2- دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الثاني 2015 - إنجيل لوقا
اليوم هو يوم خلاص. إن المَثَل لا يعلّم أن هناك شراً متأصلاً في كون المرء ثرياً أو أن هناك شيئاً جيداً لا محالة في كون المرء فقيراً. بل إن ما يعلّمه المثل هو وجوب أن لا يضيّع الإنسان فرصة الخلاص والعيش مخلّصاً بينما نحن نعيش على هذه الأرض. وسواء كنا أثرياء أو فقراء، متعلمين أو أميين، أقوياء أو ضعفاء، فنحن ليس لدينا فرصة ثانية. إن الجميع إما يخلصون أو يدانون بناء على موقفهم من المسيح، اليوم. «هُوَذَا الآنَ وَقْتٌ مَقْبُولٌ. هُوَذَا الآنَ يَوْمُ خَلاَصٍ» (٢كورنثوس ٦: ٢).
يعلّم المثل أيضاً أن المكافأة الأبدية لا علاقة لها بالممتلكات المادية. فقد كان الرجل الغني «يَلْبَسُ الأَرْجُوانَ وَالْبَزَّ وَهُوَ يَتَنَعَّمُ كُلَّ يَوْمٍ مُتَرَفِّهًا» (لوقا ١٦: ١٩) ولكنه كان يفتقر إلى ما هو أساس الحياة: الله. وعندما لا يعترف المرء بالله فإنه لا يرى ولا يهتم بغيره من البشر. لم تكن خطية الرجل الغني تكمن في ثرائه ولكن في فشله في إدراك أن عائلة الله هي أوسع نطاقاً مما كان هو مستعداً لقبوله.
ليس هناك فرصة ثانية للخلاص بعد الموت. إن الحقيقة الأخرى التي لا مفر منها والتي يعلمها المسيح هنا هي أنه ليس هناك فرصة ثانية للخلاص بعد الموت. «وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ» (عبرانيين ٩: ٢٧).
والنقطة الأخرى المراد التأكيد عليها من خلال هذا المثل هو إظهار أن الناس قد اُعطوا ما يكفي من أدلة الآن، في هذه الحياة، لتجعلهم يُقْدِمُوا على خيارات واعيةٍ إما لصالح الله أو ضده. إن أي تعليم لاهوتي يعلّم أن هناك نوعاً من «الفرصة الثانية» بعد الموت هو تعليم فيه ضلالة وخدعة كبيرة.
نحن نحب أن نتحدث عن مدى محبة الله لنا وعن كل ما فعله وما يفعله من أجل أن يخصلنا. ماذا ينبغي لهذا المَثَل أن يعلمنا عن خطر التعامل مع محبة الله وهبة الخلاص كما لو كانتا أمرين مفروغ منهما ومسلم بهما؟
الخميس
١٢أيار (مايو)
كنت أعمى ولكني الآن أبصر
إن إعلان مأمورية المسيح القائل بأنه قد «جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك» هو تأكيد على الخدمة الشمولية التي قام المسيح بها. فقد جاء المسيح ليجعل الرجال والنساء كاملين، أي أن يغيرهم جسدياً وذهنياً وروحياً واجتماعياً. يقدم لنا لوقا حالتان توضحان كيف استرد المسيح إنسانين منسحقين وأعادهما إلى حالة التمام. أحد هذين الرجلين كان أعمى جسدياً، وكان الآخر أعمى روحياً؛ وكلاهما كانا منبوذين- أحدهما كان مستعطياً وكان الآخر جابياً للضرائب. لكن كلا الرجلين كانا مرشحين لأن يحظيا بمرسلية المسيح للخلاص، ولم يكن أي منهما أبعد من أن يغمره المسيح بمحبته ويلمسه بيده الشافية.
اقرأ لوقا ١٨: ٣٥ـ ٤٣. ماذا يعملنا هذا عن اعتمادنا المطلق والتام على الله؟ مَن منّا لم يصرخ في بعض الأحيان قائلاً، «ارْحَمْنِي»؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكر مرقس أن اسم الرجل الأعمى هو «بَارْتِيمَاوُسُ» (مرقس ١٠: ٤٦). وقد كان يستعطي خارج «أريحا». وبعد أن كان هذا الرجل يعاني من الإعاقة الجسدية والفقر ولا يتمتع بمنزلة اجتماعية، وجد نفسه في غمرة بركات السماء، فقد قيل له «أَنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ مُجْتَازٌ» (لوقا ١٨: ٣٧)، وقد دفعه إيمانه إلى أن يصرخ قائلاً، « ’ يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي ‘ « (عد ٣٩). إن الإيمان لا يتطلب عينين أو أذنين، كما لا يتطلب قدمين أو يدين، لكنه يتطلب فقط قلباً يتصل بخالق العالم.
اقرأ لوقا ١٩: ١ـ ١٠. مَن كان الشخص «الأعمى» في هذه القصة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن إنجيل لوقا، أيضاً، هو الإنجيل الوحيد الذي يدوّن لقاء المسيح مع زكا، وكان هذا اللقاء من آخر لقاءات المسيح العديدة مع المنبوذين. إن مأمورية المسيح المتعلقة بالسعي في طلب وخلاص الهالكين قد تمت بشكل رائع في هذه المقابلة التي كانت للمسيح مع زكا. لقد كان زكا هو رئيس جباة الضرائب في أريحا، وكان يُنظر إليه مِن قِبل الفريسيين في المدينة على أنه رئيس الخطاة. لكن رئيس الخطاة هذا قد وجد نعمة في عيني المخلّص الذي سعى في طلب زكا وعمل على خلاصه. وقد استخدم المسيح أماكن وطرق غريبة لإنجاز مأموريته. فهنا نجد شخصاً فوق شجرة جميز يسعى لرؤية المسيح ومعرفة مَن كان هو، كما أن هناك رباً محباً يأمر ذلك الرجل بأن ينزل مِن على الشجرة لأن المسيح قد قدم الدعوة لنفسه بأن يتناول العشاء مع زكا. لكن والأهم من ذلك هو أن المسيح كان لديه ما يقدمه: « ’ الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهذَا الْبَيْتِ ‘ « (لوقا ١٩: ٩) لكن ليس قبل أن يقوم زكا بوضع الأمور في نصابها الصحيح (عد ٨).
إنه من السهل أن نرى أخطاء وعيوب الآخرين، أليس كذلك؟ ولكننا في كثير من الأحيان نكون عمياناً عن رؤية اخطائنا وعيوبنا. ما هي بعض الأمور في حياتك والتي تحتاج إلى مواجهتها والاعتراف بها والتغلب على ما كنت تؤجل التعامل معه لفترة طويلة؟
الجمعة
٢٢أيار (مايو)
لمزيد من الدرس
«فالمسيح لا يرمز بالخروف الضال إلى الفرد الخاطئ وحده بل أيضاً إلى العالم الذي ارتد وأهلكته الخطية» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ١٧٩).
وفيما يتعلق بقيمة النفس: « مَن ذا يستطيع أن يقدّر قيمة النفس ؟ فإذا أردتم أن تعرفوا قيمتها فاذهبوا إلى جثسيماني واسهروا هناك مع المسيح مدى تلك الساعات، ساعات الحزن والألم عندما كان عرقه ينزل كقطرات من الدم. وانظروا إلى المخلـص مرفـوعا على الصلـيب.... وعند قاعدة الصليب إذ تذكرون أن المسيح كان يمكن أن يبذل نفسه لأجل خاطيء واحد يمكنكم أن تقدّروا قيمة نفس واحدة» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ١٨٦و ١٨٦).
أسئلة للنقاش
١. في حين أن جميع الأديان تصوّر الإنسان وهو يبحث عن الله، تقدم المسيحية الله بوصفه هو مَن يسعى في طلب الإنسان: آدم أين أنت؟ (تكوين ٣: ٩)؟ قايين، أين أخوك (تكوين ٤: ٩)؟ إيليا، ماذا تفعل هنا (١ملوك ١٩: ٩)؟ زكا، إنزل (لوقا ١٩: ٥). ماذا كان اختبارك الخاص مع الله وهو يسعى في طلبك والبحث عنك؟
٢. انظر مرة أخرى إلى السؤال الأخير بدرس يوم الثلاثاء. ما هو الخطأ القاتل الذي ارتكبه الأخ الأكبر؟ ما هي العيوب الروحية التي تجلت في موقفه؟ لماذا يعد إظهارنا لنفس موقف الابن الأكبر أمرا أسهل مما نعتقد؟ انظر متى ٢٠: ١ـ ١٦.
٣. في قصة الغني ولعازر، قال المسيح أنه حتى لو عاد أحدهم من الموت فسيكون هناك مَن لا يؤمنون. بأية طرق تنبأ هذا المثل بردة فعل البعض نحو قيامة المسيح، حيث لم يؤمن بعض من الناس بقيامة المسيح رغم الأدلة القوية على قيامته؟
٤. من الجوانب الأكثر إثارة للأعجاب في خدمة المسيح هي المساواة التي عامل بها كل الناس، مثل الرجل الأعمى الذي كان يستعطي وزكا أو نيقوديموس والمرأة السامرية. إن الصليب، أكثر من أي شيء آخر، هو الذي يظهر أن جميع الناس متساوون قدام الله؟ كيف ينبغي لهذه الحقيقة الهامة أن تؤثر في كيفية تعاملنا مع الآخرين، حتى أولئك الذين- بسبب السياسة أو الثقافة أو العرق، أو ما شابه- كنا نشعر نحوهم بمشاعر سيئة في السابق؟ لماذا يعد الاتسام بموقف من هذا القبيل شيئاً مناقضاً للمسيح وصفاته؟
٥. قارن قصة الأبن الضال مع قصة الغني ولعازر. كيف تعمل كل واحدة منهما على توازن الأخرى؟
قصة الأسبوع
التسبيح بدلاً من التحامل
ديسونغ كيم، كوريا الجنوبية
تحيط مباني المكاتب الكنيسة الأدفنتستية الواقعة وسط سيول، كما أنه من الصعب التواصل مع الناس. وعندما كنت أعمل قساً هناك، اعتقدت أنه ربما يكون لصالح الكنيسة افتتاح مطعم للأطعمة النباتية. فإذا قدمنا أغذية نباتية طازجة وكانت خدمتنا ودية فربما يروق للعاملين بالمكاتب المحيطة الأمر فيأتون لتناول الطعام ومن ثم نتجاذب أطراف الحديث ونبني العلاقات معهم. وعندما تحدثت إلى أعضاء الكنيسة بشأن هذا الأمر، كان معظمهم معارضاً للفكرة لأنهم كانوا قد حاولوا القيام بذلك من قبل لكن محاولتهم باءت بالفشل. أكدت لهم أني لن استخدم ميزانية الكنيسة وبأن ألن هوايت قد ذكرت عدة مرات أنه إذا نحن أنشأنا مثل هذا النوع من المطاعم في المدن فسيكون ناجحاً جداً. وفي نهاية المطاف، وافق الأعضاء على المشروع.
وكمنظمة غير هادفة للربح، لم يكن مسموح للكنيسة امتلاك مطعم، لذلك قمت بتنظيم جمعية صحية ودعوت أولئك الذين يعملون في المكاتب المحلية المجاورة للانضمام حتى يتمكنوا من تناول الطعام بمطعمنا. وخلال الأشهر الثلاثة التي تلت ذلك، قمت بزيارة كل مكتب ودعوت كل شخص لأن يصبح عضواً في الجمعية الصحية. وأوضحت لهم بأننا سوف نوفر أطعمة نباتية طازجة وبأنهم عندما يصبحون أعضاء في هذه الجمعية فسيتمكنون من تناول الطعام الشهي من الاثنين إلى الجمعة. كانت رسوم العضوية بما يعادل المائة دولار شهرياً. وقد سجل الكثيرون أسماءهم. وقمنا، أعضاء الكنيسة وأنا، بتوزيع أكثر من ٥٠٠ تذكرة وجبات مجانية. فقد كان يُسمح لكل متسلم لهذه التذاكر بتناول وجبة مجانية في يوم معين في المطعم. وقد فوجئنا وسعدنا بقدوم ما يقرب من خمسمائة ضيف. وإذ استمتعوا بوجباتهم، قمت بإعلان أنه بمقدور أعضاء الجمعية الصحية تناول الطعام هنا كل يوم. وقد انضم الكثيرون.
ليس من السهل إدارة وتشغيل مثل هذا النوع من المطاعم. فمن المهم أن يكون لديك مبنى جيد، كما يجب أن تكون للقس علاقات جيدة مع المجتمع. وبالطبع، الطعام مهم. فإنه ما لم يكن لذيذ الطعم فإن الضيوف لن يستمروا في التردد على المطعم. وبعد بضع سنوات من بداية المطعم، خسرنا الطاهية ولم نستطع استبدالها بطاهية بنفس المهارة. وإذ هبطت جودة الطعام انخفضت معها كذلك أعداد عضوية الجمعية. وبمجرد أن استبدلنا الطاهية غير المتمكنة، تحسنت جودة الطعام وزادت عضوية الجمعية مجدداً. ووجدنا أن هناك الكثير من الفوائد التي نجنيها من هذا المشروع. في كوريا، يعتقد كثيرون من الناس أن الأدفنتست هم طائفة غير مرغوب فيها. وبسبب هذا الاعتقاد، كان البعض يحجمون عن زيارة المطعم. ولكن إذ اصبح مطعمنا مشهوراً قرر القساوسة المسيحيون والرهبان البوذيون وكهنة المعابد المجيء للمطعم وتناول الطعام.
وبعد تعرفهم علينا، لم يسع هؤلاء الناس سوى الثناء على الكنيسة بدلاً من التحامل عليها. العديد من المترددين على مطعمنا يحظون بمكانة عالية في المجتمع. وبنعمة الله، يعمل مطعمنا بنجاح لأكثر من ١٢ عاما الآن. وهو واحد من مراكز التأثير الأدفنتستية البالغ عددها ١١٧ مركزاً في كوريا الجنوبية.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www
الدرس التاسع
٣٢ـ ٩٢ أيار (مايو)
المسيح، المعلم الأعظم
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: لوقا ٨: ٢٢ـ ٢٥؛ ٤: ٣١ـ ٣٧و ٦: ٢٠ـ ٤٩؛ ٨: ١٩ـ ٢١و ١٠: ٢٥ـ ٣٧؛ تثنية ٦: ٥.
آية الحفظ: « فَبُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ، لأَنَّ كَلاَمَهُ كَانَ بِسُلْطَانٍ» (لوقا ٤: ٣٢).
« عندما جاء المسيح إلى الأرض كان يبدو أنَّ البشريّة تسرع في الانحدار إلى الحضيض. فحتّى أسس المجتمع قوِّضت. والحياة صارت زائفة وكاذبة.... فإذ اشمأز النّاس من الخرافات والأكاذيب وحاولوا إغراق عقولهم اتّجهوا إلى الإلحاد والمذهب المادّي. وإذ استبعدوا الأبديّة من حسابهم عاشوا للزّمن الحاضر.
«وإذ كفّوا عن الاعتراف بما هو إلهي كفّوا عن اعتبار ما هو بشري. فالحق والكرامة والاستقامة والثّقة والرّأفة بدأت ترحل عن الأرض. والطّمع الذي لا يعرف الرّحمة والطّموح المتغلغل تولّد عنهما عدم الثّقة بين الجميع. وفكرة الواجب والتزام القوّة قبل الضّعف، والعظمة الإنسانيّة والحقوق الإنسانيّة أُلقي بها جانباً كحلم أو خرافة. وعامّة الشّعب اعتُبروا كالدّواب حاملات الأثقال أو كآلات وأحجار للوصول إلى الطّموح. وقد طلب النّاس الغنى والقوّة والرّاحة والانغماس في الملذّات كالخير الأعظم، واشتهر العصر بالانحطاط الجسدي والخبل العقلي والموت الرّوحي» (روح النبوة، التربية الحقيقية، صفحة ٨٧و ٨٨).
في ضوء هذه الخلفية، يمكننا أن نفهم على نحو أفضل لماذا علَّم المسيح بالأمور التي علَّم بها.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٣٠أيار (مايو).
الأحد
٤٢أيار (مايو)
سلطان المسيح
إن لوقا كطبيب ومفكر كان على بيِّنة بالدور الذي تلعبه السلطة. وكان على دراية أيضاً بسيطرة الفلسفة في كل من الثقافة والتعليم اليونانيين. وكان يعرف سلطة القانون الروماني في الشؤون المدنية والأعمال الحكومية. وكرفيق سفر لبولس، فقد عرف لوقا السلطة الكنسية التي قاد بها الرسول بولس في الكنائس التي أسسها. وهكذا أدرك لوقا أن السلطة هي أمر أساسي وجوهري فيما يتعلق بمكانة الإنسان ودور المؤسسة وعمل الدولة، وكذلك في علاقة المعلم بتابعيه وتلاميذه. وكون لوقا قد احتك بكافة أنواع السُلطات، على كل مستويات القوة والنفوذ، لذا فقد شارك مع قرائه أنه كان هناك شيءٌ منقطع النظير فيما يتعلق بالمسيح وسلطانه. ورغم أن المسيح قد وُلد في بيت نجّار، ورغم أنه نما وترعرع لمدة ٣٠ عاماً في بلدة الناصرة التابعة للجليل، ورغم أنه لم يمتلك أي شيء يجعله عظيماً بالمعايير الدنيوية، إلا أن المسيح واجه بتعاليمه كلاً من: الحكام الرومانيون علماء الدين اليهود والأحبار وعامة الناس، وكذلك السلطات الدنيوية والدينية. وكان أهل بلدته «يَتَعَجَّبُونَ مِنْ كَلِمَاتِ النِّعْمَةِ الْخَارِجَةِ مِنْ فَمِهِ» (لوقا ٤: ٢٢). وقد جلب الرجاء إلى قلب أرملة نايين من خلال إقامة ابنها من الموت (لوقا ٧: ١١ـ ١٧). وعندها ارتعدت البلدة كلها خوفاً واندهش الناس قائلين: « ’ افْتَقَدَ اللهُ شَعْبهُ ‘ « (عد ١٦). كما أن خبر سلطان المسيح على الحياة والموت لم يملأ بلدة نايين وحسب، بل انتشر ذلك «فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ» (عد ١٦و ١٧).
