهد خلالها الملايين بسبب أمانتهم (متى ٢٤: ٢١). وهو يذكرنا أيضًا بتجربة شعب الله المتألم عبر التاريخ، منذ هابيل (تكوين ٤: ١٠) حتى الزمن الذي سينتقم الله فيه أخيرًا « ‹لِدَمِ عَبِيدِهِ› » (رؤيا ١٩: ٢).


طالما كانت الصرخة: « ‹حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ؟› » صرخة شعب الله المتألم عبر التاريخ. من لم يقاسي قط من الظلم في هذه الحياة؟ أي عزاء تجده في مشهد الختم الخامس، مع العلم أنه يومًا ما سوف يُجْرَى العدل فعلًا؟


الخميس ٣١ كانون الثاني (يناير)


فتح الختم السادس


في الختم الخامس نرى شعب الله يقاسي من الجور في عالمٍ عدواني، صارخًا من أجل تدخل الله نيابة عنه. وقد حان وقت تدخل الله استجابةً لصلوات شعبه.


اقرأ رؤيا ٦: ١٢-١٤ في ظل متى ٢٤: ٢٩، ٣٠ و٢تسالونيكي ١: ٧-١٠. ما الذي يُكشف عنه هنا؟


كانت العلامات الثلاث الأخيرة للختم السادس هي تلك التي سبق وأخبر يسوع عنها في متى ٢٤: ٢٩، ٣٠. وهي خُطط لها أن تحدث قرب نهاية «الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ» (رؤيا ٧: ١٤) في ١٧٩٨، بصفتها إنذار بالمجيء الثاني. وعلى غرار نبوءة المسيح في متى ٢٤، الشمس والقمر «والنجوم» (النيازك) والسماء هي كلمات حرفية هنا. ويرسم استخدام حرفي التشبيه «الكاف» أو «كما» لوحةً لشيء أو حدث حقيقي: والشمس صارت سوداء كمسح شعر، والقمر صار كالدم، ونجوم السماء سقطت إلى الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها. حيث رأى مسيحيو العالم الغربي إتمام كلمات يسوع بالترتيب الخاص بكل واحدة من هذه العلامات: زلزال لشبونة في ١٧٥٥؛ واليوم المظلم في ١٩ أيار (مايو) ١٧٨٠ الذي حل على شرق نيويورك وجنوب نيو إنكلاند؛ وسقوط النيازك المثير فوق المحيط الأطلنطي في ١٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ١٨٣٣. أدى إتمام هذه النبوءة في رؤيا ٦: ١٢- ١٤ إلى سلسلة من النهضات وإلى إدراك أن مجيء المسيح صار قريبًا.


اقرأ رؤيا ٦: ١٥-١٧. اقرأ أيضًا إشعياء ٢: ١٩، وهوشع ١٠: ٨، ولوقا ٢٣: ٣٠. تُصور المشاهد أناسًا من جميع مجالات الحياة في هلعٍ محاولين الاختباء من رهبة الانقلاب الحادث عند مجيء المسيح. فيسألون الصخور والجبال أن تغطيهم كي تحميهم من « ‹وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ› » ومن « ‹غَضَبِ الْخَرُوفِ› » (رؤيا ٦: ١٦). حان الوقت لإقامة العدل متى جاء المسيح « لِيَتَمَجَّدَ فِي قِدِّيسِيهِ » (٢تسالونيكي ١: ١٠). كما تُوصَفْ نهاية الأشرار في رؤيا ١٩: ١٧-٢١.


ثم ينتهي المشهد بسؤال بلاغي يطرحه الأشرار الذين ضربتهم الرهبة: « ‹لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟› » (رؤيا ٦: ١٧؛ اقرأ أيضًا نحميا ١: ٦؛ ملاخي ٣: ٢). وتُقَدَّم الاجابة عن ذلك السؤال في رؤيا ٧: ٤: أولئك الذين سيقفون في ذلك اليوم هم شعب الله المختوم.


« ‹وَمَنْ يَحْتَمِلُ يَوْمَ مَجِيئِهِ؟› » (ملاخي ٣: ٢). بماذا تجيب عن ذلك السؤال، وأي أسباب كتابية يمكنك أن تعطي تعليلًا لإجابتك؟ شارك إجابتك في الفصل في يوم السبت.


الجمعة ١ شباط (فبراير)


لمزيد من الدرس:تشير رؤية فتح الأختام السبعة إشارة رمزية إلى عناية الله بشعبه على الأرض وتأديبه إياه. كما أشار كينث أ. ستراند:


«هناك تأكيدًا في الكتاب المقدس بأن الله لا يزال يعتني بشعبه: إذ في التاريخ ذاته هو حاضرٌ دومًا ليحفظهم، وفي الخاتمة العظيمة للأحداث الأخيرة سيعطيهم تبريرًا كاملًا ومجازاةً كريمةً كرمًا لا يمكن تصوّره في الحياة الأبدية. يتابع سفر الرؤيا الحديث عن هذا الموضوع ذاته ويتوسع فيه توسعًا جميلًا، وعليه فسفر الرؤيا ليس، بأية حال، نوعًا من أنواع الرؤى الشاذة غير المنسجمة مع النصوص الكتابية بوجه عام؛ بل يعكس سفر الرؤيا جوهر الرسالة الكتابية ومادتها. حقًا، على غرار ما يشير إليه سفر الرؤيا بتأكيدٍ، «الْحَيُّ» ­— من غلب الموت والقبر (١: ١٨) — لن يترك أتباعه الأمناء أبدًا، وحتى عندما يواجهون الاستشهاد فهم منتصرون (١٢: ١١)، وينتظرهم «إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (انظر ٢: ١٠؛ و٢١: ١-٤؛ و٢٢: ٤) — (كينيث أ. ستراند،

« ?The Seven Heads: Do They Represent Roman Emperors؟») in Symposium on Revelation — Book 2, Daniel and Revelation Committee Series (سيلفر سبرينغ، ميريلاند: معهد بحوث الكتاب المقدس، ١٩٩٢)، مجلد ٧، صفحة ٢٠٦.


