-2 دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الثالث 2014 - تعاليم المسيح
كيف تعيش كما عاش المسيح
إن تعاليم المسيح تضع نموذجاً سامياً من حياة المحبة المنكرة للذات لدرجة أن معظمنا قد يشعر بالارتباك واليأس. فكيف يمكننا نحن، الأنانيون بطبيعتنا، أن نحب قريبنا، بلا أنانية؟ علاوة على ذلك، هل حتى من الممكن بالنسبة لنا أن نحب أعداءنا؟ يبدو هذا الأمر، ومن وجهة النظر البشرية، مستحيلاً تماماً.
لكن الرب لا يطلب منا، أبداً، أن نحب ونخدم أولئك المبغوضين وغير المحبوبين دون أن يمدنا بوسائل تحقيق ذلك. «وهذا المقياس ليس مما نعجز عن بلوغه. وفي كل أمر أو وصية يقدمها الله يوجد وعد إيجابي وأكيد جداً يكمن في ذلك الأمر. ولقد أعد الله العدة لكي نصير مثله وهو سيتمم هذا لكل من لا يدخلون إرادة فاسدة منحرفة وهكذا يبطلون نعمته» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٥٠٩و ٥١٠).
ما هو الوعد الذي تستند إليه الوصية بأن نحب أعداءنا؟ إنه اليقين بأن الله لطيف ورحيم مع غير الشاكرين والأشرار (لوقا ٦: ٣٥و ٣٦)، وهو ما يشملنا نحن أيضاً. فنحن يمكننا أن نحب أعداءنا لأن الله أحبنا أولاً، على الرغم من أننا كنا أعداءه (رومية ٥: ١٠). فإننا عندما نؤكد، بصفة يومية، على قبولنا لتضحية محبته لنا على الصليب، فستسود حياتنا محبته المنكرة للذات. وكلما أدركنا واختبرنا محبة الرب لنا، كلما تدفقت محبته مِنَّا للآخرين، حتى أعداءنا.
ما هي العلاقة بين الثبات في المسيح ومحبته، وبين محبة قريبنا؟ انظر يوحنا ١٥: ٤ـ ١٢.
________________________________________________________________________________
________________________________________________________________________________
إن حاجتنا اليومية هي ليس فقط أن نقبل، مجدداً، موت المسيح من أجلنا، وإنما حاجتنا هي تسليم مشيئتنا له والثبات فيه. كما أن المسيح لم يطلب مشيئته هو ولكن مشيئة الآب (يوحنا ٥: ٣٠)، لذلك نحن بحاجة إلى أن نعتمد على المسيح وعلى مشيئته. لأننا من دونه لا نستطيع أن نفعل شيئاَ. وإذ نختار بصفة يومية أن نسلِّم ذواتنا للمسيح، فإنه سيحيا فينا ومن خلالنا. وعندها « ’أَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ‘ « (غلاطية ٢: ٢٠) وعندها سيُغيّر المسيح موقفي، المتسم بالأنانية، إلى حياة متسمة بالمحبة ومُنْكِرة للذات.
اقرأ، مرة أخرى، يوحنا ٥١: ٤ـ ٢١. ما هو الفرح الذي يتحدث المسيح عنه هنا؟ كيف يمكننا أن نختبر لأنفسنا الفرح الذي يأتي من خدمتنا للآخرين، حتى عندما لا نشعر، بالضرورة، بالسعادة حيال ظروفنا المباشرة؟
الجمعة
٥١ آب (أغسطس)
لمزيد من الدرس
اقرأ لروح النبوة الفصل الذي بعنوان «السامري الصالح، صفحة ٤٧٠ـ ٤٧٦؛ والفصل الذي بعنوان «كأس ماء فقط»، صفحة ٦٠٥- ٦١٠ في كتاب مشتهى الأجيال.
«فكل من حولنا نفوس مسكينة مجربة وتحتاج إلى كلمات العطف وأعمال العون. فتوجد أرامل يحتجن إلى العطف والمساعدة. كما يوجد يتامى أمر المسيح تابعيه أن يقبلوهم كأمانة مسلمة لهم من الله.... وهم أفراد في أسرة الله العظيمة، والمسيحيون كوكلاء لله مسؤولون عنهم. وهو يقول ’دمه من يدك أطلبه‘ « (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٣٨٩).
«ليس ما نقوم به من عملٍ عظيم هو الذي يحظى بقبولِ واستحسان المخلِّصِ، بل ما يحظى بقبوله ورضاه هو ما نتحلى به من محبة وإخلاص عند قيامنا بهذا العمل» (روح النبوة، في الأماكن السماوية، صفحة ٣٢٥).
أسئلة للنقاش
١. يبدو، للوهلة الأولى، وكأن مَثَلَ «الخراف والجداء» يعلِّم أن الخلاص هو بالأعمال؛ وبأنه كلما زاد ما نقوم به من أعمال صالحة كلما كان لدينا فرصاً أفضل لدخول ملكوت الله. لكن مفاجأة المخلَّصين تُظهر أنهم لم يُظهروا المحبة في حياتهم من أجل الحصول على مزايا واستحقاقات. لقد علَّم المسيح بوضوح أن الحياة الأبدية هي نتيجة الإيمان به (يوحنا ٣: ٥١؛ ٦: ٠٤و ٧٤؛ ١١: ٥٢و ٦٢). فأعمال المحبة الحقيقية تنتج عن إيماننا بالله ومحبتنا له (غلاطية ٥: ٦). إن هذه الأعمال هي دليل الخلاص، وليس سببه. كيف يمكننا العمل على التصرُّف بطريقة متسمة بالمحبة بينما نتجنب، في الوقت ذاته، الوقوع في فخ الاعتقاد بأننا نقوم بهذه الأمور من أجل كسب حقنا في السماء؟ لماذا يجب أن نُمَيِّزَ، دائماً، بين ثمر الخلاص وبين وسائل الخلاص؟
٢. إنه لمن الصعب محبة «أعدائك» عندما يكونوا مزعجين وغير ودودين؛ مثل زملاء عمل عنيدين أو معارف متطاولين أو جيران ناكرين للجميل. لكن ماذا عن الأعداء الحقيقيين، أولئك الذين ألحقوا بك ضرراً أو الذين أرادوا إلحاق الأذى بك، أو بأفراد أسرتك؟ كيف لنا أن نحب أمثال هؤلاء؟ أي عزاء، إن وجد، في حقيقية أننا مُجبرون بأن نحبهم «كأنفسنا»؟
٣. يمكن للناس أن يجادلوننا بشأن معتقداتنا اللاهوتية ومذهبنا ونمط حياتنا، بل ويجادلوننا بشأن كل شيء تقريباً. لكن مَن يمكنه أن يجادل ضد محبةٍ نزيهةٍ وغير أنانية؟ إن المحبة غير الأنانية تكشف عن قوة تتخطى الحُجج العقلانية أو المنطقية. كيف يمكننا التعبير عن هذه المحبة، بغض النظر عن ما تكلفنا إياه؟
قصة الأسبوع
الرب صخرتي
أنا انجيلو. وأعيش في مدغشقر، وهي جزيرة كبيرة تقع في شرق ساحل أفريقيا. عائلتي مسيحيّة، لكنّهم يذهبون إلى كنائس مختلفة، وغالباً ما يتشاجرون على ما يؤمنون به. وبالنسبة لي، أصبحت العبادة في الكنيسة هي مصدراً للجدالات، وليست تعبيراً عن المحبّة.
عندما كنت في العاشرة من عمري، أرادت أمّي إلحاقي بمدرسة مسيحيّة حرصاً منها على أن أكون في بيئة أفضل. ثم وجدت والدتي مدرسة أدفنتستيّة قريبة من بيتنا وطلبت من أبي السماح لي بالذهاب والدراسة فيها. وافق أبي في النهاية على هذا الاقتراح وأرسلني للدراسة هناك.
وحتّى ذلك الوقت، كان كل ما أعرفه عن الله هو ما علّمني إيّاه أبي. ولكن في مدرستي الجديدة، كنّا ندرس الكتاب المقدّس كمنهاج تعليمي. كنت معتاداً على مجادلة الآخرين إن قالوا شيئاً ما يتعارض مع ما أؤمن به.
على أيّة حال، سرعان ما أدركت بأنّ الطلاب الأدفنتست يعرفون الكثير من الآيات التي تدعم اجابتهم. وكانت درايتهم في هذه المواضيع تُلهِمُني أكثر لقراءة الكتاب المقدس لأستطيع أن أدعم وجهة نظري بشكل أفضل. ولكن قام أصدقائي الأدفنتست الجُدد بتشجيعي على دراسة الكتاب المقدس لمعرفة ما يقوله الله، وليس فقط لمجادلة وجهات النظر المختلفة.
زاد اهتمامي بالدين، وعندما أصبحت في الخامسة عشرة قبلت الرب يسوع مخلّصاً لحياتي وطلبت أن أصبح أدفنتستيّاً. تقَبلَت أمّي قراري هذا وكانت سعيدة جداً بشأنه. ولكن أبي لم يكن سعيداً كثيراً بهذا القرار. وغالباً ما كنّا نتناقش في مواضيع الكتاب المقدس، وكان كلّاً منا يقتبس آيات ليدعم رأيه.
أصبحت أدفنتستيّ منذ ثلاثة أعوام، ولكن أهلي لم يقبلوا إيماني الجديد حتى الآن، لكنّهم تقبلوا قراري. أصلّي أن يذهبوا معي يوماً ما إلى كنيسة الأدفنتست. أستطيع أن أرى تغييرات واضحة في حياة عائلتي بسبب صمودي الراسخ في إيماني بالله، وهذا الأمر يجعلني سعيداً للغاية.
أشكر عائلتي لإرسالي إلى مدرسة الأدفنتست لأتعلّم فيها. كما أشكر المدرسين وزملائي الطلبة لتوجيهي إلى الطريق الصحيح للرب يسوع. وأشكر جميع الذين ساهموا في عطاء السبت الثالث العشر في مساعدة مدرستي في عام ٢٠١٢. قد ساعد هذا العطاء في تحسين بناء المدرسة وتوفير المزيد من الغرف الصفيّة وأماكن للسكن لهؤلاء الذين يريدون الدراسة هنا ومعرفة بأنّ الله يريد أن يكون صخرتهم كذلك.
أنجيلو، هو طالب في مدرسة ماهاجانيا الأدفنتستيّة في شمال غرب مدينة مدغشقر.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www
الدرس الثامن
٦١ـ ٢٢ آب (أغسطس)
الكنيسة
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: تثنية ٣٢: ٤؛ مزمور ٢٨: ١؛ يوحنا ١٧؛ يوحنا ١٥: ١ـ ٥؛ متى ٧: ١ـ ٥؛ متى ٥: ٢٣و ٢٤؛ ١٨: ١٥ـ ١٨.
آية الحفظ: « ’وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي‘ « (يوحنا ١٧: ٢٠و ٢١).
يمكن الرجوع بجذور الكنيسة المسيحية إلى آدم وإبراهيم وبني إسرائيل. لقد دعا الله إبراهيم، وبني إسرائيل لاحقاً، إلى الدخول في علاقة عهد معه حتى يبارك العالم من خلالهم. وعلى مر التاريخ المقدس، نجد أن علاقة العهد هذه قد تواصلت واستمرت من قِبَل الكنيسة.
لم تكن الكنيسة من اختراع الرسل، أو أي إنسان. بل إن المسيح، وأثناء خدمته الأرضية، أعلن عن عزمه على تأسيس كنيسته: « ’أَبْني كَنِيسَتِي‘ « (متى ١٦: ١٨). والكنيسة مدينة ليسوع المسيح في وجودها. فيسوع المسيح هو مؤسسها.
إن مصطلح «كنيسة»، وفقاً للأناجيل، قد وَرَدَ على شفتي المسيح ثلاث مرات فقط (متى ١٦: ١٨و ١٨: ١٧). مع ذلك، فهذا لا يعني أنه لم يتعامل مع مسألة الكنيسة. لقد علَّم المسيح بمفاهيم هامة جداً تتعلق بالكنيسة. ستركز دراستنا لهذا الأسبوع على فكرتين رئيسيتين: تأسيس الكنيسة ووحدتها.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٢٣آب (أغسطس).
الأحد
٧١ آب (أغسطس)
تأسيس الكنيسة
قال يسوع: « ’وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْني كَنِيسَتِي‘ « (متى ١٦: ١٨). مَن هو هذه الصخرة (بيترا باللغة اليونانية) الذي عليه تُبنى الكنيسة؟ يعتقد بعض المفسرين أن بطرس هو الصخرة. وهم يقولون أن المسيح قد استعمل أسلوب «التلاعب بالألفاظ» عند استخدامه لكلمتي «بطرس» و «الصخرة» (وهاتان الكلمتان هما «بيتروس» و «بيترا» على التوالي، في اللغة اليونانية)، وهو تلاعب بالألفاظ ربما يبدو أكثر وضوحاً في اللغة الآرامية، التي ربما يكون المسيح قد استخدمها، عند حديثه عن هذه المسألة. مع ذلك، فالحقيقة هي أنه لا أحد يعلم، على وجه اليقين، الكلمات المحددة التي نطق بها المسيح باللغة الآرامية. فنحن لدينا فقط النص اليوناني المدون مِن قِبل متى، والذي يُميِّزُ بين «بيتروس: «الحصى» و «بيترا: الصخرة»، وهو تمييز لا ينبغي تجاهله.
وهناك أسباب وجيهة للتأكيد على أن «بيترا أو الصخرة» إنما تشير إلى المسيح. فإن السياق المباشر لتصريح المسيح ( في متى ١٦: ١٣ـ ٢٠) يركِّز على هُوُيِّة المسيح ومرسليته، وليس على بطرس. إلى جانب ذلك، كان المسيح قد استخدم، في وقت سابق، استعارة البناء على الصخر، معرِّفَاً بوضوح أن هذه الصخرة هي إشارة إليه هو وإلى تعاليمه (متى ٧: ٢٤و ٢٥).
ما هو المعنى الرمزي «للصَّخْر أو الصخرة» في العهد القديم؟ تثنية ٣٢: ٤؛ مزمور ٢٨: ١؛ ٣١: ٢و ٣؛ ٤٢: ٩؛ ٦٢: ٢؛ إشعياء ١٧: ١٠.
_________________________________________________________________________________________________________________________________________________
عندما سمع بطرس، والرسل الآخرون، المسيح يتحدث عن بناء كنيسته على الصخرة، فسروا ذلك من منطلق ما تعنيه كلمة «الصخرة» في العهد القديم، فهي ترمز إلى الله.
وقد أكد بطرس نفسه أن المسيح هو « ’الْحَجَرُ الَّذِي احْتَقَرْتُمُوهُ أَيُّهَا الْبَنَّاؤُونَ، الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ‘ « (أعمال ٤: ١١)، كما طبَّق مصطلح «الصَخْرَةَ أو الحجر» على المسيح بوصفه مؤسس الكنيسة (١بطرس ٢: ٤ـ ٨). وفي حين قارن بطرس المسيحيين، بشكل عام، بـ «حِجَارَةٍ حَيَّةٍ»، نجده يُطَبِّق مصطلح «الحجر أو (بيترا)» على المسيح وحده. وفي الكتاب المقدس، لا يُدعى أي شخص، سوى المسيح، «صخرة أو حجراً».
لقد استخدم الرسول بولس المصطلح «بيترا أو صخرة» في إشارة إلى المسيح (رومية ٩: ٣٣؛ ١كورنثوس ١٠: ٤) وأعلن مؤكداً أنه «لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاسًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ، الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ» (١كورنثوس ٣: ١١). لذلك، نستنتج أن الكنيسة الرسولية قد فهمت بالإجماع أن المسيح يسوع نفسه هو الصخرة الأساسية التي تُبنى عليها الكنيسة، وبأن كل الأنبياء والرسل، بما في ذلك بطرس، هم «الطبقة الأولى» من الحجارة الحية في صرح الكنيسة الروحي (أفسس ٢: ٢٠).
لماذا من المهم أن نعرف أن الكنيسة، بما قد تبدو عليه من وهن وضعف أحياناً، مؤسسة على يسوع المسيح نفسه؟
الاثنين
٨١ آب (أغسطس)
صلاة المسيح من أجل الوحدة
بعد العشاء الأخير، في ليلة خميس، مضى المسيح وتلاميذه نحو جبل الزيتون. وفي طريقهم إلى جثسيماني، توقف المسيح وصلى من أجل نفسه ومن أجل تلاميذه ومن أجل كل مَن كانوا سيؤمنون به في وقت لاحق، من خلال تبشير وكرازة الرسل. وعلى الرغم من أن عذابات الصليب كانت أمامه، الا أن اهتمامه بأتباعه كان أكثر من اهتمامه بنفسه. ويقدم الأصحاح ١٧، من سفر يوحنا، أطول صلاة تشفعية للمسيح مدوَّنة في الكتاب المقدس. ومن المشجِّع أن نعرف أن المسيح قد صلى من أجل كل شخص يؤمن به، بما في ذلك كل واحد مِنَّا.
اقرأ يوحنا ١٧. ماذا كانت طِلبة المسيح الرئيسية، فيما يتعلق بالمؤمنين، عند صلاته للآب؟ انظر، على وجه التحديد، الآيات ٢١ـ ٢٣.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن ما يوضح أهمية الوحدة، بالنسبة لحياة الكنيسة، هو أن المسيح قد كرَّر أربع مرات رغبته الشديدة في أن يكون أتباع المسيح واحداً فيه (يوحنا ١٧: ١١و ٢١ـ ٢٣). وكان يمكن للرب، في هذه الساعة الأخيرة من حياته قبل الصليب، أن يصلى من أجل أمور أخرى كثيرة ذات أهمية كبرى. لكنه، بدلاً من ذلك، ركَّز صلاته من أجل وحدة المؤمنين. لقد عرف المسيح أن الخطر الأكبر على الكنيسة هو روح التنافس والانقسام.
إن صلاة المسيح لم تكن من أجل أن يتسم أتباعه بالوحدة والوفاق، وإنما كانت صلاته، بالأحرى، من أجل أن تكون وحدتهم شبيهة بعلاقته مع الآب. فالمسيح والآب أقنومان، متميزان عن بعضهما البعض، ولكل واحد منهما وظائف مختلفة. ومع ذلك، فإنهما واحد في الطبيعة والهدف. ومن نفس المنطلق، نحن لدينا أمزجة مختلفة، وكذلك ومقدرات وأدوار مختلفة، لكن يجب علينا جميعاً أن نتحد في المسيح يسوع.
ولا يحدث هذا النوع من الوحدة بصورة تلقائية. فإنه من أجل التمتع بهذه الوحدة، يجب علينا أن نقبل، بشكل تام، سيادة المسيح على حياتنا. فلابد له من أن يشكِّل أخلاقنا، ويجب علينا أن نُخضع مشيئتنا لمشيئته.
إن الوحدة ليست غاية في حد ذاتها، بل هي بَيِّنَةٌ يهتدي العالمُ بواسطتها إلى الإيمان بالمسيح، بوصفه المخلِّص المُرْسَل مِن قِبَل الآب. إن التناغم والوحدة، بين الناس من مختلف التوجهات، هما أقوى بَيِّنَةٍ ممكنة على أن الله قد أرسل ابنه ليخلِّص الخطأة. إنهما دليل لا يرقى إليه الشك على قوة المسيح المخلِّصة والمُغيِّرة للحياة. ونحن لدينا امتياز أن نكون شهوداً على هذه القوة.
وفي كثير من الأحيان، لا يُهَدِّد الوحدة سوى الأنانية. كيف يمكننا التأكد من أننا لسنا مذنبين بتهديد وحدة الكنيسة، بدون سبب معقول؟
الثلاثاء
٩١ آب (أغسطس)
تدبير المسيح للوحدة
ما هو أساس الوحدة التي صلى المسيح في طلبها من أجل كنيسته؟ انظر يوحنا ١٧: ٢٣ ويوحنا ١٥: ١ـ ٥.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
تُعْرِبُ عبارة « ’أَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ‘ « (يوحنا ١٤: ٢٠)، عن العلاقة الحميمة التي نحتاج إلى أن تكون لنا مع المسيح. إن حضور المسيح في حياتنا ينشئ الوحدة. ويجلبُ المسيحُ إلى حياتنا أمرين لا غنى للوحدة عنهما: الكلمة الإلهية والمحبة الإلهية.
فإذا كان لدينا المسيح، سيكون لدينا كلامه أيضاً، الذي هو في الواقع كلام الآب (يوحنا ١٤: ٢٤؛ ١٧: ٨و ١٤). المسيح هو «الحق» (يوحنا ١٤: ٦)، وكلام الآب هو «الحق» كذلك (يوحنا ١٧: ١٧). فالوحدة في المسيح تعنى الوحدة في كلمة الله. ومن أجل أن تكون لنا وحدة، نحن نحتاج إلى الاتفاق على مضمون الحق كما هو وارد ومقدم في كلمة الله. وأي محاولة لتحقيق الوحدة، دون الالتزام والتمسُّك بمجموعة المعتقدات الكتابية، مصيره الفشل.
أيضاً، يريد الله مِن تابعيه أن يكونوا متحدين بالمحبة الحقيقية. فإذا كان لدينا المسيح، ستكون لدينا المحبة الكاملة التي لدى الآب للابن (يوحنا ١٧: ٢٦). وهذه المحبة ليست عاطفة أو شعوراً مؤقتاً، ولكنها مبدأ حي ودائم من العمل والسلوك. ومن أجل أن يكون لدينا محبة حقيقية، يجب أن يكون لدينا «قليلاً من الذات» و»كثيراً من المسيح». ولابد لكبريائنا الأناني من أن يموت، ولابد للمسيح من أن يحيا فينا. وعندها، سَنحب بعضنا البعض بحق وإخلاص. وهكذا، نجعل الوحدة الكاملة، التي صلي المسيح من أجلها، أمراً ممكناً.