اقرأ لوقا ٨: ٢٢ـ ٢٥؛ ٤: ٣١ـ ٣٧؛ ٥: ٢٤ـ ٢٦؛ ٧: ٤٩؛ ١٢: ٨. ما الذي تكشفه هذه الآيات عن نوع السلطان الذي مارسه المسيح؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أكد لوقا على أن المسيح، من خلال خدمته، قد عمل على أن يكون سلطانه مميزاً وفريداً من نوعه. ولم يعكف لوقا على تدوين ذلك من أجل صديقه ثَاوُفِيلُس وحسب، ولكن من أجل الأجيال القادمة أيضاً. فإن المسيح، بوصفه الله المتجسد، كان يتكلم بسلطان لم يحدث أن تكلم به أحد مِن قبل.
الكثير من الناس يفعلون أشياء بإسم الله، وهو ما يُعطي أعمالهم الكثير من السلطان بطبيعة الحال. كيف يمكننا أن نتأكد مِن أن الله هو الذي قادنا إلى عمل شيء نقول نحن «أن الله هو الذي قادنا إلى عمله»؟ ناقشوا إجابتكم في الصف يوم السبت.
الاثنين
٥٢أيار (مايو)
أعظمُ عظاتِ المسيحِ
غالباً ما يُنظر إلى الموعظة على الجبل (متى ٥ـ ٧) على أنها «جوهر المسيحية.» يقدم لوقا مختارات من هذه العظة في لوقا ٦: ٢٠ـ ٤٩، وفي أماكن أخرى من إنجليه كذلك. ولأن لوقا قد أدرج الموعظة على الجبل مباشرة بعد اختيار المسيح «رسمياً» للاثني عشر (لوقا ٦: ١٣)، فقد اطلق بعض علماء الكتاب المقدس على هذه الموعظة اسم «رسامة الاثني عشر لتولي مسؤولية الكرازة.»
وتبدأ الموعظة على الجبل، كما تَرِدُ في لوقا ٦: ٢٠ـ ٤٩، بأربع تطويبات وأربع ويلات، كما تقدم الخصائص الضرورية الأخرى للسيرة المسيحية.
ادرس المقاطع التالية من لوقا ٦: ٢٠ـ ٤٩ واسأل نفسك عن مدى مراعاتك وتمسّكّك بالمبادئ الواردة هنا.
- التطويبات المسيحية (لوقا ٦: ٢٠ـ ٢٢). كيف يمكن لأمور مثل الفقر والجوع والبكاء والبغض مِن قِبل الآخرين أن تقود إلى السعادة البالغة؟
- سبب فرح الشخص المسيحي في خضم ما يلقاه من رفض (لوقا ٦: ٢٢و ٢٣).
- ويلات ينبغي الحذر منها (لوقا ٦: ٢٤ـ ٢٦). راجع الويلات الأربع. لماذا ينبغي للمسيحي أن يحذر من هذه الويلات؟
- الأولوية المسيحية (لوقا ٦: ٣٧ـ ٤٢). إن الجدال الذي دار حول القانون الذهبي للمحبة لم يدُر حول أي وصية أخرى من وصايا المسيح، كما أن هذا القانون يعتبر من أصعب الوصايا التي يمكن حفظها. إن المبدأ المسيحي للأخلاقيات هو مبدأ إيجابي بشكل أساسي وليس سلبي. فهو لا يشتمل على ما لا يجب القيام به وإنما على ما يجب القيام به. فبدلاً من قول «لا تكره» عدوك، نجده ينادي بوجوب أن «تحب عدوك». وبدلاً من قانون المعاملة بالمثل («السن بالسن») يطالب القانون الذهبي بالتحلّي بأخلاقيات الصلاح المُطْلَقِ («مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً «). وقد طوَّر المهاتما غاندي من القانون الذهبي فلسفة سياسية كاملة تتعلق بمقاومة الشر بالخير، كما استخدم هذا المبدأ للحصول على استقلال الهند عن الاستعمار البريطاني. وبالمثل، استخدم «مارتن لوثر كينج جونيور» المبدأ الأخلاقي للقانون الذهبي لكسر شر التمييز العنصري في الولايات المتحدة. وهكذا نجد أنه كلما سادت المحبة كلما ازدادت التطويبات.
- السيرة المسيحية (لوقا ٦: ٣٧ـ ٤٢). لاحظ تأكيد المسيح الشديد على وجوب المغفرة والعطاء بلا مقابل، والعيش كنموذج يحتذى، والتسامح.
- المسيحية المثمرة (لوقا ٦: ٤٣ـ ٤٥).
- البنّاء (المعماري) المسيحي (لوقا ٦: ٤٨و ٤٩).
الثلاثاء
٦٢أيار (مايو)
عائلة جديدة
قبل زمن المسيح وكذلك في أيامه، كان هناك معلمون عظماء ينادون بالوحدة والمحبة، لكن المحبة التي كانوا يشجعون عليها كان يُفترض ممارستها في إطار معين ووفق معايير محددة. فكان ينبغي للمرء أن يحب فقط أفراد أسرته الذين يتشاركون معه في الطبقة الاجتماعية أو لون البشرة أو اللغة أو السبط أو الديانة. لكن المسيح كسّر الحواجز التي تفرّق بين الناس، وكان في مجيئه إيذاناً ببدء أسرة جديدة لا تمييز فيها بين الناس يؤدي إلى تفريقهم والفصل بينهم. فإن المسيح، وبموجب المحبة الإلهية [agape love]ـ المحبة غير الأنانية والغيرية والمطْلَقَة وغير المشروطة- قد خلق عائلة جديدة. وتعكس هذه العائلة المفهوم الأصلي والعالمي والمثالي الوارد في قصة الخلق المذكورة في سفر التكوين، والتي تشهد بأن كل فرد من أفراد الجنس البشري قد خُلق على صورة الله (تكوين ١: ٢٦و ٢٧) وبالتالي فإن البشر متساوون جميعاً في نظر الله.
اقرأ لوقا ٨: ١٩ـ ٢١. إن المسيح، ودون أن يُقلل بأي شكل من الأشكال من أهمية الروابط والعلاقات التي تربط الآباء والأمهات بأبنائهم وبناتهم وتربط الأخوة والأخوات داخل العائلة الواحدة، قد وضع الرجال والنساء على مذبح الله بوصفهم جميعاً أفراداً للذي «مِنْهُ تُسَمَّى كُلُّ عَشِيرَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَعَلَى الأَرْضِ» (أفسس ٣: ١٥). ويجب للروابط التي تجمع أفراد عائلة التلمذة المسيحية أن تكون وثيقة الصلة وأن لا تقل في ترابطها وتماسكها عن ترابط وتماسك أبناء وبنات العائلة العادية بآبائهم وأمهاتهم. فتعريف العائلة بالنسبة للمسيح لا يتمثل في صلة الدم التي تجمع بين أفراد العائلة الواحدة فحسب، وإنما أفراد العائلة الواحدة في نظر المسيح هم أولئك الذين يفعلون مشيئة الله.
ما الذي تعلِّمه الفقرات الكتابية التالية عن السياجات التي مزَّقها المسيح فيما يتعلق بالفروق التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى انقسام الناس والفصل بينهم؟ لوقا ٥: ٢٧ـ ٣٢؛ لوقا ٧: ١ـ ١٠؛ لوقا ١٤: ١٥ـ ٢٤؛ لوقا ١٧: ١١ـ ١٩؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن مرسلية وخدمة المسيح، أي قلبه الغفور ونعمته الخَلَاصية، لم تستبعدا أحداً وإنما احتوتا كل مَن يقبلون دعوته. كما أن محبة المسيح الأبدية قد جعلته في تواصل دائم مع كافة أطياف المجتمع.
ما هي بعض الطرق التي يمكننا من خلالها، ككنيسة، إتباع وترسيخ مبدأ مساواة كل البشر؟
الاربعاء
٧٢أيار (مايو)
تعريف المحبة: مثل السامري الصالح: الجزء الأول
إن إنجيل لوقا، من بين الأناجيل الأربعة، هو الإنجيل الوحيد الذي يدوّن مَثَل الابن الضال ومَثَل السامري الصالح (لوقا ١٠: ٢٥ـ ٣٧). يوضح المثل الأول البُعد العمودي للمحبة، أي المحبة غير العادية التي للآب السماوي تجاه الخطاة؛ ويُظهر لنا المثل الثاني البعد الأفقي للمحبة- أي نوع المحبة الذي يجب أن يميز حياة أولئك الذين يرفضون الإقرار بأية حواجز تفصل بين البشر، ويعيشون وفقاً للتعريف الذي أعطاه المسيح «للقريب» وينظرون إلى كل البشر على أنهم أبناء الله ومستحقون للمحبة والمعاملة على قدم المساواة.
اقرأ لوقا ١٠: ٢٥ـ ٢٨ وأمعن التفكير في السؤالين الرئيسيين اللذين تم طرحهما. كيف يرتبط كل سؤال منهما بالقضايا الأساسية التي هي محور الإيمان المسيحي والحياة المسيحية؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- « ’ يَا مُعَلِّمُ، مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ ‘ « (عد ٢٥).
لاحظ أن النَامُوسِيّ كان يسعى إلى إيجاد وسيلة ليرث الحياة الأبدية. إن الرغبة في الخلاص من الخطية والدخول إلى ملكوت الله هي في الواقع من أنبل التطلعات التي يمكن للمرء أن يصبو إليها، لكن الناموسي، مثل كثيرين غيره، كان قد نشأ على الفكرة الخاطئة القائلة أن الحياة الأبدية هي شيء يمكن للإنسان أن يكسبه من خلال الأعمال الصالحة. ومن الواضح أن هذا الناموسي لم تكن لديه أدنى فكرة بأن « أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا» (رومية ٦: ٢٣).
- «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟» (عد ٢٦).
في زمن المسيح، كانت عادة اليهود البارزين، مثل هذا الناموسي، ارتداء عصابة حول المعصم. وكانت هذه عبارة عن محفظة جلدية صغيرة مكتوب فيها أجزاء كبيرة من التوراة، بما في ذلك الجزء الذي كان من شأنه الإجابة على السؤال الذي وجَّهَّه إليه المسيح. لقد قام المسيح بتوجيه الناموسي إلى ما كان مكتوباً في سفر التثنية (تثنية ٦: ٥) وسفر اللاويين (لاويين ١٩: ١٨)- وهو الشيء نفسه الذي ربما كان الناموسي يحمله في عصابته. لقد كانت الإجابة على سؤال المسيح موجودة حول معصم الناموسي ولكن ليس في قلبه. قام المسيح بتوجيه الناموسي إلى الحقيقة العظيمة التي مفادها أن الحياة الأبدية ليست مسألة حفظ للقوانين ولكنها بالأحرى دعوة إلى محبة الله محبة مطلقة وبلا تحفظ، وكذلك محبة كل خَلق الله، أي محبة «القريب» على وجه الدقة. مع ذلك، فإن الناموسي، إما عن جهل أو بدافع الغطرسة، قد واصل الحوار بطرح استفسار آخر: «وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟
ما هي الأدلة الخارجية التي تكشف أنك حقاً مخلصٌ بالنعمة؟ بمعنى، ما هو الشيء الذي في حياتك ويُظهر أنك مبررٌ بالإيمان؟
الخميس
٨٢أيار (مايو)
تعريف المحبة: مثل السامري الصالح: الجزء الثاني
«وَأَمَّا هُوَ فَإِذْ أَرَادَ أَنْ يُبَرِّرَ نَفْسَهُ، قَاَلَ لِيَسُوعَ: ’وَمَنْ هُوَ قَرِيبِي؟‘ « (لوقا ١٠: ٢٩).
إن الناموسي، بوصفه خبيراً في الناموس اليهودي، لا بد وأنه كان يعرف الإجابة على هذا السؤال. إن الآية في لاويين ١٩: ١٨، حيث تَرِد الوصية العظمى الثانية ، تعرِّف «الأقرباء» على أنهم «أَبْنَاءِ شَعْبِكَ.» وهكذا، فإنه بدلاً من أن يعطي المسيح جواباً مباشراً رداً على سؤال الناموسي، أو الدخول في جدال لاهوتي معه ومع أولئك الذين كانوا يراقبون المشهد، قام المسيح بتحويل الناموسي والحاضرين إلى مستوى أرفع.
اقرأ لوقا ١٠: ٣٠ـ ٣٧. ما هي النقاط الرئيسية في هذه القصة، وما الذي تعلنه عن كيف ينبغي لنا أن نعامل الآخرين؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لاحظ أن المسيح قال «إِنْسَانٌ» (عد ٣٠) وَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ. لماذا لم يحدد المسيح عرق الرجل أو مركزه الاجتماعي؟ إنه بالنظر إلى الغرض من القصة نجد أنه ليس من المهم معرفة هذين الأمرين.
رأى كلاً من الكاهن واللاوي الرجل الجريح لكنهما جَازَا مُقَابِلَهُ. ومهما كان ما لديهما من أسباب جعلتهما لا يساعدان الرجل الجريح، إلا أن سؤالنا هو: ما هو التدين الصحيح، وكيف ينبغي التعبير عنه؟ تثنية ١٠: ١٢و ١٣؛ ميخا ٦: ٨؛ يعقوب ١: ٢٧.
كانت الكراهية والعداوة هما السمتان اللتان تميزان العلاقة بين اليهود والسامريين، وبحلول الوقت الذي جاء فيه المسيح إلى الأرض متجسداً كانت العداوة بين الطرفين قد ازدادت سوءاً (لوقا ٩: ٥١ـ ٥٤؛ يوحنا ٤: ٩). لذلك، فإنه عندما جعل المسيح شخصاً سامرياً يكون هو «بطل» القصة، فهو إنما أراد جذب انتباه جمهوره من اليهود وتوضيح نقطة هامة إليهم. وبهذه الطريقة، استطاع المسيح إيضاح وجهة نظره بصورة ربما ما كان يمكن توضيحها بطريقة أفضل.
وقد وصف المسيح الخدمة التي قام بها السامري بتفصيل بالغ: فقد تحنن السامري على الرجل الجريح وذهب إليه وضمد جروحه وصبَّ عليها زيتاً وخمراً وحمله إلى فندق وأعطى دفعة مقدمة لصاحب الفندق مقابل فترة إقامة الرجل الجريح هناك، ووعد بأن يتكفل عند رجوعه بكل المصروفات التي انفقت على الرجل الجريح أثناء فترة إقامته بالفندق. إن الأجزاء المجتمعة للخدمة التي قام بها السامري تعرِّف المحبة الحقيقية التي لا تعرف حدوداً للبذل والعطاء. وحقيقة أن السامري قد فعل كل هذا إلى رجل، يحتمل أنه يهودي، يكشف أن المحبة الحقيقية لا تعرف حدوداً.
سأل الكاهن واللاوي نفسيهما السؤال: ما الذي سيحدث لنا لو أننا توقفنا وساعدنا هذا الرجل؟ وسأل السامري نفسه: ما الذي سيحدث لهذا الرجل ما لم أساعده؟ ما هو الفرق بين السؤالين؟
الجمعة
٩٢أيار (مايو)
لمزيد من الدرس
«قدم المسيح بحياته وتعاليمه أكمل مثال للخدمة المنكرة لِذَاتِها التي مصدرها الله . فالله لا يعيش لِذَاتِه . لقد خلق العالم وفيه يقوم الكل فهو على الدوام يخدم الآخرين ، ’ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ ‘ (متى ٥: ٤٥) . لقد سلم الله لابنه مقياس ونموذج الخدمة هذا . ثم أسلم يسوع لكي يكون رأسا ورئيسا للبشرية حتى بمثاله يعلم الناس ما هو معنى الخدمة . كانت كل حياته خاضعة لناموس الخدمة . إذ خدم الجميع وأعان الجميع . وهكذا عاش بموجب شريعة الله وأرانا بمثاله كيف نطيعها» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٦١٧).
إن مَثَلَ السامري الصالح «لم يكن ... منظرا خياليا بل حادثا وقع بالفعل وكان معروفا بأنه قد حدث كما صوره المسيح تماما . وقد كان الكاهن واللاوي اللذان جازا مقابل الرجل الجريح حاضرين مع الجمع الذي كان يصغي إلى كلام المسيح» (المرجع نفسه، صفحة ٤٧٢).
أسئلة للنقاش
١. راجع السؤال الهام الذي طُرح في نهاية درس يوم الأحد. مَن منا لم يسمع أشخاصاً يقولون أنهم فعلوا ما فعلوه لأن الله أخبرهم أن يفعلوا ذلك؟ ما هي بعض الطرق التي يتحدث الله بها إلينا؟ في الوقت نفسه، ما هي المخاطر الناجمة عن التذرع بأننا حصلنا على سلطان من الله للقيام بشيء ما، وذلك بهدف تبرير أفعالنا؟
٢. راجع «الويلات الأربع» في لوقا ٦: ٢٤ـ ٢٦. كيف لنا أن نفهم ما يقوله المسيح هنا؟ ما هي حقاً الأمور التي يطلب المسيح أن نحذر منها في هذه الحياة؟
٣. فكّر في مجمل السؤال المتعلق بمسألة السلطان[أي السلطة]؟ ما هي السُلطة؟ ما هي أنواع السُلطات المختلفة؟ ما هي أنواع السُلطات التي تتفوق على غيرها؟ كيف ينبغي أن نتعامل مع أنواع السلطان المختلفة في حياتنا؟ ما الذي يحدث عندما تنهار السُلطات التي فوقنا؟
قصة الأسبوع
البحث عن السلام: الجزء ١
تان، الصين
كان تان يعتقد أن الدين هو مجرد خرافة، ولكن بطريقة أو بأخرى كان لا يزال يشعر بحنين روحي. وفي أحد الأيام، سافر إلى مدينة بعيدة بحثاً عن السلام، وهناك التقى بقس مسيحي عرفه بالكتاب المقدس. ولعدة أيام، كان الاثنان يدرسان الكتاب المقدس معاً، وشعر تان بانجذاب نحو الله والكتاب المقدس. ولكنه قرر القيام بالمزيد من البحث قبل تكريس نفسه. وبعد شهرين، رجع تان إلى القس وأراد أن يعرف المزيد. وقد واستأنفا دراسة الكتاب المقدس. وفي هذه المرة قرر تان أن يصبح مسيحياً.
