دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الثالث 2014 - تعاليم المسيح

Dowload PDF - École Du Sabbat, 1er trimestre 2019 – Le livre de l'Apocalypse

 

مقدمة


١. أبونا السماوي المُحِب... ٨٢ حزيران (يونيو)- ٤ تموز (يوليو)


٢. الابنُ... ٥-١١ تموز (يوليو)


٣. الروح القدس...٢١-٨١ تموز (يوليو)


٤. الخلاص...٩١-٥٢ تموز (يوليو)


٥. كيف نخلص... ٦٢تموز (يوليو)-١ آب (اغسطس)


٦. النُّمُوّ في المسيح...٢-٨ آب (اغسطس)


٧. العيش كما عاش المسيح...٩-٥١ آب (اغسطس)


٨. الكنيسة... ٦١-٢٢ آب (اغسطس)


٩. مرسليتنا... ٣٢-٩٢ آب (اغسطس)


.١. ناموس الله ...٠٣ آب (اغسطس)-٥ ايلول (سبتمبر)


١١. السبت... ٦-٢١ ايلول (سبتمبر)


٢١. الموت والقيامة... ٣١-٩١ ايلول (سبتمبر)


٣١. المجيء الثاني للمسيح...٠٢-٦٢ ايلول (سبتمبر)


Editorial Office 12501 Old Columbia Pike, Silver Spring, MD 20904


Come visit us at our Web site: http://www.absg.adventist.org



Principal Contributor


Martin Pröbstle


Editor


Clifford R. Goldstein


Associate Editor


Soraya Homayouni


Publication Manager


Lea Alexander Greve


The Adult Sabbath School Bible Study Guide is prepared by the Office of the Adult Bible Study Guide of the General Conference of Seventh-day Adventists. The preparation of the guides is under the general direction of the Sabbath School Publications Board, a subcommittee of the General Conference Administrative Committee (ADCOM), publisher of the Bible study guides. The published guide reflects the input of worldwide evaluation committees and the approval of the Sabbath School Publications Board and thus does not solely or necessarily represent the intent of the author(s).


Editorial Assistant


Sharon Thomas-Crews


Pacific Press® Coordinator


Wendy Marcum


Art Director and Illustrator


Lars Justinen


Design


Justinen Creative Group


Middle East and North Africa Union


Publishing Coordinator


Marshall Mckenzie


Translation to Arabic


Ashraf Fawzi


Art Director and Design


Rafaela Medeiros


Arabic Layout and Design


Rahil Girgis



Sabbath School Personal Ministries



مقدمة


المعلم الإلهي


معظمنا يتذكر بعضاً مِن معلميه أو معلماته العظماء مِمَّن أحدثوا تأثيراً على حياتنا وجعلنا معجبين بهم ومُقَدِّرين لهم. ويتجاوز بعض مِن هؤلاء المعلمين والمعلمات عصورهم ويواصلون إحداث تأثير على حياة أجيال لاحقة لهم. إن المعلمين البارزين، الذين يؤثرون بشكل حاسم في حياة الناس وأفكارهم، غالباً ما يكونوا معروفين على المستوى العالمي. وبالطبع، كان المسيح أعظم مُعَلِّمٍ على الإطلاق.


إن معاصري المسيح قد اعترفوا به معلماً لأنه أظهر السمات العامة التي كان يتحلى بها أحبار القرن الأول. وكما جرت العادة، كان المسيح يجلس أرضاً وهو يعلِّم الناس. وكان في أغلب الأحيان يقتبس من الأسفار المقدسة؛ وبعد ذلك، كان يقوم بالتعليق على ما يقرأه من الأسفار المقدسة. وأخيراً، كانت لدى المسيح مجموعة من التلاميذ الذين استمعوا إلى كلماته بيقظة وانتباه، كما أنهم اتبعوا المسيح وخدموه. هذه كانت الخواص الأساسية للمعلمين في زمن المسيح.


مع ذلك، فقد كانت هناك اختلافات أساسية بين المسيح والمعلمين الآخرين. ففي حين ركَّزَ المعلمون الآخرون على السمات الثقافية لموضوع ما، كان المسيح يخاطب الكيان الكامل للجموع، وكان يدعوهم إلى اتخاذ قرار بإتباع الله. إضافة إلى ذلك، فإن أولئك الذين سمعوا المسيح «بُهِتُوا مِنْ تَعْلِيمِهِ لأَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ كَمَنْ لَهُ سُلْطَانٌ وَلَيْسَ كَالْكَتَبَةِ» (مرقس ١: ٢٢). لقد حظيت سلطة المسيح بمصداقية لأنه كان يمارس ويُطَبِّق ما يُعَلِّمُ به. لكن الأهم من ذلك هو أن مصدر سلطة المسيح كان هو نفسه.لقد عَلِّمَ المسيحُ الحقَ لأن المسيحَ هو نفسه «الحق». فقد قال المسيح، بوصفه الله المتجسد: «هكذا يَقُولُ الرَّبُّ» ومع ذلك، كان يضيف قائلاً: «أمَّا أنا فأقولُ لكُم».