«سيكون هناك وحدة كاملة وتامة في الكنيسة عندما يتقدس بالحق أولئك الذين يَدَّعُوَن الإيمانَ بالحق، وعندما يتعلمون من المسيح وداعته وتواضعه» (روح النبوة، علامات الأزمنة، ١٩أيلول/سبتمبر، ١٩٠٠).
لم يكن من السهل دائماً تحقيق التوازن الصحيح بين التمسُّك الشديد بالحق وبين أن تكون لدينا محبة عميقة لبعضنا البعض. فهناك دائماً خطر التركيز على أحدهما على حساب الآخر. فقد كان هناك وقت اُعتبرت فيه «العقيدة وحدها» هي العنصر الأهم للوحدة [في الكنيسة]. لكن الأخبار السارة هي أن هذا النقص، في التوازن بين هذين الأمرين، قد تم تصحيحه، تدريجياً. مع ذلك، فإننا نخاطر اليوم بالجنوح صوب الجانب الآخر، فنعتقد أن المحبة أكثر أهمية [من الحق] من أجل تحقيق الوحدة في الكنيسة. لكن، علينا أن نتذكر أن المحبة من دون الحق عمياء، وبأن الحق من دون المحبة عقيم وغير مثمر. لابد للعقل والقلب أن يعملا معاً.
لقد أظهرت الكنيسة، في زمن الرسل، الوحدة التي صلى المسيح من أجل تواجدها في كنيسته. «وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ [الحقَ]، وَالشَّرِكَةِ [المحبة] « (أعمال ٢: ٤٢).
الأربعاء
٠٢ آب (أغسطس)
معوق هائل للوحدة
كيف تساعدنا كلمات المسيح في متى ٧: ١ـ ٥ على تجنب الانقسامات والنزاعات في الكنيسة؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن رؤيتنا لأخطاء الآخرين أسهل بكثير من رؤيتنا لأخطائنا. يمنحنا انتقادنا للآخرين شعوراً زائفاً بالتفوّق، لأن المُنْتَقِد يُقارن نفسه ببشرٍ آخرين يبدو أنهم أكثر سوءاً منه. مع ذلك، فهدفنا هو ليس مقارنة أنفسنا بالآخرين، وإنما مقارنة أنفسنا بالمسيح.
كم من المشاكل التي يمكننا تجنبها إذا أطاع كل واحد منا الأمر الإلهي القائل: « ’لاَ تَسْعَ فِي الْوِشَايَةِ بَيْنَ شَعْبِكَ. لاَ تَقِفْ عَلَى دَمِ قَرِيبِكَ‘ « (لاويين ١٩: ١٦). إن الحقيقة المؤلمة هي أن «النَّمَّام يُفَرِّقُ الأَصْدِقَاءَ» (أمثال ١٦: ٢٨).
وعلى صعيد آخر، هناك ظروف يكون فيها من الضروري الحديث عن شخص آخر. مع ذلك، فإنه قبل القيام بهذا، علينا أن نسأل أنفسنا ثلاثة أسئلة:
- هل ما أنا على وشك أن أقوله صحيح؟ « ’لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ‘ « (خروج ٢٠: ١٦). أحياناً، قد نتحدث عن شيء كما لو كان حقيقة في حين أنه، في الواقع، مجرد افتراض أو تخمين. إلى جانب ذلك، نحن ربما، وبدون إدراك مِنَّا، نضيف تقييمنا الذاتي للأمور، مما يعرضنا لخطر الحكم الخطأ على نوايا الأشخاص الآخرين.
- هل ما أنا على وشك أن أقوله يهدف للبنيان؟ هل سيكون ما أقوله مفيداً لأولئك الذين سيسمعونه؟ ينصحنا بولس بأن نتحدث فقط بـ «كُلّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ الْحَاجَةِ» (أفسس ٤: ٢٩). لكن، إذا كان ما سأقوله صحيحاً، لكنه ليس للبنيان، أفلا يكون من الأفضل عدم قوله؟
- هل من الممكن أن أقول ما أريد قوله بأسلوب يتسم بالمحبة؟ إن الطريقة التي نقول بها شيئاً ما لا تقل أهمية عن الشيء الذي نقوله (انظر أمثال ٢٥: ١١). فإذا كان الشيء صحيح وللبنيان، علينا أن نتيقن من أن نقوله بطريقة لا تسيء إلى الأشخاص الآخرين.
يقارن يعقوب اللسان بالنار القَلِيلَةِ التي تحرق غابة كبيرة (يعقوب ٣: ٥و ٦). فإذا سمعنا نميمةً، فلا ينبغي أن نضيف المزيد من الحطب على النار لأنه «بِعَدَمِ الْحَطَبِ تَنْطَفِئُ النَّارُ، وَحَيْثُ لاَ نَمَّامَ يَهْدَأُ الْخِصَامُ» (أمثال ٢٦: ٢٠). تتطلب النميمة سلسة ممن يقومون بتناقل الموضوع محور النميمة من شخص إلى شخص. ونحن يمكننا إنهاء ذلك بمجرد رفض الاستماع إلي النميمة؛ أو، إذا كنا قد سمعناها بالفعل، تجنُّب التحدث عنها مع آخرين. فإنه «بدلاً من النميمة، وبالتالي إحداث الأذى، دعونا نُخَبِّرُ بقدرة المسيح التي لا مثيل لها، ونتحدث عن مجده» (روح النبوة، النظرة التصاعدية، صفحة ٣٠٦).
ليس هناك شك في أن انتقادنا للآخرين يجعلنا نشعر بالرضا عن أنفسنا. مع ذلك، ما الذي يحدث عندما نُقَارِن أنفسنا بالمسيح؟
الخميس
١٢ آب (أغسطس)
استعادة الوحدة
لماذا يُعَدْ التصالح مع أخٍ [أو أخت]، تأذى من قِبَلِنا، شرطاً أساسياً لِتَقَبُّل الرب لعبادتنا؟ انظر متى ٥: ٢٣ـ ٢٤.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
كانت هناك أنواع مختلفة من التقدمات التي يُؤْتَى بها إلى المذبح، لكن المسيح كان يشير هنا، على الأرجح، إلى ذبيحة كانت تُقَدَّم من أجل أن يتمكن الخاطئ من الحصول على المغفرة الإلهية. مع ذلك، فإنه قبل أن نتمكن من الحصول على مغفرة الله علينا أن نُسَوّي أمورنا مع الآخرين. يتطلب التصالح إدراكاً لأخطائنا، متسماً بالتواضع. كيف يمكننا، بدون اتخاذ موقف كهذا، أن نطلب مغفرة الله؟
ما هي الخطوات الثلاث التي ينبغي علينا اتباعها، إذا تسبب شخص ما في أذيتنا؟ انظر متى ١٨: ١٥ـ ١٨.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
يخبرنا المسيح أنه بدلاً من التحدُّث عن إساءة الآخرين إلينا، علينا التحدُّث إلى الشخص المخطئ في حقنا، ليس من أجل انتقاده، بل لكي نُظْهِر له أخطاءه وندعوه إلى التوبة (لاويين ١٩: ١٧). وعلينا، بروح الوداعة والمحبة اللطيفة، أن نقوم بكل محاولة ممكنة لمساعدته على أن يرى أخطاءه ونسمح له بأن يتوب ويعتذر. ومن المهم جداً عدم جعله يشعر بالخزي من خلال قيامنا بنشر الخطأ، الذي ارتكبه الشخص، على الملأ. فمن شأن هذا أن يُصعِّب من أمر استرداده واعترافه بخطئه ومن ثم توبته عن هذا الخطأ.
ومن الناحية المثالية، يقود الحوار الشخصي إلى التوبة والمصالحة. مع ذلك، فإنه إذا لم يعترف المذنب بخطئه، وما لم يكن مستعداً لتقويم الأمور، فعندها يمكن اللجوء إلى شخص أو شخصين (تثنية ١٩: ١٥) في محاولة لإقناع الشخص المخطئ بالاعتراف بذنبه. ولا ينبغي أن تكون لهذين الوسيطين علاقة مباشرة بالموقف حتى يكونا في موضع أفضل يسمح لهما بدعوة المخطئ إلى التوبة والاعتراف بالخطأ. وإذا رفض المتعدي الاستماع إلى نصيحتهما، فيمكنهما أن يكونا شاهدين على الجهود التي بُذلت من أجل تقويمه وحَثِّه على الاعتراف بخطئه والتوبة.
وأخيراً، فقط إذا فشلت المحاولة الأولى والثانية، يجب إطلاع الكنيسة بالأمر، ليس لاتخاذ إجراء تأديبي، ولكن من أجل توجيه نداء نهائي يَحَثِّ المذنب على التوبة. فالهدف من هذه العملية، من البداية، هو استرداد الشخص واستعادة العلاقة الطيبة بينه وبين مَن أخطأ هو في حقه (غلاطية ٦: ١).
يجب أن نتذكر أن الاسترداد هو أفضل طريقة لجلب الشفاء لكل شخص متورط في نزاع ما، مع شخص آخر أو أشخاص آخرين. لماذا نحن، غالباً، لا نتبع الطريقة التي قدمها لنا المسيح للتعامل مع شخص ما تسبب في أذيتنا؟ كيف يمكننا أن نتعلم عدم السماح للرغبة في الانتقام بأن تشوش تفكيرنا؟
الجمعة
٢٢ آب (أغسطس)
لمزيد من الدرس
«إنَّ الاتحاد قوة، والانقسام ضعف. وعندما يتحد أولئك الذين يؤمنون بالحق الحاضر، فإنهم سَيُحْدِثُونَ تأثيراً قوياً في نفوس مَن حولهم. ويدرك الشيطانُ ذلك الأمر جيداً. إن إصرار الشيطان، الآن وأكثر من وقت أي مضى، هو العمل على إبطال تأثير الحق الإلهي، من خلال التسبُّب في إحداث المرارة والخلاف بين أَتْبَاعِ الرب» (روح النبوة، شهادات للكنيسة، مجلد ٥، صفحة ٢٣٦).
«يجب أن نسعى إلى حُسْنِ الظن في كل الناس، خاصة إخوتنا وأخواتنا في الإيمان، ما لم نضطر إلى التفكير خلاف ذلك. لا ينبغي لنا أن نُسارع في إصدار أقاويل عن الآخرين. فغالباً ما تكون هذه الأقاويل نتيجة الحسد أو سوء التفاهم، أو مِن قبيل المبالغة، أو الكشف الجزئي عن الحقائق» (المرجع نفسه، صفحة ٥٨).
أسئلة للنقاش
١. كيف تتعامل مع الناس الذين يتسمون باللطف والقبول والمحبة، رغم اختلافكم معهم في العقيدة، ورغم (أنك متأكدٌ) من أن معتقدهم خطأ؟ كيف ينبغي التواصل والتعامل معهم؟ ومن ناحية أخرى، كيف تتعامل مع الناس الذين، ورغم اتفاقك معهم في المعتقدات اللاهوتية، يتسمون بالقسوة والإدانة وعدم محبة أي شخص لا يرى الأمور كما يرونها هم بالتمام؟
٢. على الرغم من أهمية الوحدة بالنسبة للكنيسة المسيحية، ما مدى نجاح الكنيسة في الحفاظ على هذه الوحدة؟ في اعتقادك، كيف ينظر غير المسيحي إلى فكرة «الوحدة المسيحية»؟
٣. علَّمنَا المسيحُ أن نغفر لأولئك الذين يُلْحِقُون بنا الأذى. لكن، ماذا لو لم يتوبوا ويطلبوا مِنَّا أن نسامحهم؟ كيف ينبغي لنا أن نتعامل معهم؟
٤. ما هي العلاقة بين المحبة والتأديب؟
٥. تَزعُم «الحركة المسيحية العالمية» أنها عبارة عن محاولة لتحقيق الوحدة التي صلى المسيح من أجلها. وبغض النظر عن النوايا الحسنة، والدوافع التي قد تكون لدى البعض في هذه الحركة، ما هي بعض المشاكل التي يمكننا رؤيتها في «الحركة المسيحية العالمية»، بصرف النظر عن الأمور الواضحة المتعلقة بأحداث زمن المنتهى؟
٦. «يجب أن نسعى إلى حُسْنِ الظن في كل الناس، خاصة إخوتنا وأخواتنا في الإيمان، ما لم نضطر إلى التفكير خلاف ذلك». كيف ينبغي لنا أن نفهم هذه العبارة، لا سيما في ضوء الطبيعة البشرية الساقطة؟
قصة الأسبوع
إيصال العشور
ذهب تشارلي توي، مثل الكثير من الشبّان في جزيرة فانواتو، إلى العاصمة بحثاً عن عمل. وجد تشارلي عملاً وانتقل إلى ثكنة جيش مع مجموعة شبّان آخرين من نفس الجزيرة. وكان الأصدقاء يقضون عطلة نهاية الأسبوع في شرب الكحول والتدخين.
ولكن واحداً من هؤلاء الشبّان كان مختلفاً. لم يكن جيفري مهتمّاً بالتدخين والشرب أو باستعمال الماريجوانا. وقد علم الرجال الآخرون أنّ جيفري كان قد أصبح أدفنتستيّ بعد التحاقه بمدرسة ثانويّة أدفنتستيّة. وكان تشارلي وأصدقاؤه يستهزئون بجيفري كثيراً.
وفي أحد الأيّام، وجد فرانك، وهو أحد الشبّان في الثكنة، قصاصة ورق بالقرب من سرير جيفري. وكانت هذه الورقة هي عبارة عن إيصال للعشور من كنيسة أدفنتستيّة. وسأل فرانك بسخريّة، «هل حقّاً تدفع كل هذا المبلغ من المال للكنيسة؟».
أجاب جيفري ببساطة وقال بأنّ الله يطلب منّا أن نعيد له عشر دخلنا. وعندما سمع الشبّان هذا اندهشوا، لأنّ الأهالي اعتادوا في جزيرتهم على تقديم سلّة من الطعام أو دجاجة للقس. جلس الأشخاص ليستمعوا لجيفري بينما كان يشرح بعض المعتقدات الدينيّة الهامة من الكتاب المقدس. وسأل جيفري اصدقاءه ما إذا كانوا يريدون معرفة المزيد عن كنيسة الأدفنتست، وافق بعض زملائه على طلبه. فقام جيفري بدعوة القس لزيارة الثكنة لدراسة الكتاب المقدّس مع أصدقائه. وكان يجتمع القس مع عشرة من أصدقاء جيفري في كل أسبوع لدراسة الكلمة المقدسة.
فقد تشارلي اهتمامه بدروس الكتاب المقدس، ولكن انضمّ ثلاثة أشخاص آخرين إلى كنيسة الأدفنتست. تغيّرت حياة تشارلي إلى الأسوأ. وبينما كان يحتفل مع أصدقائه، أُصيب في حادث سير ماتت فيه صديقة السائق. وبعدما أفاق تشارلي من الحادث، كانت صورة الحادث لا تزال عالقة بذهنه، عالماً بأنّه كان يمكنه أن يموت أيضاً.
ومن ثم قام فرانك، وهو أحد أصدقاء تشارلي الذين أصبحوا أدفنتست، بدعوته لحضور اجتماعات في كنيسته. وافق تشارلي على الحضور. وفي هذه المرّة استمع تشارلي بدقّة لكلام الواعظ وأدرك بأنّ ما يعلمه هو الحق، وزادت رغبة تشارلي في معرفة المزيد أكثر.
دعا تشارلي صديقته اجنيس لحضور الاجتماعات أيضاً. لم ترغب اجنيس في المجيء في بداية الأمر، ولكنّها وافقت أخيراً. طلب تشارلي الصّلاة من أجل أن يتوقّف عن التدخين والشرب، واستجاب الرب لطلبته هذه. استعد تشارلي للمعموديّة، بينما أخذت اجنيس وقتاً أطول لاتّخاذ هذا القرار. وبعد سنتين، انضمّت هي أيضاً إلى كنيسة الله الباقية. وتزوجا.
رفضت عائلتا تشارلي واجنيس دعوتهما للتفكير في الانضمام لكنيسة الأدفنتست. لكن العائلتين قد بدأتا، على الأقل في الحديث إلى الزوجين. يصلّي تشارلي وزوجته من أجل أن تتاح لهما فرصة لمشاركة إيمانهما الجديد مع عائلتيهما.
يُرجع تشارلي الفضل إلى ورقة إيصال العشور التي كانت بداية نقطة التحوّل في حياته وفتح قلبه لرسالة الله. الأمانة إلى الله في إعادة العشور والتقدمات يجلبان بركات غير متوقّعة.
تشارلي توي، هو قبطان قارب صيد في ميناء فيلا، فانواتو.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www
الدرس التاسع
٣٢ -٩٢ آب (أغسطس)
مرسليتنا
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: متى ٥: ٤١ـ ٦١؛ لوقا ٤٢: ٨٤و ٩٤؛ يوحنا ٠٢: ١٢؛ متى ٨٢: ٩١و ٠٢؛ رؤيا ٤١: ٦ـ ٢١.
آية الحفظ: « ’وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى‘ « (متى ٤٢: ٤١).
دعا المسيح، في وقت مبكر من خدمته، كلاً من بطرس وأندراوس ليكونا تلميذيه، وهو ما يعني أنه كان عليهما أن يقودا آخرين إلى المسيح: « ’هَلُمَّ وَرَائِي فَأَجْعَلُكُمَا صَيَّادَيِ النَّاسِ‘ « (متى ٤: ٩١). وفي وقت لاحق، أَقَامَ المسيح اثْنَي عَشَرَ تلميذاً «لِيَكُونُوا مَعَهُ، وَلِيُرْسِلَهُمْ لِيَكْرِزُوا» (مرقس ٣: ٤١). أرسل المسيح الاثني عشر تلميذاً، كما أرسل في وقت لاحق سبعين تلميذاً ليكرزوا هم أيضاً (متى ٠١: ٥ـ ٥١؛ لوقا ٠١: ١ـ ٢١). وخلال الأربعين يوماً التالية لقيامته، ظهر المسيح لتلاميذه عدة مرات (١كورنثوس ٥١ : ٣ـ ٨)، ووضع مسؤولية الكرازة ببشارة الإنجيل بين أيديهم (أعمال ١: ٢و ٣). وقد ائتمنهم، مراراً وتكراراً، على مأمورية البشارة. وعلى الرغم مِن أن أياً مِن كتبة الأناجيل لم يقم بتسجيل كل كلمة تفوَّه المسيح بها، إلا أن كل واحد منهم قد قام بتدوين بضع جُمَلٍ مِن تعليمات المسيح. وتؤكد كل مجموعة من هذه التعليمات على جانب مختلف من جوانب مرسلية بشارة الإنجيل، وهكذا تمدنا بمعلومات قيِّمَة حول هدف ومنهجية ونطاق البشارة.
سوف نبحث، هذا الأسبوع، في مرسلية البشارة، كما قدمها المسيح نفسه.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٠٣ آب (أغسطس).
الأحد
٤٢ آب (أغسطس)
أن تكون نور العالم
اقرأ متى ٥: ١٤ـ ١٦. ما الذي يقوله المسيح هنا لكل واحد منا، بصفة فردية، وكمجتمع كنسي؟
_________________________________________________________________________________________________________________________________________________
في كل الكتاب المقدس، يرتبط النور ارتباطاً وثيقاً بالله. فقد ترنَّم سليمان قائلاً: «اَلرَّبُّ نُورِي» (مزمور ٢٧: ١)، وقال يوحنا: « إِنَّ اللهَ نُورٌ وَلَيْسَ فِيهِ ظُلْمَةٌ الْبَتَّةَ» (١يوحنا ١: ٥). الله هو مصدر النور. في الواقع، كان النور هو أول ما خلقه الله، لأن النور لا غنى عنه للحياة.
ونظراً للعلاقة الوثيقة بين النور والله، يستخدم الكتاب المقدس، في كثير من الأحيان، النور ليرمز إلى الحق والمعرفة والتقوى. ومعنى أن تسير في النور هو أن تكون لك صفات كصفات الله (أفسس ٥: ٨؛ ١يوحنا ١: ٧). ويرمز النور إلى الله بينما يرمز الظلام إلى الشيطان. هذا هو السبب في أن جَعْلَ « الظَّلاَمَ نُورًا وَالنُّورَ ظَلاَمًا « (إشعياء ٥: ٢٠) يُعَد خطيئة فادحة.
إن يسوع المسيح، ابن الله السرمدي هو « ’نُورَ النَّاسِ .... كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ‘ « (يوحنا ١: ٤و ٩). وهو وحده النور الذي يمكنه أن ينير ظلام العالم المُغَلَّفِ بالخطيئة. ويمكننا، من خلال المسيح، أن نحصل على «إِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ» (٢كورنثوس ٤: ٦)، ألا وهي صفات المسيح.
إننا، وعندما نقبل المسيح مخلِّصاً شخصياً لنا، نصبح « ’أبناء النور‘ « (يوحنا ١٢: ٣٦؛ ١تسالونيكي ٥: ٥). لكن، نحن ليس لنا نورٌ في أنفسنا. فإننا مثل القمر، كل ما يمكننا القيام به هو أن نعكس النور الذي يسطع علينا. وعندما نسمح للمسيح بأن يضيء ويشرق من خلالنا، فإننا لن نقوم بأعمال صالحة لنستعرض فضيلتنا وإنما لنوجِّه الناس إلى تمجيد الله.
«فإن كان المسيح يسكن في القلب فمن المستحيل إخفاء نور حضوره. وإن لم يكن المعترفون بأنهم أتباع يسوع... عندهم نور ليعطوه فسبب ذلك هو عدم وجود صلة بينهم وبين نبع النور» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٤٧١و ٤٧٢).