وبعدها بفترة، قرر تان العودة إلى قريته لمشاركة أخبار الإنجيل السارة مع عائلته وأصدقائه.
وعندما وصل إلى القرية، بدأ يشارك إيمانه، ولكن الناس لم يكونوا متحمسين لسماع ما يقوله. رفض البعض رسالته؛ آخرون سخروا منه. صلى تان وصام. تساءل تان قائلاً، «يارب، أليس هناك من يصغي إلى ما أقوله؟» لم يجد تان من يصغي إليه سوى مشاكس اسمه تاو ييه.
كان تاو ينتمي إلى عصابة تُرهب المدينة. وقد تم سجن ٤أفراد من العصابة، وقُتل آخر أثناء قيامهم ببعض أعمال العنف. وعلى الرغم من أن تاو كان معروفاً بأنه مقامر ومخاصم وشريب كحول، إلا أن تان تحدث إليه عن حالته الروحية وعرض أن يصلي معه. لكن تاو ضحك وقال أنه إذا كان سيحتاج لله يوماً ما فإنه حتماً سوف يتصل بتان ويخبره بالأمر.
فكر تان في أن أحداً لن يصغي إليه. قرر مغادرة البلدة والبحث عن بعض المؤمنين الذين يمكنه دراسة الكتاب المقدس معهم. وإذ كان في طريقه للمغادرة، رآه تاو وسار معه لمسافة في الطريق. وإذ كانا يسيران معاً شعر تان بأن شيئاً ما يحثه على الصلاة من أجل تاو. حاول تاو أن يجعل تان يحيد عن فكرة الصلاة من أجله، لكنه وافق في نهاية المطاف. وبالفعل توقفا بجانب الطريق وصلى تان من أجله.
وقبل أن يفترقا، قام تان بإعطاء تاو نسخة من الكتاب المقدس صغيرة الحجم آملاً أن يتمكن تاو من قراءته، ومن ثم ودعا بعضهما وافترقا. تساءل تان عما إذا كان سيرى تاو مجدداً، أو ما إذا كان سيسمع أن تاو قد قتل في مشاجرة ما.
توجه تان إلى مدينة كبيرة كان قد سمع أن بها مجموعة من المسيحيين النشيطين. وعندما وصل إلى المدينة، تم تحذيره وطلب منه العودة إلى بلدته وإلا تعرض لخطر إلقاء القبض عليه. وعلى الرغم من أنه اشترى تذكرة قطار للعودة إلى بلدته، إلا أن تان قرر البقاء ومحاولة إيجاد المسيحيين الذين كان قد سمع عنهم. أحضر خريطة وبدأ في تفحصها. وقد وجد كنيسة سبتية أدفنتستية والتقى بالقس شوه والعديد من الشبيبة الذين كانوا يدرسون ليصبحوا قادة كنائس. غمرت السعادة تان عندما دعاه القس شوه للبقاء ودراسة الكتاب المقدس. (تتمة القصة في الأسبوع القادم).
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www
الدرس العاشر
٠٣أيار (مايو)- ٥حزيران (يونيو)
إِتِّبَاعُ المسيحِ في الحياة اليومية
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: لوقا ١١: ٣٧ـ ٥٤؛ ١٢: ٤ـ ٢١و ٣٥ـ ٥٣؛ عاموس ٦: ١؛ لوقا ٨: ٤ـ ١٥؛ ٢٢: ٢٤ـ ٢٧.
آية الحفظ: « فَقَالَ الرُّسُلُ لِلرَّبِّ: ’زِدْ إِيمَانَنَا!‘ « (لوقا ١٧: ٥).
على الرغم من أن المسيح كان هو المعلم الأعظم، إلا أنه لم يؤسس مدرسة للاهوت أو للفلسفة. فقد كان هدفه هو أن « يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (لوقا ١٩: ١٠). لقد جاء ليعلن طبيعة الله، وقد بلغ هذا الإعلان ذروته على الصليب، حيث أن المسيح لم يعلن فقط طبيعة الله للبشرية والعوالم غير الساقطة لكنه دفع عقوبة الخطية حتى يمكن افتداء البشر، رغم طبيعتهم الساقطة.
وعندما قام المسيح بذلك، فهو قد خلق مجتمعاً مفدياً أيضاً. إنه مجتمع من أولئك الذين، وبعد أن تم خلاصهم بموته، اختاروا التمثُّل بحياته وتعاليمه.
إن الدعوة إلى أن نكون جزءاً من مجتمع المفديين هذا، هي ليست دعوة لأن يكون لنا وضع أفضل في الحياة، وإنما هي دعوة للولاء المطلق لمَن يدعونا، ليسوع المسيح نفسه. وهكذا يصبح ما يقوله المسيح هو ناموس حياة بالنسبة لكل مَن هو تلميذ للمسيح. ويصبح ما يريده المسيح هو الهدف الوحيد في الحياة بالنسبة لتلميذ المسيح. إنه لا يمكن لأي قدر من الإحسان الظاهري أو الكمال العقائدي أن يحل محل الولاء التام للمسيح ولمشيئته.
إن التلمذة، التي ندين بها حصرياً للمسيح الساكن فينا، تستوجب بعض المتطلبات الحتمية. ففيما يتعلق بالتلمذة، ليس هناك منافسة، كما أنه غير مسموح بأن يكون هناك استبدال، بحيث يحل إنسان محل آخر في التلمذة.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٦حزيران (يونيو).
الأحد
١٣أيار (مايو)
لا تكونوا مثل الفريسيين
مِن بين أكثر من ٨٠ إشارة إلى الفريسيين في الأناجيل، يوجد ما يقرب من ٢٥ بالمائة منها في إنجيل لوقا. لقد كان الفريسيون معروفون بتحفظهم العقائدي، على نقيض الصدوقيين الذين كانوا معروفين بأفكارهم المتحررة. وفي كثير من الأحيان، كان الفريسيون متزمتين ومتمسكين بالناموس تمسكاً أعمى؛ وفي حين كان يزعمون أنهم يؤمنون بالنعمة، إلا أنهم كانوا يعلِّمون أن الخلاص هو بواسطة حفظ الناموس.
اقرأ لوقا ١١: ٣٧ـ ٥٤. ما الذي يحذّر المسيح منه هنا، وكيف يتجلى هذا المبدأ نفسه اليوم؟ كيف يمكننا التأكد من أننا، في طرقنا الخاصة، لا نعكس بعضاً من الأمور التي يحذّر المسيح منها؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن مراجعةً للويلات التي نطق المسيح بها ضد الفريسيين والكتبة (لوقا ١١: ٤٢ـ ٥٤) تظهر إلى أي مدى تنطبق الدعوة إلى التدين الحقيقي على كل جيل من الأجيال، بما في ذلك جيلنا نحن. على سبيل المثال، في حين أن تقديم العشور هو اعتراف مُسِرٌ بأن الله هو الذي يتدبر أمرنا ويزودنا بقوت يومنا واحتياجاتنا، إلا أنه لا يمكن أبداً أن يكون تقديم العشور بديلاً عن وجود المطالب الأساسية من المحبة والعدل في العلاقات الإنسانية (عد ٤٢).
إن نفس الأشخاص الذين يتغاضون « عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ « يحبون بدلاً من ذلك « الْمَجْلِسَ الأَوَّلَ فِي الْمَجَامِعِ « (لوقا ١١: ٤٢و ٤٣). وهكذا نجد أن للأمر علاقة بالإيمان الحقيقي!
حذَّر المسيح أيضاً مِن أن أولئك الذين يساوون بين التدين الحقيقي وبين الطقوس الخارجية وحدها هم في الحقيقة نجسون، وإلى حد ما هم «مِثْلُ الْقُبُورِ الْمُخْتَفِيَةِ» (لوقا ١١: ٤٤؛ انظر أيضاً ناحوم ١٩: ١٦). كم هو سهل الخلط بين ما هو عديم الأهمية مع ما هو مقدس في نظر الله.
ونطق المسيح بالويلات أيضاً على «المتخصصين» في الناموس الذين استخدموا تعليمهم وخبراتهم في وضع أعباء دينية لا تُحتمل على الآخرين، في حين أنهم هم أنفسهم لا يلمسون» ’ الأَحْمَالَ ولو بِإِحْدَى أصابعهم ‘ « (لوقا ١١: ٤٦).
وفي الوقت نفسه، كان الفريسيون يكرمون الأنبياء الذين لم يعودوا على قيد الحياة ولكنهم كانوا يعملون ضد الأنبياء الأحياء. فإنه حتى وبينما كان المسيح يتكلم، كان هناك البعض منهم يخططون لقتال ابن الله. إن المهم هو ليس إكرام الأنبياء وإنما تقدير رسالتهم النبوية التي تنادي بالمحبة والرحمة والدينونة.
أما الويلة الأخيرة فهي ويلة رهيبة حقاً. وكان بعض مِمَّن عُهِد إليهم بـ «مفتاح» ملكوت الله قد أخفقوا فيما كانوا مؤتمنين عليه.
الاثنين
١حزيران (يونيو)
خافوا الله
إن رسالة « ’ خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ ‘ « (رؤيا ١٤: ٧) هي أول رسالة من رسائل الملائكة الثلاثة، وهي رسالة أساسية بالنسبة لحياة وإيمان الأدفنتست السبتيين. إن مخافة الله لا تعني أن نكون خائفين، كما يُعتقد في كثير من الأحيان. بل إن مخافة الله هي إدراك مَن هو الله وكذلك معرفة ما هي متطلباته مِنَّا. إن مخافة الله هي عمل إيمان ينطوي على ولاء تام لله مِن جانبنا. وعندها يصبح الله هو الحكم الفصل في حياتنا فيما يتعلق بأفكارنا وتصرفاتنا وعلاقتنا ومصيرنا. إن التلمذة التي أساسها مثل هذا النوع من «المخافة» تقف على أرضية راسخة لا تزعزع.
اقرأ لوقا ١٢: ٤ـ ١٢. ما الذي يقوله المسيح لنا هنا فيما يتعلق بالخوف؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تُظهر هذه الفقرة لنا مَن الذي ينبغي أن نخاف منه ومَن الذي ينبغي عدم الخوف منه. نحن لسنا بحاجة إلى أن نخاف من القوى التي يمكنها أن تؤثر في جسدنا في العالم الحالي فقط. بدلاً من ذلك، نحن يجب أن نخاف ونطيع الله لأن في يده مصيرنا الأبدي. لكن إلهنا، الذي يعتني بالعَصَافِيرَ (لوقا ١٢: ٦) والذي أحصى شعر رؤوسنا (عد ٧)، هو إله محبة ورعاية؛ وبالتالي، فإن كل واحد منا هو ذات قيمة لا تقدَّر بثمن في نظر الله. كم من المخاوف الدنيوية ستتلاشى، لو أننا وثقنا في ذلك حقاً؟
اقرأ لوقا ١٢: ١٣ـ ٢١. ما الذي يحذرنا المسيح منه هنا؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي حين أن المسيح يرفض التدخل بين شقيقين يتشاجران بشأن تقسيم الممتلكات، إلا أنه يؤكد على أهمية الوصية العاشرة (خروج ٢٠: ١٧) التي تحذر ضد شر الطمع والشهوة وتشير إلى الحقيقة الهامة دائماً وهي أن الحياة لا تتكون من مجرد أشياء وممتلكات (لوقا ١٢: ١٥). فقد عاش الغني الغبي في عالم صغير مقتصر عليه هو نفسه. ولم يكن هناك شيء آخر مهم بالنسبة له. كم نحن بحاجة إلى توخي الحذر وعدم الوقوع في هذا الفخ نفسه؛ ويعد هذا الأمر بالغ الأهمية خصوصاً بالنسبة لأولئك الذين أنعم الله عليهم بوفرة من الخيرات والبركات المادية.
على الرغم من أننا جميعاً نتمتع بامتلاك أشياء مادية، فكر في مدى ضآلة ما تقدمه هذه الأشياء من رضا وقناعة، خصوصاً في ضوء الأبدية. لماذا، إذاً، لا يزال من السهل الوقوع في الخطأ الذي يحذر المسيح بشأنه في لوقا ١٢: ١٦ـ ٢١؟
الثلاثاء
٢حزيران (يونيو)
كونوا مستعدين وساهرين
«إن اليقظة والإخلاص هما امران مطلوبان من أتباع المسيح في كل عصر. ولكن علينا مضاعفة جهودنا، إذ نقف على اعتاب العالم الأبدي، متمسكين بما أوتينا من حق وما حصلنا عليه من نور عظيم وعمل بالغ الأهمية» (روح النبوة، شهادات للكنيسة، مجلد ٥، صفحة ٤٦٠و ٤٦١).
اقرأ لوقا ١٢: ٣٥ـ ٥٣ ولخِّص ما الذي تعنيه هذه الآيات بالنسبة لك على وجه التحديد، وخاصة إذا كنت تنتظر المجيء الثاني للمسيح لوقت طويل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لا يمكن للمسيحيين أن يكونوا متراخين ومتكاسلين وفي سُبات عميق. فمجيء المسيح المؤكد وعدم معرفتنا لساعة مجيئه يجب أن يحفزانا على أن تكون أَحْقَاؤُنا مُمَنْطَقَةً وَسُرُجُنا مُوقَدَةً. ويجب أن يكون رجاؤنا في مجيء المسيح هو القوة الدافعة لحياتنا وعملنا، والقوة الدافعة كذلك لاستعدادنا وإخلاصنا. إنّه الإخلاص الذي يقودنا إلى عمل مشيئة الله على الأرض والاستعداد لملاقاة المسيح متحلّين بسلام يميز بين العبيد الصالحين والأشرار.
إن إي إهمال نظهره في إخلاصنا واستعدادنا بحجة أن « ’ سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ ‘ « (لوقا ١٢: ٤٥) يجعل الإنسان يضع نفسه تحت أقسى شكل من أشكال دينونة الله (عد ٤٥ـ ٤٨). فإنه كلما زاد الامتياز كلما زادت المسؤولية؛ وبالتالي، فإن «كُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ» (عد ٤٨).
يبدو أن الدينونة التي نطق بها النبي قديماً والقائلة «وَيْلٌ لِلْمُسْتَرِيحِينَ فِي صِهْيَوْنَ» (عاموس ٦: ١) قد انعكست في التحذير الذي أعطاه المسيح بأن التلمذة المسيحية ليست حالة من اليسر والراحة. ويشير بولس إلى الحياة المسيحية باعتبارها حرباً روحية (أفسس ٦: ١٢). والنقطة المحورية هي أن كل مسيحي هو مشارك في الصراع الكوني بين المسيح والشيطان، وأن الصليب يرسم خطاً واضحاً بين كل منهما. وفقط من خلال الإيمان المتواصل بالمسيح المصلوب يمكن للمرء أن يحرز النصرة النهائية.
« ’ وَلكِنَّ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلاً. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ ‘ « (لوقا ١٢: ٤٨). ما الذي ينبغي لهذه الآية أن تعنيه بالنسبة لنا كأدفنتست سبتيين؟
الأربعاء
٣حزيران (يونيو)
كن شاهداً مثمراً
قام كلاً من الآب والأبن والروح القدس، في مجلسهم الأبدي «قبل تَأْسِيسِ الْعَالَمِ»، بوضع خطة الخلاص. معنى هذا أن الله كانت لديه خطة موضوعة لتخليص العالم حتى قبل أن يتم خلق الكائنات البشرية؛ وبطبيعة الحال، قبل أن يسقط آدم وحواء في الخطية. وكان الصليب هو محور خطة الخلاص، ويجب مشاركة أخبار الصليب السارة مع كل شخص في العالم. وقد وُضعت مسؤولية مشاركة هذه الأخبار السارة على عاتق كل مسيحي، بوصف المسيحيين شهوداً للمسيح.
« ’ وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ ‘ « (أعمال الرسل ١: ٨). إن المهمة الأخيرة التي كلف المسيح بها تلاميذه قبل صعوده تؤكد على مدى أهمية الدور الذي كان سيقوم به تلاميذه وأتباعه بوصفهم شهوداً له.
ما هي الدروس التي ينبغي لمَن ينخرطون في عمل الشهادة المسيحية أن يتعلموها من مَثَل الزارع والتربة؟ لوقا ٨: ٤ـ ١٥.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما هي مكافأة أولئك الذين يشهدون للآخرين؟ ومتى يحصلون عليها؟ لوقا ١٨: ٢٤ـ ٣٠.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما الذي يعلّمه مَثَل «الأَمْنَاء» (لوقا ١٩: ١١ـ ٢٧) عن الإخلاص والمسؤولية في الشهادة للآخرين؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتم في كل نص من هذه النصوص، وغيرها، إظهار مخاطر ومسؤوليات ومكافئات الشهادة للآخرين، والإيمان. لقد تم تكلفينا بمسؤولية جليلة؛ لكن، ما مدى ضآلة ما طُلب منا مقارنة بما أُعطينا إياه؟
الخميس
٤حزيران (يونيو)
كن قائداً خادماً
اقرأ لوقا ٢٢: ٢٤ـ ٢٧. إنه حتى عندما كان التلاميذ يحضّرون للعشاء الأخير كانوا يتجادلون فيما بينهم حول مَن منهم سيكون الأعظم في الملكوت. كيف ردّ المسيح على حماقتهم، وما الذي كان خارجاً عن المألوف في ردِّه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إن ردَّ المسيح، وفيما يتعلق بتاريخ القيادة البشرية، كان فريداً من نوعه. فقد نظر كلاً من الفرعون ونبوخذنصر والاسكندر الأكبر ويوليوس قيصر ونابليون وجنكيز خان إلى القيادة من منظور القوة والتسلط على الآخرين. وهذه، إلى حد كبير، هي دائماً نظرة العالم إلى القيادة.
« ’ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَيْسَ هكَذَا، بَلِ الْكَبِيرُ فِيكُمْ لِيَكُنْ كَالأَصْغَرِ، وَالْمُتَقَدِّمُ كَالْخَادِمِ ‘ « (لوقا ٢٢: ٢٦). إن رب الكون، وبقوله هذا، قد أعطى تعريفاً للقيادة معاكسا لتعريف العالم لها: « ’ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ عَظِيمًا فَلْيَكُنْ لَكُمْ خَادِمًا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ فِيكُمْ أَوَّلاً فَلْيَكُنْ لَكُمْ عَبْدًا، كَمَا أَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ، وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ ‘ « (متى ٢٠: ٢٦ـ ٢٨).