سندرس في هذا الربع بعضاً من تعاليم المسيح، كما هي مدونة في الأناجيل. لقد علَّم مُخَلِّصُنا الكثير من الأمور التي تخص حياتنا الروحية والعملية. وقد قدم المسيح تعاليمه لحشود مختلفة من الناس، وكان حريصاً على تكييف طريقة تعليمه لتناسب كل شخص. فكان، في بعض الأحيان، يعظ عظة؛ وفي أحيان أخرى، كان يتحاور مع أفراد أو مع مجموعات. وبين حين وآخر، كان يتكلم علانية؛ وفي بعض الأحيان الأخرى، كان عليه أن يخفي معنى كلماته. مع ذلك، فقد كان المسيح، في كل الحالات، يعلِّم الحقَ عن الله وعن الخلاص.


يمكن أن تكون هناك مناهج وطرق عدة لترتيب وتفسير تعاليم المسيح. فمن الممكن، على سبيل المثال، دراسة أمثال المسيح أو تحليل عظاته المختلفة. ويمكن اتباع أسلوب آخر للقيام بذلك، وهو النظر إلى محادثات المسيح مع الأفراد أو الجموع ومناقشاته مع معارضيه. وبطريقة مماثلة، سيكون من المثير للاهتمام التركيز على أعمال المسيح ومواقفه ومعجزاته، وهي التي كانت طرقاً استخدمها المسيح لتعليم دروس هامة. وسيكون من المفيد التركيز على أي من هذه المناهج. لكن، ولكي نحصل على صورة شاملة لتعاليم المسيح، ستقوم دراسة هذا الربع بالجمع بين العديد من هذه المناهج. فسوف تتناول هذه الدروس تعاليم المسيح، بشكل أكثر تنظيماً، وستُظْهِرُ كيف أن المسيح قد قام بتعليم مواضيع معينة، في مناسبات مختلفة وبطرق مختلفة، وهو الأمر الذي يمنحنا فهماً أفضل لمعظم تعاليمه. وعندما نفتح الكتاب المقدس في هذا الربع، ونقرأ كلمات المسيح، دعونا نتخيل أنفسنا مِن بين مَن كانوا يستمعون إليه عند سفح الجبل، أو بجانب البحر أو في الهيكل. دعونا نصلي طلباً في الفطنة الروحية لنفهم رسالة المسيح وندرك محبته الفائقة لنا، وهي المحبة التي تجلَّت على الصليب. وإذ نسمع صوته الحنون، يدعونا إلى أن نتبعه، دعونا نجدد تكريسنا للسير معه، بصفة يومية، بالإيمان والطاعة. وكلما أكثرنا من قضاء وقت عند أقدام المسيح، كلما كان قولنا وعملنا مشابهاً لما قاله تلميذا عمواس: «أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا إِذْ كَانَ يُكَلِّمُنَا ... وَيُوضِحُ لَنَا الْكُتُبَ؟» (لوقا ٤٢: ٢٣).


عمل كارلوس أ. ستيجير كقس ومعلم ورئيس تحرير وإداري. وهو، حالياً، يعمل عميداً لكلية اللاهوت في جامعة "ريفير بلايت الأدفنتستية". ولدى كارلوس وزوجته "إثيل" ثلاثة أبناء وثلاثة أحفاد.



المرسلية للمُدن


المرسلية للمُدن: هو مشروع أطلقته كنيسة الأدفنتست السبتيين للحث والتشجيع على مشاركة محبّة المسيح ورجاء عودته سريعاً. ويهدف المشروع إلى توصيل هذه الرسالة إلى أكثر من ٦٣٠ مدينة من أكبر مدن العالم. بدأ هذا المشروع في مدينة نيويورك في العام الماضي وسيستمر أيضاً في مناطق أُخرى في هذا العام ولغاية عام ٢٠١٥. تتميّز أنشطة التبشير في هذا المشروع بشموليّتها واستهداف احتياجات الروح والنفس والجسد. ومن خلال استمراريّة هذا المشروع سنساعد في وضع بصمة الكنيسة في هذه المدن. تشمل طُرق العمل المرسلّي والتبشيري عِظات تتكلّم عن الصحّة، وإنشاء مجموعات صغيرة، وتوفير نشاطات للمجتمع المحلّي، وإنشاء مراكز للتأثير الإيجابي، والصّلاة وغيرها من الخدمات: كخدمات المرأة والشبيبة وتنظيم حملات تبشيريّة، أيضاً.