أليس من المضحك أن تضيء مصباحاً وتضعه « ’تَحْتَ الْمِكْيَالِ أَوْ تَحْتَ السَّرِيرِ؟‘ « (مرقس ٤: ٢١). لماذا إذن نقوم، أحياناً، بعمل الشيء ذاته مع نور المسيح؟ فإن «التلميذ المَخْفي» ليس أكثر فائدة من مصباح موضوع تحت مكيال في ليلة مظلمة. لذلك «قُومِي اسْتَنِيرِي لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ نُورُكِ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ عَلَيْكِ» (إشعياء ٦٠: ١).
في الواقع، إن النور خفيٌ. فإنه لا بد للنور مِن أن ينعكس على شيء ما؛ وإلا لما أمكننا رؤيته. ما هي الدروس الروحية التي يمكننا استخلاصها كمؤمنين؟ كيف ينبغي لنورنا أن يضيء؟
الاثنين
٥٢ آب (أغسطس)
أن تكون شاهداً
كان أول لقاء للمسيح مع تلاميذه، بعد قيامته، مهماً للغاية. فقد كان التلاميذ خائفين ومكتئبين ومثبطي العزيمة ومتحيرين. وقد أغلقوا أبواب الغرفة بدافع الخوف، لكن المسيح جاء ووقف في وسطهم. وبصوت صافٍ دافئ، قال المسيح لهم: «سلاماً لكم». وقد كان من الصعب، بالنسبة لهم، في ظل ما كانوا فيه من خوف وفزع، أن يصدِّقوا عيونهم وآذانهم. وبكل مودة، أظهر لهم المسيح يديه وقدميه وشرح لهم كل شيء قالته عنه الأسفار المقدسة. وعمل حضور المسيح وكلماته، في تلك الليلة، على تغيير التلاميذ بشكل مثير. وعمل، كذلك، على تبديد شكوكهم وقلقهم وملأهم بالسلام والفرح الذي يأتي نتيجة اليقين في قيامة المسيح.
ثم بدأ المسيح بتفسير مرسليته ومساعدة التلاميذ، تدريجياً على إدراك أهمية مسؤوليتهم، كشهود على موته وقيامته وقدرته على مغفرة الخطايا وتغيير حياة الناس (لوقا ٢٤: ٤٦ـ ٤٨). والمؤكد أنهم قد شهدوا موت المسيح؛ ولكنهم رأوه حياً ثانية، أيضاً. لذلك، كان بمقدورهم أن يشهدوا له بأنه مخلِّص العالم.
إن الشاهد هو شخص رأى حدثاً ما. ويمكن لأي شخص أن يكون شاهداً بشرط أن يكون قد رأى، بصفة شخصية، شيئاً ما. وليس هناك شيء اسمه «شاهد غير مباشر». فنحن يمكننا أن نشهد فقط بناءً على تجربتنا الشخصية، وليس بناءً على تجربة شخص آخر. ونحن بوصفنا خطأة تم خلاصنا، لدينا امتياز إخبار الآخرين بما فعله المسيح من أجلنا.
ما هي العلاقة بين تَسَلُّمنا للروح القدس وبين أن نشهد للمسيح؟ انظر لوقا ٢٤: ٤٨و ٤٩؛ أعمال ١: ٨. انظر كذلك إشعياء ٤٣: ١٠و ١٢؛ ٤٤: ٨.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
يُظهر سفر أعمال الرسل أنه يمكن أن يكون للشهادة التي يعطيها المؤمن قوة إقناع فقط من خلال حضور الروح القدس الساكن في القلوب. فقد كان الرسل، بعد تسلُّم الروح القدس «وَبِقُوَّةٍ عَظِيمَةٍ .... يُؤَدُّونَ الشَّهَادَةَ بِقِيَامَةِ الرَّبِّ يَسُوعَ» (أعمال ٤: ٣٣). معنى هذا أنهم كانوا قادرين على الكلام، علانية وبقوة عظيمة، حول ما قد شهدوه واختبروه هم أنفسهم. لذلك، ينبغي لشهادتنا عن المسيح أن تتضمن، دائماً، اختبارنا الشخصي معه.
ماذا كان اختبارك الشخصي مع الرب؟ ماذا فعل الله في حياتك ويمكنك أن تشهد به للآخرين، بناء على ما اختبرته بصورة مباشرة؟ تعال بإجابتك للصف يوم السبت.
الثلاثاء
٦٢ آب (أغسطس)
أُرْسِلُكُمْ أَنَا
تُسجِّل رسالة يوحنا أول لقاء ليسوع مع التلاميذ في العلية بعد قيامته، كما تُسجِّل كذلك مواضيع أخرى غير واردة في إنجيل لوقا.
وفقاً لإنجيل يوحنا، بأية طريقة عَرَّفَ وحَدَّدَ المسيحُ مرسلية المؤمنين؟ انظر يوحنا ٢٠: ٢١.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
كان قد سبق للمسيح وأن ذكر مسألة «الإرسال والمرسلية» قبل ذلك ببضعة أيام، وذلك عندما صلى قائلاً: « ’كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ‘ « (يوحنا ١٧: ١٨). يتضمن إرسال شخصٍ ما، في مأمورية ما، أن يكون لدى الشخص المُرْسِلِ سلطة على الشخص الذي يتم إرساله. ولابد أيضاً، من أن يكون للمرسلية هدف. فإن الشخصَ يُرْسَلُ في مهمة ليتممها. فلقد أُرْسِل المسيحُ مِن قِبل الآب ليخلِّص العالم (يوحنا ٣: ١٧)؛ وقد أُرسلنا نحن من قِبل المسيح، لنعلن الخلاص من خلال المسيح. ومن الواضح أن مرسليتنا هي استمرار لعمل المسيح الذي تضمن تقديم خدمات مختلفة لكل الناس (متى ٩: ٣٥). فإن المسيح لا يتوقع مِنا أن نواصل ما قد بدأه فحسب، ولكنه يريد مِنَّا أن نذهب إلى ما هو أبعد من ذلك. «وَفِي الْغَدِ سَمِعَ الْجَمْعُ الْكَثِيرُ الَّذِي جَاءَ إِلَى الْعِيدِ أَنَّ يَسُوعَ آتٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ» (يوحنا ١٤: ١٢).
لقد أعطى المسيحُ الروحَ القدس ليُمَكِّنَ التلاميذَ من تنفيذ مرسليتهم. وما حدث عند الخلق هو أن الله «نَفَخَ فِي أَنْفِهِ [آدم] نَسَمَةَ حَيَاةٍ» (تكوين ٢: ٧). وها هو المسيح قد «نَفَخَ» « ’الرُّوحَ الْقُدُسَ‘ « على التلاميذ (يوحنا ٢٠: ٢٢). وكما حوَّلت «نسمة الحياة» التراب الذي بلا حياة إلى كائن حي، هكذا أيضاً حوَّل الروحُ القدس التلاميذ، الخائفين والمحبطين، إلى شهادة قوية حية لمواصلة عمل المسيح. واليوم، لا غنى لنا عن «نسمة الحياة» هذه، من أجل إتمام المهمة الموكلة إلينا.
لقد دعاك المسيح إلى أن تكون شاهداً. ما الذي يمكنك أن تشهد عنه؟ بمعنى آخر، ما الذي رأيته أو اختبرته ويمكن مشاركته مع الآخرين عن يسوع؟
الاربعاء
٧٢ آب (أغسطس)
أن تصنع تلاميذاً
اجتمع يسوع، بعد قيامته، مع التلاميذ على «الْجَبَلِ، حَيْثُ أَمَرَهُمْ يَسُوعُ» (متى ٢٨: ١٦). ولم يجتمع هناك الأحد عشر فقط وإنما اجتمع هناك أكثر من خمسمائة من الإخوة لملاقاة الرب المقام (١كورنثوس ١٥: ٦). وقال لهم يسوع الذي غلب الموت: « ’دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ‘ « (متى ٢٨: ١٨). إن قوة المسيح وسلطانه لم يعودا محدودين طواعية، كما كان هو الحال أثناء خدمته الأرضية،. بدلاً من ذلك، صار سلطان المسيح شاملاً الكون كله، تماماً كما كان هو الحال قبل تجسُّده. واستناداً إلى سلطانه الذي لا يرقى إليه الشك، يَعْهَدُ المسيحُ بمرسليته إلى أتباعه.
ووفقاً لما دَوَّنَه متى، فإن المسيح، وعند إعطائه المرسلية العظمى لتلاميذه، استخدم أربعة أفعال هي: اذهبوا، تلمذوا، عمِّدوا، وعَلِّمُوا. لكن، وللأسف، هناك بعض ترجمات الكتاب المقدس التي لا تُظْهِرُ أن فعل الأمر الوحيد في هذه الآية، في اللغة اليونانية، هو «تلمذوا» في حين أن الأفعال الثلاثة الأخرى هي مجرد «اسم مفعول». ومعنى هذا، أن التركيز في الجملة هو على القيام بعمل التلمذة، في حين تعتمد الأنشطة الثلاثة الأخرى على الفعل «تلمذوا».
ما هو دور الذهاب والتعميد والتعليم في إتمام الأمر الذي أعطاه المسيح بتلمذة الناس؟ انظر متى ٢٨: ١٩و ٢٠.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن تكليف المسيح لنا بتلمذة الآخرين يشير إلى أن هناك ثلاثة أنشطة متضمنة في هذا العمل. ولا تحتاج هذه الأنشطة الثلاثة إلى أن تتم بترتيب تسلسلي خاص؛ بالأحرى، تُكَمِّلُ هذه الأنشطة بعضها البعض. فإنه ينبغي، عند ذهابنا إلى أماكن مختلفة في العالم أجمع، أَنْ نُعَلِّمَ كل شيء قام المسيح بتعليمه وأن نُعَمِّدَ أولئك الذين يقبلونه مخلِّصَاً لهم، والذين هم على استعداد للالتزام بكل ما يأمر به المسيح.
نحن نفرح عندما يعتمد شخص ما، لكن المعمودية ليست نهاية المطاف، إنما هي مجرد جزء مِن عملية جعل شخص ما تلميذاً للمسيح. مهمتنا هي دعوة الناس إلى إِتِّبَاع المسيح، وهو ما يعني أن يؤمنوا به وأن يطيعوا تعاليمه وأن يتبنوا طريقته في العيش وأن يقوموا هم أيضاً، بدعوة آخرين إلى أن يصبحوا تلاميذاً للمسيح.
إن كلمة « كُلُّ» هي ما يُميِّزُ هذه الفقرة بأكملها. ولأن المسيح قد « دُفِعَ إِلَيه كُلُّ سُلْطَانٍ» فإنه يمكننا الذهاب إلى « كُلِّ أمة» وتعليم الناس بأن يحفظوا « كُلَّ الأمور» المتعلقة بالإنجيل؛ ونحن في كل ذلك، متيقنون مِن أنَّ المسيح معنا «دائماً» إلى انقضاء الدهر (حرفياً: «كل الأيام»).
فكر في كنيستك المحلية. ما الذي يتم القيام به فيها للمساعدة في رعاية وتلمذة المؤمنين الجُدد؟ ما هي الأمور الأخرى التي يمكن عملها؟ اسأل نفسك أيضاً: ما هي المواهب التي لديك ويمكن أن تستخدمها في هذا الجزء الهام المتعلقة بإتمام مهمة بشارة الإنجيل؟
الخميس
٨٢ آب (أغسطس)
الكرازة بالإنجيل
يقدم لنا إنجيل مرقس، بإيجازه ووضوحه المميزين له، المرسلية في جملة واحدة قصيرة: « ’اذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا‘ « (مرقس ١٦: ١٥). وكما هو الحال في إنجيل متى، فإن الفعل «اذهبوا» في اليونانية هو نعت لا يشير إلى المهمة وإنما إلى الحركة والانتقال المطلوبين لإتمام المهمة. أما المهمة أو المرسلية، في حد ذاتها، فقد تم الإعراب عنها بالفعل اليوناني «كيروسو kerusso»، والتي ترد بصيغة الأمر هنا. وتعني هذا الكلمة أن «تُعْلِنَ بصوت عالٍ، أو أن تذيع وأن تكرز». ويستخدم إنجيل مرقس هذا المصطلح ١٤ مرة، ليصبح بذلك أكثر الأناجيل الأربعة استخداماً لهذا المصطلح. فلابد للكنيسة، إذاً، من أن تُعلن البشارة.
وأثناء خدمة المسيح الأرضية، لم يُرْسَل التلاميذ الاثنا عشر للأمم وإنما « إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ» (متى ١٠: ٦). أما بعد صعوده، فقد تم إرسال الأحد عشر تلميذاً «للعالم أجمع» و»لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا». وما كان هؤلاء التلاميذ ليستطيعوا، أبداً، إعلان البشارة إلى العالم أجمع والكرازة إلى كل البشر الذين يعيشون فيه. فإن مهمة، عالمية النطاق كهذه، تتطلب مشاركة الكنيسة بأكملها. إن مهمة الكرازة قد عُهِدَت إلى كل المؤمنين بالمسيح في كل العصور. وهذا يشملك ويشملني.
اقرأ رؤيا ١٤: ٦ـ ١٢. كيف تشتمل هذه الآيات على المرسلية العالمية للكنيسة؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
مع ذلك، فالكرازة بالإنجيل للخليقة كلها لا تعنى أن الجميع سيقبلونه. فقط « ’مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ‘ « (مرقس ١٦: ١٦). يجب علينا أن نكرز بحماسة، آملين أن كل مَن يسمع البشارة يقبل دعوة الإنجيل. ومع ذلك، يجب أن ندرك أن كثيرين لن يقبلوا الكلمة، ويُظهر مَثَلُ «الْبَاب الضَّيِّقِ» هذا الأمر بوضوح (متى ٧: ١٣و ١٤).
ما هو الضمان الذي لدينا بأن هذه المرسلية العالمية سوف تُتمَّم؟ انظر متى ٢٤: ١٤.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
هناك توازٍ مشجِّعٍ بين مرقس ١٦: ١٥ ومتى ٢٤: ١٤. فكلا الآيتين تشيران إلى إعلان الإنجيل للعالم أجمع. وفي حين تقدم الفقرة الأولى تفويض المسيح للتلاميذ بالتبشير، نجد الفقرة الثانية تقدم وعد المسيح بأن المرسلية سوف تُتَمَّم.
«وهكذا أعطى المسيح لتلاميذه تفويضاً، وأعد كل ما يلزمهم لإتمام ذلك العمل وأخذ على نفسه مسؤولية نجاح العمل. وطالما كانوا مطيعين لكلامه وقاموا بعملهم وهم مرتبطون به فما كانوا ليفشلوا» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٧٧٦). إذن، السؤال الذي نحتاج إلى أن نسأله لأنفسنا هو، ما مدى استعدادنا لأن نُستخدم من قِبل المسيح في هذا العمل الحاسم والهام؟
الجمعة
٩٢ آب (أغسطس)
لمزيد من الدرس
اقرأ لروح النبوة الفصل الذي بعنوان «المأمورية العظيمة»، صفحة ٧٧٢ـ ٧٨٣، في كتاب مشتهى الأجيال؛ والفصل الذي بعنوان «المأمورية العظمى» صفحة ١٤ـ ٢١، في كتاب أعمال الرسل.
«إن كل تلميذ حقيقي يولد في ملكوت الله هو مرسل. والذي يشرب من الماء الحي يصير فيه ينبوع حياة، فالذي يأخذ سيبذل ويعطي، ونعمة المسيح في النفس تشبه نبع ماء في الصحراء يتفجر منه الماء لينعش الجميع، ويجعل أولئك المشرفين على الهلاك راغبين في أن يشربوا من ماء الحياة» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ١٧٢).
«وقد شمل تفويض المخلص لتلاميذه كل المؤمنين، وهو يشمل كل المؤمنين بالمسيح في كل العصور. إن الظن بأن عمل ربح النفوس وتخليصها مقتصر على الخدام المرتسمين وحدهم هو خطأ قاتل... فكل مَن يقبلون حياة المسيح هم معينون لأن يعملوا على خلاص بني جنسهم. لقد أقيمت الكنيسة لأجل هذا العمل، وكل من يأخذون على أنفسهم عهودها المقدسة قد ارتبطوا بموجب تلك العهود أن يكونوا عاملين مع المسيح» (المرجع نفسه، صفحة ٧٧٦).
أسئلة للنقاش
١. ليس بمقدور كل شخص السفر حول العالم للوعظ والكرازة بالإنجيل. مع ذلك، ما هي الطرق التي من خلالها يمكن لكل واحد منا أن ينخرط في مأمورية نشر وإعلان بشارة الإنجيل للعالم، في سياق رسائل الملائكة الثلاثة؟
٢. ما هي الطرق التي من خلالها تواصل كنيستك المحلية خدمة المسيح في مجتمعك؟ كيف يمكنك المساعدة في تحسين الخدمة المرسلية للكنيسة؟
٣. قال المسيح أن الإنجيل سيذهب إلى العالم أجمع. لم تكن الاتصالات منذ مائتي عام مضت، أسرع بكثير مما كانت عليه منذ ألفي عام، حين أعطانا المسيحُ مأمورية الكرازة بالإنجيل. لكن قد تغير كل ذلك، بالطبع، وخصوصاً في الخمسين سنة الماضية، والتي عمل فيها الإنسان على إحداث تَطوّر مذهل في سبل التواصل والاتصال. كيف يمكننا أن نتعلم حُسْن استخدام التكنولوجيا، التي أتيحت لنا، للقيام بالعمل الذي وَعَدَنا الله بأنه سيُتممهُ؟
٤. في الصف، وفي ضوء السؤال الأخير الوارد بدرس يوم الاثنين، اسمح لمَن يرغب في مشاركة اختباره مع المسيح، بأن يفعل ذلك. كيف يمكننا استخدام شهادتنا الخاصة عن المسيح والبشارة لتكون بمثابة شاهد للآخرين؟ لماذا ينبغي أن نستخدم اختباراتنا الشخصية عند الكرازة والتبشير؟
قصة الأسبوع
مدرسة ماي الجديدة
وجدت ماي صعوبة في مدرستها الجديدة. كانت تدرس مواضيع ودروس لم تدرسهما من قبل، بالإضافة إلّا أنّ لغتها الانجليزيّة لم تكن جيّدة. وفي أحد الأيّام، مالت ماي برأسها إلى الأمام وأخذت تبكي. جاءت المعلمة ووضعت يدها على كتف ماي وسألتها إن كانت بحاجة لشيء. أومأت ماي برأسها بخجل. ثم قالت المعلّمة بلطف، «لا تقلقي، أنا هنا لمساعدتك. أخبريني بما تحتاجينه.»
لم تكن ماي قد اختبراً عطفا واهتماما بهذا المقدار من جانب معلّمة لها من قبل. ومن ثم، أجابت ماي المعلّمة قائلة، «أنا لا أفهم الدرس جيّداً.» ركعت المعلّمة بجانبها وشرحت لها الدرس من جديد. وبعدما أنتهت المعلّمة من شرح المّادة لها، ابتسمت ماي إذ فهمت ما قالته المعلّمة لها.
تعيش ماي في مدينة ميانمار. والدها، وهو مسيحي، أرادها أن تتعلّم عن الله. وعندما سمع عن مدرسة يونغان الأدفنتستيّة، والتي كانت ليست ببعيدة عن بيتهم، ذهب لزيارة المدرسة. وكانت المدرسة قديمة ولكنّ صفوفها المدرسية كانت مليئة بالطلبة والطالبات، ومع هذا كان يبدو على وجوه الأطفال السعادة، كما لاحظ والد ماي بأنّ المعلّمين هناك يهتمّون بالتلاميذ كثيراً. فقام الوالد بتسجيل ابنته في المدرسة للسنة الدراسيّة التالية.
وجدت ماي صعوبة في المناهج الدراسيّة في مدرستها الجديدة، والتي كانت تختلف عن تلك التي في مدرستها السابقة. لم تكن تعرف اللغة الإنجليزيّة جيداً وبالتالي لم تكن تفهم ما تقوله المعلّمة. كما كانت حصّة الدين جديدة عليها كليّاً. ولكن قامت المعلّمات هناك بمساعدتها، كما عملت ماي بجهد على اللحاق بمستوى زملائها في الدراسة.
ما أعجب ماي في مدرستها الجديدة هو أنّ الطلّاب كانوا يعملون سويّاً لتعلّم الدروس بدلاً من المنافسة للحصول على أعلى الدرجات في الصف. كما اكتشفت ماي بأنّ التعليم هو أمر ممتع وجيّد!
أصبح لدى ماي أصدقاء جُدد وكانوا جميعاً يستمتعون بتعلّم المواضيع الجديدة. وبعد سنتين، طلبت ماي أن تعتمد، ورحّبت عائلتها بقرارها هذا. استمرّت ماي بالدراسة والنمو، وتعلّمت ما معنى أن تتبع الرب يسوع بشكلٍ تام.
أكملت ماي دراستها الثانويّة والتحقت بكليّة الأدفنتست الابتدائيّة في ميانمار.
وهي سعيدة لأنها أصبحت أدفنتستيّة وعضوة في عائلة الله. ولكن لكونها الأدفنتستيّة الوحيدة في عائلتها، تشعر ماي أحياناً بأنّها بعيدة عن أقاربها. تقول ماي، «أتمنّى أن نتمكّن جميعاً من عبادة الله معاً بنفس الإيمان. أنا ممتنّة جداً لحصولي على فرصة للدراسة في مدارس أدفنتستيّة والتعلّم عن الطريق إلى الله.»