وهكذا فإن المسيح، ومن خلال تأكيده على أن روح الخدمة وإنكار الذات هما المبدآن الأساسيان لمسيره وقيادته، قد قدم مفهوماً جديداً للعلاقات البشرية مفاده أن العظمة الحقيقية ليست في أن يكون المرء متمتعاً بالقوة والنفوذ وإنما في أن يكون متسماً بالتواضع وروح خدمة الآخرين؛ كما أن القادة الحقيقيين لا يستمدون سلطانهم من مناصبهم ومراكزهم وإنما يستمدونها مما يقدمونه من خدمة للآخرين؛ وهكذا ينبغي للإنسان أن يحمل صليبه قبل أن يحصل على إكليله. فمعنى أن تحيا هو أن تموت (يوحنا ١٢: ٢٤).
ونجد في لوقا ٩: ٤٦ـ ٤٨ أن روح الرغبة في السلطة والنفوذ قد ظهرت بين تلاميذ المسيح إذ تجادلوا فيما بينهم حول مَن منهم سيكون الأعظم في الملكوت. لقد كانت مبادئ العالم لا تزال راسخة الجذور في أذهان التلاميذ.
وقد تعامل المسيح، المعلم الأعظم، مع جوهر هذه المشكلة، وقدَّم تحدياً من أصعب التحديات في الحياة بصفة عامة، وفي الحياة المسيحية على وجه الخصوص. فإن كلمات المسيح، وخصوصاً تلك التي تتحدث عن المكانة التي سيحظى بها «الأَصْغَرَ فِيكُمْ» في السماء (عد ٤٨) تُظْهِرُ كيف أن أولويات العالم تختلف اختلافاً تاماً عن أولويات السماء.
في ضوء مبادئ العالم المعاكسة تماماً لما علّمه المسيح هنا، كيف ينبغي لنا أن نعيش حياتنا إذا نحن طبقنا مبادئ المسيح؟
الجمعة
٥حزيران (يونيو)
لمزيد من الدرس
«ولكن لمن القلب؟ وفي من نفكّر وعمّن نتحدث؟ وبمن نتعلّق حباً واشتياقا، ولأجل من نبذل أقصى الجهود؟ لأننا إن كنا للمسيح فبه نلهج واسمَه نذكرُ وله نقفُ جميعَ مالنا، وإننا لنشتاقُ إذ ذاك إلى أن نكون مثله، ونقتفي آثارَه، ونمتليء من روحه، ونطلب رضاه في كل شيء» (روح النبوة، طريق الحياة، صفحة ٥٠).
« في حياتنا هنا مع أنّها أرضيّة ومغلولة بالخطيّة فإنَّ أعظم فرح وأسمى تربية هما في الخدمة. وفي الحالة المستقبلة الغير المقيّدة بحدود البشريّة الخاطئة في الخدمة يوجد أعظم فرح وأسمى تربية لنا – الشّهادة، وطالما نحن نشهد نتعلّم من جديد ’غنى مجد هذا السّر في الأمم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد‘ كولوسي ١: ٢٧.» (روح النبوة، التربية الحقيقية، صفحة ٣٦٠و ٣٦١).
أسئلة للنقاش
١. لقد لقب المسيحُ المزارعَ الغني الناجح بالغبي (لوقا ١٢: ٢٠). قد لا يكون الإنسان غنياً أو ناجحا، لكن ما الذي يجعل الإنسان غبياً في نظر الله؟
٢. في بعض من كنائسنا نرى مجموعتين من الناس: المجموعة الأولى هي حملة المؤهلات العليا و مديرو الأعمال التنفيذيين وقادة الكنيسة والمجتمع وذوي النفوذ وجميع الذين يحظون بالاحترام والتقدير والمراعاة، والمجموعة الثانية تتكون من الأشخاص الصامتين ومَن لا يهتم بهم أحد والذين يأتون ويغادرون دون أن يلتفت أحد إليهم. ما الذي يمكنكم القيام به لجعل أفراد المجموعة الثانية يشعرون بأنهم لا يقلون أهمية عن أفراد المجموعة الأولى؟
٣. على الرغم مِن أنه يسهل اليوم السخرية من الفريسيين بسبب الطريقة التي حرفوا بها الإيمان، كيف يمكننا التأكد من أننا، نحن المتحمسون للإيمان، لسنا في خطر ارتكاب نفس الأخطاء؟ كيف يمكننا الوقوف للحق بثبات دون أن نكون فريسيين من حيث الفكر والتصرف؟ أو، والأهم من ذلك، كيف يمكننا أن نحدد ما هو الصواب وما هو جدير بأن ندافع عنه، بدلاً من التمسك بالتفاهات كالفريسيين الذين كانوا « يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ «؟
٤. كيف نحافظ على تحلينا بموقف من اليقظة والاستعداد لعودة يسوع، مع أنه يبدو أن أمر عدم اليقظة يصبح أسهل وأسهل مع مرور كل عام؟
قصة الأسبوع
البحث عن السلام: الجزء ٢
تان، الصين
لم يخطط تان للبقاء طويلاً في المدينة الكبيرة؛ ولكن لأن لا أحد قام بإجباره على العودة إلى قريته، فقد بقي في المدينة ليدرس. وإذ قام تان والقس المتقدم في السن بدراسة الكتاب المقدس، عرف تان الحقائق المتعلقة بالله. وكان قد سمع عن موضوع السبت لكنه كان يعتقد أن الأحد هو يوم الراحة. وكان يتساءل عن السبب الذي يجعل الأدفنتست السبتيون يتعبدون في السبوت بينما يتعبد المسيحيون الآخرون في أيام الآحاد. كان القس شوه يدرس بكل مثابرة مع تان ويصلي معه. وكان تان يصلي ايضاً طالباً من الله أن يظهر له الحق. وشيئاً فشيئاً، فتح الله ذهن تان للحق، فقبله تان بكل سرور.
بقي تان ودرس مع القس لمدة سبعة أشهر. وخلال هذه المدة، اعتمد وكرس نفسه للعمل من أجل الله. وقد عهِد القس شوه إلى تان بمهمة رعاية مجتمع من المؤمنين بقرية قريبة.
وفي احد الايام، سمع تان قرعاً على الباب، وعندما فتحه وجد تاو واقفاً أمامه. قال تاو، «كان يجب أن أجدك. أريد أن أعرف إلهك.» تفاجأ تان وفرح في آن واحد، ودعا تاو إلى داخل البيت وعرف منه أنه بعد مغادرة تان للقرية بثلاثة أيام، تشاجر تاو واصدقاؤه مع رجل كان زعيماً لعصابة قوية. وقد تمكن تاو من الهرب لكن في اليوم التالي أخبره أحدهم أن زعيم تلك العصابة كان يبحث عنه ليقتله. لذلك طلبت منه أمه التي لم تكن راضية عن المسار الشرير الذي يسلكه ابنها، أن يغادر القرية.
وأثناء حزم امتعته استعداداً للسفر، وجد تاو الكتاب المقدس الذي كان تان قد أعطاه له. أمسك بالكتاب المقدس وفتحه وكان أول ما وقعت عليه عيناه هو الأصحاح السادس من إنجيل متى. بدأ تاو يقرأ ما يلي، « لاَ تَهْتَمُّوا ... لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ ... فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ « (متى ٦: ٢٥و ٣٣و ٣٤).
تذكر تاو السلام النفسي الذي كان ينعم به تان وتمنى لو كان يعرف الله كما يعرفه تان، لذلك قرر شراء أول تذكرة أحادية الاتجاه للبحث عن صديقه المسيح.
قام تان بتعريف تاو بالقس شوه. وقد ساعد القس شوه في إيجاد عمل لتاو. وفي المساء، كان الاثنان يدرسان الكتاب المقدس معاً. تشرّب تاو الحقائق الكتابية وقَبِل المسيح مخلصاً شخصياً له واعتمد. وقد نمت الرغبة في قلب تاو لأن يصبح خادماً للإنجيل.
قرر العودة إلى بلدته ومشاركة إيمانه مع الناس هناك. وكانت أمه هي أول المهتدين على يده، وقد لاحظت التغيير الجذري الذي حدث في حياة ابنها. كما كان هناك مجموعة صغيرة أخرى مهتمة بالاستماع إلى تاو. خشيت الأم من أن بقاءه في البلدة قد يتسبب في رجوعه إلى عاداته السيئة القديمة. لذلك شجعته على الرجوع إلى المدينة ومواصلة الدراسة، لكنه أوضح لها أن المسيح يغير حياة الإنسان إلى الأبد.
وقد عاد تاو إلى المدينة ليحصل على المزيد من التدريب على الكرازة والتبشير. وهو يعرف أن نعمة الله هي التي أبقته على قيد الحياة، وبنعمة الله أيضاً يريد تاو أن يعيش من أجل الرب. إن كلاً من تان وتاو يشعران بالامتنان كون الله قد تدخل وقاد حياتيهما وهما يواصلان مشاركة إيمانهما مع الآخرين ككارزين علمانيين في جنوب الصين.
*مقتبسة من قصة كتبها شارلوت أشكانيان.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
الدرس الحادي عشر
٦ـ ٢١حزيران (يونيو)
ملكوت الله
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: لوقا ١١: ٢؛ لوقا ١: ٣٢و ٣٣؛ ١٨: ١٦ـ ٣٠؛ لوقا ١٨: ١٦ـ ٣٠؛ لوقا ١٧: ٢٣و ٢٤؛ رؤيا ٢١: ١ـ ٣؛ لوقا ٢١: ٣٤ـ ٣٦.
آية الحفظ: « ’ وَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَمِنَ الْمَغَارِبِ وَمِنَ الشِّمَالِ وَالْجَنُوبِ، وَيَتَّكِئُونَ فِي مَلَكُوتِ اللهِ ‘ « (لوقا ١٣: ٢٩).
كان ملكوت الله من أحد المواضيع الرئيسية التي حظيت بأولوية كبيرة في تعاليم المسيح. وترد هذه العبارة ما يقرب من ٥٠ مرة في إنجيل متى و١٦ مرة في إنجيل مرقس وحوالي ٤٠ مرة في إنجيل لوقا وثلاث مرات في يوحنا. وأينما وردت هذه العبارة، سواء كان ذلك في الصلاة الربانية أو في الموعظة على الجبل أو في الأمثال الأخرى التي استخدمها المسيح في الوعظ والتبشير، فإنها تُعبِّر عن ما قد فعله الله في التاريخ من أجل الجنس البشري؛ وهي تُعبِّر كذلك عن ما يقوم به الله إذ يتعامل مع معضلة الخطية ويصل بالصراع العظيم مع الشيطان إلى نهاية حاسمة. إن ملكوت الله لا يشبه أي مملكة أرضية عرفها العالم على الإطلاق، وذلك لأنه ليس ملكوتاً دنيوياً.
«إن ملكوت الله لا يأتي بمظاهر خارجية. ولكنه يأتي عن طريق رقة ولطف وحي كلمته، وبواسطة عمل روحه الخفي، وشركة النفس مع ذاك الذي هو حياتها. إن أعظم مظاهر قوته تُرى في الطبيعة البشرية عندما تصل إلى كمال صفات المسيح» (روح النبوة، خدمة الشفاء، صفحة ٢٨).
سنركز في هذا الأسبوع على هذا الموضوع، خاصة كما يظهر في إنجيل لوقا.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ١٣حزيران (يونيو).
الأحد
٧حزيران (يونيو)
مميزات وخصائص ملكوت الله: الجزء الأول
الأناجيل بإشارات وتلميحات إلى ملكوت الله، وكلها تشهد بأن نظاماً جديداً قد تم تدشينه في المسيح ومن خلاله.
ما الذي تقوله الآية في لوقا ١١: ٢ عن ملكوت الله؟ لمَن هذا الملكوت، ولماذا تُعد معرفة ذلك الأمر غاية في الأهمية؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن قولنا أن الملكوت العتيد أن يأتي هو ملكوت الله، هو تأكيد على أن ملكوت الله ليس عبارة عن فكرة فلسفية أو مفهوماً أخلاقياً. كما أن في قولنا أن هذا الملكوت هو ملكوت الله تأكيد كذلك على أن هذا الملكوت هو ليس عبارة عن بُشرى اجتماعية تعلن عن توافر الخبز والماء للجياع والعطاش أو تحقيق المساواة والعدالة للمظلومين. لا، بل إنَّ ملكوت الله يفوق كل الصلاح البشري والعمل الأخلاقي. إن ملكوت الله يتجلى بوضوح شديد من خلال العمل العجيب الخارق الذي قام به الآب بواسطة الابن المتجسِّد الذي جاء ليَكْرِزَ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ (لوقا ٤: ٤٢ـ ٤٤؛ متى ٤: ٢٣ـ ٢٥).
ما الذي تعلِّمه الآيتان في لوقا ١: ٣٢و ٣٣ فيما يتعلق بِهُوية مَن قام بتدشين ملكوت الله، وفيما يتعلق بما ستكون عليه النتيجة النهائية لهذا التدشين؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن هذه الفقرة هامة جداً لسببين اثنين: أولاً، إن المسيا المنتظر في العهد القديم ما هو إلا المسيح «ابْن الْعَلِيِّ «؛ ثانياً، « لاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ «. معنى هذا أن المسيح، من خلال تجسده وموته وقيامته، قد تغلب على تحدي الشيطان لسيادة الله، ومعناه أيضاً أنَّ المسيح قد أقام ملكوت الله للأبد. « ’قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ، فَسَيَمْلِكُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ‘ « (رؤيا ١١: ١٥). في الصراع الدائر بين المسيح والشيطان، زعم الشيطانُ أنه انتصر على المسيح بعد سقوط آدم وحواء. لكن مأمورية المسيح قد برهنت زيف ادعاءات الشيطان؛ فإن المسيح قد هزم الشيطان في كل منعطف؛ وبموته وقيامته أكد المسيح للكون كله أن ملكوت الله قد أتى.
كيف يمكننا أن نعيش بطريقة تعكس واقع وحقيقة ملكوت الله؟ والأهم من ذلك، كيف نعكس هذه الحقيقة في حياتنا الخاصة؟ ما الذي ينبغي أن يكون مختلفاً بشأن كيفية عيشنا الآن، بوصفنا مواطنين لملكوت الله الآتي؟
الاثنين
٨حزيران (يونيو)
مميزات وخصائص ملكوت الله: الجزء الثاني
ماذا تعلّمنا الفقرات الكتابية التالية حول ما تعنيه المواطنة في ملكوت الله؟ لوقا ١٨: ١٦ـ ٣٠؛ لوقا ١٢: ٣١ـ ٣٣؛ لوقا ٩: ٥٩ـ ٦٢.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن الدخول إلى ملكوت الله لا يعتمد على مكانة الإنسان أو منصبه، ولا يعتمد على غنى الإنسان أو عدمه. يشير لوقا، بالإضافة إلى كتبة الأناجيل الآخرين، إلى أنه ينبغي للإنسان أن يأتي إلى يسوع بموقف يتسم بالخضوع التام والاعتماد المطلق والثقة التي تشبه ثقة الأطفال؛ هذه مواصفات أولئك الذين يدخلون ملكوت الله. فلا بد وأن يكونوا على استعداد للتخلي عن كل شيء، إذا لزم الأمر؛ فإنَّ الشيء الذي لا يرغبون في التخلي عنه، أياً كان هذا الشيء، بمعنى من المعاني لن يكون شيئاً منافساً للمسيح في حياة الإنسان فحسب، لكنه في واقع الأمر سيفوز وسيستحوذ على كيان الإنسان. لذا يجب أن تكون الأولوية القصوى، في كل جانب من جوانب حياتنا، هي للمسيح ولمتطلباته. ومثل هذا الأمر يبدو منطقياً ومعقولاً، وذلك لأن المسيح، وعلى كل حال، هو مصدر وجودنا. ولهذا ينبغي أن يكون ولاؤنا التام للمسيح وحده.
اقرأ لوقا ١٨: ٢٩و ٣٠ مرة أخرى. ما الذي يقوله المسيح لنا وما الذي يَعِدْنا به؟ أينبغي أن نترك والدينا وأزواجنا وزوجاتنا وحتى أبناءنا من أجل ملكوت الله؟ إن هذا التزام صعب، أليس كذلك؟ لا يقول المسيح أن القيام بذلك مطلوب من جميع المؤمنين، لكن المقصود هو أنه إذا دُعي إنسان إلى التخلي عن هذه الأمور من أجل ملكوت الله، فسيكون ملكوت الله جديراً بهذه التضحية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امعن التفكير في كلمات المسيح المتعلقة بترك الموتى يدفنون موتاهم. ما هي الحقيقة المهمة هنا حول وجوب عدم انتحال الأعذار عندما تأتينا الدعوة لإتباع المسيح، مهما بدت الأعذار التي نقدمها منطقية ومعقولة؟
الثلاثاء
٩حزيران (يونيو)
ملكوت الله: الذي أتي، والعتيد أن يأتي
جاء المسيح مُعْلِنَاً ملكوت الله. وفي أول إعلان جهاري له في الناصرة (لوقا ٤: ١٦ـ ٢١) أكد المسيح على أن نبوة إشعياء المتعلقة بالمسيا، والتي تتحدث عن الملكوت والفداء، قد دُشِّنَت في ذلك اليوم، وبأن هذه النبوة قد وجدت إتماماً لها فيه [أي في المسيح] بوصفه المسيا المنتظر.