الرجاء الصّلاة من أجل انسكاب الروح القدس على مشروع المرسلية للمُدن:


  • نصلّي من أجل أعضاء الكنيسة وخدّامها في هذه المُدن

  • نصلّي من أجل الأشخاص الذين سيسمعون كلمة التبشير في هذه المُدن

  • نصلّي من أجل الأقسام والاتّحادات لكي ما يعملوا على تطوير الاستراتيجيّات لإيصال الكلمة إلى المُدن الكُبرى في منطقتهم.

  • نصلّي من أجل الآلاف من المشاريع التبشيريّة المختلفة التي تقام حالياً.

  • نصلّي من أجل أن يحطم الرب كل قيود إبليس، وأن تكون للناس علاقة قويّة بالمسيح.

لمعرفة قائمة المُدن التي يتضمنها هذا البرنامج، أو الانضمام إلينا ومشاركتنا الصّلاة، الرجاء زيارة الموقعين الإلكترونيين التاليين:



جاهزون ومنتظرون


يواجه الأدفنتست السبتيون في قسم اوروبا-آسيا تحديّات مثل العلمانيّة والتحضّر في بعض المناطق والتعصّب لديانة الأقليّات في مناطق أُخرى، وهذا ما يجعل أمر توصيل البشارة إلى هذه المناطق (الاتحّاد السوفيتي سابقاً) أمراً ليس بالسهل فعله. ولكن، وفي قلب مدينة تتارستان، توجد فرصة ذهبيّة لبناء كنيسة للأدفنتست في وسط مدينة كازان، وهو مكان يتعايش فيه المسيحيون والمسلمون في سلام معاً. وفي مدينة «منسك» بروسيا البيضاء، يتوق الأدفنتست إلى تلبية احتياجات مجتمعهم عن طريق بناء مركز للتأثير. وفي اكرانيا، يحتاج الأطفال إلى مؤسّسات تعليمية للأدفنتست يكون المسيح مركزها. نستطيع المساعدة في هذا المشروع وغيره عن طريق دعمنا المادي في عطاء السبت الثالث عشر. الرجاء العطاء بسخاء لنساعد اخوتنا واخواتنا في توفير طرق للوصول إلى الأشخاص المستعدّين والمنتظرين لسماع رسالة السماء التي نقدّمها لهم!


الدرس الأول


٨٢ حزيران (يونيو)- ٤ تموز (يوليو)


أبونا السماوي المُحِب



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: متى ٧: ٩ـ ١١؛ يوحنا ٤١: ٨ـ ٠١؛ لوقا ٥١: ١١ـ ٤٢؛ متى ٦: ٥٢ـ ٤٣؛ عبرانيين ٩: ٤١.


آية الحفظ: «اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ» (١يوحنا ٣: ١).


كان المسيحُ يُسَرُّ بالحديث عن الله بوصفه الآب. فوفقاً للأناجيل، استخدم المسيح، عند الحديث عن الله، اسم «الآب» أكثر من ٠٣١ مرة. كما أنه، وفي مناسبات مختلفة، أضاف المسيحُ أوصافاً أو نعوتاً إلى كلمة الآب: « ’أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ‘ « (متى ٦: ٤١)، « ’الآب الحي‘ « (يوحنا ٦: ٧٥)، « ’الآب القدوس‘ « (يوحنا ٧١: ١١)، و « ’الآب البار‘ « (يوحنا ٧١: ٥٢). ويصف اسم «الآب» الرابطة الوثيقة التي يجب أن توحدنا بإلهنا وربنا.


إن ما تعنيه كلمة «أب»، في العادة، هو المحبة والحماية والأمان والرعاية والانتماء إلى عائلة. إن الأب هو مَن يمنح اسماً للعائلة ويعمل على إبقاء أفرادها معاً. ونحن يمكننا أن نتمتع بكل هذه المنافع، وغيرها، عندما نقبل الله أباً سماوياً لنا.


على الرغم من أنه من الضروري جداً معرفة الآب السماوي، إلا أن هدفنا لا ينبغي أن يكون هو مجرد المعرفة الذهنية والنظرية له. فالكتاب المقدس يعلمنا أن معرفة شخص ما تعني أن تكون لك علاقة شخصية حميمة معه. فكم، بالأحرى، ينبغي أن تكون علاقتنا بالآب السماوي أكثر من ذلك بكثير؟


سنبحث، في هذا الاسبوع، في ما علَّم به المسيح عن أبينا السماوي وعن محبته اللامتناهية لنا. وسننظر أيضاً إلى علاقة الآب الوثيقة بالابن وبالروح القدس.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٥ تموز (يوليو).