أسئلة للنقاش:


١. ما هي الدروس القيّمة التي تعلمتها من مشهد فتح الأختام السبعة؟ وكيف يبين لك أنه بغض النظر عن مدى سوء الأمور على الأرض لا يزال الله صاحب السيادة، وأن جميع الوعود التي لنا في المسيح ستتم في النهاية؟


٢. تأمل في العبارات الآتية: «إن الكنيسة هي وسيلة الله التي يستخدمها لأجل خلاص الناس. لقد نُظِمت لأجل الخدمة، ورسالتها هي حمل الإنجيل للعالم» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٣). فكّر في كنيستك المحلية. كيف لها أن تصبح أكثر أمانة حتى تكرز للناس برسالة الإنجيل؟


٣. شارك مع الفصل إجابتك على آخر سؤال في يوم الخميس. من يحتمل يوم مجيئه؟ ولماذا يحتملوه؟ ناقش مدلولات إجابتك من حيث الكيفية التي يجب أن نعيش بها اليوم كي نتهيأ ليوم مجيئه.


الدرس السادس *٢-٨ شباط (فبراير)


عبيد الله المختومين






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ٧؛ ٢بطرس ٣: ٩-١٤؛ تثنية ٨: ١١-١٧؛ رؤيا ١٤: ٤، ٥، ١٢؛ ١٧: ٥؛ رومية ٣: ١٩-٢٤.


آية الحفظ: « ‹هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ› » (رؤيا ٧: ١٤).


توضح رسالة فتح الأختام السبعة أن كل من يدعي أنه يؤمن بالمسيح ينال بركات الولاء أو لعنات الخيانة. وتصف الأختام الأربعة الأولى وسائل الله التأديبية لإيقاظ شعبه من خمولهم الروحي ولينصرهم. ومع ذلك، يعاني شعب الله أيضًا من جور وظلم في عالم معادٍ للإنجيل. ولكن مع فتح الختم السادس نرى الله على استعداد للتعامل مع أولئك الذين أساءوا إلى شعبه.


الإصحاح ٧ هو فصل أُدْخِل اعتراضًا بين الختمين السادس والسابع. حيث يأتي بنا الختم السادس إلى المجيء الثاني للمسيح. فبينما يواجه الأشرار الدينونة، يجيب رؤيا ٧ عن سؤالهم عمّن سيقف في يوم مجيء المسيح: أولئك الذين خُتِموا، المئة والأربعة والأربعون ألفًا.


والصفات الأخرى للمئة والأربعة والأربعين ألفًا محددة في رؤيا ١٤: ١-٥. ويوجد أيضًا فصل أُدْخِل بين البوق السادس والسابع (رؤيا ١٠: ١ - ١١: ١٤). وهذا الفصل، الذي يبدأ بالصحوة العظيمة الثانية وميلاد الحركة الأدفنتستية، يتزامن هذا الفصل مع الحقبة الزمنية ذاتها الخاصة بالمشاهد الافتتاحية للإصحاح ٧، ويصف تجربة شعب الله في الأيام الأخيرة ومهمتهم.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٩ شباط (فبراير).


الأحد ٣ شباط (فبراير)


الإمساك بالرياح


اقرأ رؤيا ٧: ١-٣ في ظل ٢بطرس ٣: ٩-١٤. ماذا يرى يوحنا؟ إلى متى يتعين على الملائكة الإمساك بالرياح؟ ماذا سيحدث عندما تتم عملية الختم؟


ترمز الرياح في العهد القديم لقوات مدمرة من خلالها ينفذ الله أحكامه على الأشرار (إرميا ٢٣: ١٩، ٢٠؛ دانيال ٧: ٢).»وإذ يكف ملائكة الله عن صد رياح شهوات الناس العنيفة وغضبهم الشديد فكل عناصر الخصومة والنزاع ستنطلق» (روح النبوة، الصراع العظيم، صفحة ٥٦٠). وهذه الضربات مُمسَكة من خلال تدخل إلهي بينما يُختم شعب الله.


كان المعنى الأولي للختم في الأزمنة القديمة هو المِلكية. ومعنى الختم الرمزي في العهد الجديد هو « ‹يَعْلَمُ الرَّبُّ الَّذِينَ هُمْ لَهُ› » (٢تيموثاوس ٢: ١٩). حيث يعرف الرب خاصته ويختمهم بالروح القدس (أفسس ١: ١٣، ١٤؛ ٤: ٣٠). وفي نهاية الزمان يُعطى ختم الجبهة لشعب الله الأمين، الذين يحفظون وصاياه (رؤيا ١٤: ١، ١٢). وهو ليس علامة مرئية توضع على الجبهة، ولكنه يعني كما تذكر روح النبوة: «الترسُّخ في الحق، ذهنيًا وروحيًا، لئلا يتزعزع (شعب الله)» (Last Day Events، صفحة ٢٢٠). وعلى النقيض، أولئك الذين يقفون أخيرًا إلى جانب الوحش، يستلمون علامة الوحش (رؤيا ١٣: ١٦، ١٧).


اُخْتُبِرت أمانة شعب الله المختومين في كل جيل. ولكن اختبار الأمانة في الأزمة الأخيرة سيكون حول حفظ وصايا الله (انظر رؤيا ١٢: ١٧؛ ١٤: ١٢). وستكون الوصية الرابعة بالأخص اختبار الطاعة لله (رؤيا ١٤: ٧). فكما كان السبت علامة شعب الله في الأزمنة الكتابية (حزقيال ٢٠: ١٢، ٢٠؛ عبرانيين ٤: ٩، ١٠)، سيكون هو أيضًا علامة ولائنا لله في الأزمة الأخيرة.


يعمل الختم في زمن النهاية أيضًا بصفته علامة للحماية من القوات المدمرة للضربات السبعة الأخيرة (انظر حزقيال ٩: ١- ١١ لتصور خلفية رؤيا ٧: ١-٣). وعليه، يُجاب على السؤال المطروح في رؤيا ٦: ١٧ إجابةً نهائيةً: أولئك الذين سيستطيعون الوقوف محميين في يوم غضب الله هم شعب الله المختومين.