واليوم، ماي هي معلّمة تساعد الأطفال الآخرين على فهم دروسهم والنمو روحيّاً وفكريّاً أيضاً. تقول ماي، «أنا ممتنّة لحصولي على الفرصة للدراسة في مدرسة يانغون الأدفنتستيّة، أشكر الجميع حول العالم الذين ساعدوا من خلال عطاء السبت الثالث عشر لتوسيع بناء المدرسة لتستوعب طلّاباً أكثر.»
عطاؤكم للعمل المرسلي يُحدث فرقاً حقيقيّاً في حياة الأطفال والشبّان حول العالم. شكراً لكم.
ماي، تدرّس في مدرسة يونغان، ميانمار
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www
الدرس العاشر
٠٣ آب (أغسطس)- ٥ أيلول (سبتمبر)
ناموس الله
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: متى ٥: ١٧ـ ١٩؛ ٥: ٢١ـ ٤٤؛ مرقس ٧: ٩ـ ١٣؛ متى ١٩: ١٦ـ ٢٢.
آية الحفظ: « ’إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ‘ « (يوحنا ١٤: ١٥).
على الرغم من أن العديد من القادة العبرانيين كانوا يرفعون كثيراً من شأن الناموس، إلا أن البعض منهم قد أساء فهم الهدف منه واعتقدوا أنه يمكنهم الحصول على البِرِّ بإطاعتهم للناموس. وكما كتب بولس: «لأَنَّهُمْ إِذْ كَانُوا يَجْهَلُونَ بِرَّ اللهِ، وَيَطْلُبُونَ أَنْ يُثْبِتُوا بِرَّ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يُخْضَعُوا لِبِرِّ اللهِ» (رومية ١٠: ٣).
وهذا هو السبب في أن المسيح كثيراً ما كان يشكك، بل وحتى لا يتفق مع، مع تَقْلِيدِ الشُّيُوخِ (مرقس ٧: ١ـ ١٣). وكان سوء فهمهم هو السبب وراء انتقادهم للمسيح واعتراضهم على وجهات نظره المتعلقة بالناموس. ومن المهم أن ندرك أنه، على الرغم من أن المسيح قد انتَقد على الملأ الممارسات المتزمتة للفريسيين، إلا أنه كان يرفع من شأن الوصايا العشر ويؤكد بوضوح على ديمومتها ويشرح معناها والغرض منها. وقد قال المسيح نفسه أنه جاء ليُكَمِّل الناموس (متى ٥: ١٧). ومن نواح كثيرة، كان موت المسيح هو الإعلان النهائي لاستمرار صلاحية ناموس الله.
سنقوم في هذا الأسبوع بتحليل تعاليم المسيح المتعلقة بالناموس والتأثير الذي يجب أن يكون لهذه التعاليم على حياتنا.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٦أيلول (سبتمبر).
الأحد
١٣ آب (أغسطس)
المسيح لم يُغيِّر الناموس
ما الذي تعلِّمه الآيات في متى ٥: ١٧ـ ١٩ عن موقف المسيح من الناموس؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
على الرغم من أن كلمة «ناموس» تُستخدم، في كثير من الأحيان، للإشارة إلى الأسفار الخمسة الأولى من الكتاب المقدس (والمعروفة أيضاً باسم أسفار موسى أو التوراة)، إلا أن السياق في هذه الحالة يبدو أنه يشير إلى أن المقصود بالناموس، في المقام الأول، هو الوصايا العشر. فإن المسيح، عندما قال أنه لم يأت «لينقض» الناموس، إنما كان يقول حرفياً أنه لم يأتِ ليجعل الوصايا العشر غير سارية المفعول أو مُبْطَلَة. لقد كانت عبارة المسيح واضحة جداً، وربما كان المقصود منها هو إظهار أن الشيوخ، وليس المسيح، هم الذين كانوا ينقضون ويبطلون الناموس ويُحدّون من تأثيره، من خلال تقليدهم (انظر متى ١٥: ٣و ٦). في المقابل، جاء المسيح «ليكمل» الناموس، وذلك بإضفاء معنى أعمق للناموس، وهكذا أعطانا مثالاً لما تبدو عليه الطاعة التامة لمشيئة الله. (انظر رومية ٨: ٣و ٤).
اقرأ أعمال ٧: ٣٨. مَن هو الملاك الذي تكلم إلى موسى وأعطاه الناموس على جبل سيناء؟ (انظر إشعياء ٦٣: ٩؛ ١كورنثوس ١٠: ٤). لماذا تُعد هذه المسألة مهمة؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
«إن المسيح لم يكن هو فقط قائد العبرانيين في البرية.... ولكنه هو الذي أعطى الشريعة لإسرائيل، ففي وسط مجد سيناء الرهيب أعلن المسيح في مسامع كل الشعب وصايا شريعة أبيه العشر، وهو الذي أعطى الشريعة لموسى مكتوبة على لوحي الحجر» (روح النبوة، الآباء والأنبياء، صفحة ٣٢٠).
إن حقيقة أن المسيح، نفسه، هو مَن أعطى الشريعة لموسى على جبل سيناء يجعل من المهم جداً، بالنسبة لنا، أخذ الشريعة على محمل الجد. أيضاً، إذا كان مُعطي الشريعة نفسه [المسيح] قد أعطى المزيد من التوضيح للشريعة من خلال تعاليمه، كما نجدها في الأناجيل، فحسناً إذا نحن أطعنا هذه الشريعة. إنه لمن الصعب أن يجد المرء في حياة المسيح وتعاليمه أي شيء يدل على أن الوصايا العشر لم تعد ملزِمة بالنسبة للمسيحيين. بالعكس، تعلمنا تعاليم المسيح ومثاله أن الشريعة لا تزال سارية المفعول.
على الرغم من أننا نعرف أن الشريعة لا تزال واجبة الحفظ، إلا أننا نعرف أيضاً أنها، في واقع الأمر، لا تخلِّصنا. (انظر غلاطية ٣: ٢١). كيف نفهم العلاقة بين الشريعة والنعمة؟
الاثنين
١ ايلول (سبتمبر)
لقد عمَّق المسيح معنى الشريعة
بعد أن أكد المسيح على ديمومة الوصايا العشر، واصل موعظته على الجبل وأعطى أمثلة قليلة محددة من شرائع العهد القديم. وكان الناس قد أساءوا، إلى حد كبير، فهم هذه الوصايا المحددة لدرجة أن المسيح شعر بالحاجة الماسة إلى شرح وتفسير معناها الحقيقي.
أي تعارض أظهره المسيح مع كل جانب من جوانب الناموس المذكورة في الموعظة على الجبل؟ ما هي السلطة التي استند إليها المسيح في كل حالة؟ متى ٥: ٢١ـ ٤٤.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لاحظ أن المسيح قد اقتبس، في كل حالة من الحالات أعلاه، فقرة من فقرات العهد القديم (خروج ٢٠: ١٣و ١٤؛ تثنية ٥: ١٧و ١٨؛ خروج ٢١: ٢٤؛ لاويين ٢٤: ٢٠؛ تثنية ١٩: ٢١) ومن هنا، بدا أن المسيح يجادل ضد هذه الفقرات. فهل كان المسيح يشكك في الشريعة؟ بالطبع لا. بل إن المسيح كان ببساطة، يُظهر الفرق بين تعاليم الفريسيين وبين المعنى الحقيقي للشريعة. وقد فعل المسيح ذلك من خلال تقديم المزيد من التفسير والتوسُّع في شرح ما قد عمل القادة الدينيون على تقليصه وجعله أمراً شكلياً لا أكثر.
كان معلمو الشريعة يقتبسون من التقليد اليهودي بوصفه سلطتهم لتفسير الشريعة. وفي المقابل، تكلم المسيح بسلطانه هو، بوصفه مُعطي الشريعة. تَظهر عبارة «أما أنا فأقول لكم» ست مرات في هذا الأصحاح. فمن سوى الرب نفسه يمكنه، بحق، أن يقول هذا الشيء؟
والرائع أيضاً، هو أن متطلبات المسيح ذهبت إلى ما هو أبعد من المفهوم السطحي للشريعة. فقد اشتملت تعاليمه على روح الشريعة وليس نَصِّ (حَرْفِيَة) الشريعة. إنها الروح التي تُضفى معنى وحياة على ما يمكن أن يكون شكلي بحت. إن حفظ الشريعة، كغاية في حد ذاته، لا يؤدي إلى شيء سوى الموت. فإنه لابد وأن يُنْظَر إلى الناموس على أنه تعبيرٌ عن ما يعنيه أن تكون مخلَّصاً بالنعمة، وليس وسيلة للخلاص.
تمعن في موقف الكتبة والفريسيين كما هو مصور في متى ٢٣: ٣ـ ٥و ٢٣ـ ٢٨. كيف يمكننا حفظ وصايا الله بكل إخلاص، دون رياء وتزمت، كما فعل هؤلاء؟ ما هو الدور الهام الذي يقوم به فهمنا للنعمة في حمايتنا من التعصُّب والتزمت؟
الثلاثاء
٢ ايلول (سبتمبر)
المسيح والوصية السابعة
كيف قام المسيح بتقديم شرح تفصيلي لمعنى الشريعة كما يتضح في متى ٥: ٢٧و ٢٨؟ ماذا قال المسيح في عد ٢٩و ٣٠؟ كيف لنا أن نفهم هذه الكلمات؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
أشار المسيح، في هذه الفقرة، إلى وصيتين: السابعة والعاشرة. فقد كان العبرانيون، وحتى ذلك الحين، يعتبرون أن الزنى هو فقط انخراط المرء في ممارسة جنسية جسدية علنية مع شريك حياة شخص آخر. لكن المسيح قد أشار إلى أن الأفكار والرغبات الشهوانية تُعَد زنى، هي الأخرى، بناءً على الوصية العاشرة.
وفي العددين ٢٩و ٣٠، استخدم المسيحُ تشبيهاً مستعاراً. بالطبع، يمكن القول بأنه سيكون من الأفضل للمرء أن يعيش الحياة مشوَّهاً جسدياً بدلاً من أن يتنازل عن الحياة الأبدية مع المسيح. مع ذلك، كان المسيح يشير هنا إلى وجوب أن يسيطر المرء على أفكاره ودوافعه، وليس إلى إحداث تشويه جسماني من شأنه أن يكون مخالفاً للتعاليم الكتابية الأخرى (انظر لاويين ١٩: ٢٧و ٢٨؛ ٢١: ١٧ـ ٢٠). لذا، فإن المسيح، عند إشارته إلى قلع العين أو قطع اليد، إنما كان يتحدث، مجازياً، عن أهمية اتخاذ قرارات حازمة وإجراءات حاسمة لحماية النفس ضد الإغواء والخطيئة.
ما هو السؤال الذي طرحه الفريسيون على المسيح في متى ١٩: ٣، ولماذا كان سؤالاً مُضَلِّلَاً؟ (انظر عد ٧). ماذا كان جواب المسيح؟ انظر متى ١٩: ٤ـ ٩؛ قارن مع متى ٥: ٣١و ٣٢.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن كلا الفقرتين، في متى ٥: ٣١ و١٩: ٧، تقتبسان تثنية ٢٤: ١. كانت هناك مدرستان من مدارس المعلمين الدينيين، في زمن المسيح. وكانت كل مدرسة منهما تفسر هذه الآية بطريقة مختلفة: فقد فَهِمَ المعلم «هليل» هذه الآية على أنها تعنى السماح بالطلاق لأي سبب من الأسباب، تقريباً؛ في حين فسرها المعلم «شماي» لتنطبق فقط على الزنى الفعلي الواضح. كان الفريسيون يحاولون خداع يسوع وجعله ينحاز لإحدى المدرستين. مع ذلك، فقد غابت عنهم حقيقة أنه لم يكن قصد الله الأصلي أن يُطَلِّق أي شخص شريك حياته البتة، وهذا هو السبب في قول المسيح: « ’فَالَّذِي جَمَعَهُ اللهُ لاَ يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ‘ « (متى ١٩: ٦). وفي وقت لاحق، وبسبب «قساوة» قلوبهم، سأل الشعبُ عن السبب في أن الله قد سمح للرجل بأن يكتب لزوجته « ’ كِتَابَ طَلاَق ‘ « إذا هو « ’وَجَدَ فِيهَا عَيْبَ شَيْءٍ‘ « (تثنية ٢٤: ١). وقد قام المسيح بتصحيح سوء استخدام هذه الفقرة، وذلك من خلال الارتقاء بقدسية وديمومة الزواج: فإن السبب الوحيد للطلاق، أمام الله، هو «الفجور الجنسي» أو «الزنى» (ݒورنيا في اليونانية، والتي تعني حرفياً «عدم العفة»).
إن تأثير الخطيئة على مصيرنا الأبدي خطير جداً لدرجة أن المسيح قد استخدم تشبيهات مستعارة مخيفة، مثل قلع العين أو قطع اليد، للتأكيد على أهمية مقاومة التجربة. هل مِن تشبيه أقوى مِن قلع العين أو قطع اليد كان يمكن إعطاؤه لتوضيح أهمية مقاومة التجربة لأجل الحصول على الحياة الأبدية؟ وإذا كان التحذير الوارد بهذا التشبيه يخيفك، فهذا حسنٌ، لأنه ينبغي له أن يفعل ذلك.
الأربعاء
٣ ايلول (سبتمبر)
المسيح والوصية الخامسة
استفسر الكتبة والفريسيون، خلال لقاء لهم مع يسوع، عن تقليد من تقاليد الشيوخ لم يكن موجوداً في شريعة موسى (متى ١٥: ١ـ ٢٠؛ انظر أيضاً مرقس ٧: ١ـ ١٣). وكان هذا التقليد ينص على أنه ينبغي للمرء، طقسياً، أن يغسل يديه قبل الأكل، وهو شيء كان تلاميذ المسيح قد أهملوا القيام به في هذه المناسبة. وقد أجاب المسيح على الفور، مقتبساً تقليداً آخراً من تقاليد الفريسيين، وهو التقليد الذي أَبطل الوصية الخامسة.
ونحتاج، قبل تحليل حجة المسيح، أن نعرف أن هذا التقليد الذي وضعه الفريسيون يسمى «قربان» وهي الكلمة التي تأتي من اللفظ الذي يعني «هَدِيَّةٌ». وعندما كان الشخص يقول عن شيء ما أنه « قُرْبَانٌ « فكان ذلك يعتبر قَسَمَاً: فيصبح الشيء مكرساً لله وللهيكل.
اقرأ مرقس ٧: ٩ـ ١٣. بأية طرق كان تقليد الفريسيين عبارة عن طريقة ماكرة لانتهاك الوصية الخامسة؟ فكِّر في أهمية تقديم القرابين أمام الله (خروج ٢٣: ١٥و ٣٤: ٢٠)؛ وفكِّر كذلك في قدسية القَسَمِ الذي ينطق به المرء أمام الرب (تثنية ٢٣: ٢١ـ ٢٣).
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
يبدو وكأن الفريسيين كانوا قد وجدوا الذريعة المثالية لحرمان والدا المرء من الدعم المشروع الذي ينبغي للأبناء أن يقدموه لآبائهم وأمهاتهم. فقد بَسَّطُوا المبادئ الراسخة الموجودة في أسفار موسى الخمسة وحوَّلوها إلى وصايا من صنع البشر، والتي يمكنها، وفقاً لاعتقاد قادتهم الدينيين، أن تحل محل واحدة من وصايا الله.
وليست هذه هي المرة الوحيدة التي تعامل فيها المسيح مع نفس الانحراف الروحي: « ’وَلكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالسَّذَابَ وَكُلَّ بَقْل، وَتَتَجَاوَزُونَ عَنِ الْحَقِّ وَمَحَبَّةِ اللهِ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ‘ « (لوقا ١١: ٤٢). فكان ينبغي للناس أن يحفظوا كلا الوصيتين، وذلك من خلال إكرام الوالدين، دون التخلي عن تقديم القربان للرب.
ولا عجب في أن المسيح قد لخَّص حجته بأن وصف الفريسيين بالأوصاف التي وصف بها إشعياء بني إسرائيل، قبل ذلك الحين بسبعمائة سنة: « ’ يَقْتَرِبُ إِلَيَّ هذَا الشَّعْبُ بِفَمِهِ، وَيُكْرِمُني بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا. وَبَاطِلاً يَعْبُدُونَني وَهُمْ يُعَلِّمُونَ تَعَالِيمَ هِيَ وَصَايَا النَّاسِ ‘ « (متى ١٥: ٨و ٩). وهنا نجد، مجدداً، أن المسيح قد أيَّدَ ودعم الوصايا العشر. وقد ناقض موقفه هذا موقف الفريسيين.
ما هي الطرق التي ربما أنت تسعى، من خلالها، إلى إيجاد بعض الذرائع لتجنب القيام بما هو واجب عليك، بشكل واضح؟
الخميس
٤ ايلول (سبتمبر)
المسيح وجوهر الشريعة
اقرأ متى ١٩: ١٦ـ ٢٢. من خلال التفاصيل المباشرة لهذه القصة المحددة، ما هي الحقائق الواضحة والهامة التي يمكننا استخلاصها من هذه القصة حول الشريعة وحول ما ينطوي عليه حفظ الشريعة؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لم يتمكن الشاب الغني من إدراك أن الخلاص من الخطيئة لا يأتي من خلال حفظ الناموس، حتى ولو بصرامة ودقة. يأتي الخلاص، بالأحرى، من مُعطي الشريعة. كان بنو إسرائيل قد عرفوا هذه الحقيقة من البداية، لكنهم نسوها. وها هو المسيح يحدد ما كان ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار منذ البداية: إن الطاعة والخضوع التامين لله متحدان ومتلازمان للغاية لدرجة أن وجود أحدهما من دون الآخر يصبح مجرد ادعاء وتظاهر بعيش حياة مسيحية. «فلا يقبل شيء أقل من الطاعة الكاملة. إن تسليم النفس لله هو خلاصة تعاليم المسيح. وفي غالب الأحيان يقدم لنا هذا الأمر ويطلب منا في لغة تبدو ملزمة وحازمة، لأنه لا توجد طريقة أخرى لتخليص الإنسان غير التخلص من الأشياء التي لو أبقي عليها لأضعفت الإنسان كله» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٤٩٢).
وفي لقاء آخر للمسيح مع الصدوقيين سألوه عن القيامة، وقد أدهشهم المسيح وأسكتهم بجوابه. لذلك، اجتمع الفريسيون معاً وكانوا على استعداد لإجراء محاولة أخيرة لجعل المخلِّص ينطق بشيء يمكنهم تفسيره على أنه مخالف للشريعة. وقد اُخْتِيرَ نَامُوسِيٌّ ليسأل المسيح عن أَيَّةُ وَصِيَّةٍ هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ (متى ٢٢: ٣٥ـ ٤٠).
وربما كان الدافع وراء سؤال الرجل الناموسي هذا ناجماً عن محاولة معلمي الشريعة ترتيب الوصايا العشر من حيث أهميتها. فإذا بدا أن هناك وصيتين متعارضتين، فإن الوصية المفترض أنها أكثر أهمية كان لها الأولوية وكانت تُتْرَك الحرية للشخص لينتهك الوصية الأقل أهمية. وكان الفريسيون يُقَدِّرُونَ حق تقدير الوصايا الأربع الأولى، تحديداً، بوصفها أكثر أهمية من الوصايا الست الأخرى، ومن هنا جاء فشل الفريسيين حين تَعَلَّق الأمر بالديانة العملية.
وقد أجاب يسوع بطريقة بارعة: أولاً، والأكثر أهمية، لابد وأن تكون هناك محبة في القلب قبل أن يتمكن الشخص من البدء في حفظ ناموس الله. إن الطاعة، بدون محبة، مستحيلة وعديمة الجدوى. ولهذا، كلما كانت هناك محبة حقيقية لله كلما وضع الشخص حياته، دون قيد أو شرط، في تناغم مع مشيئة الله كما هي معلنة في وصاياه العشر. وهذا هو السبب في أن المسيح قال، في وقت لاحق: « ’ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ ‘ « (يوحنا ١٤: ١٥).
الجمعة
٥ ايلول (سبتمبر)
لمزيد من الدرس
اقرأ لروح النبوة الفصل الذي بعنوان «روحانية الشريعة»، صفحة ٤٧٦ـ ٥١١، في كتاب المعلم الأعظم؛ والفصل الذي بعنوان «أسرار السعادة»، صفحة ٢٧٥ـ ٢٩١، وصفحة ٥٧٠ـ ٥٧٤ من الفصل الذي بعنوان «يوم نزاع»، في كتاب مشتهى الأجيال.
«إن يسوع وهو يتكلم عن الشريعة قال: ’ما جئت لأنقض بل لأكمل‘... أي يملأ مكيال مطاليب الشريعة ليقدم قدوة للطاعة والامتثال الكامل لإرادة الله....
«وكانت خدمته أن ’يعظم الشريعة ويكرمها‘ إشعياء ٤٢: ٢١. كان لا بد له من أن يبين طبيعة الشريعة الروحية ويقدم مبادئها البعيدة المدى ويوضح حقوقها الأبدية....
«يسوع الذي هو الصورة الواضحة لذات الآب، وبهاء مجده، الفادي المنكر لذاته، طوال مدة اغتراب محبته على الأرض كان صورة حية لصفة شريعة الله. ففي حياته بدا واضحاً أن المحبة التي هي ابنة السماء والمبادئ المسيحية تكمن تحت شرائع الاستقامة الأبدية» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٤٨٠ـ ٤٨١).
أسئلة للنقاش
١. بأية طرق يمكن أن نكون «متزمتين» في حفظنا للناموس تزمتاً يشبه تزمت الفريسيين في زمن المسيح؟ ومن ناحية أخرى، ما هو الخطر الكامن في افتراض أن إلهنا المحب يعفينا من إطاعة الناموس؟ قم بإعداد قائمة من الطرق العملية التي يمكننا، من خلالها، تجنُّب الوقوع في أحد الفخين أو الآخر، في عصرنا الحالي. تعال بأفكارك وشاركها مع الصف.