الأحد


٩٢ حزيران (يونيو)


أبانا الذي في السماوات


إن اسم “الآب” لم يكن اسماً جديداً على الله. فقد قدم العهد القديم الله على أنه الآب (إشعياء ٣٦: ٦١؛ ٤٦: ٨؛ إرميا ٣: ٤و ٩١؛ مزمور ٣٠١: ٣١). مع ذلك، لم يكن هذا الاسم هو من الاسماء المستخدمة للإشارة إليه. كان الاسم الشخصي لله، بالنسبة للإسرائيليين، هو “يهوه”، والذي وَرَدَ أكثر من ٠٠٨٦ مرة في العهد القديم. ولم يأتِ المسيح ليعلن إلهاً مختلفاً عن “يهوه”. كانت مرسلية المسيح، بالأحرى، هي إتمام الإعلان الذي قدمه الله عن نفسه في العهد القديم. وللقيام بذلك، قدَّم المسيح الله على أنه الآب السماوي.


لقد أوضح المسيح أن الآب هو “في السماء”. ومن المهم جداً أن نتذكر هذه الحقيقة حتى يكون لدينا الموقف الصحيح نحو الله. نحن لنا “آباً سماوياً” يكترث لاحتياجات أبنائه. وندرك، في الوقت ذاته، أن هذا الآب المهتم “في السماء” تتعبد له ملايين الملائكة لأنه الوحيد الذي له السيادة على الكون وهو القدوس والقدير. وحقيقة أن الله هو أبونا تشجعنا على أن نأتي إليه ونقترب منه بثقةِ طفلٍ يدنو من أبيه. ومن ناحية أخرى، حقيقة أن الله موجود في السماء تُذَكِّرنا بتفوّقه وضرورة عبادته بوقار وخشوع. وإذا نحن ركَّزنا على سمة واحدة من سمات الله، دون التركيز على السمات الأخرى، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى أن يكون لنا مفهوماً مشوهاً عن الله، وهو ما ستكون له نتائج سلبية بعيدة المدى على حياتنا العملية واليومية.


اقرأ متى ٧: ٩ـ ١١. ماذا تخبرنا هذه الفقرة الكتابية عن كيف يمكن للأب “الأرضي” أن يعكس صفات أبينا السماوي؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


لا يتسم كل أب أرضي بسمات المحبة والرعاية والاهتمام بأبنائه وبناته. فإنه ولأسباب مختلفة، هناك البعض ممن قد لا يعرفون مَن هو أبيهم. ولهذا فإن مخاطبتهم لله مستخدمين لقب “الآب” قد لا تعني لهم الكثير، بل وربما لا تعني لهم أي شيء على الإطلاق. مع ذلك، لدى كل واحد منا فكرة حول المواصفات الجيدة للأب الأرضي. إضافة إلى ذلك، نحن قد نعرف أشخاصاً ممن جسدوا، بالفعل، صفات الأب الجيد.


نحن نعرف أن الآباء البشريين هم أبعد ما يكونوا عن الكمال، لكننا نعرف أيضاً أننا، وبالرغم من عيوبنا، نحب أبناءنا ونحاول أن نقدِّم لهم أفضل ما يمكننا تقديمه وعمله. لك أن تتخيل، إذاً، ما يمكن لأبينا السماوي أن يفعله من أجلنا.


ما الذي يعنيه بالنسبة لك، بصفة شخصية، مخاطبة الله على أنه أبوك السماوي؟ ما الذي ينبغي أن يعنيه ذلك بالنسبة لك؟


الاثنين


٠٣ حزيران (يونيو)


اللهُ الابن يُعْلِنُ الله الآب


يقول يوحنا، عند حديثه عن الآب: “اَللهُ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ قَطُّ” (يوحنا ١: ٨١). إن الخطيئة، منذ سقوط آدم وحواء، قد أعاقتنا عن معرفة الله. أراد موسى أن يرى الله، لكن الله شرح له قائلاً: “ ’لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ‘ “ (خروج ٣٣: ٠٢). مع ذلك، يجب أن تكون أولويتنا هي معرفة الله، لأن الحياة الأبدية هي أن نعرف الآب (يوحنا ٧١: ٣).