يحذرنا بولس الرسول كيلا نُحزن الروح القدوس الذي به خُتمنا (أفسس ٤: ٣٠). ماذا يعني ذلك؟ كيف نُحزن الروح القدس؟ بمجرد الإجابة، أي قرارات يمكنك اتخاذها لتساعدك على ألّا تُحزنه؟


الاثنين ٤ شباط (فبراير)


عبيد الله المختومين


اقرأ رؤيا ٧: ٤-٨. ما هو عدد عبيد الله المختومين؟ ما هو معنى هذا العدد المحدد؟


يشير إعلان عدد أولئك الذين ختموا إلى اكتمال الختام. ويسمع يوحنا أن عددهم ١٤٤,٠٠٠ اختيروا من أسباط إسرائيل الاثني عشر. الإشارة هنا ليست لعدد حرفي بل لما يعنيه العدد. حيث يتكون العدد ١٤٤,٠٠٠ من ١٢ مضروبًا في ١٢ مضروبًا في ١٠٠٠. والرقم اثنا عشر هو رمز لشعب الله: أسباط إسرائيل وعدد الكنائس المبنية على أساس الاثني عشر رسولًا (أفسس ٢: ٢٠). وعليه، فالعدد ١٤٤,٠٠٠ يرمز إلى إجمالي شعب الله في نهاية الزمان، «جميع إسرائيل» (اليهود والأمم) المستعدون لمجيء المسيح والذين سيتغيرون دون أن يروا موتًا (رومية ١١: ٢٦؛ ١كورنثوس ١٥: ٥١–٥٣) .


من الواضح أن الاثني عشر سبطًا المدرجين في رؤيا ٧ ليسوا حرفيين، لأن أسباط إسرائيل الاثني عشر، التي تشمل المملكتين الشمالية والجنوبية، ليس لها وجود اليوم. حيث أسِرت أسباط المملكة الشمالية العشرة خلال الغزو الأشوري (٢ملوك ١٧: ٦-٢٣)، وهناك اختلطوا بأمم أخرى. ولذا، لا تشكل الأسباط الاثنا عشر اليهودية اليوم.


كما أن قائمة الأسباط الاثني عشر في رؤيا ٧ لا تشبه أي قائمة أخرى موجودة في الكتاب المقدس (قارن عدد ١: ٥-١٥؛ حزقيال ٤٨: ١-٢٩). حيث أن يهوذا مدرج أولًا (رؤيا ٧: ٥)، عوضًا عن رأوبين (قارن مع عدد ١: ٥). وكذلك حُذف سبطا دان وإفرايم المُدرجان في قائمتي عدد ١ وحزقيال ٤٨، من القائمة الموجودة في رؤيا ٧، بينما ضُمّ يوسف ولاوي عوضًا عنهما (رؤيا ٧: ٧، ٨). والسبب الواضح لاستثناء إفرايم، ودان على ما يبدو، من القائمة الموجودة في رؤيا ٧، هو لأن في العهد القديم هذين السبطين متمردان وعابدا أوثان (١ملوك ١٢: ٢٩؛ هوشع ٤: ١٧).


قائمة الأسباط في رؤيا ٧ هي ليست تاريخية بل روحية. حيث يشير غياب دان وإفرايم من القائمة إلى أن عدم أمانة هذين السبطين لن يكون لها مكانةً بين عبيد الله المختومين. وكذلك يشار للكنيسة في العهد الجديد باسم أسباط إسرائيل الاثني عشر (يعقوب ١: ١). وعليه فإن الاثني عشر سبطًا في رؤيا ٧ يرمزوا لكل شعب الله، الذين سيصبرون للنهاية، يهودًا وأممًا.


أي تأكيدات كتابية يعطيها الله لأولئك الذين سيعيشون في وقت الضيقة؟


الثلاثاء ٥ شباط (فبراير)


الجمع الكثير


اقرأ رؤيا ٧: ٩، ١٠. أي مجموعة من القديسين يراها يوحنا عند هنا؟ كيف يوصفون؟ ومن أين يأتون؟ ماذا يصرخون أمام عرش الله؟


يرى يوحنا جَمْعًا كَثِيرًا «لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ»، أولئك الذين أتوا « ‹مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ› » (رؤيا ٧: ١٤). ويعني هذا أنهم مجموعة مميزة من الناس ظلوا أمناء ليسوع على الرغم من الضيقة التي مروا فيها، ورُمِز لأمانتهم باكتسائهم بثياب بره الكامل. تستخدم كلمة «ضيقة» مرارًا في الكتاب المقدس للإشارة إلى الأمور التي يعاني منها المؤمنون بسبب إيمانهم (انظر مثلًا، خروج ٤: ٣١؛ مزمور ٩: ٩؛ متى ٢٤: ٩؛ يوحنا ١٦: ٣٣؛ رومية ٥: ٣). ولذلك، مع أن بعض المفسرين الأدفنتست ينظرون إلى هذه المجموعة كأنها تمثيل آخر للمئة والأربعة والأربعين ألف، يمكننا فهم «الجمع الكثير» كأنها إشارة إلى جميع المفديين الذين عانوا بسبب إيمانهم خلال العصور.


ونرى هنا أيضًا في وصف يوحنا «جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ»، كما نرى في كل الكتاب المقدس، موضوع «الخلاص بالنعمة» العظيم. فدعوى المفديين الوحيدة للحصول على الخلاص وعلى الحياة الأبدية وعلى السموات الجديدة والأرض الجديدة هو بر المسيح الذي أُعطي لهم من خلال النعمة.


«وأقرب الناس إلى العرش هم أولئك الذين كانوا قبلًا متحمسين للشيطان، ولكن إذ كانوا كشعلات منتشلة من الحريق فقد اتبعوا مخلصهم في تكريس عميق قوي. ويلي هؤلاء أولئك الذين قد كملوا الصفات المسيحية واحتفظوا بها في وسط الكذب والإلحاد، أولئك الذين أكرموا شريعة الله في وقت اعتبرها العالم المسيحي باطلة، وملايين من كل الأجيال الذين استشهدوا لأجل إيمانهم. وخلف هؤلاء يوجد «جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، ... أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ» (رؤيا ٧: ٩). لقد انتهت حربهم وأحرزوا الانتصار. لقد أكملوا السعي وأخذوا الجعالة. وسعف النخل التي في أيديهم هي رمز الانتصار، والثياب البيض هي رمز لبر المسيح الخالي من العيب الذي صار لهم الآن» (روح النبوة، الصراع العظيم، صفحة ٧١٨).