ويسجّل لوقا قولاً آخر يشهد على أن ملكوت الله قد صار، في المسيح، حقيقة واقعة. فعندما سأل الفريسيون المسيح «مَتَى يَأْتِي مَلَكُوتُ اللهِ؟» ، أجابهم يسوع بأن «هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ « (لوقا ١٧: ٢١). وتشير ترجمات أخرى إلى أن «الملكوت هو في وسطكم.» ومعنى هذا أنه، ومع قدوم المسيح، يكون الملكوت قد أَقْبَلَ بالفعل مع كل مكوناته لتشمل شفاء المرضى (لوقا ٩: ١١)، الكرازة بالبشارة (لوقا ٤: ١٦ـ ١٩)، مغفرة الخطايا (لوقا ٧: ٤٨ـ ٥٠؛ ١٩: ٩و ١٠)، وسحق قوى الشر (لوقا ١١: ٢٠). وهكذا جعل المسيح الملكوت حقيقة واقعة داخل الإنسان، ويعمل هذا الملكوت على تغيير الشخص بحيث يكون على صورة المسيح. كما أن ملكوت الله يُرى أيضاً في وسط مجتمع المؤمنين، ويكون هذا الملكوت في صورة إعلان للبِرِّ والخلاص. إنَّ هذا الجانب الحاضر من الملكوت يُعرف ايضاً على أنه: «ملكوت نعمة الله [الذي] يثبت الآن إذ تخضع القلوب التي كانت مفعمة بالخطية والعصيان، لسلطان محبته» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٥٤٣).
وفي حين أن عبارة «قد أتى» تدل على أن ملكوت الله قد تثبت بالفعل، أي تمت هزيمة الخطية والشيطان وانتصر المسيح في الصراع العظيم، إلَّا أن ما «لم يتم بعد» وما نتطلع إليه هو النهاية المادية الفعلية للشر وتأسيس الأرض الجديدة، وذلك لأن: «التثبيت الكامل لملكوت مجده لن يتم حتى يأتي المسيح ثانية إلى هذا العالم» (المرجع نفسه، صفحة ٥٤٣).
ماذا تعلمنا هذه الآيات عن ملكوت الله في زمن الْمُنْتَهَى؟ لوقا ١٧: ٢٣و ٢٤؛ ٢١: ٥ـ ٣٦.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن ما في عالمنا من عناء وحزن واضطراب يعكس حتماً كلمات المسيح التي نطق بها في الآيات أعلاه. وعلى الرغم مِن أن البعض يزعمون أن الألم والمعاناة في هذا العالم يعنيان عدم وجود الله، إلّا أنه يمكننا الرد على ذلك في ضوء ما حذرنا المسيح بشأنه منذ ٢٠٠٠ عاماً تقريباً، فإن حالة عالمنا لا تساعد على إثبات أن الله موجود وحسب وإنما تساعد على إثبات صحة ومصداقية الكتاب المقدس نفسه. (فإنه إذا كان العالم جنة ونعيماً الآن، لكانت كلمات المسيح بشأن ما ستؤول إليه حالة العالم كاذبة.) فإن ملكوت الله لن يثبت، بالكامل، إلا في نهاية الزمان. وإلى ذلك الحين، علينا أن نثابر ونحتمل.
الأربعاء
٠١حزيران (يونيو)
الملكوت والمجيء الثاني للمسيح
إن المسيح عندما تكلم عن ملكوت الله إنما قد تكلم عن أمرين مؤكدين: (١) عمل الله في التاريخ من خلال المسيح لخلاص البشرية من الخطية و (٢) اختتام الله للتاريخ من خلال استعادة المخلصين إلى خطته الأصلية- العيش معه إلى الأبد في الأرض الجديدة (رؤيا ٢١: ١ـ ٣). أما وفيما يتعلق بالأمر الأول، وكما تمت الإشارة من قبل، فإن ذلك قد تم من خلال مأمورية وخدمة المسيح. ففي المسيح، نحن بالفعل في ملكوت النعمة (أفسس ١: ٤ـ ٩). أما الجزء الثاني، والمتعلق بجمع المخلصين في ملكوت المجد، فهو الرجاء المستقبلي الذي ينتظره أولئك الذين هم في المسيح (أفسس ١: ١٠؛ تيطس ٢: ١٣). ويربط كلاً من المسيح وكتبة أسفار العهد الجديد هذه اللحظة التاريخية، اللحظة التي فيها يرث المؤمنون ملكوت المجد، بالمجيء الثاني للمسيح.
إن المجيء الثاني للمسيح هو التتويج النهائي للأخبار السارة التي جاء المسيح ليعلنها عندما جاء إلى الأرض للمرة الأولى. إن نفس المسيح الذي هزم الخطية والشيطان على الجلجثة سيعود قريباً ليبدأ العملية التي سوف تقضي على الشر وتطهِّر هذه الأرض من المأساة التي ألحقها الشيطان بخليقة الله.
اقرأ لوقا ٢١: ٣٤ـ ٣٦. لخص الرسالة الأساسية الواردة في هذه الآيات مستخدماً كلماتك الخاصة. وإذ تفعل ذلك، انظر إلى حياتك وأسأل نفسك كيف تنطبق عليك هذه الكلمات. ما الذي تحتاج إلى عمله من أجل التأكد من أنك تَتَّبِعُ ما يقوله المسيح لك هنا؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وإذ ننتظر عودة المسيح، نحن مدعوون إلى السهر والتضرّع في كل حين لكي نُحْسَب أهلاً للوقوف قدام ابن الإنسان» (انظر لوقا ٢١: ٣٦).
يجب على أولئك الذين اختبروا ملكوت النعمة أن ينتظروا ويسهروا ويصلوا من أجل ملكوت المجد. وبين هذين الملكوتين، ملكوت النعمة الذي أتى بالفعل وملكوت المجد العتيد أن يأتي، يجب على المؤمنين أن يكونوا منشغلين بالخدمة والمرسلية والعيش بالرجاء والعمل على العناية بالآخرين والشهادة لهم. إن ترقب المجيء الثاني يتطلب تقديس حياتنا بالتمام.
الخميس
١١حزيران (يونيو)
الشهادة للآخرين
اقرأ أعمال ١: ١ـ ٨. ما هي الحقائق الهامة التي يتم الإعراب عنها هنا فيما يتعلق بملكوت الله؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد كان ملكوت الله أمراً أساسياً راسخاً في ذهن لوقا عندما كان يكتب تتمة لإنجيله في صورة تاريخ موجز للكنيسة الأولى. وفي السطور الأولى من هذه التتمة، أي سفر أعمال الرسل، يذكر لوقا ثلاث حقائق أساسية فيما يتعلق بملكوت الله.
الحقيقة الأولى، تأكدوا أن المسيح سيأتي ثانية. أثناء الأربعين يوماً التي فصلت بين قيامة المسيح وصعوده، واصل الرب يسوع تعليم تلاميذه ما كان يعلمهم إياه قبل صلبه: « عَنِ الأُمُورِ الْمُخْتَصَّةِ بِمَلَكُوتِ اللهِ « (أعمال ١: ٣). إن الأحداث العظيمة المتعلقة بالصليب والقيامة لم تغير أي شيء في تعاليم المسيح فيما يتعلق بالملكوت؛ فإنه لمدة ٤٠ يوماً واصل المسيحُ المُقَامُ التأكيد لتلاميذه على حقيقة الملكوت.
الحقيقة الثانية، انتظروا أن يأتي المسيح ثانية في الوقت الذي لا يعرفه إلا الله. وبعد قيامة المسيح، طرح تلاميذه سؤالاً جاداً ومشوِّقاً: « ’ يَارَبُّ، هَلْ فِي هذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ؟ ‘ « (أعمال ١: ٦). لم يُجب المسيح على السؤال ولكنه قام بتصحيح منظور التلاميذ: فالله هو الخالق، وليس من مهمة البشر المخلوقين سبر أغوار عقله والتكهن بخططه واستبطان أسراره. الله يعرف متى ينبغي لملكوت المجد أن يأتي، وسيفعل الله ذلك في الوقت الذي يراه هو مناسباً (أعمال ١: ٧؛ متى ٢٤: ٣٦)، تماما كما أنه «لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ» (غلاطية ٤: ٤) أرسل الله ابنه لتدشين ملكوت النعمة.
الحقيقة الثالثة، كونوا شهوداً لإنجيل المسيح. لقد أعاد المسيح توجيه التلاميذ من التكهن بشأن ما هو غير معروف- متى سيأتي ملكوت المجد- إلى ما هو معروف ويجب عمله. إن توقيت المجيء الثاني لم يُعلن لنا، لكننا مدعوون إلى انتظار ذلك اليوم المجيد وأن «نُبَشِّرَ» حتى ذلك الحين (لوقا ١٩: ١٣). وهذا يعني أنه ينبغي لنا أن نكون منخرطين في حمل بشارة يسوع المسيح « ’ إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ ‘ « (أعمال ١: ٨). تلك هي مسؤوليتنا- ولا يحدث هذا بقوتنا ولكن من خلال قوة الروح القدس، الذي وُعِدَ بانسكابه على جميع أولئك الذين سيكونون شهوداً على كل ما رأوا وسمعوا (عد ٤ـ ٨).
كان لا يزال لدى أتباع المسيح الأمناء بعض المفاهيم الخاطئة جداً حول طبيعة عمل المسيح. ومع ذلك، كان الرب يستخدمهم على أي حال. ما هي الرسالة التي لنا حول عدم حاجتنا إلى أن نفهم كل شيء فهماً تاماً حتى يتسنى لنا أن نُسْتَخْدَمَ مِن قِبل الله؟
الجمعة
٢١حزيران (يونيو)
لمزيد من الدرس
«ويقول يسوع عن المساكين بالروح إنّ لهم ملكوت السموات. إنّ هذا الملكوت ليس كما كان ينتظر سامعو المسيح، ملكوتا زمنيا ارضيا. لقد كان المسيح يفتح للناس الملكوت الروحي، ملكوت محبته ونعمته وبرّه. إنّ شعار ملك مسيا يتميّز بصورة ابن الإنسان. فرعاياه هم المساكين بالروح والودعاء وجماعة المضُطهدين المطرودين من أجل البرّ. وملكوت السموات لهم» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٤٣٧و ٤٣٨).
«نحن الآن في ورشة عمل الله. كثيرون منا هم حجارة خام من المقلع. ولكن إذ نتشبث بالحق الإلهي فإن تأثيره يؤثر فينا. وهو يرفعنا ويزيل منا كل شائبة وخطية مهما كانت طبيعتها. وهكذا نكون مستعدين لرؤية المَلِكَ في جماله ونتحد أخيراً مع الملائكة السماوية الطاهرة في ملكوت المجد. ولا بد لهذا العمل من أن يُنجز هنا على الأرض، وهنا يجب لأجسادنا وأرواحنا أن تكون مؤهلة للأبدية» (روح النبوة، شهادات للكنيسة، مجلد ٢، صحفة ٣٥٥و ٣٥٦).
أسئلة للنقاش
١. عند حديثه عن الكون، كتب عالم الفيزياء، ستيفن واينبرغ، هذه العبارة الغريبة المحيرة: «كلما بدا الكون مفهوماً أكثر، كلما بدا أيضاً تافهاً وعديم الجدوى أكثر.» احدثت كلماته ضجة كبيرة، وقد حاول في نهاية المطاف التلطيف من حِدة ما قاله. مع ذلك، فقد كان هناك البعض ممن لم يروا أي سبب للجدال حول فكرة أن الكون ليس له مغزى أو هدف. ففي حديثها عن الكون، قالت «مارثا جيلر» عالمة الفلك بجامعة هارفارد «أي هدف هذا؟ إن الكون هو مجرد نظام مادي، فما هو الهدف منه؟ لطالما تحيّرت من هذه العبارة القائلة أن للكون مغزى وهدف.» هل الكون هو مجرد نظام مادي وليس له مغزى أو هدف؟ وأنت، كمسيحي بانتظار المجيء الثاني للمسيح والتثبت الكامل لملكوت الله، كيف ترد على الأفكار الكامنة وراء هذا التصريح المتعلق بأن الكون لا مغزى له ولا هدف؟
٢. توقع كل جيل من المسيحيين أن يعود المسيح في زمانهم، كما أن هناك بعض القساوسة/المبشرين ممن قاموا بتحديد مواعيد معينة لمجيء المسيح ثانية. لكن جميع هذه المواعيد باءت بالفشل. ما هو الخطأ في تحديد موعد معين للمجيء الثاني للمسيح؟
قصة الأسبوع
المشاجرة مع الظل: الجزء ١
أبا، منغوليا
أبا هو شاب يعيش في شمال منغوليا، وقد شعر بأنه عاجز عن تغيير حياته التي انزلق خلالها إلى دوامة الشر. ثم حدث أن صديقاً له تحدث إليه عن الله. وها هو أبا يشارك شهادته الشخصية معنا.
«قبل أن أصبح مسيحياً، كنت أعيش حياة علمانية حقاً. كنت أدخن السجائر وأشرب الكحول واسرق الأشياء. ولم أفكر أبداً بشأن ما إذا كان ما أفعله جيداً أو سيئاً؛ لقد كان ما أقوم به جزءاً منى وكنت أفعله بصورة طبيعية ودون أي شعور بالذنب أو تأنيب الضمير.
«وفي إحدى المرات، كنا صديقي وأنا نشرب الكحول، وقد سَكِرت قبل ان يسكروا هم، وفقدت الوعي. وعندما افقت، لاحظت أني كنت وحيداً. خرجت من البيت مترنحاً وأنا أبحث عن أصدقائي. وقد وجدتهم في بيت أحد الأصدقاء. قلت لهم غاضباً، ’لماذا تركتموني؟‘
«قال لي أحدهم، ’لقد كنت نائماً. ولم نستطع أن نوقظك.‘ قدموا لي كأساً أخرى وشعرت بأني أهوي إلى الخلف، وفجأة تحول كل شيء إلى ظلام.
وعندما استفقت في هذه المرة، وجدت نفسي في قسم الشرطة شاعراً بالبرد لأني فيما يبدو قد قمت بخلع معظم ثيابي. كانت ذراعي تنزف دماً وكان ظهري يؤلمني. لم أعرف ما الذي حدث. أخبرني ضابط الشرطة أنه قد تم إلقاء القبض عليَّ لأني تسببت في إزعاج السكان. وقال لي بأني كنت أصرخ وأهدد الناس وبأني حطمت زجاج نوافذ عدد من الناس بقبضة يدي. وعندها عرفت سبب نزيف ذراعي. قال رجل يقف إلى جوار الضابط أني كنت أقرع على بابه وأهدده. لكني لم أتذكر أي شيء من كل هذا.
«أعطاني ضابط الشرطة ثيابي وقمت بارتدائها. لكني لم أعثر على حذائي. وعندما سألت عن الحذاء قالوا لي أني لم أكن أنتعل أي حذاء عندما تم إلقاء القبض عليّ.
دخلت سيدة إلى قسم الشرطة لتتقدم بشكوى ضدي. وقالت أني قد قمت بتحطيم بعض زجاج نوافذ بيتها. اعتذرت لها وأخبرتها بأني لم أعرف أني فعلت ذلك. وأردت أن أرى الزجاج المحطم بنفسي، لذلك أخذني ضابط الشرطة إلى بيتها. وهناك وجدت فردة حذاء واحدة تحت إحدى النوافذ. ثم ذهبت إلى البيت الآخر الذي تحطم فيه زجاج بعض النوافذ وهناك وجدت فردة الحذاء الأخرى. أدركت أني مذنب. قال صاحب المنزل أني هددت بقتل جميع من في المنزل. وأخبرني شخص آخر أني قد قرعت على أحد الأبواب عندما رأيت ظلي منعكساً على زجاج النافذة. وبأني قد بدأت أتشاجر مع ظلي. وعندما جاء شخص لمعرفة ما سر هذه الضجة، بدأت أتشاجر معه. وقد تمكن من الهرب والاتصال بالشرطة. وعندما جاء ضابط الشرطة، بدأت أتشاجر معه هو ايضاً. وفيما يبدو أني كنت استمع إلى قصص تتحدث عن رجل تسكنه الأرواح الشريرة.
دفعت الغرامة المستحقة ووافقت على تصليح زجاج النوافذ المحطمة. بل ولقد وعدت بعدم شرب الكحول مرة أخرى. لكن بعد ثلاثة أيام، كنت مخموراً مجدداً. لقد بدأ أني لا أستطيع التوقف عن شرب الكحول. وأدركت المصاعب التي اسببها لوالدتي التي كنت أعيش معها في البيت. كنت أعمل، ولكن بدلاً من أن أعطيها المال لشراء الطعام، كنت أشتري الكحول لأشربه.» (تتمة القصة في الاسبوع القادم).
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
الدرس الثاني عشر
٣١ـ ٩١حزيران (يونيو)
المسيح في أورشليم
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: لوقا ١٩: ٢٨ـ ٤٠؛ زكريا ٩: ٩؛ لوقا ١٩: ٤٥ـ ٤٨؛ متى ٢١: ١٢ـ ١٧؛ لوقا ٢٠: ٩ـ ٢٦.
آية الحفظ: »وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا» (لوقا ١٩: ٤١).
قضى المسيح الأسبوع الأخير من حياته، وهو في الجسد، في أورشليم. وكان ذلك الأسبوع يتميز بأحداثه الصاخبة المضطربة: دخول المسيح الانتصاري إلى أورشليم؛ بكاء المسيح على المدينة المتغطرسة؛ تطهير الهيكل؛ تدبير المكائد والمؤامرات ضد المسيح؛ انفعالات العشاء الأخير وعذابات جثسيماني؛ ما لاقاه من سخرية واستهزاء أثناء محاكمته؛ الصلب؛ وأخيراً القيامة. لم يكن قد حدث من قبل، ولم يحدث أبداً منذ ذلك الحين، أن شهدت أية مدينة تطوراً تاريخياً شديداً حاسماً من هذا القبيل. إنه تطور وصل بالصراع العظيم بين الخير والشر إلى ذروته، على الرغم من أنه لا أحد على الأرض سوى المسيح كان يدرك أهمية ما كان يحدث ويتكشف في ذلك الأسبوع.
وكان المسيح قد جاء الى اورشليم وجال في شوارعها عدة مرات في حياته. فإن كلاً مِن متى ومرقس ولوقا ويوحنا يذكرون أن المسيح قد قام بزيارة أورشليم كشخص بالغ، لكنهم في الغالب يشيرون إلى زيارته لها أثناء أسبوع الآلام. إن الأسبوع الأخير من خدمة المسيح في أورشليم هو الذي حظي باهتمام خاص مِن قِبل كتبة الأناجيل، على الرغم من أنهم ذكروا مناسبات أخرى ذهب فيها المسيح إلى أورشليم مثل: إحضار الطفل يسوع إلى الهيكل (لوقا ٢: ٢٢ـ ٢٨)، ونقاشه مع المعلمين في الهيكل عندما كانت له اثنتا عشرة سنة (عد ٤١ـ ٥٠)، وعندما جَاءَ بِهِ المجرب «إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَقَامَهُ عَلَى جَنَاحِ الْهَيْكَلِ» (لوقا ٤: ٩ـ ١٣).