على وجه التحديد، ما الذي نحتاج أن نعرفه عن الله؟ انظر إرميا ٩: ٣٢و ٤٢. لماذا من المهم بالنسبة لنا معرفة هذه الأمور؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


كان هجوم الشيطان الرئيسي، في الصراع العظيم، موجهاً ضد صفات الله. لقد بذل الشيطان كل جهد من أجل أن يقنع كل شخص بأن الله أناني وقاسٍ ومستبد. وكانت أفضل طريقة يواجه بها الله هذا الاتهام هي أن يعيش على الأرض حتى يُظهر بطلان التُّهَمِ التي يوجهها الشيطان ضده. جاء المسيح إلى الأرض ليمثِّل طبيعة الله وصفاته ويُصحِّح المفهوم المشوَّه الذي كوَّنه الكثيرون عن الألوهية: “اَلابْنُ الْوَحِيدُ الَّذِي هُوَ فِي حِضْنِ الآبِ هُوَ خَبَّرَ “ (يوحنا ١: ٨١).


اقرأ يوحنا ٤١: ٨ـ ٠١. لاحظ مدى قلة ما كان يعرفه التلاميذ عن الله، بعد أن كانوا قد عاشوا مع المسيح لأكثر من ثلاث سنوات. ما الذي يمكننا أن نتعلمه من قلة معرفتهم للآب؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


لقد حزن المسيح واندهش لسماع سؤال فيلبس. في الواقع، يظهر توبيخ المسيح اللطيف محبته الصبورة نحو تلاميذه بطيئيِّ الفهم. وكان كلامه يعني ضمناً أن التلاميذ لم يعرفوه، رغم سيرهم معه وسماع كلامه ورؤية معجزاته في إطعام الجموع وشفاء المرضى وإقامة الموتى. فكما لو أن المسيح يقول: “هل يعقل أنكم لا تعرفون الآب في الأعمال التي يقوم بها من خلالي؟”


إن إخفاق التلاميذ في معرفة الآب، من خلال المسيح، لا يعني أن المسيح قد أساء تمثيل الآب. على العكس، كان المسيح متأكداً من أنه قد أتم مرسلية إعلان الآب على نحو أكمل، لم يسبق وأن أُعْلِنَ به من قَبل. وهكذا، أستطاع المسيح أن يقول للتلاميذ: “لَوْ كُنْتُمْ قَدْ عَرَفْتُمُونِي لَعَرَفْتُمْ أَبِي أَيْضًا... اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ...” (يوحنا ٤١: ٧و ٩).


الثلاثاء


١ تموز (يوليو)


محبة أبينا السماوي لنا


لقد جاء المسيح ليؤكد على ما سبق للعهد القديم أن أكد عليه: ينظر الله الآب إلينا بمحبة لا تضاهى (إرميا ١٣: ٣؛ مزمور ٣٠١: ٣١).


«اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ» (١يوحنا ٣: ١). ومن المدهش أن الله كلي العظمة والقدرة، الذي يحكم الكون الهائل، يسمح لنا نحن الخطأة الضئيلين والبؤساء الذين يعيشون على كوكب صغير جداً في وسط بلايين المجرات، أن نناديه مستخدمين لقب «أبينا». وهو يسمح لنا بأن ندعوه أباً لنا لأنه يحبنا.


ما هو الدليل القوي البارز الذي يقدمه الآب لنا ليُظهر محبته؟ انظر يوحنا ٣: ٦١و ٧١.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


لم يُسَمَّر المسيح على الصليب لكي ينشئ في قلب الآب محبة للبشرية. لم يكن موت المسيح الكفاري هو وسيلة لإقناع الآب بأن يحبنا؛ وإنما صُلب المسيح لأن الآب كان قد أحبنا، بالفعل، حتى قبل تأسيس العالم. وهل لدينا دليلاً، أو هل يمكن أن يكون لدينا دليل، على محبة الله لنا، أعظم من ذبيحة المسيح على الصليب.


«فالكفارة، إذن، لم تكن هي علة المحبة التي أحبنا بها الآب، وإنما الآب أحبنا فأعد لنا الكفارة» (روح النبوة، طريق الحياة، صفحة ٩).


يميل البعض إلى الاعتقاد بأن الآب متردد [غير راغب] في محبتنا. مع ذلك، فحقيقة أن المسيح هو وسيطنا لا تعني أن عليه أن يقنع الآب بأن يحبنا. إن المسيح نفسه قد نفى هذه الفكرة الخاطئة عندما قال: «لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ» (يوحنا ٦١: ٧٢).