نعم، نحن مكسوون ببر المسيح، عطية الإيمان. ولكن كيف يمكننا الثبات في ذلك الإيمان والبقاء على أمانتنا في وسط التجارب والضيقات؟ أو، والأهم، كيف يمكننا الثبات في ذلك الإيمان والأمانة في أوقات الراحة والازدهار؟ (انظر تثنية ٨: ١١-١٧).


الأربعاء ٦ شباط (فبراير)


الذين يتبعون الخروف


اقرأ رؤيا ١٤: ١-٥. ما هي الصفات الثلاثة الأساسية للمئة والأربعة والأربعين ألف قديسًا؟ كيف ترتبط هذه الصفات بوصف قديسي نهاية الزمان في رؤيا ١٤: ١٢؟


رؤيا ١٤: ٤، ٥ هو وصف للمئة والأربعة والأربعين ألفًا يتفق مع شعب الله في نهاية الأيام الذين « يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإِيمَانَ يَسُوعَ» (رؤيا ١٤: ١٢). فمع أنهم اختبروا ملء غضب الشيطان في الأزمة الأخيرة، إلا أنهم بقوا ثابتين بسبب علاقتهم الوثيقة بيسوع.


في ضوء رؤيا ١٧: ٥، بأي شكلٍ لم يتنجس المئة والأربعة والأربعون ألفًا مع النساء؟ كيف تتعلق طهارة شخصيتهم بحقيقة كونهم اشتُروا من الأرض «بَاكورةً لله» (رؤيا ١٤: ٤)؟


الفساد الجنسي هو رمز لعدم الأمانة لله. تتحدث رؤيا ١٧: ٥ عن زانية الأيام الأخيرة بابل وبناتها، التي معها زنت جميع قبائل الأرض (انظر رؤيا ١٨: ٣). على الرغم من ذلك، سيبقى المئة الأربعة والأربعون ألفًا أمناء للمسيح وسيقاومون العلاقات النجسة مع بابل وكذلك الكنائس المرتدة. وبذلك، المئة والأربعة والأربعون ألفًا «يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ» (١٤: ٤).


يستكمل وصف المئة والأربعة والأربعين ألفًا بأنهم الذين «اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً للهِ وَلِلْخَرُوفِ» (١٤: ٤). كانت باكورة الثمار في إسرائيل القديمة أفضل ثمار المحصول المقدمة لله (عدد ١٨: ١٢). وقد تشير كلمة «باكورة» إلى المخلصين لكونهم مميزين عن أولئك الذين في العالم (يعقوب ١: ١٨)، ولكن في سفر الرؤيا، المئة والأربعة والأربعون ألفًا هم مجموعة خاصة جدًا لأنهم سيتغيرون دون أن يروْا موتًا (١كورنثوس ١٥: ٥٠-٥٢). وعليه، فهم باكورة الحصاد الأكبر للمخلصين في جميع العصور (انظر رؤيا ١٤: ١٤-١٦).


ما هي الطرق التي يمكن أن تعرضنا، حتى على غير علمٍ، لخطر اقتراف الزنا الروحي؟ لماذا يُعد الاعتقاد بأننا لسنا في ذلك الخطر خداعًا لأنفسنا؟


الخميس ٧ شباط (فبراير)


الخلاص لإلهنا وللخروف


اقرأ رؤيا ١٤: ٥ في ظل ٢بطرس ٣: ١٤ ويهوذا ٢٤، ٢٥. يصف الرؤيا شعب الله في نهاية الزمان بكونهم «بِلاَ عَيْبٍ». كيف يمكن الوصول لهذا الحال؟


الصفة الأخيرة للمئة والأربعة والأربعين ألفًا هي أنهم «فِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ، لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ» (رؤيا ١٤: ٥). ففي حين أن أناس العالم يختارون تصديق أكاذيبه، سينال شعب الله في الأزمنة الأخيرة محبة الحق بغية خلاصهم (٢تسالونيكي ٢: ١٠، ١١).


تشير عبارة «بلا عيب» (amōmos في اليونانية) إلى ولاء المئة والأربعة والأربعين ألفًا للمسيح. ففي الكتاب المقدس يُدعى شعب الله مقدسًا (لاويين ١٩: ٢؛ ١٢بطرس ٢: ٩). وكان إبراهيم (تكوين ١٧: ١) وأيوب (أيوب ١: ١) رجلان بلا عيب. كما أن المسيحيين مدعوون ليكونوا مقدسين وبلا عيبٍ (أفسس ٥: ٢٧؛ فليبي ٢: ١٥).


اقرأ رومية ٣: ١٩-٢٤. لماذا يجب علينا دومًا إبقاء هذه الحقيقة الحاسمة نصب أعيننا؟


في أواخر أيام تاريخ هذا العالم سوف يعكس المئة والأربعة والأربعون ألفًا شخصَ المسيح. وسيعكس خلاصهم ما فعله المسيح لأجلهم عوضًا عن قدسيتهم وأعمالهم (انظر أفسس ٢: ٨-١٠). حيث غسّل المئة والأربعة والأربعون ألفًا ثيابهم وبيضوها بدم الخروف (رؤيا ٧: ١٤)، وبذلك وُجِدوا «بِلاَ دَنَسٍ وَلاَ عَيْبٍ» أمام الله (٢بطرس ٣: ١٤).


«نحن بحاجة لأن نُنَقى ونُغسّل من كل ما هو أرضي إلى أن نعكس صورة مخلصنا ونصبح ‹شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ›....


«لن يكون قول أننا مخلّصون وبلا خطية آمنًا إلا فقط عندما ينتهي صراع الحياة، عندما يوضع السلاح عند قدمي يسوع، عندما يُمَجَّد قديسي الله» (روح النبوة، Selected Messages، مجلد ٣، صفحة ٣٥٥، ٣٥٦). كيف يمكننا أن نحيا حياة القداسة مع الاستعداد الفعلي للأبدية ولكن دون المعاناة من سقطات المثالية والقداسة المتطرفة؟


الجمعة ٨ شباط (فبراير)


لمزيد من الدرس: هوية المئة والأربعة والأربعين ألفًا هو موضوع مناقشات ساخنة. ما يتضح في الرؤيا هو أن المئة والأربعة والأربعين ألفًا هم آخر جيل من شعب الله في الأيام الأخيرة من تاريخ هذه الأرض. ونحن نعلم أنهم سيجوزون في زمن ضيقٍ ولكنهم سينجون من الضربات السبعة الأخيرة (انظر مزمور ٩١: ٧-١٦) وأن أمانتهم ستُختبر أكثر من أي جيلٍ مضى.