٢. كما نعلم، إن الجدل حول استمرار صلاحية وسريان مفعول الوصايا العشر ليس سوى محاولة للالتفاف حول سبت اليوم السابع. قم بمراجعة كل القصص المدونة في الأناجيل، والتي تتحدث عن معجزات الشفاء التي أجريت في أيام السبوت. كيف تؤكد هذه القصص، ليس فقط على استمرار صلاحية وسريان مفعول الناموس، وإنما على استمرار صلاحية وسريان مفعول سبت اليوم السابع؟ لماذا لا يرغب، مَن يريدون إنكار السبت، في الرجوع إلى أقوال ومثال المسيح؟
٣. يتحدث اللاهوتيون، في بعض الأحيان، عن «الكون الأخلاقي». ما الذي يعنيه ذلك؟ كيف يُعَد عالمنا عالماً أخلاقياً؟ وإذا كان عالمنا، بالفعل، كذلك؛ فما هو، في اعتقادك، الذي يجعله كذلك؟ ما هو الدور الذي يقوم به ناموس الله في الكون الأخلاقي؟ هل يمكن للكون أن يكون مكاناً أخلاقياً من دون وجود ناموس أخلاقي يحكمه وينظِّمه؟ ناقش هذه المسألة. كيف تساعد فكرة وجود ناموس الله، في كون أخلاقي، على تفسير محاولة الشيطان للإقلال من شأن الناموس؟
قصة الأسبوع
عمل المحبّة
«موثو» هو مُدرّس لمادة الكتاب المقدّس في مدرسة الأدفنتست الثانويّة في جنوب شرق الهند. ولكن لم تكن خدمته فقط مُقتصرة على التعليم في الصفوف، بل كانت أيضاً تشتمل على أخذ الطلّاب والشبّان إلى القُرى لعقد اجتماعات لمدرسة السبت. كان القرويون هناك يعرفون قليلاً عن الرب يسوع.
كان الأطفال يأتون أوّلاً ويجتمعون تحت الشجرة لسماع القصص والترانيم. وكان أعضاء الفريق يقومون بزيارة بيوت القرويين للصلّاة من أجل المرضى والضُعفاء فيما بينهم. وأخيراً، أصبح الشبّان من تلك القرية يحضرون الاجتماعات أيضاً.
وفي أحد الأيّام، وبينما كان موثو يقوم بزيارة إحدى القرى، اكتشف بأنّ ريحا عاصفة ومطرا شديدا قد عملا على انهيار بيت من الطين كانت تسكنه امرأة وجدت نفسها بلا مأوى بعد انهيار منزلها. كانت تلك المرأة مصابة بمرض الجذام، ولم يجرؤ أحد على الاقتراب منها.
وعوضاً عن عقد اجتماعات لمدرسة السبت، قام موثو وفريقه بإزالة الحُطام من أمام المنزل. ومن ثم جاء القرويون لمساعدتهم أيضاً. وقام الجميع بقطع أفرع بعض الأشجار لتكون بمثابة أعمدة للبيت ووضعوا قماش النقب فوقها لتكون بمثابة ملجأً مؤقت.
وأثناء الأسبوع، ابتدأ موثو وفريقه في بناء منزل متين للسيدة. وقد لاحظ القرويون أنّ موثو وأصدقاءه لم يصابوا باي مكروه، لذا ابتدأوا بمعاملة المرأة معاملة جيدة مجدّداً واعتبروها واحدة منهم. وكما قام البعض منهم بإعطاء المرأة بعض الملابس والمؤن الغذائية بدلاً من تلك التي فقدتها عند انهيار المنزل.
وفي السبت التالي، أتت السيدة الى موثو مترجيّة أن يزورها في البيت. وعندما وصلت المجموعة هناك، أشارت المرأة إلى كيسين كبيرين من الخيش مملوئين بجوز الهند. ومن ثم قالت، «هذه هي تقدمتي للكنيسة». تأثّر موثو عندما اكتشف بأنّ هذه السيدة قد قامت بجمع ١٠٠ حبّة من جوز الهند وحملتها واحدة تلو الأُخرى إلى بيتها الصغير. وقد تطلب قيامها بهذا العمل الذي عبرت من خلالها عن امتنانها أسبوعاً كاملاً.
واليوم، توجد مجموعة كبيرة تجتمع في القرية للعبادة. ولا يوجد في القرية أي كنيسة من أي طائفة ، ولكنّ سكّان المنطقة يرحبّون بالأدفنتست بسبب معرفتهم بأنّ هؤلاء الأشخاص يهتمّون بهم فعلاً. تبُعد أقرب كنيسة عن القرية حوالي ٥-٦ كم، كما لا توجد هناك مواصلات مؤمنّة. يتعلّم المؤمنون الجُدد الصّلاة وهم يطلبون من الله أن يتمكنوا من بناء كنيسة في قريتهم.
الآلاف من القُرى كهذه القرية يعبدون إلهاً من الحجر. ولا يزال هؤلاء الأشخاص بانتظار سماع أنّ الرب يسوع يحبّهم ويريد قضاء الأبديّة معهم. سيساعد العطاء المرسلي في بناء كنيسة بسيطة ليعبدوا الله فيها ويدعون آخرين للعبادة معهم أيضاً.
موثو كوتي، هو خادم يعيش في مودوراي، تامل نادو، في الهند.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
الدرس الحادي عشر
٦ - ٢١ أيلول(سبتمبر)
السَّبْتُ
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: يوحنا ١: ١ـ ٣؛ متى ١٢: ١ـ٥؛ لوقا ٤: ١٦ـ ٢١؛ يوحنا ٥: ١٦و ١٧؛ متى ٢٤: ٢٠.
آية الحفظ: « ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: ’السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا ‘ « (مرقس ٢: ٢٧و ٢٨).
عمل القادة الدينيون، طوال خدمة المسيح الأرضية، على الطعن في الأسلوب الذي حفظ المسيح به السبت. وعندما وُجِّهَ إليه الانتقاد، أكد المسيح على سلطته بوصفه رب السبت (متى ١٢: ٨؛ مرقس ٢: ٢٨؛ لوقا ٦: ٥). كما قام أيضاً بإظهار ما ينبغي أن يكون عليه الحفظ الصحيح للسبت.
واليوم، نحن نُواجَه، ليس فقط بالتحدي المتعلق «بالحفظ الصحيح للسبت»، ولكننا نُواجَه أيضاً بالتحدي المتعلق بالاعتقاد السائد، لدى كثير من المسيحيين، بأن يوم الأحد، وليس يوم السبت، هو يوم الراحة. مع ذلك، فإن أولئك الذين يؤيدون فكرة حفظ يوم الأحد لا يجدون، في الأناجيل، ما يدعم وجهة نظرهم. فإن الخلافات المتعلقة بالسبت، في الأناجيل، كانت تتعلق فقط بالكيفية التي كان ينبغي حفظ السبت بها، ولم تكن تتعلق بيوم السبت نفسه. إن حياة المسيح وتعاليمه لم تدع مجالاً للشك في أن يوم السبت كان سيواصل كونه يوم الرب للراحة، حتى بعد موت المسيح وقيامته.
سوف نناقش في هذا الأسبوع، علاقة المسيح بالسبت بوصفه خالق السبت، ورَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا. وسندرس بعد ذلك، مثال وتعاليم المسيح فيما يتعلق بحفظ السبت. وأخيراً، سوف ننظر إلى السبت كما هو معلن في تعاليم المسيح وفي حياة ومثال تلاميذه بعد قيامته.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ١٣أيلول (سبتمبر).
الأحد
٧ ايلول (سبتمبر)
المسيح، خالق السبت
ما الذي توضِّحه النصوص التالية عن دور المسيح في الخلق؟ لماذا يُعد هذا الأمر مهماً للغاية، خصوصاً عند النظر في مسألة السبت؟ انظر يوحنا ١: ١ـ ٣؛ كولوسي ١: ١٦؛ عبرانيين ١: ١و ٢.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
يبدأ يوحنا انجليه بالعبارة الشهيرة: «فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ.... كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ» (يوحنا ١: ١ـ ٣). ولا يترك كل من يوحنا وبولس أي مجال للشك فيما يتعلق بدور المسيح في الخلق. فالله الابن، يسوع المسيح، خلق كل الأشياء: «فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى .... الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ» (كولوسي ١: ١٦و ١٧). إن الله، بالمسيح، قد خلق الكون وكل ما فيه من حَيٍّ وجَمَاد.
إن المسيح، الذي خلق البشر، كان هو أيضاً الذي سيفديهم عندما يجيء «مِلْءُ الزَّمَانِ». وعند نهاية اسبوع الخلق مباشرة، أعطانا الرب يوماً للراحة. «فلكون السبت قد جُعِل لأجل الإنسان فهو يوم الرب. إنه مِلْك المسيح.... وبما أنه خلق كل الأشياء، إذاً فهو خالق السبت أيضاً. فلقد أفرزه ليكون مُذَكِّرَاً بعمل الخلق» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٢٦٤).
إن الله الذي خلق البشر، ولديهم الحاجة إلى الراحة، هو أيضاً مَن قام بتوفير سبيل الراحة لهم، وذلك بتخصيص يومٍ أسبوعيٍ فيه تضع الكائنات البشرية معاناتها ومتاعبها الأسبوعية جانباً لتستريح في الله، الخالق. وبعد الانتهاء من عمل الخلق، استراح الله، نفسه، في اليوم السابع. ولم يسترح الله بسبب التعب، وإنما من أجل أن يبارك السبت ويقدِّسه، ومن أجل أن يعطينا مثالاً نتبعه. وقد استراح المسيح في السبت، أيضاً، عندما انتهى من فدائنا على الصليب. ولم يسترح المسيح في السبت بعد الصليب لأنه كان بحاجة إلى الراحة، وإنما استراح من أجل التأكيد على القيمة الأبدية للسبت. إنَّ المسيح، الذي يدعو البشر، المتعبين، إلى الراحة فيه (متى ١١: ٢٨و ٢٩)، يدعونا إلى أن نستريح، بطريقة خاصة، مرة في الأسبوع، كل يوم سبت.
إن حفظنا للسبت يربطنا ببداية خلق الأرض؛ إنه يربطنا بأصل وأساس وجودنا. فهل من وقت أفضل من يوم السبت للتأمل في المسألة الهامة المتعلقة بما أَنَاَ فاعله بالوجود الذي أعطاني الله إياه؟
الاثنين
٨ ايلول (سبتمبر)
المسيح رب السبت
اقرأ متى ١٢: ١و ٢. ما الذي يجري هنا؟ لماذا اعتبر الفريسيون أن هذا العمل «لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ»؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
تقول الآية في تثنية ٢٣: ٢٥، ما يلي: «إِذَا دَخَلْتَ زَرْعَ صَاحِبِكَ فَاقْطِفْ سَنَابِلَ بِيَدِكَ، وَلكِنْ مِنْجَلاً لاَ تَرْفَعْ عَلَى زَرْعِ صَاحِبِكَ». لم تكن المشكلة، بالتالي، متعلقة بالعمل، في حد ذاته، الذي أقدم التلاميذ عليه وإنما كانت متعلقة باليوم الذي تم فيه القيام بهذا العمل. لقد كانت قوانين المعلمين الدينيين اليهود تحظر، بشكل صريح، كل أنواع العمل في السبت مثل الجني والدرّاسَ والتَّذْرِيَةِ. وكان التلاميذ، في رأي الفريسيين، مذنبين بتهمة القيام بكل هذه الأمور، وذلك عندما قطفوا سنابل القمح وفركوها في أيديهم وفصلوا القمح عن القش.
ما هو مغزى وأهمية الأسئلة التي استخدمها المسيح للرد على الفريسيين؟ انظر متى ١٢: ٣ـ ٥.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
يقول المسيح في المثال الأول المأخوذ من (١صموئيل ٢١: ١ـ ٦)، إنه على الرغم من أنه لم يكن ينبغي لداود ورجاله، في الظروف العادية، أن يأكلوا من الخبز الذي لم يكن مسموح به سوى للكهنة (لاويين ٢٤: ٩)، إلاَّ أن انتهاكهم للناموس الطقسي كان مسموحاً به، وذلك لأن حياتهم كانت في خطر. وكان المثال الثاني الذي ذكره المسيح (متى ١٢: ٥) يتعلق بالمحرقات والتقدمات المخصصة ليوم السبت في خدمات الهيكل، وهي المحرقات والتقدمات التي كانت ضعف عدد المحرقات والتقدمات التي كانت تُقدم في أي يوم آخر (سفر العدد ٢٨: ٩و ١٠). وقد أدرك اليهود، أنفسهم، أن خدمات الهيكل كانت لها الأولوية قبل السبت.
وبعد ان أشار المسيح إلى هذين المثالين، أدلى بتصريحين يبرران سلطته على إجراء تعديل في الطريقة المُتْعِبَةِ التي كان الفريسيون يحفظون السبت بها. التصريح الأول هو: « ’السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ‘ « (مرقس ٢: ٢٧). ويؤكد المسيح هنا على أن منشأ حفظ السبت كان في عدن، كما يشير إلى الأولويات الخاطئة التي وضعها الفريسيون بشأن الإنسان والسبت: فقد خُلق السبتُ من أجل فائدة ومنفعة الكائنات البشرية؛ وهو يواصل كونه كذلك، باعتباره عَطِيَّة اللهِ. والمقصود هو أن يكون السبت في خدمة الإنسان وليس الإنسان في خدمة السبت. والتصريح الثاني الذي أدلى به المسيح هو قوله أن « ’ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا‘ « (متى ٢: ٢٨). ويَصْدُق هذا التصريح على مكانة المسيح بوصفه خالق الكون ومُشَرِّعِ وصية السبت. لذلك، فالمسيح، وحده، هو مَن لديه السلطة على تحرير السبت من القوانين التي من صنع البشر.
لقد اَتَّهَمَ القادةُ الروحيون، للأمة اليهودية، المسيحَ، رب السبت، بأنه ينتهك اليوم الذي كان هو نفسه قد خلقه وقدَّسه. ما هي الرسالة التي يجب أن نستخلصها نحن جميعاً حول مخاطر العمى الروحي بين أولئك الذين ينبغي أنهم يعرفون الأمور بشكل أفضل؟
الثلاثاء
٩ ايلول (سبتمبر)
مثال المسيح
ماذا تخبرنا الآية في لوقا ٤: ١٦ عن موقف المسيح من السبت؟ لماذا يعد الاقتداء بمثال المسيح أمراً هاماً جداً بالنسبة لنا نحن اليوم؟ انظر يوحنا ١٤: ١٥؛ ١بطرس ٢: ٢١.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن كلمة «عَادَتِهِ»، التي استخدمها لوقا في عد ١٦، تأتي من كلمة يونانية متعلقة بعادات ثابتة، من حيث وقت حدوثها والنشاطات التي تتم في هذه الأوقات الثابتة. وبعبارة أخرى، كان المسيح يذهب إلى الهيكل، بانتظام، في كل يوم سبت، ما لم يمنعه عن القيام بذلك عائق قهري. وعلاوة على ذلك، فقد كانت هذه المسألة مهمة جداً، بالنسبة للوقا، لدرجة أنه ذَكَرَ، أربع مرات في إنجليه، دخول المسيح إلى الهيكل في أربعة سبوت مختلفة (لوقا ٤: ١٦؛ ٦: ٦؛ ١٣: ١٠). أيضاً، يُعرِّف لوقا، على وجه التحديد، السبت على أنه اليوم السابع من الأسبوع (لوقا ٢٣: ٥٤ـ ٢٤: ١). وحقيقة أن المسيح قد حفظ سبت اليوم السابع، أثناء خدمته الأرضية، وحقيقة أن اليهود قد حفظوه كذلك، تشهدان بأن الدورة الأسبوعية لم تُفْقَدْ أو تضيع منذ إعطاء الناموس على جبل سيناء، أو حتى منذ الخلق. إن مثال المسيح، فيما يتعلق بالسبت، هو نموذج للمسيحيين ليتبعوه، من حيث اليوم الذي حفظه المسيح وكذلك الطريقة التي حفظ المسيح هذا اليوم.
ما الذي قرأه المسيح في الهيكل في تلك المناسبة الخاصة؟ ولماذا يعد هذا مهماً؟ انظر لوقا ٤: ١٦ـ ٢١.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقرأ فيها المسيح ويتكلم في الهيكل. وعندما قرأ المسيح في تلك المرة، كان قد مَرَّ أكثر من عام على الوقت الذي اعتمد فيه المسيح في نهر الأردن. مع ذلك، فقد كانت هذه أول زيارة للمسيح إلى الناصرة، بعد مغادرته لحانوت النجارة، حيث كان قد أمضى ثلاثين عاماً من حياته، وحيث كان يذهب إلى الهيكل في بلدته الصغيرة. وخلال فترة شبابه، «كان يطلب منه أن يقرأ الدرس من الأنبياء، فكانت تهتز مشاعر السامعين حين كان يراق نور جديد على بعض أٌقوال الكتاب المقدس المألوفة» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٦١).
لكن الأمر كان مختلفاً في هذه المرة. فقد اختار المسيح فقرة كتابية خاصة وهي إشعياء ٦١: ١و ٢، وهي فقرة توضِّح عمل «المسيا» على الأرض، وتوضح أيضاً كيف أنه سيأتي ليكرز «بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ» (لوقا ٤: ١٩). وهذه السَنَة هي سَنَة الراحة أو اليوبيل، وهي وقت للراحة. وقد اختار المسيح، بشكل مناسب، يوم الراحة، أي السبت، ليُعْلِن فيه عن خدمته للخلاص والتحرير والشفاء. وإننا لنجد في المسيح راحة حقيقية، وهي راحة يُعْرَب عنها جَلِيَّاًّ في كل سبت.
الأربعاء
٠١ ايلول (سبتمبر)
معجزات في السبت
تذكر الأناجيل العديد من معجزات الشفاء التي أجراها المسيح في يوم السبت. ومن المثير للاهتمام أن تعرف أن الشفاء في السبت كان يأتي، في معظم الحالات، بمبادرة من المسيح وكما لو أنه أراد أن يشفي، عن قصد، في يوم السبت على الرغم من أنه كان يمكن له القيام بذلك في أي يوم آخر. لقد كان المسيح يحاول التأكيد على نقطة معينة وهي أن الشفاء لم يكن غير محظور في يوم السبت. على العكس من ذلك، لقد كان الشفاء في يوم السبت أكثر مشروعية مما كان العديد من الفريسيين والقادة الدينيين معتادين على عمله في السبت.
ما هي الحجج المقدمة في كل من هذه النصوص لتبرير شفاء المسيح للمرضى في السبت؟ متى ١٢: ١٠ـ ١٢؛ لوقا ١٣: ١٥و ١٦؛ يوحنا ٥: ١٦و ١٧.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
على الرغم من صواب فكرة أنه من الضروري، أثناء ساعات السبت، أن نضع مصالحنا الخاصة جانباً (خروج ٢٠: ٩؛ إشعياء ٥٨: ١٣)، إلا أنه لا ينبغي أبداً اعتبار ساعات السبت فترة من الكسل عديم الجدوى. لقد أشار المسيح، بوضوح، في مجادلاته مع الفريسيين، إلى أنه «يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!» (متى ١٢: ١٢). ووفقاً لتعاليم القادة الدينيين، كان يمكن معالجة المريض في يوم السبت إذا كانت حياته مهددة. وبالمثل، فإنه إذا سقطت شاة أو سقط ثورٌ في حفرة، كان يجوز انتشال الحيوان من الحفرة في يوم السبت إنقاذاً لحياته. ألم تكن حياة الإنسان أكثر قيمة من حياة الحيوان؟ لقد أظهر نُقَّاد المسيح، وللأسف، تعاطفاً نحو حيواناتهم أكثر مِن تعاطفهم نحو الكائنات البشرية التي كانت تعاني وتتعب. وكانوا يوافقون على إرواء حيوان ولكنهم لم يوافقوا على شفاء واسترداد شخص مريض يعاني.
قال يسوع أيضاً: « ’أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ‘ « (يوحنا ٥: ١٧)، وهو يشير بذلك إلى عمل الله لخير وصالح مخلوقاته. فإن الله، حتى في يوم السبت، يواصل منح الحياة ورعاية الكون (عبرانيين ١: ٢و ٣).
لقد علَّمنا المسيحُ أنه لا يجب أن نكون متزمتين في حفظنا للسبت. فمعنى أن نحفظه هو أن «نستريح» مِن أعمالنا الخاصة (عبرانيين ٤: ١٠)، بل والأكثر أهمية من ذلك، هو أن نتوقف عن محاولة العمل من أجل الحصول على الخلاص بجهودنا الشخصية، لأن هذا أمر مستحيل على أي حال. يريد الشيطان أن يقنعنا بأن نحفظ السبت بأنانية. فإذا هو لم يستطع أن يحيدنا عن حفظ السبت، فإنه سيحاول أن يدفعنا إلى النقيض الآخر، ألا وهو التزمت الشديد في حفظ السبت.