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٢٠حزيران (يونيو).
الأحد
٤١حزيران (يونيو)
الدخول الانتصاري إلى أورشليم
وُلد المسيح في بيت لحم، وتربى في الناصرة. وقد علّم وبشر وشفى في جميع أنحاء الجليل والسامرة واليهودية وبيريا. لكن كانت هناك مدينة واحدة تحظى باهتمامه الدائم: أورشليم. فإن المسيح « ثَبَّتَ وَجْهَهُ لِيَنْطَلِقَ إِلَى» المدينة (لوقا ٩: ٥١). وقد كان دخوله إلى المدينة إيذاناً ببدء أسبوع من أكثر الأسابيع دراماتيكية في تاريخ العالم. فقد بدأ هذا الأسبوع بالدخول الملوكي للمسيح إلى المدينة وشهد كذلك موته على الصليب الذي من خلاله « قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ» (رومية ٥: ١٠) بعد أن كنا أعداء.
اقرأ لوقا ١٩: ٢٨ـ ٤٠. تخيل حماسة التلاميذ. فلا بد وأنهم اعتقدوا في ذلك الوقت أن المسيح سيعتلي عرشاً دنيوياً في اورشليم، عرش الملك دواد. ما هو الدرس الهام الذي يمكننا استخلاصه من هذه المناسبة حول التوقعات الخاطئة؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عندما وُلد يسوع، جاء المجوس من المشرق يقرعون أبواب أورشليم ويسألون هذا السؤال المؤثر: « ’ أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟ ‘ « (متى ٢: ٢). والآن، وقبل الصليب بأيام قليلة، وبينما كان تلاميذه والجموع يحتشدون ويجوبون المدينة، دوى هتاف في سماء أورشليم: « ’ مُبَارَكٌ الْمَلِكُ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! سَلاَمٌ فِي السَّمَاءِ وَمَجْدٌ فِي الأَعَالِي ‘ « (لوقا ١٩: ٣٨).
لقد كان هذا المشهد إتماماً لنبوة في العهد القديم. « ’اِبْتَهِجِي جِدًّا يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ، اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ، وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ ‘ «(زكريا ٩: ٩). مع ذلك، كان المسيح يعرف أن مسيرة التاريخ هذه والتي بدأت بهتافات «أُوصَنَّا» سرعان ما تنتهي على الجلجثة، حيث كان سينطق بهذه الكلمات الانتصارية « ’قد أكمل.‘ «
وعلى الرغم من أن كل ذلك كان وفقاً لخطة الله الأبدية، إلا أن تلاميذه كانوا عالقين في التقاليد والتعاليم والتوقعات الخاصة بزمانهم وثقافتهم لدرجة أنه قد غابت عن أذهانهم كل تحذيرات المسيح إليهم في وقت سابق فيما يتعلق بما كان سيحدث وما هو المقصود من كل ذلك.
لقد تكلم المسيح إليهم، لكنهم لم يستمعوا. أو ربما استمعوا لكن ما قاله كان مخالفاً لما كانوا يتوقعونه لذلك اعترضوا عليه ولم يتذكروه. كيف يمكننا التأكد من أننا لا نفعل الشيء نفسه عندما يتعلق الأمر بالحقائق الكتابية؟
الاثنين
٥١حزيران (يونيو)
أورشليم: تطهير الهيكل
«مَكْتُوبٌ: إِنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ. وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ» (لوقا ١٩: ٤٦).
كان الذهاب إلى الهيكل هو أول شيء فعله المسيح بعد دخوله الانتصاري الذي بكى خلاله على أورشليم.
اقرأ لوقا ١٩: ٤٥ـ ٤٨؛ متى ٢١: ١٢ـ ١٧؛ مرقس ١١: ١٥ـ ١٩. ما هي الدروس الهامة التي يمكننا تعلمها مما قام به المسيح هنا؟ ما الذي ينبغي لهذه الأمور أن تخبرنا كأفراد وكأعضاء لمجتمع يعمل، بطريقة ما، عمل الهيكل؟ أفسس ٢: ٢١.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تشير الأناجيل الأربعة إلى تطهير المسيح للهيكل. وفي حين يتحدث يوحنا عن التطهير الأول للهيكل (يوحنا ٢: ١٣ـ ٢٥) والذي حدث خلال زيارة المسيح له في عيد الفصح عام ٢٨ ميلادية، سرد كتبة الأناجيل الأخرى التطهير الثاني للهيكل عند نهاية خدمة المسيح، وقد تم ذلك في عيد الفصح لعام ٣١ ميلادية. وهكذا كان حَدَثَا تطهير الهيكل هَذين هما حدثين فاصلين بالنسبة لخدمة المسيح إذ اظهرتا مدى اهتمامه بقدسية الهيكل وخدماته، وأظهرتا كذلك كيف أكد المسيح على مأموريته وسلطانه بوصفه المسيا.
إن تصرفات المسيح في الهيكل، وخصوصاً في المرة الثانية، والتي جاءت قبل موته مباشرة، تقدم مسألة مثيرة للاهتمام: إن المسيح قام بطرد أولئك الذين يدنسون الهيكل ببضائعهم رغم عِلمه أنه على وشك الموت ورغم علمه أن الهيكل وخدماته كانت ستُلْغَى وتَبطُل قريباً. لماذا لم يتغاضى المسيح عن ما كان يجري في الهيكل من فساد، خصوصاً وأن الهيكل لن يكون غير ضروري وحسب، بل كان سيتدمر في غضون جيل واحد مستقبلاً؟
وعلى الرغم من أننا لا نُعْطَى جواباً على هذا السؤال، إلا أن الأرجح هو أن الهيكل كان لا يزال هو بيت الله وكان لا يزال المكان الذي فيه أُعلنت خطة الخلاص. وبمعنى من المعاني، يمكن للإنسان قول أن الهيكل، وخدماته، كان من شأنه أن يؤدي مأمورية هامة جداً بعد موت المسيح بحيث يساعد اليهود الأمناء على معرفة مَن كان المسيح وما الذي يعنيه موته على الصليب. معنى هذا هو أن الهيكل الذي صوَّر خطة الخلاص بأكملها يمكن أن يساعد الكثيرين على إدراك أن المسيح هو «الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ» (رؤيا ١٣: ٨).
الثلاثاء
٦١حزيران (يونيو)
غير الأمناء
إن مثل الكَرَّامِينَ الأشرار (لوقا ٢٠: ٩ـ ١٩) يقدم لنا درساً حول الفداء. وفيه نجد أن الله ومحبته المستمرة للخطاة الساقطين هما مركز هذا التاريخ. وعلى الرغم من أن المَثَل كان موجّهاً على وجه التحديد إلى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَة في زمن المسيح («لأَنَّهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ قَالَ هذَا الْمَثَلَ عَلَيْهِمْ») [عد ١٩]، إلا أن ما يتضمنه المَثَل من دروس ينطبق على كل عصر وزمان. فهو ينطبق على كل جيل وكل مجموعة من الناس وعلى كل شخص أغدق الله عليه محبته وائتمنه. ويتوقع الله من الإنسان أن يكون أميناً في التعامل مع ما أؤتمن عليه. واليوم، نحن أيضاً وكلاء مؤتمنون على عمل الله، ونحن يمكننا استخلاص بعض الدروس من هذا المَثَلِ تتعلق بالتاريخ كما ينظر الله إليه.
اقرأ لوقا ٢٠: ٩ـ ١٩. كيف ينطبق المبدأ المتضمن هنا علينا، إذا نحن ارتكبنا نفس الأخطاء كأولئك الذين في المَثَل؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد خذل الكرامون الله بدلاً من أن يقدموا له ثمر المحبة والإخلاص. لكن الله، بوصفه صاحب الكرم، قام بإرسال مجموعة بعد الأخرى من العبيد (عد ١٠ـ ١٢)، نبي بعد آخر (إرميا ٣٥: ١٥). وقد فعل الله ذلك بدافع محبته المستمرة من أجل أن يجتذب شعبه إلى الالتزام بمسؤولية الوكالة التي اؤتمنوا عليها. مع ذلك، فقد أصبح كل نبي يرسله الله إليهم ضحية رفضهم وجحودهم. « ’ أَيُّ الأَنْبِيَاءِ لَمْ يَضْطَهِدْهُ آبَاؤُكُمْ؟ ‘ « (أعمال ٧: ٥٢).
إن تاريخ معاملة الله مع الناس هو عبارة عن قصة حب طويلة. وسوف تحدث المأساة مراراً وتكراراً بحيث يخذل الناسُ اللهَ، ولكن المجد سينتصر في نهاية المطاف. فلا بد للقيامة مِن أن تتبع الصليب. فإن الحجر الذي رفضه البناؤون هو الآن حجر الزاوية للهيكل العظيم الذي سيضم مختاري الله، حيث يعيش كل المفديين- أغنياء وفقراء، يهود وأمميين، ذكور وإناث- كشعب واحدٍ. وسوف يسيرون في الكرم الأبدي ويتمتعون بثمره إلى الأبد.
نحن قد لا يكون لدينا أنبياء أحياء اليوم لاضطهادهم، ولكننا قادرون على رفض رسل الله تماماً كما فعل الناس قديماً. كيف يمكننا، نحن الذين دُعينا إلى أن نعطي الرب «مِنْ ثَمَرِ الْكَرْمِ» أن نتأكد من أننا لن نرفض هؤلاء الرسل ورسالتهم؟
الأربعاء
٧١حزيران (يونيو)
المسيح مقابل قيصر
اقرأ لوقا ٢٠: ٢٠ـ ٢٦. كيف يمكننا فهم ما علَّمه المسيح هنا وتطبيقه على حالتنا الخاصة في أي بلد نعيش فيه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في زمن المسيح، كانت الضرائب التي تفرضها روما مسألة مقلقة ومثيرة للاضطراب. ففي حوالي عام ٦ ميلادية، ووفقاً لجوزيفوس، أعلن يهوذا الجليلي الذي كان زعيماً ثورياً، أن دفع الضرائب للقيصر هو خيانة في حق الله. وقد عملت هذه المسألة، بالإضافة إلى العديد من المزاعم والتطلعات المتعلقة بالمسيا، على اندلاع ثورات متكررة معادية للإمبراطورية الرومانية. وفي ظل حساسية من هذا القبيل، عَمِل السؤال الذي طُرح على المسيح فيما يتعلق بدفع الجزية على كشف الدوافع الخفية لمَن طرحوا هذا السؤال. فلو أن المسيح أجاب بأنه يجوز دفع الجزية لقيصر فإن ذلك كان من شأنه أن يضع المسيح موضع المؤيد لروما فيثبت بذلك أنه لا يستطيع أن يكون ملكاً لليهود على النحو الذي اعلنته الحشود عند دخوله إلى أورشليم؛ ولو أن المسيح قال أنه لا يجوز دفع الجزية لقيصر، لكان معنى ذلك أن المسيح يتبع تيار يهوذا الجليلي ويعلن أن الحكم الروماني غير قانوني، مما يعرضه لتهمة الخيانة. لقد كانوا يأملون في أن يضعوا المسيح في مأزق لا يمكنه الإفلات منه.
مع ذلك، فقد علِم المسيح خفايا قلوبهم. وقد أشار إلى صورة قيصر الموجودة على العملة المعدنية وأعلن حكمه: « ’ أَعْطُوا إِذًا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا للهِ للهِ ‘ « (لوقا ٢٠: ٢٥). لقد كان العيش في ظل حكم قيصر، الذي تستخدم عملته في التعاملات اليومية، يقتضي التزاماً نحوه. لكن كان هناك التزام آخر، التزام أعظم ينبع عن الحقيقة التي مفادها أننا خلقنا على صورة الله وأننا مَدِيِنُون له بالولاء التام.
«لم يكن جواب المسيح تملصا أو مراوغة بل كان جوابا صريحا على سؤالهم .... أعلن لهم أنهم طالما هم عائشون تحت حماية القوة الرومانية فهم ملتزمون بأن يقدموا لتلك القوات المعونة الواجبة طالما أن ذلك لا يتعارض مع واجبهم الرسمي . ولكن بينما هم يخضعون مسالمين لقوانين البلاد عليهم دائما أن يقدموا ولاءهم لله أولا» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٥٦٧).
ما هي الطرق التي يمكننا من خلالها أن نكون مواطنين صالحين في أي بلد نعيش فيه، وفي الوقت نفسه نكون مدركين لحقيقة أن موطننا الحقيقي هو المدينة «الَّتِي صَانِعُهَا وَبَارِئُهَا اللهُ» (عبرانيين ١١: ١٠)؟
الخميس
٨١حزيران (يونيو)
العشاء الرباني
اقرأ لوقا ٢٢: ١٣- ٢٠. ما أهمية إجراء فريضة العشاء الرباني في عيد الفصح؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أسس المسيح فريضة العشاء الرباني في ضوء السياق التاريخي لعيد الفصح. إن عيد الفصح يؤكد على عجز الإنسان بالمقارنة مع قوة الله العظيمة. لقد كان من المستحيل بالنسبة لبني إسرائيل قديماً أن يحرروا أنفسهم من عبودية المصريين، كما هو الحال معنا، إذ لا يمكننا تحرير أنفسنا من عواقب الخطية. وكان تحرير الله لبني إسرائيل قديماً هو عطية محبته ونعمته، وهذا هو الدرس الذي كان يجب على بني إسرائيل تعليمه إلى أبنائهم من جيل إلى جيل (خروج ١٢: ٢٦و ٢٧). وكما كان تحرير بني إسرائيل قديماً راسخ الجذور في التاريخ بفضل ما قام به الله لأجل إخراجهم من أرض العبودية، نجد أن خلاص البشرية هو أيضاً راسخ في الحدث التاريخي للصليب. في الواقع، إن المسيح هو «فِصْحَنَا « (انظر ١كورنثوس ٥: ٧)، كما أن الاحتفال بالعشاء الرباني الأخير الذي كان للمسيح مع تلاميذه هو «عمل يعرب فيه المشاركون، بالإيمان، عن الأهمية العظيمة والحاسمة لموت المسيح» [ج. س. بيركوير، الأسرار السبعة (جراند رابيدز: وم. ب. إيرمانز، ١٩٦٩)، صفحة ١٩٣].
إن فريضة العشاء الرباني هي تذكير بأن المسيح «فِي اللَّيْلَةِ الَّتِي أُسْلِمَ فِيهَا» (١كورنثوس ١١: ٢٣) في الليلة السابقة لصلبه أعطى رسالة جليلة إلى تلاميذه كانوا بحاجة إلى تذكّرها وهي أن الخبز والخمر هما رمزان لجسده الذي كان على وشك أن يكسر ولدمه الذي كان على وشك أن يسفك لمغفرة الخطايا (انظر متى ٢٦: ٢٨). لقد كان موت المسيح هو وسيلة الله الوحيدة لفدائنا من الخطية. وحتى لا ننسى أن موت المسيح كان هو تدبير السماء لخلاصنا، أسس المسيح فريضة العشاء الرباني وأمر بأن تمارس إلى أن يجيء (١كورنثوس ١١: ٢٤ـ ٢٦).
إن تأكيد المسيح على أن دمه سوف « ’ يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا ‘ « (متى ٢٦: ٢٨) يجب أن يتم تذكّره حتى نهاية التاريخ. ومعنى أن نتجاهل هذا التأكيد ونختار أي وسيلة أخرى للخلاص هو أننا ننكر الله وطريقته المختارة للخلاص.
وهكذا نجد أن هناك درسين (من دروس كثيرة) يبرزان في ضوء فريضة العشاء الرباني. الدرس الأول الذي يجب تذكّره عند إجراء فريضة العشاء الرباني هو أن «المسيح مات لأجلنا». والدرس الثاني هو أننا نجلس معاً كجسد واحد بفضل موت المسيح الذي جمعنا معاً في شركة واحدة. وحتى عندما نجلس على مائدة تناول العشاء الرباني، فإننا نجلس كمجتمع مفديي المسيح في زمن المنتهى منتظرين مجيء الرب. وحتى ذلك الحين، تبقى مائدة العشاء الرباني مُذَكِّرَاً بأن للتاريخ معنى وأن في الحياة رجاء.
لقد بذل المسيح جسده ودمه من أجل أن يعطينا الوعد بالحياة الأبدية. كيف يمكنك جعل هذه الحقيقة المدهشة مسألة خاصة بك، بحيث تمنحك الرجاء والثقة بصفة مستمرة؟
الجمعة
٩١حزيران (يونيو)
لمزيد من الدرس
«إن أكل جسد المسيح وشرب دمه هو قبوله مخلصا شخصيا . فنؤمن بأنه يغفر خطايانا وأننا كاملون فيه . فإذ ننظر إلى محبته ونتأمل فيها ونرشفها نصير شركاء في طبيعته . ينبغي أن يكون المسيح للنفس كالطعام للجسم . فنحن لا ننتفع بالطعام ما لم نأكله وما لم يصر جزءا من كياننا . فكذلك المسيح لا يمكن أن يكون ذا قيمة بالنسبة إلينا ما لم نعرفه مخلصا شخصيا لنا . إن المعرفة النظرية لا تنفعنا في شيء بل ينبغي لنا أن نغتذي به ونقبله في قلوبنا بحيث تصير حياته حياتنا ، كما ينبغي لنا أن نهضم محبته ونعمته» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٣٦٣و ٣٦٤).