لم يُكشف لنا مَن بالتحديد سيكون في تلك المجموعة. فهويتهم أحدُ الأسرار التي احتفظ بها الرب لنفسه (تثنية ٢٩: ٢٩). ولن يَكْشف لنا عمَّن سيكون جزءًا من هذه المجموعة الخاصة بالقديسين المخلصين إلا المستقبل. وفيما يتعلق بهذا السر، حُذرنا بالتحذير الآتي:


«يقول المسيح أنه سيكون في الكنيسة أولئك الذين سيأتون بخرافات ومزاعم، في حين أن الله قدم حقائق عظيمة مهذّبة ومشرّفة يجب أن تحفظ أبدًا في ذاكرتنا. وعندما يتبع الناس هذه النظرية وتلك النظرية، عندما يقودهم فضولهم لمعرفة أمرًا ليس ضروريًا لهم معرفته، لا يقودهم الله في ذلك. فخطته ليست في أن يأتي شعبه بأمرٍ عليهم افتراضي، أمر لا تُعلّمه الكلمة. وإرادته ليست في أن يدخلوا في صراع حول أسئلة لن تساعدهم روحيًا، نحو: ممّن سيتكون المئة والأربعة والأربعين ألفًا؟ فهذه سيعرفها مختارو الله وشيكًا دون تساؤل» (روح النبوة، Selected Messages، مجلد ١، صفحة ١٧٤).


أسئلة للنقاش:


١. فكّر في النصيحة التالية: «دعنا نكافح بكل ما أتانا الله من قوة كي نكون من ضمن المئة والأربعة والأربعين ألفًا» (تعليقات روح النبوة، SDA Bible Commentary، مجلد ٧، صفحة ٩٧٠). كيف لنا أن نطبق هذه الكلمات؟ كيف يؤثر هذا الكفاح على قراراتك اليومية؟


٢. أحد الصفات المهمة المميزة للمئة والأربعة والأربعين ألف قديسًا في نهاية الزمان هي الترنم بالترنيمة الجديدة. وهي ترنيمة لا يستطيع أن يرنمها إلا المئة والأربعة والأربعون ألفًا لأنها ترنيمة الاختبار – اختبار لم تختبره أي مجموعة أخرى قط في التاريخ (رؤيا ١٤: ٣، ٤؛ رؤيا ١٥: ٢، ٣). إذ تفكر في حياتك الخاصة، كيف تعكس مسيرتك الروحية الحالية ترنيمة اختبار جديد مع الله؟ أم هل تعكس حياتك قصصك الماضية التافهة عن أعمال الله في حياتك، مفتقرةً إلى براهين التكريس الحاضر؟ أي تغييرات يمكنك صنعها الآن لتساعدك على إعادة تكريس حياتك له؟


٣. ما هو الفرق بين المعرفة عن المسيح ومعرفته الحقيقية؟ إذا سألك أحدهم: «كيف تصف المسيح؟»، ماذا ستكون إجابتك، ولماذا؟


الدرس السابع *٩-١٥ شباط (فبراير)


الأبواق السبعة






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: رؤيا ٨: ١-١٣؛ عدد ١٠: ٨-١٠؛ حزقيال ١٠: ٢؛ رؤيا ١٠: ١-١١؛ دانيال ١٢: ٦، ٧؛ رؤيا ١١: ١-١٣؛ لاويين ١٦.


آية الحفظ: «بَلْ فِي أَيَّامِ صَوْتِ الْمَلاَكِ السَّابعِ مَتَى أَزْمَعَ أَنْ يُبَوِّقَ، يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الأَنْبِيَاءَ» (رؤيا ١٠: ٧).


رأينا في مشهد الختم الخامس أن صراخ شعب الله المضطَهَدْ يعكس صراخ المؤمنين في جميع الأجيال. وصُوّر هؤلاء المؤمنين بنفوس تحت المذبح صارخة لله من أجل العدالة والتبرير، قائلة: « ‹حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ› » (رؤيا ٦: ١٠). فحثهم صوتٌ من السماء على الانتظار، لأنه سيأتي اليوم الذي يدين الله فيه أولئك الذين أساؤوا إليهم. وتصور رؤيا ٦: ١٥-١٧ يسوع آتيًا إلى هذه الأرض ليدين أولئك الذين أساؤوا إلى أتباعه المؤمنين.


كما يمثل مشهد الختم الخامس اختبار شعب الله المتألم عبر التاريخ، منذ زمن هابيل وحتى الزمن الذي سيدين فيه الله أخيرًا وينتقم «لِدَمِ عَبِيدِهِ» (رؤيا ١٩: ٢). ولكن على شعب الله المتألم أن يظل ثابتًا وأن يؤمن بأن الله يسمع صلوات شعبه.


توضح رؤية الأبواق السبعة أن الله قد تدخل بالفعل عبر التاريخ بالنيابة عن شعبه المضطهد وأدان أولئك الذين أساءوا إليهم. والهدف من الأبواق السبعة هو التأكيد لشعب الله على أن السماء لا تتجاهل معاناتهم.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعدادًا لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ١٦ شباط (فبراير).


الأحد ١٠ شباط (فبراير)


صلوات القديسين


يستهل رؤيا ٨ بمشهد سبعة ملائكة واقفين أمام الله ومستعدين لأن يبوقوا بأبواقهم. ولكن قبل أن تبوَّق الأبواق، يُدرج مشهدًا آخر هدفه توضيح المعنى اللاهوتي للأبواق.


اقرأ رؤيا ٨: ٣، ٤ في ظل وصف الخدمات اليومية في هيكل أورشليم الموضحة أدناه:


يشرح تفسير يهودي للكتاب المقدس أنه عند إصعاد تقدمة المساء كان الحَمَل يُوضَع على مذبح المحرقة، وكان الدم يُسكب في أسفل المذبح. وكان كاهنٌ موكّلٌ يأخذ مبخرة الذهب إلى داخل الهيكل ويقدم بخورًا على مذبح الذهب في القدس. ومتى خرج الكاهن يلقي المبخرة إلى الأرض، فتصدر صوتًا مزعجًا. وعند تلك النقطة، يبوق الكهنة السبعة بأبواقهم معلنين نهاية خدمات الهيكل لذلك اليوم.