اقرأ لوقا ٥١: ١١ـ ٤٢ وتأمل في محبة الأب للابن الضال. اكتب قائمة بالعديد من الأدلة التي كانت لدى الابن وتثبت أن أباه كان يحبه.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


كيف يُشْبِه، كل واحد منا، بطريقته الخاصة، الابن الضال؟ بأية طرق اختبرنا شيئاً شبيهاً بما اختبره الابن الضال؟


الأربعاء


٢ تموز (يونيو)


العناية الرحيمة لأبينا السماوي


من المهم أن نعرف أن الله يعتني بنا ويهتم لأمرنا. وعلى الرغم من أن بعض الناس قد لا يكترثون بنا ويتركوننا، إلا أن المسيح قد علمنا بأن أبينا السماوي يهتم بنا ويرعانا بكل طريقة ممكنة. كما أن رحمة الله ورأفته غير متغيرتين بالطريقة الشائعة عند البشر، نظراً لتغير أمزجتهم؛ إن محبة الله راسخة وثابتة ولا تتغير، بغض النظر عن الظروف.


اقرأ متى ٦: ٥٢ـ ٤٣. ما هي الكلمات المشجعة التي نجدها هنا؟ كيف يمكننا تعلُّم الثقة في الله، كما هو معلن في هذه الآيات؟


________________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


«فليس في اختباراتنا فصل لا يستطيع أن يقرأه ولا في حياتنا معضلة لا يعرف حلها، ولا تصيب أحد أولاده الاصاغر نكبة، ولا يبهجهم فرح، ولا يساورهم خوف، ولا تصعد صلاة خالصة من شفاههم، إلا ويعلم بها أبونا السماوي ويهتم لهم بها، فهو ’يشفي المنكسري القلوب ويجبر كسرهم‘ مزمور ٧٤١: ٣. ويعامل كل نفس معاملة فارقة كاملة كأنها هي الوحيدة التي بذل ابنه لأجلها» (روح النبوة، طريق الحياة، صفحة ٥٨).


لا يمكننا، في ظل كل الكلمات المشجعة هنا، تجاهل حقيقة أن المآسي والمعاناة تضربنا وتصيبنا. بل، وحتى في آيات درس اليوم، تحدث المسيح عن كيف أنه «يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ» (متى ٦: ٤٣)، الأمر الذي يشير ضمناً إلى أن الأمور قد لا تسير على ما يرام دائماً. نحن يجب علينا أن نعيش مع الشر ومع عواقبه المُحزِنة. والنقطة هنا هي: إنه حتى في وسط كل هذا نحن متيقنون من محبة الآب لنا، وهي محبة معلنة لنا بطرق عديدة جداً، وأكثر هذه الطرق وضوحاً هو الصليب. كم هو مهم إذاً أن نُبْقي نُصْبَ أعيننا دائماً العطايا والبركات التي يغدقها أبونا السماوي علينا؛ فإنه لولا ذلك لأُحْبِطْنَا بسهولة، عندما يضربنا الشر، وهو حتماً سيضربنا.


بأية طرق استطعت، أثناء وقت الأزمات، أن ترى حقيقة محبة الله لك؟ ما الذي تعلمته من هذا الاختبار ويمكنك مشاركته مع شخص آخر ربما يكون هو أيضاً في صراع مع الشر ويتساءل، في وسط هذا الصراع، عن حقيقة محبة الله؟


الخميس


٣ تموز (يوليو)


الآب والابن والروح القدس


إن يسوع قد علَّم وأثبت، بطرق مختلفة، أن الأقانيم الثلاثة تشكِّل الألوهية: الآب و الابن والروح القدس. وعلى الرغم مِن أننا لا نستطيع تفسير هذه الحقيقة تفسيراً عقلياً ومنطقياً، إلاَّ أننا نقبلها بالإيمان (مثل الكثير من الحقائق المعلنة في الكتاب المقدس). ونحن نسعى، مع بولس “لِمَعْرِفَةِ سِرِّ اللهِ” (كولوسي ٢: ٢). معنى هذا أنه بالرغم من أن هناك الكثير الذي لا نفهمه، إلاَّ أنه يمكننا أن نسعى، بالإيمان والطاعة والصلاة والدراسة، لتَعلُّمِ المزيد والمزيد.


لقد كانت أقانيم الألوهية الثلاثة نشيطين وفاعلين في اللحظات الفارقة من حياة يسوع. لَخِّصْ دور كل أقنوم من الأقانيم الثلاثة في الأحداث التالية:


ميلاد يسوع: لوقا ١: ٦٢ـ ٥٣ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


المعمودية: لوقا ٣: ١٢و ٢٢ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الصلب: عبرانيين ٩: ٤١ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



وعد المسيح تلاميذه المحبطين، قُرب انتهاء خدمته الأرضية، بأنه سيرسل الروح القدس. وهنا مجدداً نرى الأقانيم الثلاثة يعملون معاً. فقد أكد المسيح للتلاميذ قائلاً: “ ’وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ...‘ “ (يوحنا ٤١: ٦١و ٧١؛ انظر كذلك يوحنا ٤١: ٦٢).