أسئلة للنقاش
١. أمعن التفكير في المشاهد التي قام المسيح فيها بتطهير الهيكل. بأية طرق يمكننا عَرْض إيماننا وإخلاصنا للبيع؟ كيف يمكن استخدام التديِّن للحصول على الربح والمكانة والمركز الاجتماعي؟ والأهم من ذلك، كيف يمكننا ككنيسة التأكد من أننا لن نقع في نفس هذه الضلالة؟
٢. يعتقد الكاتب الملحد «أليكس روزنبرغ» أن الوجود برمته هو مادي بحت. وما يعنيه بذلك هو أن كل شيء في الوجود يمكن أن يُفسّر من خلال العمليات الفيزيائية وحدها. وهذه العمليات، وفقاً لروزنبرغ، هي بالطبع بدون تصميم أو أهداف أو مقاصد، بل وحتى بدون الله. يسأل روزنبرغ: «ما هو الهدف من الكون؟» ويجيب هو نفسه على سؤاله بعبارة، « لا شيء.» ولأن الإحباط، وفقاً لروزنبرغ، هو مجرد ترتيب معين للخلايا العصبية بالمخ، لذا فإن روزنبرغ يقدم علاجاً لأولئك الذين يشعرون بالإحباط نتيجة أن حياتهم لا معنى لها. وهذا العلاج ببساطة هو عبارة عن إعادة ترتيب الخلايا العصبية. ويرى روزنبرغ أنه يمكنك القيام بذلك من خلال استخدام الأدوية والمستحضرات الصيدلانية. «فإذا لم تشعر بتحسن في الصباح التالي... أو بعد ثلاثة أسابيع من الآن، فعليك استبدال ذلك الدواء أو المستحضر بآخر. فإن فترة ثلاثة أسابيع هي في كثير من الأحيان الوقت الذي يستغرقه أمر امتصاص عقاقير «السيروتونين» القمعية المخدرة وبدء مفعولها في الجسم. ومن بين أنواع هذه العقاقير المخدرة هناك: بروزاك، يلبوترين، باكسيل، زولوفت، سيليسكا أو لوفوكس. وإذا لم يفلح أحد هذه العقاقير في جعلك تتغلب على إحباطك، فربما يفلح البعض الآخر في عمل ذلك.» والشيء المدهش في إجابة روزنبرغ هو أنه يأخذ ما يقوله بجدية تامة. فهو يرى أنه إذا كنت محبطاً أو مكتئبا فإن ما عليك عمله هو تعاطي المخدرات. قارن وجهة النظر هذه مع ما نؤمن به فيما يتعلق بيسوع المسيح وما فعله من أجلنا على الصليب. لماذا يعد اشتراكنا في فريضة العشاء الرباني دحضاً صريحاً وقوياً للعدمية واللامعنى اللذين يتم الترويج لهما من قِبل روزنبرغ وفكره الملحد؟
قصة الأسبوع
المشاجرة مع الظل: الجزء ٢
«كان صديقي دابا قد ذهب إلى أولان باتور للعمل، وهناك أصبح مسيحياً. وعندما عاد إلى القرية، حاول التحدث معي. ولأننا كنا صديقين، فقد استمتعت إليه وكنت أومئ برأسي؛ ولكن في قلبي كنت أسخر مما كان يقوله. لقد اعتقدت أن إيمانه بالله كان أمراً أحمقاً.
«علم دابا أن هناك بعض المسحيين الذي يجتمعون معاً في مكان قريب وقدم لي الدعوة لأذهب معه لحضور اجتماعاتهم. وقد ذهبت إلى هناك احتراماً لدابا، لكني كنت أخجل من الذهاب إلى اجتماع مسيحي. فقد كانوا يتحدثون عن الله وأتذكر أنه كان لدي نسخة من العهد الجديد في بيتي. وبعد رجوعي من الاجتماع بحثت عنها ووجدتها وأخذت في قراءتها، لكني لم أفهم ما قرأت. عرض بيارا، قائد المجموعة المسيحية، أن يشرح لي فقرات الكتاب المقدس التي لا أفهمها.
«بعد بضعة أسابيع، دعاني دابا لمجموعة دراسة الكتاب المقدس في يوم السبت. وقررت الذهاب. لم يكن دابا سبتي أدفنتستي، لكن مجموعة دراسة الكتاب المقدس في المنزل كانت هي مجموعة المسيحيين الوحيدة في القرية، وكان داباً متحمساً للشراكة المسيحية. وفي صبيحة اليوم الذي ذهبت فيه إلى هناك، تحدث المتكلم عن محبة الله وبطريقة ما تمكنت الرسالة من التخلل إلى نفسي. ورأيت في محبة أمي لي انعكاساً لمحبة الله. حتى وعندما كنت أعود للبيت مخموراً، كانت توبخني ولكنها كانت لا تزال تشجعني على التوقف عن شرب الكحول وتساعدني في أمور حياتي المختلفة.
واصلت الذهاب إلى مجموعة دراسة الكتاب المقدس. وإذ بدأ بايرا في شرح فقرات الكتاب المقدس المختلفة، بدأت أشعر بأن ما أقرأه في الكتاب المقدس مفهوماً وله معنى. وعندها بدأت أقرأ الكتاب المقدس لأني أريد ذلك وليس لأنه كان يجب علي عمل ذلك. وسرعان ما شعرت بأني لا استطيع التوقف عن قراءته، وهكذا أعطيت قلبي لله.
«على مر السنين، كنت قد عاهدت نفسي عدة مرات بأني سأتوقف عن شرب الكحول، لكني لم أكن قادراً على التوقف. طلب مني دابا أن اصلي وأن أطلب من الله أن يمنحني القوة. وعندما بدأت أصلي، ترك كل أصدقائي الذين يشربون الكحول القرية. لقد أبعدهم الله حتى لا يكون بمقدورهم التأثير عليّ. ثم قام أيضاً بانتزاع رغبة شرب الكحول من داخلي ونجّاني من أغلال الكحول. إن أمي وأختي مندهشتان. إنهما يريان كيف يغير الله حياتي وهما تسألان أسئلة كثيرة عن إيماني بالله. قبل أن أقابل المسيح، كانت حياتي عبارة عن تشاجر وشرب كحول وسرقة. ولكن عندما قابلت المسيح، أدركت أن قلبي لم يكن به اي شيء جيد. وطلبت من الله أن يعطيني قلباً نقياً وحياة طاهرة. والآن، أنا أتوق إلى أن أقضي كل وقتي مع الله. أنا حقاً أعترف بأني كنت شريراً في تلك الأوقات التي كنت أوذي فيها الآخرين بكلماتي أو تصرفاتي. أنا لا أرغب في القيام بهذه الأمور مرة أخرى أبداً. وبنعمة الله، صرت إنساناً جديداً يعمل على تمجيد اسم الله في اقواله وتصرفاته.»
تواصل الكنيسة الأدفنتستية نموها في منغوليا إذ يعرف المزيد من الناس عن الله من خلال شهادة أولئك الذين أعطوا حياتهم له. شكراً لكم من أجل دعمكم للعمل المرسلي.
مقتبسة من قصة كتبتها شارلوت أشكانيان.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
الدرس الثالث عشر
٠٢- ٦٢حزيران (يونيو)
المسيحُ المصلوب، والمُقَام
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: تكوين ٣: ١ـ ٦؛ لوقا ٢٢: ٣٩ـ ٤٦؛ ٢كورنثوس ١٣: ٨؛ لوقا ٢٢: ٥٣؛ متى ١٢: ٣٠؛ ١كورنثوس ١٥: ١٤.
آية الحفظ: « ’إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسَلَّمَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي أَيْدِي أُنَاسٍ خُطَاةٍ، وَيُصْلَبَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ ‘ « (لوقا ٢٤: ٧).
كان المسيح مدركاً منذ طفولته أنه قد جاء إلى هذه الأرض ليتمم مشيئة أبيه السماوي (لوقا ٢: ٤١ـ ٥٠). وقد قام المسيح بالتعليم والشفاء والخدمة وكان مكرساً بالتمام لإطاعة الآب وعمل مشيئته. وبعد الاحتفال بالعشاء الرباني، حان الوقت لأن يسير المسيح وحده وأن يُتمم مشيئة الله، وأن يُخان ويُنْكَر، ويُحاكم ويُصلب، وأن يقوم منتصراً على الموت.
وطوال حياته، كان المسيح يعرف حتمية الصليب. وعدة مرات في الأناجيل، نجد أن كلمة «يَنْبَغِي» تأتي مقترنة بمعاناة وموت المسيح (لوقا ١٧: ٢٥؛ ٢٢: ٣٧؛ ٢٤: ٧؛ متى ١٦: ٢١؛ مرقس ٨: ٣١؛ ٩: ١٢؛ يوحنا ٣: ١٤). فنقرأ أن المسيح كان ينبغي أن يذهب إلى أورشليم. ينبغي أن يتألم. ينبغي أن يرفض. ينبغي أن يُرفع، وما إلى ذلك. فلم يكن هناك شيء من شأنه أن يمنع أو يثني ابن الله عن الذهاب إلى الجلجثة. وقد استنكر المسيح أي اقتراح برفض الصليب واعتبر أن مثل هذا المقترح هو مِن الشيطان (متى ١٦: ٢٢و ٢٣). وكان المسيح مقتنعاً « أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ .... وَيَتَأَلَّمَ .... وَيُقْتَلَ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ « (متى ١٦: ٢١). فبالنسبة للمسيح، لم تكن الرحلة إلى الصليب اختياراً؛ بل كانت «واجباً» (لوقا ٢٤: ٢٥و ٢٦و ٤٦)، وكانت جزءاً من السِّرِّ الإلهي « الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ» (كولوسي ١: ٢٦).
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٢٧حزيران (يونيو).
الأحد
١٢حزيران (يونيو)
جَثْسَيْمَانِي: الصراع المخيف
في فجر التاريخ، خلق الله آدم وحواء ووضعهما في جنة جميلة مباركة يتوفر فيها كل ما يحتاجانه لعيش حياة سعيدة. لكن سرعان ما حدث شيء استثنائي: فقد ظهر الشيطان (تكوين ٣). وقد جرب الشيطان الزوجين الأولين ومن ثم أغرق الأرض الفَتِيَّةَ في صراع عظيم بين الخير والشر، بين الله والشيطان.
وفي الوقت الذي رآه الله مناسباً، أصبحت جنة أخرى [بستان جَثْسَيْمَانِي] (لوقا ٢٢: ٣٩ـ ٤٦) ساحة قتال كبرى حيث دارت فيها الحرب بين الحق والباطل وبين البِرِّ والخطية وبين خطة الله من أجل خلاص الإنسان وحيث احتدم غضب الشيطان الهادف إلى دمار الإنسان.
وفي جنة عدن، اجتاحت كارثة الخطية العالم؛ أما في جَثْسَيْمَانِي فقد صارت نصرة العالم النهائية مؤكدة. لقد شهدت جنة عدن الانتصار المأساوي للنفس وهي تصر على العمل ضد الله؛ أما بستان جَثْسَيْمَانِي فقد شهد النفس وهي تخضع ذاتها لله، وشهد كذلك إعلان النصرة على الخطية.
قارن ما حدث في عدن (تكوين ٣: ١ـ ٦) مع ما حدث في جَثْسَيْمَانِي (لوقا ٢٢: ٣٩ـ ٤٦). ما هو الفارق الكبير بين ما حدث في جنة عدن وما حدث في بستان جَثْسَيْمَانِي؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إن بستان جَثْسَيْمَانِي يرمز إلى أمرين هامين: أولاً، هو يرمز إلى أكثر محاولات الشيطان وحشية لعرقلة المسيح عن إتمام مأمورية وقصد الله؛ ثانياً، يرمز بستان جَثْسَيْمَانِي إلى أنبل مثال للاعتماد على قوة الله من أجل تحقيق مشيئة الله وقصده. إن بستان جَثْسَيْمَانِي يُظهر لنا إنه مهما كانت قوة المعركة ومهما كان ضعف النفس، إلا أن النصرة مؤكدة لأولئك الذين عرفوا واختبروا قوة الصلاة. فقد صلى المسيح صلاته الشهيرة: « ’ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ ‘ « (لوقا ٢٢: ٤٢).
لقد احتشدت كل جنود الشيطان ضد المسيح؛ بل وحتى التلاميذ الذين كان يحبهم كثيراً كانوا فاقدي الحس بمعاناته. وكانت قطرات الدم تسقط قَطرَةٌ فَقَطرَة؛ وكانت قبلة الخائن على بعد خطوات؛ وكان الكهنة وحرَّاس الهيكل على وشك الانقضاض. مع ذلك، فقد أظهر المسيح لنا أن الصلاة والخضوع لمشيئة الله سوف يمنحان النفس القوة اللازمة لكي تتحمل أعباء الحياة الثقيلة.
في المرة القادمة التي تُجرَّب فيها بشدة، كيف يمكن أن يكون لديك نفس الاختبار الذي كان ليسوع في بستان جَثْسَيْمَانِي، بدلاً من ذاك الاختبار الذي كان لآدم وحواء في جنة عدن؟ ما هو العامل الحاسم الذي يحدث كل الاختلاف بين الاختبارين؟
الاثنين
٢٢حزيران (يونيو)
يهوذا
« فَدَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا الَّذِي يُدْعَى الإِسْخَرْيُوطِيَّ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الاثْنَيْ عَشَرَ « (لوقا ٢٢: ٣). لا شك في أن الشيطان قد عمل بجد من أجل أن يستميل كل التلاميذ. مع ذلك، ما الذي كان عليه يهوذا ومكَّن العدو مِن أن ينجح كثيراً في استمالته، على النقيض من التلاميذ الآخرين، وجعله يُقْدِم على خيانة المسيح ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يروي لوقا كيف خَرَجَ المسيح إِلَى الْجَبَلِ لِيُصَلِّيَ قبل أن يختار تلاميذه (لوقا ٦: ١٢ـ ١٦). وكان المسيحُ يرى أن الاثنا عشر تلميذاً كانوا عطية الله له (يوحنا ١٧: ٦ـ ٩). فهل حقاً كان يهوذاً استجابة للصلاة؟ إن ما نفهمه مِن ذلك هو أن قصد الله كان سيتمم، حتى في ظل ارتداد يهوذا وخيانته للمسيح. (انظر ٢كورنثوس ١٣: ٨).
إن يهوذا الذي كان يتمتع بكثير من القدرات، والذي كان يمكن أن يكون بولس آخر، اختار بدلاً من ذلك الذهاب في الاتجاه الخاطئ تماماً. وهكذا صار اختباره مشابهاً لاختبار سقوط آدم وحواء مع أنه كان بمقدوره أن يكون له اختباراً ناجحاً يتغلب فيه على التجربة ويهزم مخططات إبليس، تماماً كما فعل سيده في بستان جَثْسَيْمَانِي.
«لقد ظل محتضناً تلك الروح الشريرة، روح الجشع حتى غدت الدافع المسيطر على حياته. فلقد طغت محبته للمال على محبته للمسيح» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٦٧٦).
عندما أطعم يسوع ٥٠٠٠ شخصاً بخمسة أرغفة وسمكتين (لوقا ٩: ١٠ـ ١٧)، كان يهوذا أول مَن أدرك واغتنم القيمة السياسة للمعجزة «وكان هو الذي دبر مشروع خطف يسوع وجعله ملكاً» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٦٧٩). لكن المسيح أدان المحاولة، ومن هنا بدأ استياء يهوذا، فقد «كانت له آمال عالية، ولذلك كانت خيبته مريرة» (صفحة ٦٧٩). من الواضح أن يهوذا، وآخرين كذلك، كانوا يعتقدون أن المسيح سوف يستخدم قدراته الخارقة لتأسيس ملكوت أرضي، وقد تبين بشكل واضح أن يهوذا كان يريد أن تكون له مكانة مرموقة في ذلك الملكوت. ومن المأساوي أن رغبته، التي لم تتحقق، في أن يكون له مكاناً ومكانة في مملكة أرضية قد تسببت في جعله يخسر مكانه في الملكوت الأبدي الذي كان قدومه مؤكداً.
وفي مرة أخرى، وعندما اختارت تابعةٌ مكرسةٌ للمسيح أن تدهن قدمي المسيح بعطر باهظ الثمن، انتقد يهوذا ما فعلته هذه المرأة ورأى أن فيما فعلته إهداراً للمال (يوحنا ١٢: ١ـ ٨). فكل ما استطاع يهوذا أن يراه هو المال، وقد طغت محبته للمال على محبته للمسيح. وهذا التعلّق الشديد بالمال قد دفع بيهوذا إلى أن يبيع عطية السماء [أي المسيح] التي لا تقدر بثمن (متى ٢٦: ١٦٥). ومنذ ذلك الحين، « دَخَلَ الشَّيْطَانُ فِي يَهُوذَا « (لوقا ٢٢: ٣). وأصبح يهوذاً نفساً هالكة.
ليس هناك شيء خطأ في أن تكون للإنسان مكانة أو مركزاً أو مالاً. إنما تكمن المشكلة عندما تطغي هذه الأشياء (أو أي شيء) على أمانتنا وإخلاصنا لله. لماذا هو من المهم دائماً أن نراجع أنفسنا حتى لا نصبح خادعين لأنفسنا، كما كان يهوذا؟
الثلاثاء
٣٢حزيران (يونيو)
إما معه أو ضده
إن الصليب، بكل ما يعنيه ويتضمنه، هو أيضاً المُقَسِّمِ والفَاصِل الأعظم في التاريخ: فهو الفاصل بين الإيمان وعدم الإيمان، بين الخيانة والقبول، بين الحياة الأبدية والموت. وفيما يتعلق بالصليب، ليس هناك أي حل وسط بالنسبة للإنسان. ففي نهاية المطاف نحن سنكون على هذا الجانب أو ذاك، ولن يكون هناك حل وسط أو أرضية مشتركة.
« ’ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ ‘ « (متى ١٢: ٣٠). هذه كلمات قوية ويمكن أن تجعلنا نشعر بشيء من عدم الارتياح، لكن المسيح يُعرب هنا عن ما هو حقيقة راسخة، ويعرب كذلك عَمَّا يترتب عن إتباع الحق بالنسبة لأولئك المنغمسين في الصراع العظيم بين المسيح والشيطان. فنحن إما مع المسيح أو مع الشيطان.
نعم، إن الأمر بهذا الوضوح الصارخ!