يمكننا رؤية الكيفية التي تُستخدَم بها لغة خدمة المساء في رؤيا ٨: ٣-٥. من الجدير بالملاحظة أن الملاك يستلم بخورًا عند «مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ الْعَرْشِ» (رؤيا ٨: ٣). وتمثل البخور صلوات شعب الله (رؤيا ٥: ٨). ويستجيب الله صلواتهم الآن.


قدمت رؤيا ٨: ٣-٥ معلومات مهمة بشأن الأبواق في الرؤيا:


أ. الأبواق السبعة هي أحكام الله على البشرية المتمردة استجابةً لصلوات شعبه المُضطَهَدْ.


ب. تتبع الأبواق موت يسوع بصفته الحمل وتبوق بالتعاقب عبر التاريخ حتى المجيء الثاني (انظر رؤيا ١١: ١٥-١٨).


اقرأ رؤيا ٨: ٥ في ظل حزقيال ١٠: ٢. كيف توضح رؤية حزقيال للنار المقذوفة على أورشليم المرتدة، طبيعة الأبواق في الرؤيا؟


يملأ الملاك المبخرة بنار من المذبح ويذرها على الأرض. من الملاحظ أن هذه النار مأخوذة من المذبح ذاته الذي قدمت عليه صلوات القديسين. وحقيقة كون النار مأخوذة من ذات المذبح تبين أن أحكام الأبواق السبعة تقع على سكان الأرض استجابةً لصلوات شعب الله، وسوف يتدخل الله في وقته المعيّن بالنيابة عنهم. كما قد يكون إلقاء المبخرة تحذيرًا بأن شفاعة المسيح لن تدوم للأبد، لأن فترة الاختبار سوف تنتهي (انظر رؤيا ٢٢: ١١، ١٢).


الاثنين ١١ شباط (فبراير)


معنى الأبواق


تصويرًا لتدخل الله بالنيابة عن شعبه، يستخدم سفر الرؤيا صورة الأبواق في العهد القديم. كانت الأبواق جزءًا مهمًا من الحياة اليومية في إسرائيل القديمة (انظر عدد ١٠: ٨-١٠ و٢أخبار الأيام ١٣: ١٤، ١٥). حيث ذكرَّت أصواتها الشعب بأوقات العبادة في الهيكل؛ وكذلك بُوِّقَت الأبواق في المعارك وفي وقت الحصاد وفي أثناء الاحتفالات.


وارتبط تبويق الأبواق ارتباطًا وثيقًا بالصلاة. ففي أثناء العبادة في الهيكل أو في أثناء الاحتفالات «ذكرَّت» الأبواق الله بميثاقه مع شعبه. وذكرَّت الناس أيضًا بالاستعداد من أجل «يَوْمَ الرَّبِّ» (يوئيل ٢: ١). وفي أثناء المعارك، صوت البوق قدم التعليمات والتحذيرات الرئيسية ودُعِي الله ليخلص شعبه. هذه الفكرة هي خلفية الأبواق في سفر الرؤيا.


اقرأ رؤيا ٨: ١٣؛ ٩: ٤، ٢٠، ٢١. من هم المعنيون بأحكام الأبواق السبعة؟


تشير الأحداث التي تُفَجِّرها الأبواق في سفر الرؤيا إلى تدخل الله عبر التاريخ استجابةً لصلوات شعبه. في حين أن الأختام تخص بصفة أساسية أولئك الذين يدّعون إنهم شعب الله، تذيع الأبواق الأحكام الصادرة ضد سكان الأرض (رؤيا ٨: ١٣). وهي، في ذات الوقت، تحذيرات لأولئك الساكنين على الأرض لكي يتوبوا قبل فوات الأوان.


تغطي الأبواق السبعة فترة من الأحداث تمتد من زمن يوحنا وحتى نهاية تاريخ هذه الأرض (رؤيا ١١: ١٥-١٨). وهي تُضْرَب بينما تجري الشفاعة في السماء (رؤيا ٨: ٣-٦) ويُكرَز بالإنجيل على الأرض (رؤيا ١٠: ٨ - ١١: ١٤). وأحكام الأبواق جزئية؛ فهي تؤثر على ثلث الخليقة فقط. يعلن البوق السابع أن الوقت قد حان ليجري الله حكمه العادل. وتنطبق الأبواق السبعة، تقريبًا، على الحقب ذاتها التي وُجِدت فيها الكنائس السبعة والأختام السبعة:


(أ) يذيع البوقان الأولان أحكامًا ضد الأمم التي صلبت المسيح واضطهدت الكنيسة الأولى: أورشليم المتمردة، والامبراطورية الرومانية.


(ب) يصور البوقان الثالث والرابع حكم السماء على ارتداد الكنيسة المسيحية في فترة العصور الوسطى.


(ج) يصف البوقان الخامس والسادس الأطراف المتحاربة في العالم الديني خلال أواخر العصور الوسطى وفترة ما بعد الإصلاح. وتتميز هذه الفترات بنشاط شيطاني متزايد الذي يجذب العالم في النهاية إلى معركة هرمجدون.


بلا شك التاريخ دامي ومليء بالألم والأسف. كيف يجب أن تساعدنا هذه الحقيقة المحزنة على أن ندرك مدى روعة ما وُعدنا به في يسوع؟


الثلاثاء ١٢ شباط (فبراير)


الملاك وسفرٌ مفتوحٌ


يأتي بنا البوق السادس إلى زمن النهاية. ما هو الأمر الذي دُعي شعب الله لفعله خلال هذا الزمن؟ قبل إعلان البوق السابع، يُدرج فترة فاصلة تشرح مهمة شعب الله وتجربتهم في زمن النهاية.


اقرأ رؤيا ١٠: ١-٤. ماذا يحدث هنا؟


«إن الملاك القادر الذي وجّه يوحنا هو شخص يسوع المسيح» (تعليقات روح النبوة، The SDA Bible Commentary، مجلد 7، صفحة 971). وهو يضع قدميه على البحر والأرض، مما يشير إلى حكمه الكوني، وأن ما هو على وشك إعلانه له أهمية عالمية. ويصرخ صراخًا كزمجرة الأسد. وزمجرة الأسد ترمز لصوت الله (انظر هوشع ١١: ١٠؛ رؤيا ٥: ٥).