لقد أوضح المسيح أن هناك توافقا تاماً وتعاوناً بين أقانيم الألوهية الثلاثة في خطة الخلاص. فكما قام الابنُ بتمجيد الآب، معلناً محبته (يوحنا ٧١: ٤)، هكذا أيضاً يقوم الروح القدس بتمجيد الابن، معلناً نعمته (ومحبته) للعالم أيضاً (يوحنا ٦١: ٤١).


فكّر في بعض الحقائق المعلنة الأخرى والتي يصعب فهمها من خلال التفكير العقلاني وحده. وفي الوقت نفسه، فكِّر في الكثير من الأمور في عالم الطبيعة والتي يصعب، أيضاً، فهمها. ماذا ينبغي لهذه الأسرار والعجائب أن تخبرنا عن مدى محدودية تفكيرنا العقلاني وعن الحاجة إلى العيش بالإيمان؟ تعالوا بأجوبتكم إلى الصف يوم السبت.


الجمعة


٤ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس


«إن المسيح لكي يقوي ثقتنا في الله يعلمنا أن نخاطبه باسم جديد، اسم مرتبط بأعز صلات القلب البشري. إنه يعطينا امتياز مخاطبة الإله السرمدي بالقول: أبانا. هذا الاسم إذ ينادى به أو يطلق عليه هو رمز محبتنا له وثقتنا به وضمان لاهتمامه وصلته بنا. فإذ ننطق بهذا الاسم عندما نطلب رضاه أو بركته فإنه يقع على أذنيه وقع الموسيقى. وحتى لا نظن أنها غطرسة منا إذ نناديه بهذا الاسم فقد ردده مراراً وتكراراً. وهو يريد أن يكون هذا الاسم مألوفاً لدينا.


«إن الله يعتبرنا أولاداً له. لقد افتدانا من بين العالم العديم الاكتراث واختارنا لنصير أعضاء في الأسرة الملكية، أبناء وبنات ملك السماء. وهو يدعونا لأن نثق به ثقة أعمق وأقوى من ثقة الابن بأبيه الأرضي. الوالدون يحبون أولادهم، ولكن محبة الله أرحب وأعرض وأعمق مما يمكن إن تصل إليه المحبة البشرية. إنها لا تقاس» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٩٢١).


«لقد أعرب أبونا السماوي، على صليب الجلجثة، عن محبته لكل واحد مِنَّا بصفة شخصية. كما أن الآب يحبنا وقلبه مليء بالرأفة والرحمة الحنونة» (روح النبوة، علامات الأزمنة، ٠٣ أيلول/سبتمبر، ٩٨٨١).


أسئلة للنقاش


١. إذا اخبرك شخص ما أنه يجد صعوبة في أن يحب الله ويثق به، باعتباره الآب السماوي، لأن ذلك الشخص كان له اختباراً سيئاً مع أبيه الأرضي، فكيف تساعد ذلك الشخص على محبة الله، وكيف تساعده على أن تكون له ثقة بالله؟


٢. نحن نعرف أن الله يحبنا. لماذا، إذن، هناك معاناة وألم؟


٣. كصف لمدرسة السبت، راجعوا أجوبتكم على السؤال الأخير بدرس يوم الخميس.


٤. فكر في الاتساع الشاسع للكون. فكر، كذلك، في أن المسيح، الذي خلق الكون، كان هو نفسه الذي مات من أجلنا على الصليب. كيف يمكن لعقولنا فهم هذه الأخبار الرائعة والمفعمة بالرجاء؟ كيف نتعلم أن نفرح، لحظة بلحظة، بهذا الإعلان المدهش حول محبة الله لنا؟


قصة الأسبوع


في طريقنا فرحين


قابلت المخلّص بينما كنت أدرس في مدرسة صغيرة في قريتنا في جمهوريّة الكونغو الديموقراطيّة. وضع الله في قلبي الرغبة في أن انشر رسالة إيمان الأدفنتست، فبدأت في مشاركة إيماني في الحي الذي بالقرب من كنيستنا.