على الرغم من أنه من السهل أن نكون متزمتين، فيما يتعلق بحفظنا للسبت، إلاَّ أنه يمكن لآخرين أن يكونوا متساهلين جداً في حفظه. كيف نحقق التوازن الصحيح؟ أيضاً، لماذا يجب أن نكون حذرين بشأن ردة فعلنا نحو الكيفية التي يحفظ الآخرون السبت بها (لا تنسى كيف كان ينظر الفريسيون إلى الطريقة التي كان يحفظ المسيح السبت بها)؟
الخميس
١١ ايلول (سبتمبر)
السبت بعد قيامة المسيح من الموت
يحفظ كثير من المسيحيين الأحد، بدلاً من السبت، وهم يُعْطُون لذلك مجموعة من الأسباب أهمها قيامة المسيح في يوم الأحد. لكن، لا شيء في العهد الجديد، بما في ذلك الفقرات المتعلقة بالقيامة، يُعَلِّمُ بأن السبت اُسْتُبْدِلَ بالأحد. كما يُظْهِرُ العهد الجديد أن قصد المسيح هو أن يُحْفَظَ السبت، حتى بعد قيامته من الأموات.
ما الذي تقوله الآية في متى ٢٤: ٢٠ عن السبت في السنوات التي أعقبت قيامة المسيح؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
تُظْهِرُ لنا كلمات المسيح، في متى ٢٤: ٢٠، إنه في العام ٧٠ ميلادية، وبعد حوالي ٤٠ عاماً من موت المسيح على الصليب، كان السبت سيبقى مقدساً، كما كان دائماً. فإن الصخب والإثارة والخوف والترحال الذي كان لازماً للهرب من أورشليم، آنذاك، لم يكن يصح القيام به في يوم السبت.
أي دليل آخر نجده في العهد الجديد ويُظهر أن سبت اليوم السابع قد ظَلَّ مقدساً بعد قيامة المسيح؟ انظر أعمال الرسل ١٣: ١٤و ٤٢؛ ١٤: ١؛ ١٧: ١و ٢؛ ١٨: ٤.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
كان الذهاب إلى الهيكل، بالنسبة للتلاميذ، هو بمثابة ذهابنا إلى الكنيسة في عصرنا الحالي. والذهاب إلى بيت الرب هو مِن أفضل الطرق التي يمكن حفظ السبت من خلالها. ويُلاحظ عن بولس، بصفة خاصة، أنه كان مِن بين المعتادين على حضور خدمات الهيكل بانتظام في السبوت. لقد كانت عادة بولس هي إتباع مثال المسيح (أعمال ١٧: ٢). وعلى الرغم من أن بولس كان رسولاً للأمم، وعلى الرغم مِن أنه مِن أوائل المنادين بمبدأ التبرير بالإيمان، إلا أنه كان معتاداً على الذهاب إلى الهيكل يوم السبت، لا ليبشر لليهود فحسب، ولكن ليحفظ يوم السبت مقدساً.
وفي سبت من السبوت، وبعد انتهاء خدمات الهيكل، توسَّل الناس من الأمم إلى بولس ليبشرهم ببشارة الإنجيل. وكان يمكن للرسول بولس أن يدعوهم للاستماع إليه في اليوم التالي، الأحد، لكنه انتظر أسبوعاً. « ’ وَفِي السَّبْتِ التَّالِي اجْتَمَعَتْ كُلُّ الْمَدِينَةِ تَقْرِيبًا لِتَسْمَعَ كَلِمَةَ اللهِ ‘ « (أعمال ١٣: ٤٤). تُقدم هذه النصوص دليلاً قوياً على أن الكنيسة الأولى لم تعرف شيئاً اسمه استبدال السبت بالأحد.
إذاً، نحن نعرف أننا على حق فيما يتعلق بحفظنا للسبت الحقيقي. كيف يجعلنا حفظنا للسبت مسيحيين أكثر عطفاً ومحبة واهتماماً؟
الجمعة
٢١ ايلول (سبتمبر)
لمزيد من الدرس
اقرأ لروح النبوة، من كتاب مشتهى الأجيال، الفصل الذي بعنوان «السبت»، صفحة ٢٥٧ـ ٢٦٥.
« ’إن ابن الإنسان هو رب السبت أيضاً‘. إن هذه الكلمات مليئة بالتعليم والعزاء... ويشير [السبت] إليه كالخالق والمُقَدِّسِ. وهو يعلمنا أن ذاك الذي خلق كل ما في السماء وما في الأرض وفيه يقوم الكل هو رأس الكنيسة وبقوته قد صولحنا مع الله. لأنه إذ يتكلم عن إسرائيل يقول: ’وأعطيتهم أيضاً سبوتي لتكون علامة بيني وبينهم ليعلموا أني أنا الرب مقدسهم‘ أي جعلهم مقدسين، حزقيال ٢٠: ١٢. إذاً فالسبت هو علامة أو رمز لقدرة المسيح على أن يجعلنا مقدسين. والسبت كرمز لقوته المقدسة أُعطى لكل من قد صاروا جزءاً من شعب الله بواسطة المسيح» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٢٦٤).
أسئلة للنقاش
١. نحن مِلْكٌ للمسيح، بالخلق والفداء. كيف يذكِّرنا السبت، بصورة خاصة، بهاتين الحقيقتين الهامتين؟
٢. ما هي المشكلة في الطاعة الحرفية المتزمتة للوصية الرابعة؟ ومن ناحية أخرى، لماذا لا يعد الاستخفاف في حفظ السبت حلاً للتزمت المفرط؟ ما هو العنصر الأساسي الذي يجعل مِن حفظ السبت بركة حقيقية؟
٣. لماذا ينبغي أن يكون السبت، والفرصة للراحة في يوم السبت، مذكِّراً خاصاً لنا بالحق الهام الذي مفاده أننا لسنا مخلَّصين بواسطة أعمالنا وإنما بواسطة استحقاقات يسوع نيابة عنَّا؟
٤. ما هي الطرق التي يمكننا بواسطتها أن نتعلم كيف يكون لنا اختباراً أعمق وأجدى مع الرب في يوم السبت؟
٥. ما هي الدروس، المتعلقة بيوم السبت، والتي يمكننا تعلّمها من مثال المسيح في الشفاء يوم السبت؟ كيف تساعدنا معجزات المسيح التي أجراها في السبوت على أن نفهم على نحو أفضل ما ينبغي أن يكون عليه حفظ السبت والنشاطات التي يمكننا القيام بها في يوم السبت؟
٦. يجب علينا أن نحفظ السبت «مقدساً». فكِّر في بعض نشاطاتك الخاصة، في يوم السبت. ما مدى ما تتسم به هذه النشاطات مِن قدسية؟
قصة الأسبوع
القوّة العُظمى
كانت تيريزا تُعرف في مجتمعها في غرب بلغاريا على أنّها ساحرة. وكانت بالفعل تقوم بأعمال السحر والشعوذة أيضاً، وكان تخبر الناس بطالعهم وتزعم أنها تتنبأ بالمستقبل. وكان النّاس يحترمونها بسبب القوّة التي كانت لديها.
أتت حفيدة تيريزا الصُغرى، سارة، لزيارة جدّتها. وكانت تيريزا تحبّ سارة كثيراً! وفي يوم السبت، طلبت سارة من جدّتها أن تأخذها إلى الكنيسة. تعجّبت تيريزا عندما وجدت أنّ الكنيسة التي كان الأعضاء يجتمعون فيها هي منعقدة في أحد المقاهي في المدينة. قامت تيريزا بأخذ سارة لتلك الكنيسة.
رأى شخص تيريزا وسارة في الكنيسة، وقام بإهداء سارة كتاب قصص من الكتاب المقدس. وكانت سارة في كل مساء، تطلب من جدّتها أن تقرأ لها من هذا الكتاب.
وأثناء اللعب أو مساعدة الجدة، كانت سارة تحب الاستماع إلى الترانيم التي تتحدث عن المسيح. ولكن تيريزا كانت في كثير من الأحيان ترفض الاستماع للترانيم. ولكنّها وبعد أن اكتشفت أنّ يسوع الذي تحبّه حفيدتها كثيراً، هو ليس بالشخص العادي، قرّرت الرجوع إلى الكنيسة وتعلّم المزيد عنه.
بدأت تيريزا بالحضور إلى الكنيسة بشكل منتظم بعد رجوع سارة إلى بيتها في إيطاليا. كانت تيريزا تدّخن بشراهة ولم تكن قادرة على الامتناع عن التدخين. وفي أحد الأيّام، وقفت تيريزا أثناء فقرة تقديم الشهادات الشخصية في الكنيسة وقالت، «إن كنتم تريدونني في هذه الكنيسة، فيجب عليكم الصّلاة لله كي يساعدني على أن أتخلّص من عادة التدخين هذه.»
توّقف أعضاء الكنيسة وبدأوا في الصلاة من أجل تيريزا ووعدوها بأن يستمرّوا في الصّلاة من أجلها. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، شعرت تيريزا بالغثيان وبدأت بالتقيؤ. وقالت في نفسها، «حسناً يا رب، أعتقد بأنّ هذه هي طريقتك لإزالة سُموم التدخين من خارج جسمي.» استمرّت تيريزا بالتقيؤ لبضعة ساعات. وعندما ذهب الغثيان، لم تشعر لاحقاً بالرغبة في التدخين أبداً.
وبعد ما تعرّفت تيريزا بالرب يسوع أكثر، قامت بالتخلص من كل أدوات السحر بكل أشكاله. وعندما أتى زبائنها القُدامى ليطلبوا منها خدمة تتعلق بالسحر، كانت تقول لهم بأنّها لم تعد تعمل في العرافة بعد الآن. بل وكانت تسألهم عما إذا كان يريدون منها الصّلاة لله من أجلهم. وافق العديد من زبائنها أن تصلّي من أجلهم، والبعض منهم رجعوا وأخبروا تيريزا بأنّ صلواتها قد استجيبت. وهناك عدد قليل منهم قام بزيارة الكنيسة أيضاً.
تعلم تيريزا بأنّها وجدت قوّة أعظم من قوّة العرافة. لقد خلصها الله وساعدها على التخلص من العرافة، كما ساعدها على تعلّم القراءة والكتابة لتتمكّن من مشاركة ما قد تعلّمته مع الذين لم يسمعوا عن الرب يسوع من قبل.
تيريزا ممتنّة لأن المؤمنين حول العالم أعطوا من مالهم في عطاء السبت الثالث عشر لمساعدة المؤمنين في مدينتها على البدء في بناء كنيسة يتعبدون فيها. وعندما يتم بناء الكنيسة، سيأتي المزيد من الأشخاص ليتعلّموا عن قوّة الله ومحبّته العظيمة للبشر.
تشارك تيريزا ايمانها في بلاغويفغارد، بلغاريا.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
الدرس الثاني عشر
٣١ ـ ٩١ أيلول (سبتمبر)
الموت والقيامة
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: يوحنا ١١: ١١؛ يوحنا ١: ١ـ ٤؛ لوقا ٨: ٥٤و ٥٥؛ يوحنا ٥: ٢٨و ٢٩؛ متى ٥: ٢٢و ٢٩؛ يوحنا ١١: ٣٨ـ ٤٤.
آية الحفظ: «قَالَ لَهَا يَسُوعُ: ’أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا‘ « (يوحنا ١١: ٢٥).
نحن، كبشر، لدينا نفوراً فطرياً من الموت لأننا خُلقنا لنحيا فقط، وليس لنموت. إن الموت دخيل؛ ولم يكن المفترض له أن يكون.
ولهذا السبب، أظهر المسيح، خلال خدمته الأرضية، تحننا هائلاً نحو المفجوعين بموت أهاليهم وذويهم. وعندما رأى المسيح ارملة «نايين» تأخذ ابنها الوحيد إلى القبر «تَحَنَّنَ عَلَيْهَا، وَقَالَ لَهَا: ’لاَ تَبْكِي‘ « (لوقا ٧: ١٣). وقد قام المسيح بمواساة الأب الحزين لموت ابنته، البالغة ١٢ عاماً من العمر، قائلاً: « لاَ تَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ « (مرقس ٥: ٣٦). وفي كل مرة يضرب الموت فيها أحباءنا، يتألم المسيح لآلامنا، ويبكي قلبه الحنون معنا.
لكن المسيح يفعل أكثر من مجرد البكاء. فكونه قد غلب الموت، بموته هو وقيامته، فهو لديه مفاتيح الهاوية، وهو يَعِد بأن يقيم كل مَن يؤمن به إلى الحياة الأبدية. وهذا، إلى حد بعيد، هو أعظم وعد اُعطينا إياه في كلمة الله؛ فإنه لو كان للموت الكلمة الاخيرة، لكانت حياتنا كلها، وكل شيء أنجزناه، من دون جدوى.
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٢٠أيلول (سبتمبر).
الأحد
٤١ ايلول (سبتمبر)
حالة الموتى
اعتقد كتبة أسفار العهد القديم أن الإنسان هو كائن حي لا يتجزأ. وما المصطلحات العبرية المختلفة، التي تُتَرْجَم عادة على أنها «جسد» أو «نفس» أو «روح» إلاَّ مجرد طرق مختلفة لوصف الإنسان ككل، ولكن من وجهات نظر مختلفة. ويستخدم الكتاب المقدس، وبما يتفق مع هذا المنظور، استعارات ومجازات مختلفة لوصف الموت. ومن بين هذه الاستعارات، يبرز مصطلح «الرقاد» [النوم] باعتباره الرمز المناسب للتعبير عن مفهوم الكتاب المقدس لحالة الموتى (انظر أيوب ٣: ١١ـ ١٣؛ ١٤: ١٢؛ مزمور ١٣: ٣؛ إرميا ٥١: ٣٩؛ دانيال ١٢: ٢). إن الموت هو النهاية الإجمالية للحياة. إنه حالة من اللاوعي الذي لا توجد فيه أفكار أو مشاعر أو أعمال أو علاقات من أي نوع (جامعة ٩: ٥و ٦و ١٠؛ مزمور ١١٥: ١٧؛ ١٤٦: ٤).
مع ذلك، فإنه بحلول الوقت الذي جاء فيه المسيح إلى الأرض في الجسد، كانت وجهة النظر الكتابية، المتعلقة بالإنسان، وتحديداً ما يقوله الكتاب المقدس عن حالة الموتى، قد تم الاعتراض عليها من قِبل الفكرة «الإِثنَيْنية» لخلود النفس، والتي شهدت انتشاراً سريعاً في جميع أنحاء العالم المعروف آنذاك.
كيف وصف المسيح موت صديقه لعازر؟ انظر يوحنا ١١: ١١.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
على الرغم من هذه الفقرة وغيرها، يجادل عدد من المسيحيين قائلين بأن المسيح كان يؤمن بخلود النفس، وذلك لأنه قال لِلِّص على الصليب: « الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ « (لوقا ٢٣: ٤٣). لكن معنى هذه الفقرة يتغير كلياً، اعتماداً على المكان الذي يتم فيه وضع الفاصلات. (إن أقدم المخطوطات اليونانية للعهد الجديد لم تكن تشتمل على «علامات الترقيم»). فإذا وُضِعت علامة الترقيم «:» بعد كلمة «لَكَ»، وهذا ما تفعله معظم ترجمات الكتاب المقدس، فهذا يعني أن المسيح واللص قد ذهبا إلى الفردوس في ذلك اليوم نفسه؛ أما إذا وُضِعت علامة الترقيم «:» بعد كلمة «اليوم»، فستعني الآية أن المسيح قد أكد للص على خلاصه المستقبلي. في الواقع، لقد كان تأكيد وتركيز كلمات المسيح هو على ضمان ويقين الخلاص وليس على توقيت دخول اللص إلى السماء. ويؤكد سياق النص، الواردة فيه هذه الآية، على هذا الأمر. بداية، لم يطلب اللص انتقالاً مباشراً إلى السماء عند موته؛ وإنما طلب، بالأحرى، أن يتم ذِكْرَه عندما يأتي الرب في ملكوته. علاوة على ذلك، أكد المسيح نفسه، بعد حديثه مع اللص بثلاثة أيام، على أنه لم يصعد بعد إلى الفردوس (يوحنا ٢٠: ١٧). لذلك، فإن هذه الفقرة الكتابية لا تُعلِّم أن نفوس الموتى تذهب إلى السماء بعد موتهم.
لماذا يُعَدُ التعليم المتعلق بالقيامة، مُهِمَّاً جداً بالنسبة لنا، في ضوء إدراكنا أن الموت هو حالة من الرقاد واللاوعي؟
الاثنين
٥١ ايلول (سبتمبر)
رجاء القيامة
إن الله، عند الخلق، قد «جَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ». ونتيجة لذلك، «صَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً» (تكوين ٢: ٧). وهكذا، فإنه طالما أبقى الله نسمة الحياة في المخلوقات الحية، فهي تبقى على قيد الحياة. لكن، عندما يأخذ الله نسمة الحياة منهم، فإنهم يموتون ويعودون إلى تراب (مزمور ١٠٤: ٢٩؛ جامعة ١٢: ٧). ولا يُعَدُ هذا قراراً تعسفياً مِن قِبل الله؛ إنما هو النتيجة الحتمية للخطيئة. لكن الأخبار السارة هي أنه، ومن خلال المسيح، هناك رجاء، حتى في الموت.
اقرأ يوحنا ١: ١ـ ٤. ما هو الشيء المتضمن في هذه الآيات ويبين قدرة المسيح على إقامة الموتى؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن للمسيح حياة في ذاته، لأنه هو الحياة (يوحنا ١٤: ٦). فالمسيح هو مَن خلق كل شيء ولديه القدرة على منح الحياة إلى مَن يشاء (يوحنا ٥: ٢١). وهكذا، فإنه يمكن للمسيح إقامة الموتى.
كيف تَحْدُث القيامة؟ انظر لوقا ٨: ٥٤و ٥٥.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
القيامة، وفقاً للكتاب المقدس، هي عكس الموت. وتتم استعادة حياة الإنسان عندما تعود نسمة الحياة إليه من عند الله. وهذه هي الطريقة التي أوضح بها لوقا قيامة ابنة «يايرس». فبعد أن علِم المسيح أن الفتاة البالغة ١١ عاماً من العمر قد ماتت، ذهب إلى بيت «يايرس» وأخبر المُشيِّعين أن الفتاة نائمة. ثم «أَمْسَكَ بِيَدِهَا وَنَادَى قَائِلاً: ’يَا صَبِيَّةُ، قُومِي!‘. فَرَجَعَتْ رُوحُهَا وَقَامَتْ فِي الْحَالِ» (لوقا ٨: ٥٤و ٥٥). فإنه، من خلال الأمر الإلهي الذي أعطاه المسيح، عاد مصدر الحياة، المُعْطَى مِن قِبل الله، إلى الفتاة. والمصطلح اليوناني «pneuma» والذي استخدمه لوقا، يعني «ريح»، «نَفَس» أو «روح». وعندما يستخدم الكتاب المقدس هذا المصطلح، فيما يتعلق بالكائنات البشرية، فإنه لا يشير إلى كيانٍ واعٍ قادرٍ على الوجود بمعزل عن الجسد. ولذا، فإن هذه الكلمة، في هذه الفقرة، تشير بوضوح إلى نسمة الحياة.
إن الموت منتشرٌ جداً لدرجة أننا نعتبره أمراً مفروغاً منه. كيف يمكننا تعلُّم الثقة في وعود الله بشأن الحياة الأبدية، على الرغم من أنه يبدو، في الوقت الراهن، أن الموت هو المنتصر.
الثلاثاء
٦١ ايلول (سبتمبر)
القيامة والدينونة
يمكن لما درسناه حتى الآن، أن يقودنا إلى الاعتقاد بأن القيامة سوف تكون مِن نصيب عدد قليل فقط من الناس. لكن المسيح أكد على أنه تأتي ساعة « ’ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ فَيَخْرُجُ[ونَ]‘ « (يوحنا ٥: ٢٨و ٢٩). إن الجميع سيقومون، سواء كانوا مؤمنين أو غير مؤمنين، وسواء كانوا مخلَّصين أو هالكين. وكما أعلن بولس، فإنه « ’ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلأَمْوَاتِ، الأَبْرَارِ وَالأَثَمَةِ ‘ « (أعمال ٢٤: ١٥).
على الرغم من أن جميع البشر سيقومون من الأموات، في نهاية المطاف، إلاَّ أن جميعهم سيواجهون واحداً من مصيرين أبديين، لا ثالث لهما. ما هما هذان المصيران؟ يوحنا ٥: ٢٨و ٢٩.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن قيامة الجميع، في اليوم الأخير، لا تعني أنه سيؤذَنْ لجميع البشر الدخول إلى حياة أبدية مباركة وبهيجة. « ’وَكَثِيرُونَ مِنَ الرَّاقِدِينَ فِي تُرَابِ الأَرْضِ يَسْتَيْقِظُونَ، هؤُلاَءِ إِلَى الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ، وَهؤُلاَءِ إِلَى الْعَارِ لِلازْدِرَاءِ الأَبَدِيِّ‘ « (دانيال ١٢: ٢).
يعلمنا الكتاب المقدس أن الله سيدين حياة كل إنسان ويقرر المصير الأبدي لكل شخص عاش على الأرض على مر العصور (جامعة ١٢: ١٤؛ رومية ٢: ١ـ ١١). مع ذلك، فإنه تنفيذ الحكم الإلهي لا يتم بعد موت كل شخص مباشرة، ولكن ذلك يحدث بعد قيامة الشخص من الأموات. وهكذا، فإنه إلى ذلك الحين، يبقى كل من المخلَّصين والهالكين راقدين في التراب بلا وعيٍ. والقيامة، في حد ذاتها، ليست مكافأة ولا عقاباً. إنما هي شرط مسبق للحصول على الحياة الأبدية أو الإدانة.