لا يُسمح ليوحنا بكتابة ما قالته الرعود. حيث هناك أمور تخص المستقبل لم يعلنها الله لنا من خلال يوحنا.


اقرأ رؤيا ١٠: ٥-٧. وقارن هذا النص مع دانيال ١٢: ٦، ٧. أي كلماتٍ يشترك فيها النصين؟


عندما يذكر «الملاك» أنه «لاَ يَكُونَ زَمَانٌ بَعْدُ» (رؤيا ١٠: ٦)، توضح الكلمة اليونانية chronos أنه يشير إلى فترة من الزمن. وهذا يشير إلى دانيال ١٢: ٦، ٧ حيث يذكر الملاك أن اضطهاد القديسين سيستمر لزمان وزمانين ونصف زمان، أو ١٢٦٠ سنة (٥٣٨ - ١٧٩٨ ب.م) التي خلالها اضطهدت البابوية الكنيسة (قارن دانيال ٧: ٢٥). ولأن في سفري دانيال والرؤيا يرمز «اليوم» النبوي إلى سنة (عدد ١٤: ٣٤؛ حزقيال ٤: ٦)، إذن ٣٦٠ «يوم» تساوي ٣٦٠ سنة، وثلاثة أزمنة ونصف تساوي ١٢٦٠ «يوم» أو سنة. ثم ستأتي النهاية في وقت ما بعد هذه الحقبة النبوية.


تشير عبارة «لاَ يَكُونَ زَمَانٌ بَعْدُ» إلى نبوات دانيال الزمنية، وبالأخص نبوة الألفين وثلاثمائة يومًا نبويًا في دانيال ٨: ١٤ (٤٥٧ ق.م - ١٨٤٤ ب.م). وبعد هذه الحقبة لن يكون هناك أي حقب زمنية نبوية. إذ تقول روح النبوة: «هذا الزمن، الذي يعلنه الملاك بقَسَمٍ، هو . . . زمن نبوي، الذي يجب أن يسبق مجيء ربنا. أي لن تتلقى الناس رسالة أخرى عن زمن معين. وبعد هذه الحقبة الزمنية، التي تمتد من ١٨٤٢ وحتى ١٨٤٤، لن يكون هناك اقتفاء مؤكَّد للزمن النبوي. ويصل أطول تقدير زمني إلى خريف ١٨٤٤» (Ellen G. White Comments, The SDA Bible Commentary، مجلد 7، صفحة 971).


ماذا تخبرنا مقوله روح النبوة هذه عن ضرورة تجنب جميع التكهنات الزمنية المستقبلية؟


الأربعاء ١٣ شباط (فبراير)


أكْل السفر


اقرأ رؤيا ١٠: ٨-١١. يُستخدم الأكل في الكتاب المقدس لوصف قبول رسالة ما من الله لإعلانها للشعب. (انظر حزقيال ٢: ٨ - ٣: ١١؛ إرميا ١٥: ١٦). تقدم الرسالة أخبارًا سارة عند استلامها؛ ولكن عندما تُعلَن، ينجم عنها أحيانًا مرارة إذ يقاومها الكثيرون ويرفضونها.


لتجربة يوحنا في أكل السفر (الذي يمثل سفر دانيال) بمزيجها الحلو والمر علاقةٌ بإعلان نبوات دانيال عن نهاية الزمان. حيث يمثل يوحنا هنا الكنيسة الباقية المُكلفة بإعلان الإنجيل الأبدي (انظر رؤيا ١٤: ٦، ٧) عند نهاية نبوة دانيال الزمنية (دانيال ٧: ٢٥) أو الألف ومئتين وستين يومًا/ سنةً.


ويوضح السياق أن رؤية يوحنا تشير إلى تجربة أخرى، يمتزج فيها طعم المرارة والحلاوة، حدثت عند نهاية الفترة النبوية المكونة من ألفين وثلاث مئة سنة. حيث عندما ظن أتباع ميلر، استنادًا إلى نبوات دانيال، أن المسيح سيعود في عام ١٨٤٤، كانت الرسالة حُلوةً لهم. ولكن عندما لم يظهر المسيح حسبما توقعوا، أُحبطوا إحباطًا مُرًا وفتشوا الكتاب المقدس بحثًا عن فهمًا أوضح.


تشير مهمة يوحنا بأن «يتنبأ أيضًا» على العالم، إلى الأدفنتست حفظة السبت الذي أُقيموا لغرض إعلان رسالة المجيء الثاني وفقًا لنبوات دانيال والرؤيا.


اقرأ رؤيا ١١: ١، ٢. ما المطلوب من يوحنا فعله؟


تواصل هذه الفقرة المشهد في رؤيا ١٠. وفيها أُمر يوحنا بقياس الهيكل والمذبح والساجدين. يشير مفهوم القياس في الكتاب المقدس مجازًا إلى الدينونة (انظر متى ٧: ٢). ويوجد الهيكل المطلوب قياسه في السماء، حيث يكهن يسوع لنا. ويشير ذكر الهيكل والمذبح والساجدين إلى يوم الكفارة (انظر لاويين ١٦: ١٦-١٩). حيث كان هذا اليوم يوم «كيْلٍ»، فيه قضى الله في خطايا شعبه. وعليه، تشير رؤيا ١١: ١ إلى الدينونة التي تحدث قبل المجيء الثاني. وتخص هذه الدينونة حصريًا شعب الله الساجدين في الهيكل.


كما توضح رؤيا ١١: ١ أن رسالة المقدس السماوي هي لُب الإعلان الأخير للإنجيل، التي تشمل تبرئة شخصية الرب. حيث تقدم في حد ذاتها كامل أبعاد رسالة الإنجيل المتعلقة بعمل المسيح الكفاري وبره بصفته الوسيلة الوحيدة لخلاص البشر.