كيف تعامل الأشخاص الوارد ذكرهم أدناه مع المسيح وما هي الدروس التي يمكننا أن نتعلمها من مواقفهم ويمكن أن تساعدنا في علاقتنا مع الله وكيفية علاقتنا بالصليب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رجالُ السَّنْهدّريم (لوقا ٢٢: ٥٣). ما هي الأخطاء التي ارتكبها هؤلاء الأشخاص ولماذا فعلوا ذلك، وكيف يمكن أن نحمي أنفسنا مِن عمل شيء مشابه فيما يتعلق بموقفهم من المسيح ونظرتهم إليه؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيلاطس (لوقا ٢٣: ١ـ ٧و ١٣ـ ٢٥). ما الذي دفع بيلاطس إلى أن يقول « ’ أَنِّي لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً ‘ « (يوحنا ١٩: ٤) وما الذي دفعه في الوقت ذاته إلى أن يحكم على المسيح بالصلب؟ ما الذي يمكننا أن نتعلمه من خطأ بيلاطس من حيث إخفاقه في القيام بما كان يعرف أنه الصواب؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هِيرُودُسُ (لوقا ٢٣: ٦ـ ١٢). ما هو الخطأ الكبير الذي اقترفه هِيرُودُسُ، وما الذي يمكننا أن نتعلمه من هذا الخطأ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اللصان (لوقا ٢٣: ٣٩ـ ٤٣). وهنا نجد لصان ينظران إلى نفس الصليب لكن لكل منهما ردة فعل مختلفة. كيف يكشف هذا المشهد عن وقوفنا في أحد الجانبين أو الآخر فيما يتعلق بالصراع العظيم بين المسيح والشيطان؟
الأربعاء
٤٢حزيران (يونيو)
لكِنَّهُ قَامَ
صباح الأحد باكراً، ذهبت النساء إلى القبر وفي ذهنهن هدفاً واحداً وهو إتمام طقوس الدفن. وعلى الرغم من الوقت الذي قضينهن مع المسيح أثناء خدمته وتبشيره، إلا أنهن لم يستوعبن حقاً ما كان يحدث. والمؤكد أنهن لم يكن يتوقعن وجود قبر فارغ، أو أن يُقال لهن مِن قِبل رسولَين سماويين: « لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ! « (لوقا ٢٤: ٦).
في الأصحاحات القليلة الأولى من سفر أعمال الرسل هناك ما لا يقل عن ثماني إشارات إلى قيامة المسيح. أعمال ١: ٢٢؛ ٢: ١٤ـ ٣٦؛ ٣: ١٤و ١٥؛ ٤: ١و ٢و ١٠و ١٢و ٣٣؛ ٥: ٣٠ـ ٣٢. لماذا كانت قيامة المسيح مركزية جداً في تبشير بولس وفي إيمان الكنيسة الأولى؟ لماذا لا تزال قيامة المسيح مركزية وهامة بالنسبة لنا نحن اليوم أيضاً؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لقد كانت النساء شاهدات عيان مباشرات على قيامة المسيح. وقد أسرعن لمشاركة الأخبار السارة مع الآخرين، لكن أحداً لم يصدقهن (لوقا ٢٤: ١١). بدلاً من ذلك، رفض الرسل أعظم قصة في تاريخ الفداء واعتبروها مجرد» هَذَيَانٍ» صادر عن نساء كليلات وحزينات (لوقا ٢٤: ١٠و ١١).
لكن الرسل سرعان ما عرفوا كم كانوا مخطئين بشأن ما قالته النساء لهم.
إن قيامة المسيح هي أمر أساسي بالنسبة لعمل الفداء الذي قام به الله وكذلك لمجمل الإيمان والوجود المسيحيين. والرسول بولس يجعل ذلك الأمر واضحاً جداً فيقول: « وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ « (١كورنثوس ١٥: ١٤). إن كرازتنا وإيماننا سيكونان باطلين، لأنه فقط في قيامة المسيح نحن يمكننا أن نجد الرجاء الذي هو مِلك لنا. وبدون هذا الرجاء ستنتهي حياتنا هنا، وستنتهي إلى الأبد. إن حياة المسيح لم تنتهِ في القبر، والوعد العظيم هو أن حياتنا لن تنتهي في القبر كذلك.
«ما لم يكن المسيح قد قام من بين الأموات، لكان المسار الطويل للأعمال التي قام الله بها من أجل افتداء وخلاص شعبه سيفضي إلى طريق مسدود هو القبر. وما لم تكن قيامة المسيح حقيقة واقعة، لما كان لدينا أي ضمان بأن الله هو الله الحي، وذلك لأن الموت سيكون هو مَن له الكلمة الأخيرة، ولكان الإيمان عديم الجدوى لأن، مَن وضعنا فيه إيماننا، كان سيكون غير قادر على إثبات حقيقة أنه رب الحياة. ولو كان المسيح قد مات ولم يقم لصار الإيمان المسيحي مسجوناً في القبر ومسجوناً معه أيضاً مَن هو أرفع وأسمى إعلان لله» [جورج الدون لاد، لاهوت العهد الجديد (جرانيد رابيدز: وم. ب. إيردمانز، ١٩٧٤)، صفحة ٣١٨].
الخميس
٥٢حزيران (يونيو)
« هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ «
اقرأ لوقا ٢٤: ١٣ـ ٤٩، والتي تخبرنا عن الأحداث التي تمت بعد قيامة المسيح مباشرة. ما الذي أشار إليه المسيح، في لقاءاته المختلفة مع عدد من الأشخاص، من أجل أن يساعدهم على فهم ما حدث له، ولماذا يعد ما أشار المسيح إليه آنذاك غاية في الأهمية، حتى بالنسبة لنا اليوم في شهادتنا للعالم؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان ينبغي لقيامة المسيح أن تكون دليلاً كافياً يثبت للناس أنه كان المسيا. مع ذلك، فقد اشار البعض بشكل يبعث على السخرية إلى أن المسيح لم يمت على الصليب رغم كل ما تعرض له من جَلد ومعاملة وحشية قبل صلبه، ورغم الطعنة التي تلقاها في النهاية، ورغم لفه بأكفان ووضعه في القبر. لكن حتى لو أن المسيح، وكما يقترح البعض، كان على قيد الحياة ولم يمت فوق الصليب أو في القبر الذي دفن فيه، فإن خروج المسيح من القبر متخبطاً ومتمايلاً من شدة الإعياء والتعب، ومخضباً بالدماء ومضروباً ومضعفاً، ليس فيه أي انعكاس لفكرة المسيح المنتصر.
لكن المسيح، بعد قيامته، كان معافى وفي حالة جيدة سمحت له بالسير على الاقدام لبضعة أميال على الأقل مع شخصين في الطريق إلى عمواس. ولكن حتى في ذلك الحين، وقبل أن يعلن المسيح لهما عن نفسه، قام بتوجيههما إلى الأسفار المقدسة وأعطاهما أساس كتابي راسخ لإيمانهما به.
كما أن المسيح، وعند ظهوره للتلاميذ، أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وأكل معهم، بل وفعل أكثر من ذلك: لقد وجههم إلى كلمة الله: « ’هكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذلِكَ‘ « (لوقا ٢٤: ٤٦ـ ٤٨).
ومن أجل أن يقدم المسيح أدلة على قيامته (بالإضافة إلى وجوده حياً في وسطهم، وهو ما يعد خير دليل) فإنه لم يُشِر إلى الأسفار المقدسة وحسب، بل استخدم هو نفسه الأسفار المقدسة ليساعد تلاميذه على أن يفهموا ما حدث له. كما ربط المسيح ربطاً مباشراً بين قيامته وبين مأمورية الكرازة ببشارة الإنجيل إلى كل الأمم.
وهكذا، فإنه حتى مع كل الأدلة القوية التي تثبت مَن كان المسيح، نجد أن المسيح دائماً يوجّه أتباعه إلى كلمة الله. فعلى كل حال، كيف كنا سنعرف عن دعوتنا ومرسليتنا المتعلقة بالكرازة بالبشارة للعالم، لو لم تكن كلمة الله في وسطنا اليوم؟ بل كيف كنا حتى سنعرف ما هي البشارة؟ إذاً، الكتاب المقدس محوري ومركزي بالنسبة لنا نحن اليوم، تماماً كما كان محورياً ومركزياً بالنسبة للمسيح وتلاميذه.
كم من الوقت تقضيه في دراسة الكتاب المقدس؟ كيف يؤثر الكتاب المقدس في كيفية عيشك وفي الخيارات التي تقوم بها وفي كيفية تعاملك مع الآخرين؟
الجمعة
٢٦حزيران (يونيو)
لمزيد من الدرس
«إن أهمية موت المسيح ستكون منظورة من قبل القديسين والملائكة. فإنه ما كان يمكن للبشر الساقطين أن يكون لهم موطناً في فردوس الله دون الحمل المذبوح منذ تأسيس العالم. أفلا ينبغي إذاً أن نتهلل بصليب المسيح؟ إن الملائكة تعطي الإكرام والمجد للمسيح، لأنه حتى الملائكة لا تكن آمنة إلا من خلال النظر إلى آلام ابن الله. فمن خلال فعالية الصليب تجد ملائكة السماء حماية لها من الارتداد. ومن دون الصليب، ما كان يمكن لها أن تكون أكثر أمناً ضد الشر من الملائكة قبل سقوط الشيطان. إن كمال الملائكة قد فشل في السماء. وقد فشل الكمال البشري في عدن فردوس النعيم» (روح النبوة، موسوعة الأدفنتست لتفسير الكتاب المقدس، مجلد ٥، صفحة ١١٣٢).
أسئلة للنقاش
١. علينا، كمسيحيين، أن نعيش بالإيمان؛ أي أن نصدِّق في شيء لا نستطيع إثباته بشكل تام، شيء ليس لدينا أدلة شهود عيان مباشرة عليه. وبالطبع، يفعل الناس ذلك في كل الوقت، في الكثير من الأمور. على سبيل المثال، وفيما يتعلق بسياق العِلم، كتب أحد المؤلفين: «باختصار، نحن لدينا أدلة مباشرة على عدد قليل من المعتقدات التي نتمسك بها» [ريتشارد ديويت، وجهات نظر عالمية: مقدمة لتاريخ وفلسفة العلوم، الطبعة الثانية (شيشستر، غرب ساسكس، المملكة المتحدة: جون وايلي وأولاده، المحدودة، ٢٠١٠)، صفحة ١٥]. ومع ذلك نحن لدينا الكثير من الأسباب الوجيهة لإيماننا وللأمور التي نؤمن بها. على سبيل المثال، وفيما يتعلق بالمأمورية العظمى، انظر إلى ما قاله المسيح للتلاميذ: «’ وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى ‘ « (متى ٢٤: ١٤). الآن، فكر في الوقت الذي نطق فيه المسيح بهذه الكلمات. كم كان عدد أتباع المسيح في ذلك الوقت؟ كم مِن الناس آمنوا به أو حتى كان لديهم أي فهم بشأن مَن كان المسيح أو ما جاء من أجل إنجازه؟ فكر كذلك في كل المعارضة التي واجهتها الكنيسة الأولى لعدة قرون في الإمبراطورية الرومانية. ومع الإبقاء على كل هذه الحقائق في الذهن، ناقش مدى روعة ما صرَّح به المسيح هنا ويعد نبوة هامة. كيف يجب أن يساعدنا ذلك على الثقة في كلمة الله.
٢. امعن التفكير في المقطع أعلاه والمأخوذ من كتابات روح النبوة. كيف يساعدنا هذا على أن نفهم كيف أن الخطية كونية الطابع؟ فإنه حتى الملائكة ليسوا بمأمن من الخطية إلَّا من خلال النظر إلى المسيح. فما المقصود بذلك؟
قصة الأسبوع
حياة جديدة من الموت
ماساكي، اليابان
بصفتي متعهد دفن الموتى، فأنا محاط بالموت كل يوم إذ أعد الجثث للدفن وأتولى مسؤولية الإشراف على مراسم الدفن. ولعدة سنوات، أشاهد الناس ينعون موت أحبائهم ويقومون بإجراء الطقوس والمراسم التي تضمن للمتوفي رحلة سلمية وسريعة من هذه الحياة إلى الحياة الأخرى.
إن اليابان بلد علماني بشكل كبير، لكن معظم الناس يكرمون أجدادهم من خلال إقامة الصلوات وإجراء المراسم المتقنة وطقوس العبادة اللازمة. وفي أوقات معينة خلال العام، يقوم أفراد العائلات بزيارة مدافن أجدادهم ويقدمون الهدايا والصلوات. ولم تكن عائلتي تختلف عن ذلك؛ فقد كنا نصلي لأجدادنا. وبينما كنت أشاهد قادة الديانات المختلفة يقومون بإجراء المراسم الجنائزية، كنت ألاحظ أن معظم الجنازات تتضمن الكثير من الحزن الشديد والبكاء. لكني لاحظت أنه خلال المراسم الجنائزية للمسحيين كان الحزن يخفف بالرجاء. فقد بدا أن لديهم إيماناً بأنهم سيرون أحباءهم مجدداً. لكني مثل هذا الرجاء لم يكن موجوداً لدى معظم الناس. وعندها بدأت اتساءل في نفسي: أي من هذه المعتقدات هو المعتقد الصحيح؟ وإلى اين تذهب الروح بعد وفاة الشخص؟
بدأت أراقب المسيحيين عن كثب. وسرعان ما رأيت أن المسيحيين يواجهون الموت بإيمان متعمق الجذور في إلههم. وكان قساوستهم يُظهرون تعاطفاً كبيراً نحو الأسرة المكلومة وكانوا يتحدثون عن رجائهم في رؤية أحبائهم مجدداً. وفي أحد الايام كنت مسؤولاً عن مراسم جنازة في كنيسة سبتية أدفنتستية. وبعدما انتهيت من الاستعدادات اللازمة للجنازة، جلست وحدي في كنيسة فارغة وسمحت لسلام وسَكِينَة المكان أن يغمراني. وفكرت في الأوقات التي كان فيها الموت قريباً منى: كالمرة التي كنت على وشك الغرق في المحيط، والمرة التي كدت أن أموت في حادث دراجة نارية. وإذ أخذت في تذكر تلك الأحداث، تفاجأت من أنه بدلاً من الشعور بالخوف شعرت بسلام عميق، كما شعرت بأني لست وحيداً.
وفي صباح اليوم التالي، قمت بزيارة القس الأدفنتستي. تحدثنا معاً عن الله، وقد أكد لي القس أن المسيح يريد أن يكون جزءاً من حياتي. طلبت من القس أن يساعدني على تعلم المزيد. كنت حريصاً على معرفة كيف يعمل الإيمان المسيحي على منح أتباعه مثل هذا الرجاء. درسنا الكتاب المقدس معاً لعدة أشهر، وعرفت عن الله الذي لم يخلقنا فحسب، لكنه جاء ليعيش وليموت حتى يمكننا نحن أن نعيش معه إلى الأبد. أنا لم أسمع أبداً عن محبة كهذه!
وعندها صليت أول صلاة لي، وملأ الله قلبي بالسلام والفرح اللذين لم أعرفهما من قبل. لاحظ كلاً من أسرتي وأصدقائي وزملائي التغيرات التي طرأت على حياتي وسألوا عن ما حدث. وأخبرتهم أني التقيت بالله الحي يسوع المسيح وقبلت عطيته للخلاص.
والآن، وعندما أقوم بالإعداد لمراسم جنازة شخص غير مسيحي، أريد للعائلة الحزينة أن تلاحظ الفرق في حياتي. أواصل دراسة الكتاب المقدس والتعلّم عن محبة الله حتى أتمكن من مجاوبة أولئك الذين يسألون عن إيماني، وحتى أعرف كيف أشجع العائلات الحزينة التي اقابلها كل يوم.
مقتبسة من قصة كتبتها شارلوت أشكانيان.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
دليل دراسة الكتاب المقدس للربع الثالث، ٥١٠٢
دليل الربع القادم بعنوان « المُرْسَلُون» من تأليف بورغ شانز. وسوف ننظر في هذا الربع إلى المرسلية بوصفها، في المقام الأول، وسيلة الله لتوصيل البشارة إلى أولئك الذين لا يعرفونها. إن المرسلية هي جزء أساسي من العمل الرائع الذي يقوم به الله في عملية فداء البشرية. وهكذا، فإننا سندرس كيف أن قصد الله الأبدي قد تُمِّمَ في حياة أشخاص في الكتاب المقدس استخدمهم الله ليكونوا مُرسلين إلى الضالين.
وأخيراً، فإن المُرسلية المسيحية هي مُرسلية الله وليس مُرسليتنا. ولقد نشأت هذه المُرسلية في قلب الله. وهي تستند على محبة الله. وسيتم إنجازها بمشيئة الله.
وببساطة، فالمرسلية هي جعل العالم كله يعرف عن يسوع وعما قام به من أجل كل واحد منا، وعما وعد بأن يقوم به من أجلنا، الآن وفي الأبدية. وباختصار، لقد دُعينا، نحن الذين نعرف عن هذه الوعود، إلى أن نخبر الآخرين عنها أيضاً.
الدرس الأوّل- الطبيعة المُرسلية لله
نظرة خاطفة إلى درس هذا الأسبوع
الأحد: خلق الله الرجل والمرأة (تكوين ١؛ تكوين ٢)
الاثنين: الإرادة الحرة (تكوين ٢: ١٥ـ ١٧)
الثلاثاء: السقوط (تكوين ٣: ٦و ٧)
الأربعاء: مبادرة الله لخلاصنا (تكوين ٣: ٩)
الخميس: استعارات مُرسلية (تكوين ٥: ١٣و ١٤)
آية الحفظ: إشعياء ٥٥: ٤.
خلاصة الدرس: إن الله، وحتى قبل بداية عالمنا، قد وضع خطة الخلاص كي يعمل من أجلنا ما لم يكن ممكناً أبداً أن نعمله لأجل أنفسنا.
- الدرس الثاني- إبراهيم: أول مُرْسَل
نظرة خاطفة إلى درس هذا الأسبوع:
الاحد: دعوة إبراهيم (تكوين ١٢: ١ـ ٣)
الاثنين: شهادة إبراهيم إلى الملوك (تكوين ١٤: ٨ـ ٢٤)
الثلاثاء: إيمان يُحتذى بِهِ (تكوين ١٥: ٦؛ غلاطية ٣: ٦)
الأربعاء: إبراهيم، الرَّحالة (تكوين ١٢: ٦و ٧؛ تكوين ٢٢: ١ـ ١٤)
الخميس: إبراهيم: مُرْسَلٌ في بيته (تكوين ١٨: ١٨و ١٩)
خلاصة الدرس: الله يريدنا أن نكون، كما كان خادم الله الأمين إبراهيم، نوراً للأمم، نوراً لأولئك الذين في حاجة إلى معرفة الرب.