وقد أشار المسيح عند حديثه عن القيامتين، إلى أن مصيرنا سيتقرر على أساس الجودة الأخلاقية لأعمالنا (سواء صالحة أَمْ سيئة). إلاّ أن هذه الحقيقة، مع ذلك، لا تعني أن الأعمال تخلّصنا. على العكس من ذلك، لقد علَّم المسيح بوضوح أن خلاصنا يعتمد كلياً على إيماننا به، بوصفه مخلّصنا (يوحنا ٣: ١٦). لماذا، إذن، تؤخذ الأعمال بعين الاعتبار؟ السبب في ذلك هو أن أعمالنا تُظهر إذا ما كان إيماننا في المسيح وخضوعنا له حقيقيين أَمْ لا (يعقوب ٢: ١٨). إن أعمالنا تبرهن إذا ما كنا لا نزال «أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفسس ٢: ١) أو «أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ» (رومية ٦: ١١).
أمعن التفكير في المصير النهائي الذي ينتظر كل واحد منا. فإذا كان هناك أي شيء يقف حائلاً بينك وبين الحياة الأبدية، فَلِمَ لا تختار، الآن، التخلُّص من هذا الشيء؟ فعلى كل حال، هل من شيء جدير بأن تخسر الحياة الأبدية من أجله؟
الأربعاء
٧١ ايلول (سبتمبر)
ما قاله المسيح عن جهنم
استخدم المسيح مصطلحين يونانيين اثنين، وهما «hades» و «gehenna» أي «الهاوية» أو «جهنم»، للحديث عن الموت وعقاب الأشرار. ونظراً للاعتقاد السائد عن معنى «جهنم» أو «الجحيم»، نحن بحاجة إلى النظر إلى هذه المسألة بدقة.
إن مصطلح «Hades» يعادل المصطلح العبري «she’ôl»، وهو المصطلح الأكثر شيوعاً في العهد القديم للحديث عن عالم الموتى. وهذه الكلمات، ببساطة، هي مجرد إشارة إلى القبر أو المكان الذي ينحدر إليه الجميع عند الموت، دون وجود أي دلالة على العقاب أو الثواب مرتبطة بهذا المصطلح. مع ذلك، هناك فقرة واحدة يبدو فيها أن مصطلح «الْهَاوِيَةِ» مرتبط بالعقاب، ونجد هذه الفقرة في مثل «الغني ولِعَازَر».
اقرأ لوقا ١٦: ١٩ـ ٣١. ما هو الدرس الأساسي الذي يعلمه هذا المثل (انظر الأعداد ٢٧ـ ٣١، بصفة خاصة)؟ ما هو الخطأ في استخدام هذا المثل للتعليم بأن البشر يذهبون إما للفردوس أو للجحيم بعد موتهم مباشرة؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن هذا المثل لا يُرَكِّزُ على حالة الإنسان في الموت. وقد أُعطي هذا المثل في ضوء الاعتقاد السائد، لدى الكثيرين من معاصري المسيح، بأن الإنسان عند موته يذهب، مباشرة، إما إلى الفردوس أو إلى الجحيم، بحسب أعماله. هذا على الرغم من أن الكتاب المقدس لا يدعم مثل هذا الاعتقاد، من قريب أو من بعيد. أما الدرس الهام الذي يُعلِّمَه هذا المثل، بالأحرى، فهو أن مصيرنا المستقبلي يتحدد بالقرارات التي نتخذها بصفة يومية في هذه الحياة. فإذا نحن رفضنا النور الذي يعطينا الله إياه، هنا على هذه الأرض، فلن تكون هناك فرصة بعد الموت. إن أي محاولة لتفسير هذا المثل، بشكل حَرْفْيٍ، تؤدي إلى العديد من المشاكل المستعصية. في الواقع، إن التفاصيل الوصفية التي وردت بالمثل كانت غريبة، وذلك عن عَمْدٍ، من أجل أن تُبَيِّنَ لنا أن المسيح لم يكن يقصد أن تؤخذ كلماته بالمعنى الحرفي، وإنما مجازياً.
ما هي التحذيرات التي نطق بها المسيح، فيما يتعلق بجَهَنَّمَ؟ أنظر متى ٥: ٢٢و ٢٩و ٣٠؛ ٢٣: ٣٣.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
في كثير من ترجمات الكتاب المقدس، تَرِدُ كلمة «جهنم» على لسان المسيح أحد عشرة مرة. في الواقع، لقد استخدم المسيح المصطلح اليوناني «gehenna»، وهو مأخوذ من الاسم العبري «Gê Hinnom»، أي «Valley of Hinnom» أو «وَادِي ابْنِ هِنُّومَ». ووفقاً للعهد القديم، كان الملك «آحَازُ» والملك «منسى» يمارسان الطقوس الوثنية البشعة، حيث كانا يقدمان الأطفال محرقة لِمُولَكَ (٢أخبار الأيام ٢٨: ٣؛ ٣٣: ٦). وفي وقت لاحق، قام الملك التقي «يوشيا» بوقف هذه الممارسة (٢ملوك ٢٣: ١٠). وبسبب الخطايا التي كانت تُرتكب في هذا الوادي تنبأ إرميا بأن الله سيجعل المكان يُدْعَى «وَادِي الْقَتْلِ» (إرميا ٧: ٣٢و ٣٣؛ ١٩: ٦). وهكذا أصبح المكان، بالنسبة لليهود، رمزاً للدينونة الأخيرة وعقاب غير التائبين. ولقد استخدم المسيح الاسم، مجازياً، دون أن يوضِّح أية تفاصيل، فيما يتعلق بزمان ومكان العقاب، وهي التفاصيل التي نجدها في فقرات أخرى من فقرات الكتاب المقدس. ورغم ذلك، فإن جهنم ليس مكاناً للعقاب الأبدي.
الخميس
٨١ ايلول (سبتمبر)
لقد غلب المسيحُ الموتَ
لماذا كانت قيامة لعازر هي المعجزة المُتَوِّجَة لخدمة المسيح الأرضية؟ انظر يوحنا ١١: ٣٨ـ ٤٤؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
على الرغم من أن يسوع كان قد أقام شخصين اثنين من الأموات، في مناسبتين سابقتين، إلا أن أياً من هاتين الحالتين لم تكن بنفس تأثير معجزة إقامة لعازر من الموت. فقد كان لعازر ميتاً، منذ أربعة أيام، وهي الحقيقة التي أكدتها «مرثا» عند القبر. كما أن المسيح قد أجرى هذه المعجزة في وضح النهار وأمام جمع من الشهود الموقرين والعقلاء من أورشليم. لذا، فقد كانت إقامة لعازر من الأموات دليلاً لا يمكن رفضه أو إنكاره.
والأهم بكثير من إقامة لعازر من الموت، هو قيامة المسيح نفسه. فبما أن المسيح له حياة في ذاته، فهو ليس لديه القدرة على أن يُقِيم الأَمْوَاتَ ويُحْيِي مَنْ يَشَاءُ فحسب، (يوحنا ٥: ٢١)، ولكن المسيح لديه القدرة على أن «يضع نفسه ويأخذها أيضاً» (يوحنا ١٠: ١٧و ١٨). ولقد أثبتت قيامته هذا الأمر بشكل لا يمكن إنكاره أو رفضه.
ما هي العلاقة بين قيامة المسيح وبي ن قيامتنا نحن؟ لماذا تُعد قيامة المسيح مهمة جداً، بالنسبة لخلاصنا؟ انظر ١كورنثوس ١٥: ١٧ـ ٢٠.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن قدرة المسيح على كسر قيود الموت هي أمر لا جدال فيه. فقد قام المسيح من القبر «كباكورة للراقدين» فيه. وقيامة المسيح هي ضمان قيامة كل مؤمن، وذلك لأن المسيح له مَفَاتِيح الْمَوْتِ (رؤيا ١: ١٧و ١٨).
«والمسيح للمؤمن هو القيامة والحياة. ففي مخلصنا أعيدت لنا الحياة التي ضاعت بسبب الخطيئة لأن له حياة في ذاته ليُحيي مَن يشاء. وله مطلق السلطان لأن يَهب الخلود. فالحياة التي وضعها (بذلها) في جسم بشريته يأخذها ثانية ويعطيها للبشرية» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٧٤٤).
بعد وفاة «فلاديمير لينين»، تم تجميد جثته على رجاء أن يتمكن العِلم، في نهاية المطاف، من عودته إلى الحياة مجدداً. وحتى الآن، لا تبدو الاحتمالات جيدة، أليس كذلك؟ إن الموت جبَّار قاهر لدرجة أن مَن خلق الحياة، في البدء، هو وحده القادر على استعادة هذه الحياة. ماذا ينبغي لهذه الحقيقة أن تخبرنا عن لماذا يجب علينا الثقة في أن المسيح قادرٌ على أن يقيمنا من الأموات، بل وسيفعل ذلك، كما وعد؟
الجمعة
٩١ ايلول (سبتمبر)
لمزيد من الدرس
اقرأ لروح النبوة، من كتاب مشتهى الأجيال، الفصل الذي بعنوان « ’لعازر هلم خارجاً‘ «، صفحة ٤٩٣ـ ٥٠٥؛ والفصل الذي بعنوان « ’صبح مجيد‘ «، صفحة ٧٣٩ـ ٧٤٥).
«يدعو ابن الله بصوته القديسين الراقدين ليخرجوا من قبورهم. إنه ينظر إلى قبور الأبرار وحينئذ إذ يرفع يديه نحو السماء يصرح قائلاً: ’استيقظوا استيقظوا وقوموا يا سكان التراب!‘ وفي طول الأرض وعرضها سيسمع الأموات ذلك الصوت. والسامعون يحيون.... وسيخرجون من بيت سجن الموت متسربلين بمجد لا يرذل صارخين وقائلين: ’أين شوكتك يا موت. أين غلبتك يا هاوية‘ ١كورنثوس ١٥: ٥٥. ثم يشترك الأبرار الأحياء مع القديسين المقامين في هتاف انتصار عالٍ وطويل وبهيج» (روح النبوة، الصراع العظيم، صفحة ٧٩٦).
أسئلة للنقاش
١. جميعنا نصارع مع حقيقة الموت. فما الذي تعينه حياة الإنسان، ذاتها، إذاً ما لم يكن الله موجوداً، كما يعتقد الكثيرون، وما لم يكن هناك رجاء في الحياة الأبدية وما لم تكن هناك قيامة؟ ما معنى الحياة لو أن جميع مَن عاشوا على الأرض سيموتون، إن عاجلاً أو آجلاً، ولو أن كل ذكرى لهم ستنتهي إلى الأبد؟ كيف يمكن لفهمنا للقيامة أن يساعدنا على التعامل مع معضلة الموت، التي يبدو أنها غير قابلة للحل، لو لم يقدم الكتاب المقدس لنا الجواب؟
٢. ما هي بعض المخاطر الكامنة وراء فكرة «خلود النفس»؟ لماذا يحرص الشيطان على نشر هذا الاعتقاد الذي لا أساس له في الكتاب المقدس؟ ما هو الدور الذي ستقوم به فكرة «خلود النفس» في المشهد الديني في زمن المنتهى؟ فَكِّرْ في كل الضلالات المحتملة التي يمكن أن يتجنبها أولئك الذين يدركون أن الموت هو مجرد رقاد إلى أن تأتي القيامة.
قصة الأسبوع
صندوق القصص
موكا هي الزوجة الثالثة لزعيم من قبيلة الهيمبا، وهي تعيش في شمال ناميبيا.
يوجد عدد قليل من أطفال قبيلة الهيمبا، من الذين ذهبوا إلى المدارس، يستطيعون القراءة والكتابة. ينقل أفراد قبيلة الهيمبا التراث لأولادهم عن طريق تلاوة القصص حول النار مساءً.
ولأكثر من ١٥ عاماً، قام المرسلون الأدفنتست بالعمل وسط جماعة الهيمبا، عن طريق مصادقتهم وتعليمهم عن الله والاهتمام بهم أيضاً. كما صلّوا من أجل موكا عندما كانت مريضة جداً، واستمع الله صلواتهم وشفاها. يحترم زوج موكا المرسلين من أجل ما يفعلوه لمساعدة العائلة وأفراد القبيلة.
تستمتع موكا بزيارة المرسلين، كما تنتظر بفارغ الصبر للاشتراك في الصّلاة معهم. تتمنّى موكا أن تتمكن من الذهاب إلى أماكن انعقاد خدمات العبادة، ولكنّ أقرب مكان تعقد فيه هذه الخدمات بعيداً جداً ولا يمكن الذهاب إليه سيرا على الأقدام، كما أن عدد أفراد أسرتها كبير جداً ومن الصعب عليهم استخدام عربة يجرها حمار لتقلهم إلى هناك. لذا تكتفي موكا بالصلاة في أوقات فراغها.
قام المرسلون مؤخرّاً بتنظيم مخيّم خاص لقبيلة الهيمبا. والكل كان مدعواً، وقد حضر أغلب أعضاء قبيلة الهيمبا إلى المخيم. قام المرسلون بتقديم مشغّل صوتي يُشحَن بالطاقة الشمسيّة. وقد قاموا أيضاً بتعليمهم كيفيّة تشغليه وشحنه ليستطيعوا الاستماع إلى القصص الكتابيّة بلغتهم الخاصة.
وعندما رجع زوج موكا إلى البيت، قام بإعطاء مشغّل الصوت إلى زوجته الأُولى لتستمع إليه. وعندما انتهت من سماع القصص، أعطته إلى موكا لتتمكّن هي وأولادها من سماع القصص أيضاً. وقامت موكا بتمرير مشغّل الصوت للزوجة الأُخرى، وبهذا يقوم جميع أفراد العائلة بالاستماع إلى القصص التي تتحدّث عن الرب يسوع.
تقول موكا، «أنا الآن أعرف الله بشكل أكبر بعد سماعي للقصص التي قد اهداني إيّاها المرسلون بصندوق القصص الصغير. أريد تعلّم المزيد عن الله ومعرفة كيفيّة اتّباعه بشكل أفضل.»
كان مشغّل الصوت هو الانطلاقة التي من خلالها يعرف جماعة الهيمبا عن الله أكثر، وقد ساعد جزء من عطاء السبت الثالث عشر بتوفير المئات من مشغّلات الصوت لسماع المزيد من القصص بلغتهم الخاصة. شكراً لكم من أجل عطائكم الذي يساعد أشخاصاً مثل موكا وعائلتها على معرفة المخلّص واتّباعه.
موكا، تعيش في مستوطن ريفي في شمال ناميبيا مع عائلتها الكبيرة.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
الدرس الثالث عشر
٠٢ - ٦٢ ايلول (سبتمبر)
المجيء الثاني للمسيح
السبت بعد الظهر
المراجع الأسبوعية: يوحنا ١٤: ١ـ ٣؛ متى ١٦: ٢٧؛ ١تسالونيكي ٤: ١٣ـ ١٨؛ متى ٢٤: ٣ـ ١٤؛ ٢٤: ٤٢و ٤٤.
آية الحفظ: « ’ لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي. فِي بَيْتِ أَبِي مَنَازِلُ كَثِيرَةٌ، وَإِلاَّ فَإِنِّي كُنْتُ قَدْ قُلْتُ لَكُمْ. أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا ‘ « (يوحنا ١٤: ١ـ ٣).
إن المجيء الثاني للمسيح، والذي ذُكِر أكثر من ٣٠٠ مرة في العهد الجديد، هو تتويج لكل تعاليمنا. فالمجيء الثاني للمسيح ضروري لهُوُيَّتنا كأدفنتست سبتيين. بل إن هذه العقيدة محفورة في اسمنا، ككنيسة. والمجيء الثاني للمسيح هو جزء هام من بشارة الإنجيل التي دُعينا لإعلانها. فإنه بدون الوعد بمجيء المسيح، سيكون إيماننا باطلاً. إن هذه الحقيقة المجيدة تُعطينا الشعور بأن لنا مصيرا مجيدا مع الرب وتحفزنا على القيام بمرسليتنا المتعلقة بالكرازة والتبشير.
ويمكن القول أن تباطؤ مجيء المسيح بصورة تفوق توقعاتنا، قد يعمل على إضعاف إيماننا في وعد المسيح بالعودة. مع ذلك، فإن هذا لم يحدث. فإنه، بالنسبة للكثيرين منا، يُعد تحمسنا لرجوع المسيح أقوى من أي وقت مضى.
سنراجع، في هذا الأسبوع، ما قاله المسيح عن «الرَّجَاء الْمُبَارَك وَظُهُور مَجْدِ اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ» (تيطس ٢: ١٣).
*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٢٧أيلول (سبتمبر).
الأحد
١٢ ايلول (سبتمبر)
الوعد
قال المسيح لتلاميذه، بعد العشاء الرباني، أنه سيذهب إلى مكان لا يمكنهم، على الأقل حينها، أن يذهبوا إليه (يوحنا ١٣: ٣٣). وحقيقة أنهم كانوا سينفصلون عن المسيح ملأت قلوبهم حزناً وخوفاً. وسأل بطرس، « ’ يَا سَيِّدُ، إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ؟... لِمَاذَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَتْبَعَكَ الآنَ؟ ‘ « (يوحنا ١٣: ٣٦و ٣٧). وقد عَلِم المسيح رغبتهم وأكد لهم أن الانفصال سيكون مؤقتاً.
اقرأ وعود المسيح لنا في يوحنا ١٤: ١ـ ٣. قم بتطبيق هذه الكلمات على نفسك. لماذا ينبغي لهذه الكلمات أن تعني الكثير بالنسبة لك؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لا يمكن للوعد الذي أعطاه ربنا يسوع المسيح أن يكون أكثر تأكيداً من هذا. يأتي هذا الوعد، في اللغة اليونانية، في صيغة الزمن الحاضر فيقول «سوف أعود مرة أخرى»، مما يؤكد على يقينية حدوث ما يتم الوعد به. ويمكن أيضاً ترجمة هذه المصطلح حرفياً، كما في اللغة العربية، فيكون « آتِي أَيْضًا «.
لقد أعطانا المسيح اليقين في مجيئه الثاني. فهو لم يقل «ربما أنا آتي أيضاً»، ولكنه قال «آتِي أَيْضًا». وفي كل مرة ذَكَرَ فيها المسيح مجيئه، كان يشير إلي هذا المجيء مستخدماً عبارات مؤكِدة.
أحياناً، نحن نُعْطي وعوداً لا يمكننا، في وقت لاحق، الوفاء بها، على الرغم مِن عزمنا وبذلنا لأفضل الجهود من أجل الوفاء بتلك الوعود. لكن هذا ليس هو الحال مع المسيح. فقد أثبت المسيح، مرات عديدة، وبشكل لا لبس فيه، أن وعوده جديرة بالثقة.
وفي إشارة منه إلى تجسده، أعلن الرب، من خلال داود، قائلاً: « ’ هأَنَذَا جِئْتُ ‘ « (مزمور ٤٠: ٧). وقد فعل ذلك (عبرانيين ١٠: ٥ـ ٧). فحقيقة مجيئه الأول تضمن اليقين لمجيئه الثاني.
لقد وعد المسيحُ، أثناء خدمته الأرضية، أباً يائساً وقال له: « ’ لاَتَخَفْ! آمِنْ فَقَطْ، فَهِيَ تُشْفَى ‘ « (لوقا ٨: ٥٠). وبكل تأكيد، شُفيت ابنة «يايرس»، على الرغم من أنها كانت قد ماتت. وقد أعلن المسيح أنه، وبعد ثلاثة أيام من موته، سيقوم من القبر؛ وقد فعل. وقد وعد التلاميذَ بالروح القدس؛ وبالفعل، أرسله في الوقت المناسب. فإذا كان ربنا يسوع المسيح قد حفظ عهوده ووعوده في الماضي، حتى تلك الوعود التي بدت مستحيلة، من المنظور الإنساني، فإنه يمكننا أن نتيقن من أنه سيحفظ وعده المتعلق بالمجيء ثانية.
كيف يمكنك إبقاء نيران الشوق، إلى مجيء المسيح، متقدة في قلبك؟
الاثنين
٢٢ ايلول (سبتمبر)
الغاية من المجيء الثاني للمسيح
إن خطة الفداء العظيمة ستبلغ ذروتها عند المجيء الثاني للمسيح. فإنه بدون عودة المسيح إلى هذه الأرض، ما كان لتجسُّده وموته وقيامته أن يكون لهم أي تأثير بالنسبة لخلاصنا.
ما هو أحد الأسباب الرئيسية للمجيء الثاني للمسيح؟ أنظر متى ١٦: ٢٧.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
الحياة ليست عادلة دائماً؛ في الواقع، إنها ليست عادلة في كثير من الأحيان. نحن لا نرى العدالة دائماً في مجتمعنا. فإن الأبرياء يعانون، في حين يبدو أن الأشرار يزدهرون. ولا يحصل كثير من الناس على ما يستحقونه. لكن الشر والخطيئة لن يسودا ويملُكا إلى الأبد. فسيأتي المسيح ليجازي « كُلَّ وَاحِدٍ كَمَا يَكُونُ عَمَلُهُ « (رؤيا ٢٢: ١٢).
ويشير هذا التأكيد، ضمناً، إلى أنه لا بد من أن تكون هناك دينونة قبل عودة المسيح. وعندما يأتي المسيح، سيكون مصير كل إنسان قد تم البَتّ فيه، بالفعل. وقد أشار المسيح، بوضوح، إلى هذه الدينونة التحقيقية في مَثَل وليمة العرس (متى ٢٢: ١١ـ ١٣). وحقيقة أننا نُدان من خلال أعمالنا لا تعني أننا مخلَّصون بأعمالناً أو بواسطة استحقاقاتنا الخاصة بنا. إن الخلاص هو بنعمة الله، ونحن نتسلمه بالإيمان بالمسيح (مرقس ١٦: ١٦؛ يوحنا ١: ١٢)، وهو الإيمان الذي نُظهره بأعمالنا وأفعالنا.