آخذين في الاعتبار مدى أهمية الدم لطقس يوم الكفارة (انظر لاويين ١٦)، كيف يمكننا أن نضع دومًا نصب أعيننا حقيقة كون الدينونة بمثابة أخبارًا سارة؟ ولماذا تعد هذه الحقيقة في غاية الأهمية؟


الخميس ١٤ شباط (فبراير)


الشاهدان


اقرأ رؤيا ١١: ٣-٦. بأية طرق يعكس الشاهدان زربابل ويشوع في دورهما الملكي والكهنوتي؟ انظر زكريا ٤: ٢، ٣، ١١-١٤.


تأتي فكرة الشاهدين من النظام القانوني اليهودي الذي يتطلب شاهدين على الأقل لإثبات صحة أمر ما (يوحنا ٨: ١٧). ويمثل الشاهدان الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد. والاثنان لا يمكن فصلهما. وشعب الله مدعوٌ للكرازة للعالم برسالة الكتاب المقدس كاملةً — «بِكُلِّ مَشُورَةِ اللهِ» (أعمال الرسل ٢٠: ٢٧).


يصوَّر الشاهدين وهما يتنبآن في مسوحٍ خلال الفترة النبوية المكونة من ١٢٦٠ يوم/سنة (٥٣٨ - ١٧٩٨ ب.م). والمسح هو لباس النوح (تكوين ٣٧: ٣٤)؛ فهو يشير إلى الأوقات الصعبة عندما دُفِنت الحقائق الكتابية ورُدِمت بالتقاليد البشرية.


اقرأ رؤيا ١١: ٧-١٣. صف بكلماتك ما حدث للشاهدين عند نهاية الألف ومئتين وستين يومًا نبويًا/سنةً؟


يصعد الوحش الذي يقتل الشاهدين من مسكن الشيطان ذاته. وينطبق قتل الشاهدين هذا تاريخيًا على الهجوم الإلحادي على الكتاب المقدس وإسقاط الدين بسبب أحداث الثورة الفرنسية. فأدى النظام المناهض للدين الذي تأسس في فرنسا إلى الانحدار الأخلاقي في سدوم، والغرور الملحد في مصر، وحال التمرد في أورشليم. فما حدث ليسوع في أورشليم يحدث الآن للكتاب المقدس من خلال هذا النظام المناهض للدين.


تشير قيامة الشاهدين إلى الانتعاش العظيم الحاصل في الاهتمام بالكتاب المقدس في أعقاب الثورة الفرنسية، الأمر الذي أدى إلى قيام حركة المجيء الثاني واستعادتها للحق الكتابي، وتأسيس مجتمعات كتابية، ونشر الكتاب المقدس حول العالم.


كما سيشهد العالم قبيل النهاية إعلان عالمي أخير للإنجيل (رؤيا ١٨: ١-٤). وستهيج هذه الرسالة معارضة مدعَمَة من قِبَل هيئات شيطانية وتصنع معجزات لتُضِل العالم وتجذب عبدة الوحش إلى معركة أخيرة ضد شهود الله الأمناء (انظر رؤيا ١٦: ١٣-١٦).


الجمعة ١٥ شباط (فبراير)


لمزيد مِن الدرس: يشير البوق السابع (رؤيا ١١: ١٥-١٨) إلى ختام تاريخ هذه الأرض. إذ قد حان الوقت ليعلن الله عن قوته وملكه. وأوشك هذا الكوكب المتمرد، الذي لا يزال يخضع لسيادة إبليس منذ آلاف السنين، على الخضوع مجددًا لسيادة الله وحكمه. فبعد موت المسيح على الصليب وصعوده إلى السماء، أُعلِن المسيح حاكمًا شرعيًا للأرض (رؤيا ١٢: ١٠، ١١). فيستمر الشيطان في تدمير كل ما في استطاعته، عالمًا أن زمانه قصير (رؤيا ١٢: ١٢). ومن ثم، يبشر البوق السابع بأن القوات المغتصبة تم التعامل معها وأن هذا العالم يخضع أخيرًا لحكم المسيح العادل.


يرسم البوق السابع المعالم الرئيسة لمحتوى بقية السفر: (١) كانت الأمم غاضبة: تصف رؤيا ١٢-١٤ الشيطان بأنه مملوءٌ غضبًا (رؤيا ١٢: ١٧)، وأنه بمساعدة محالفيه الاثنين — وحش البحر ووحش الأرض — يعد أمم العالم لمقاتلة شعب الله. (٢) أُكمِل غضبك: إن جواب الله على غضب الأمم هو الضربات السبعة الأخيرة، والتي يشار إليها بأنها غضب الله (انظر رؤيا ١٥: ١). (٣) وقت دينونة الأموات يوصف في رؤيا ٢٠: ١١-١٥. (٤) مكافأة عبيد الله مصورة في رؤيا ٢١-٢٢. (٥) تدمير أولئك الذين دمروا الأرض: تذكُر رؤيا ١٩: ٢ أن بابل الأخيرة دينت لأنها أفسدت الأرض. وسيكون تدمير الشيطان وجنوده وحليفيه الاثنين المشهد الأخير من مسرحية الصراع العظيم (رؤيا ١٩: ١١ - ٢٠: ١٥).


أسئلة للنقاش


١. نجد أحيانًا أن كرازة الإنجيل قد تكون تجربة مُرة (رؤيا ١٠: ١٠)؛ إذ ترفض كلماتنا ويُسخَر منها، وقد نُرفَض نحن ويُسخَر منا. وقد تثير الكرازة أحيانًا المعارضة. أي الشخصيات الكتابية التي تفتكر بها واجهت هذه التجارب؟ وماذا يمكننا التعلم من خبراتها من أجل فائدتنا نحن أيضًا؟


٢. تأمل في العبارات الآتية: « حذرتك مرارًا وتكرارًا بشأن تحديد الزمن. لن يكون هناك أبدًا رسالة أخرى لشعب الله تستند إلى الزمن. إذ ليس لنا أن نعرف الوقت المحدد سواء لانسكاب الروح القدس أو لمجيء المسيح» (روح النبوة، Selected Messages، مجلد ١، صفحة ١٨٨). أي مشاكل تجدها في رسم مخططات نبوية مفصّلة تفصيلًا دقيقًا عن الأحداث الأخيرة بعد ١٨٤٤؟ كيف يمكننا وقاية أنفسنا من المخاطر الكامنة التي تجلبها المخططات؟


الدرس الثامن *١٦-٢٢ شباط (فبراير)