والمهم في هذا الوعد، الذي في متى ١٦: ٢٧، هو أن العدالة ستتحقق. وكل ما علينا عمله هو أن ننتظر ذلك. أيضاً، وعند المجيء الثاني للمسيح، سيقوم هؤلاء الذين رقدوا، في المسيح، إلى حياة أبدية. وكما رأينا، في وقت سابق، فإنه نظراً لأننا نعرف أن الأموات هم نيام في القبر، لذا فإن الوعد بالمجيء الثاني والقيامة إلى الحياة الأبدية، التي تلي مجيء المسيح ثانية، يُعدان ذات أهمية خاصة بالنسبة لنا.
«وفيما الأرض تترنح، وفي وسط وميض البروق وهزيم الرعود، يدعو ابن الله بصوته القديسين الراقدين ليخرجوا من قبورهم. إنه ينظر إلى قبور الأبرار وحينئذ إذ يرفع يديه نحو السماء يصرح قائلاً: ’استيقظوا استيقظوا وقوموا يا سكان التراب!‘ وفي طول الأرض وعرضها سيسمع الأموات ذلك الصوت. والسامعون يحيون. وتهتز الأرض كلها من دوس أقدام ذلك الجيش العظيم جداً من كل أمة وقبيلة ولسان وشعب. وسيخرجون من بيت سجن الموت متسربلين بمجد لا يرذل صارخين وقائلين: ’أين شوكتك يا موت. أين غلبتك يا هاوية‘ ١كورنثوس ١٥: ٥٥. ثم يشترك الأبرار الأحياء مع القديسين المقامين في هتاف انتصار عالٍ وطويل وبهيج» (روح النبوة، الصراع العظيم، صفحة ٦٧٩).
الثلاثاء
٣٢ ايلول (سبتمبر)
كيف سيأتي المسيح؟
أعرب المسيح، في عظته التي تحدث فيها عن ما سيحدث في المستقبل، عن قلقه إزاء التعاليم الخاطئة، فيما يتعلق بمجيئه الثاني. وقد حذَّر المسيح تلاميذه من أولئك الناس الذين سيأتون باسمه، « ’ قَائِلِينَ: ”أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! “ ‘ « (متى ٢٤: ٥؛ انظر أيضاً عد ٢٣ـ ٢٦). وهو لا يريد لأتباعه أن يُخدعوا أو يُضَلَّلوا. لذلك، أشار المسيح، بوضوح، إلى الطريقة التي سيأتي بها.
ماذا تخبرنا الآية في متى ٢٤: ٢٧ عن الكيفية التي سيعود المسيح بها؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
لا يمكن للبرق أن يُخْفَى أو يُزَيَّف، فهو يومض ويضيء في كل أرجاء السماء بطريقة يمكن للجميع رؤيتها. وسيكون مجيء المسيح بمثل هذه الطريقة. ولن تكون هناك حاجة إلى إعلانات لتلفت انتباه الناس إلى حدث مجيئه الثاني. فإن كل إنسان، سواء كان صالحاً أو شريراً، مخلَّصاً أو هالكاً، بل وحتى « الَّذِينَ طَعَنُوهُ « (رؤيا ١: ٧)، سوف يرونه آتِيًا (متى ٢٦: ٦٤).
كيف تساعدنا الآيات، في ١تسالونيكي ٤: ١٣ـ ١٨، على أن نفهم ما سيكون عليه المجيء الثاني؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن المسيح، عند مجيئه الثاني، سيُرى في كل مجده بوصفه « مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ « (رؤيا ١٩: ١٦). وعند التجسد، جاء الابن وحده، دون أي بهاء خارجي. وكان «لاَ صُورَةَ لَهُ وَلاَ جَمَالَ فَنَنْظُرَ إِلَيْهِ، وَلاَ مَنْظَرَ فَنَشْتَهِيَهُ» (إشعياء ٥٣: ٢). ولكن المسيح سينزل، في هذه المرة، بكل جلاله وعظمته محاطاً بـ « جَمِيع الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ» (متى ٢٥: ٣١) و « بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ « (متى ٢٤: ٣١). وإضافة إلى ذلك، سيقوم الأموات في المسيح إلى حياة أبدية.
إذا كنا نثق بالرب، فيما يتعلق بحدث مذهل مثل المجيء الثاني، أفلا ينبغي أن نثق به فيما يتعلق بكل جانب من جوانب حياتنا؟
الأربعاء
٤٢ ايلول (سبتمبر)
متى سيأتي المسيح؟
عندما قال يسوع عن الهيكل « ’ إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ! ‘ « (متى ٢٤: ٢)، دُهش التلاميذ وقالوا له متسائلين « ’ قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟ ‘ « (متى ٢٤: ٣). وقد اعتقد تلاميذ المسيح أن خراب الهيكل سيكون متزامناً مع نهاية التاريخ البشري، عند عودة المسيح ثانية.
لكن، ولأن التلاميذ لم يكونوا على استعداد لإدراك الفرق بين الحدثين، لذا فقد جمع جواب المسيح، بمهارة، بين علامات من كلا الحدثين: سقوط أورشليم في عام ٧٠ م، ومجيئه الثاني.
من المهم، بالنسبة لنا، أن نفهم طبيعة هذه العلامات والغرض منها. إن هذه العلامات لم تُعْطَ لنا لكي نحدد موعد وتاريخ عودة المسيح، وذلك لأن « ’ ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ ‘ « (متى ٢٤: ٣٦). بدلاً من ذلك، تعمل العلامات على إظهار الاتجاه التاريخي للأحداث من أجل تنبيهنا إلى أن مجيئه قريب، بل وعلى الأبواب. وفي حين لا يجب علينا، أبداً، أن نحدد تواريخاً لمجيء المسيح، إلا أنه لا يجب علينا، كذلك، أن نتجاهل الوقت الذي نعيش فيه.
اقرأ متى ٢٤: ٣ـ ١٤و ٢١ـ ٢٦و ٢٩و ٣٧ـ ٣٩ (وإذا كان ممكناً، انظر أيضاً مرقس ١٣ ولوقا ٢١). أي صورة للعالم يقدمها المسيح هنا؟ وبأية طرق تتناسب هذه الصورة مع العالم الذي نعيش فيه الآن؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن أهم نقطة أراد المسيح أن يُثَبِّتها في عقول التلاميذ هي أن مجيئه قريب. في الواقع، إن موعظة المسيح، التي تنبأ فيها عن أحداث المستقبل، كانت تخاطب التلاميذ وكما لو أنهم سيكونون على قيد الحياة عندما يعود ثانية (انظر متى ٢٤: ٣٢و ٣٣و ٤٢).
إن المجيء الثاني، ومن المنظور الشخصي لكل واحد منا، ، هو ليس أبعد من اللحظة التي تلي موتنا. فما الموت سوى رقاد عميق نكون فيه فاقدين للوعي. وسيكون المجيء الثاني للمسيح هو أول شيء ندركه بعد قيامتنا من الموت، سواء كان قد مَرَّ عام أو ألف عام على موتنا. وهكذا، فإن فكرة قُرب المجيء الثاني للمسيح، والتي تحدث عنها كل من بولس وبطرس ويعقوب، تبدو منطقية تماماً. لذا، فالمجيء الثاني، بالنسبة لكل واحد منا بصفة فردية، ليس أبعد من اللحظة التي تلي موتنا، إذ أن الموتى لا يعلمون شيئاً، بما في ذلك قِصَر أو طول الوقت الذي مر على موتهم.
كيف يساعدنا المفهوم، الوارد أعلاه، على أن نفهم فكرة «قُرب» المجيء الثاني للمسيح؟
الخميس
٥٢ ايلول (سبتمبر)
الناموس في مملكة الرب
لماذا من المهم جداً، بالنسبة لنا، أن نسهر ونستعد لمجيء المسيح؟ انظر متى ٢٤: ٤٢و ٤٤.
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن الموضوع الأساسي، في موعظة المسيح التي تنبأ فيها عن المستقبل، هو ضرورة السهر والتأهب. وليس معنى هذا هو أن ننتظر مكتوفي الأيدي، وإنما ينبغي أن نكون ساهرين ومتيقظين بحيوية، تماماً مثل صاحب البيت الذي يبقى ساهراً وحارساً تحسُّباً لأي سارق قد يأتي لسرقة بيته (متى ٢٤: ٤٣). فنحن لدينا عمل نقوم به، أثناء سهرنا مترقبين، تماماً مثل العبد الذي قام مُخلِصاً، بتنفيذ المهام التي أوكلها إليه سيده، أثناء غياب هذا السيد (متى ٢٤: ٤٥؛ مرقس ١٣: ٣٤ـ ٣٧).
ما هو السلوك الذي سيكون مميتاً، إذا تحلينا به، نحن الذين ندَّعي أننا نؤمن بالمجيء الثاني للمسيح؟ انظر متى ٢٤: ٤٨ـ ٥١؛ لوقا ٢١: ٣٤و ٣٥. كيف يمكننا تجنب الوقوع في هذا السلوك؟ لماذا يعد من السهل جداً ارتكاب هذا الخطأ، إذا لم نكن حذرين؟
________________________________________________________________________________________________________________________________________________
إن مَثَل العبد الشرير هو مثل واقعي جداً، خاصة بالنسبة لنا كأدفنتست سبتيين. إن هذا العبد يمثِّل أولئك الذين يُعْلِنون أنهم يؤمنون أن المسيح سيأتي ثانية، ولكن ليس على الفور. ويعتقد أولئك، الذي لديهم القناعة بأن الرب قد تأخَّر، أنه لا يزال لديهم الوقت للعيش بأنانية والانغماس في الملذات الآثمة؛ وهم يعتقدون أن لديهم بالتأكيد، متسعاً من الوقت للتحضير والإعداد للمجيء الثاني. لكن، وللأسف، ما هذه الفكرة إلا فخاً قاتلاً، لأنه لا أحد يعرف متى سيأتي المسيح. إضافة إلى ذلك، فإنه حتى لو لم يأتِ المسيح بعد، إلاَّ أن أي واحد مِنَّا لا يعرف الوقت الذي يُدعى فيه، بشكل غير متوقع، إلى الراحة والرقاد في القبر، وهكذا تنتهي فرصتنا لتقويم الأمور مع الله. لكن الأخطر من ذلك هو أن الانغماس المتكرر في الخطيئة يعمل تدريجياً، على تقسية وبلادة الضمير بحيث يصبح أمر توبته أكثر صعوبة. إن الشيطان لا يهتم كثيراً بإيماننا النظري بالمجيء الثاني للمسيح، طالما كان بمقدور الشيطان أن يجعلنا نؤجل استعدادنا لهذا المجيء.
كيف يمكن أن نكون مستعدين اليوم؟ يمكننا عمل ذلك من خلال التوبة ومن خلال الاعتراف للمسيح، بخطايانا المستترة، ومن خلال تجديد إيماننا في موت المسيح الكفاري على الصليب من أجلنا، ومن خلال إخضاع إرادتنا بالتمام له. ويمكننا، من خلال السير في شركة مع المسيح، أن نتمتع بالسلام العميق الناجم عن كوننا مستورين ومشمولين برداء بِرِّهِ.
ما مدى تفكيرك في المجيء الثاني للمسيح؟ وما مدى تأثير حقيقة مجيئه على حياتك؟ كيف نحقق التوازن الصحيح بين ممارسة أعمالنا اليومية وبين العيش، في الوقت ذاته، في تَرقُّبٍ لعودة المسيح؟
الجمعة
لمزيد من الدرس
اقرأ لروح النبوة، من كتاب «مشتهى الأجيال، الفصل الذي بعنوان «إزاحة الستار عن المستقبل»، صفحة ٥٩٤ـ ٦٠٤؛ والفصل الذي بعنوان «البَشِيرُون بِقُدوم الصّبَاح»، صفحة ٣٣٤ـ ٣٥٢، من كتاب الصراع العظيم.
«وسرعان ما تظهر في الشرق سحابة صغيرة سوداء بقدر نصف كف إنسان. وهي السحابة التي تحيط بالمخلص وتبدو من بُعد كأنها مستترة في الظلام. وشعب الله يعرفون أن هذه هي علامة ابن الإنسان. فينظرون إليها في صمت مقدس وهي تقترب من الأرض وتزيد نوراً ومجداً حتى تصير سحابة عظيمة بيضاء ويكون أسفلها مجيداً كنارٍ آكلةٍ ومن فوقها قوس قزح الوعد، وفوقها يسوع كفاتح عظيم.... فيحف به جمع كبير من الملائكة القديسين وهم ينشدون أناشيد الفرح السماوي ويكتنفونه في الطريق. ويبدو كأن جلد السماء قد غص بجموع لا تحصى من الخلائق النورانية: ’ربوات ربوات وألوف ألوف.‘ ولا يستطيع قلم إنسان أن يصور ذلك المشهد، ولا يمكن لعقل بشري أن يدرك بهاءه وروعته» (روح النبوة، الصراع العظيم، صفحة ٦٩٢و ٦٩٤).
أسئلة للنقاش
١. على الرغم من أننا بحاجة إلى الإيمان بقرب عودة المسيح، كيف يمكننا تجنُّب مخاطر التعصب؟ ليس من السهل تجنُّب هذا الأمر، أليس كذلك؟ على كل حال كم هو عدد المتعصبين الذي يعتقدون حقاً أنهم متعصبون؟
٢. أمعن التفكير أكثر في فكرة أن المجيء الثاني ليس بعيداً عن أي واحد منا، على المستوى الشخصي، مهما طال زمان عيشنا. ماذا تخبرنا هذه الفكرة عن مدى قرب المجيء الثاني، فيما يتعلق بكل شخص منا؟
٣. كيف ترد على أولئك الذين يسخرون من فكرة المجيء الثاني؟ وقبل أن ترُد عليهم، حاول أن تضع نفسك في مكانهم، وحاول أن تنظر إلى الأمور من منظورهم. وبعد قيامك بذلك، واستماعك لحُجَجِهم، فكر في بعض السُبُل التي يمكنك من خلالها الرد عليهم، بطريقة تساعد على هدايتهم، بدلاً من أن تزيد إصرارهم على التمسك بمعتقداتهم الخاطئة.
٤. ماذا عن فكرة أنه بإمكاننا، كبشر، أن نساعد إما في تسريع أو تأجيل المجيء الثاني للمسيح؟ ما هي الحجج التي يعطيها مختلف الناس عند الحديث عن هذه الفكرة؟
٥. إذا كنت تعرف أن المسيح سيأتي الأسبوع القادم، فما الذي ستغيره في حياتك الآن؟
قصة الأسبوع
أرِنا كنيستك
نما كل من إيفان ورافيتا في الكنيسة التقليديّة في مقدونية. وبعد زواجهما، استمرّت رافيتا في الذهاب إلى الكنيسة بين الحين والآخر، إلّا أنّ إيفان لم يكن يذهب.
وعندما أصبح الكتاب المقدّس متاحاً باللغة المقدونية، قامت رافيتا بشراء نسخة منه. ولكّنها لم تقرأه، بل وضعته على الرف ونسيانه هناك.
وبعد عدّة سنوات، أٌصيب إيفان، الذي يعمل محامياً، بنوبة قلبية. وفيما هو يتعافى، طلب من رافيتا أن تُحضر له الكتاب المقدس. وقال لها، «أنا أعرف قوانين دولتنا، والآن أريد أن أقرأ عن قوانين الله.» وجد إيفان الوصايا العشر وأخبر رافيتا بأنّه اكتشف بأنه وزوجته كان يكسران وصايا الله طيلة أيّام حياتهما. وقال أيضاً، « يقول الله أنّه لا يجب أن يكون لنا إلهاً آخر غيره، ومع هذا نحن نضع صور القديسين في بيتنا وفي الكنيسة، ويقول الله أيضاً أنه إله غيّور. وهو يريدنا أن نعبده هو وليس القديسين. ويقول الله أيضاً أنه يريدنا أن نحفظ ونقدّس اليوم السابع يوم السبت، وليس اليوم الأوّل.»
أخذت رافيتا الكتاب المقدس من إيفان وبدأت تقرأهُ بمفردها لساعات طويلة في اليوم. وقامت بالتخلص من الصور والتماثيل وبحثت عن كنيسة تحفظ يوم السبت، ولكنّها لم تجد، لذا قام الزوجان بالعبادة في يوم السبت في بيتهما. وقالت رافيتا محبطةً، «أرجوك يا رب أرِنا كنيستك!»
قامت رافيتا بتشغيل التلفاز وسمعت قساً يتحدّث عن المجيء الثاني- وهو الموضوع الذي كانا يدرسانه حديثاً. وفي نهاية البرنامج لمع اسم «كنيسة الأدفنتست السبتيين» على الشاشة. فسارعت رافيتا بالاتّصال بمحطّة التلفاز وطلبت رقم كنيسة الأدفنتست. ومن ثم قامت بالاتّصال بالكنيسة وأخبرت القس بأنّهما يريدان التحدّث إليه. فعرض القس أن يأتي إلى البيت لزيارتهما.
قام الزوجان بطرح الكثير من الأسئلة على القس حول الوصايا العشر وآيات كتابيّة أُخرى. وقد أجابهم القس وشرح كل موضوع لهم بشكل عميق.
شعر إيفان ورافيتا بالارتياح لأنّهما وجدا الكنيسة الصحيحة التي يتعبّدان فيها. وقام الزوجان بمشاركة ما قد تعلّماه مع عائلة إيفان. وانضمت عائلة إيفان إلى الكنيسة قبله لأنّه كان يُصارع من أجل الإقلاع عن التدخين. وأخيراً، أقلع إيفان عن التدخين بعد أن طلب من الله أن يساعده وقد وجد النُصرة والغلبة فيه. ومن ثم اعتمد الزوجان معاً. تقول رافيتا، «نحن نشكر الله على برامج التلفاز التي قادتنا إلى الكنيسة التي يحب الله أن يكون فيها.»
عطاؤكم المرسلي سيساعد في دعم خدمة التلفاز والراديو التي تقدمها الكنيسة في دولة مقدونية الصغيرة، حيث يوجد أقل من ٥٠٠ عضو هناك. شكراً لكم.
رافيتا وإيفان ستراتروف يعيشان في سكوبي، مقدونية.
من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.
الموقع على الإنترنت: (gro.noissiMtsitnevdA.www)
دليل دراسة الكتاب المقدس للربع الثالث، ٤١٠٢
إنّ رسالة يعقوب هي إحدى رسائل الكتاب المقدس التي يساء فهمها. مَن كان يعقوب، على أية حال؟ هل كان متشدداً ومحارباً لفكرة بولس المتعلقة بالتبرير بالإيمان؟ أَمْ أنه، ببساطة، كان يقدم وجهة نظر مختلفة قليلاً بشأن هذا الموضوع، ومتشابهة مع المبادئ المتعدّدة لتعاليم السيّد المسيح التي نجدها في الأناجيل؟ الإجابة ستكون واضحة لاحقاً بينما نكتشف في دليل دراسة الكتاب المقدس للربع الرابع ٢٠١٤ تحت عنوان «سفر يعقوب» بقلم كلينتون واهلين.
لقد كانت ليعقوب معرفة مباشرة بالمسيح. في الواقع، قد تكون رسالته، من بين كل رسائل العهد الجديد، هي من أوائل الكتابات المسيحية التي جاءت إلى حيز الوجود.
والشيء الأكثر أهمية، بالنسبة للأدفنتست السبتيين، هو أن رسالة يعقوب تقدم الثقة في عودة المسيح؛ كما تقدم أيضاً وجهة نظر حاسمة بشأن الناموس والدينونة والمجيء الثاني. وهكذا، فإن رحلتنا لهذا الربع ستتوسع، في بعض النواحي، لتغطي الحقبة المسيحية بأكملها. كما وستتضمن التبشير الذي تم في العصور المسيحية الأولى. وستتضمن كذلك إلقاء الضوء على أحداث الأيام الأخيرة.
الدرس الأوّل- يعقوب، أخو الرب يسوع المسيح
نظرة خاطفة إلى درس هذا الأسبوع:
الأحد: يعقوب، أخو المسيح (مرقس ٦: ٣)
الاثنين: يعقوب المؤمن (غلاطية ٢: ٩)
الثلاثاء: يعقوب والبشارة (يعقوب ٢: ٢٣و٢٢)
الاربعاء: للاثنى عَشَرَ سِبْطًاً الَّذِينَ فِي الشَّتَاتِ (أعمال الرسل ١١: ١٩-٢١)
الخميس: يعقوب والمسيح (يعقوب ٤: ١٢، متّى ٧: ١)
آية الحفظ- يوحنا ١٥: ١٤
خلاصة الدرس: مَن كان يعقوب؟ وما هي خلفيّتهِ؟ وكيف كانت علاقته بالرب يسوع؟ وما هو الدور الذي أخذه في الكنيسة؟ سنجيب على هذه الأسئلة في درس هذا الأسبوع.
- الدرس الثاني- مُكَمِّلُ إيماننا
نظرة خاطفة إلى درس هذا الأسبوع:
الأحد: الإيمان الذي يدوم ويبقى (يعقوب ١: ٢و ٣)
الاثنين: الكمال (يعقوب ١:٤)
الثلاثاء: أن تطلب بإيمان (يعقوب ١: ٥و ٧)
الأربعاء: الجانب الآخر من الإيمان (يعقوب ١: ٧و ٨)
الخميس: الفقير والغني (يعقوب ٥: ١-٤)
آية الحفظ- عبرانيين ١٢: ٢
خلاصة الدرس: لا يجب أن نهتم كثيراً في ما إذا كانت صفاتنا ستكون جيّدة كفاية في نهاية المطاف. هذا هو عمل الرب. واجبنا نحن هو أن نجاهد جهاد الإيمان الحسن (١ تيموثاوس ٦: ١٢) ونُبقي أعيننا على المسيح، «رئيس الإيمان ومُكمّله.»