ثم سمعت عن العمل المرسلي وبدأت في العمل على تأسيس كنيسة في ضاحيّة فقيرة في مدينة كنشاسا. ووجدت بعض الأشخاص الأدفنتست في المنطقة ودعوتهم لنصلّي معاً من أجل أن يرشدنا الله إلى بناء كنيسة له. ومن ثم جلب هؤلاء الأشخاص أصدقاءهم لدراسة كلمة الله، وبعد فترة وجيزة، اعتمد منهم ١٧ شخصاً.


نُقلت إلى منطقة أخرى في كنشاسا، ووجدت ٣ عائلات أدفنتستيّة كانت تعيش بعيداً عن أقرب كنيسة إليهم. وبدأنا بعقد اجتماعات في ساحة لبيت عضو معنا بصفة يومية في تمام الساعة الخامسة. بدأ الجيران بالانضمام إلينا عندما سمعونا نرنّم ونعظ في الخارج. قام الجيران بدعوة أصدقائهم كذلك. وبعد وقت قصير، كان هناك ٣٠ شخصاً يعبدون الرب معاً في تلك الساحة الصغيرة.


واصلنا النمو وكان عددنا يتزايد، والآن يوجد أكثر من ٦٠ شاب وطفل. ولم تعد الساحة التي كنّا نجتمع فيها تكفي هذا العدد من المتعبدين، لذا استأجرنا بناء غير مُكتمل ليس له سقف. ومن ثم وضعنا قماشة من القنب لتحمينا من المطر وأشعة الشّمس. وبالرغم من قلّة الامكانيّات، إلّا أنّنا غير مستائين. استمر الأشخاص في القدوم والانضمام إلينا. وبدأنا في برنامج لدراسة الكتاب المقدّس، ونحن واثقون بأنّ المزيد من الأشخاص سيأتون لمشاركتنا العبادة أيضاً.


عندما يُقرر مالك المبنى الذي نجتمع فيه للصلاة إتمام البناء، سنضطر إلى إيجاد مكان آخر للعبادة. أعضاؤنا لا يملكون المال الكافي للمساعدة في بناء كنيسة لنا، ومعظمهم لا يملكون المال لتسديد احتياجات عائلاتهم من أكل ولباس. ولكن لدينا إيمان ونصلّي لله لكي يوّفر لنا بيتاً للعبادة.


ومؤخراً، علمنا بأنّ قسم «الكرازة حول العالم» سيساعدنا في ايجاد أرض لبناء كنيسة عليها. نحن فرحون لأنّ الكنيسة العالميّة تهتم بنا وتساعدنا في بناء بيت عبادة بسيط.


نحن لا نملك كتب مقدسة لمشاركتها مع المؤمنين الجُدد، لذا من الصعب علينا أن نقدّم لهم الغذاء الروحي. يوجد العديد من الأعضاء لا يقدرون على دفع المواصلات للقدوم إلى الكنيسة كل أسبوع. ولكّن هذه الحالة هي ليست غريبة علينا في افريقيا، ولن ندع هذه الظروف تجعلنا محبطين. نحن مستمرون في طريقنا فرحين لأنّ ملك السماء هو أبونا، وهو يعد لنا بيوتاً سماويّة هناك. ولكن في الوقت الراهن، نحن نشكر الله على اولاده في كل مكان الذين لا يتذكرونا فحسب ولكنهم يقدمون أعطيتهم بكل أمانة كي ما يتم جمع المزيد من أبناء الله وإعدادهم للحصاد العظيم.


جين لونغومو، هو رائد في العمل المرسلي في إحدى ضواحي مدينة كنشاسا، في جمهوريّة الكونغو الديموقراطيّة.


من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.


الموقع على الإنترنت: gro.noissiMsitnevdA.www


الدرس الثاني


٥- ١١ تموز (يوليو)


الابْنُ



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: متى ٤٢: ٠٣؛ دانيال ٧: ٣١و ٤١؛ متى ١١: ٧٢؛ لوقا ٥: ٧١ـ ٦٢؛ يوحنا ٨: ٨٥؛ متى ٠٢: ٨٢.


آية الحفظ: “ ’لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ‘ “ (مرقس ٠١: ٥٤).


سأل المسيح تلاميذه، بعد أكثر من عامين من خدمته العلنية، قائلاً: “مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ابْنُ الإِنْسَانِ؟” (متى ٦١: ٣١). ولم يكن من الصعب، بالنسبة للتلاميذ، أن يقولوا ما سمعوا الناس يقولونه عن المسيح. مع ذلك، فقد كان السؤال التالي للمسيح لتلاميذه هو السؤال الأصعب: “وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟” (متى ٦١: ٥١). وهكذا أصبحت المسألة، بهذا السؤال، مسألة شخصية. إن المسيح لم يسألهم عن رأيهم في مظهره الخارجي أو عن صفاته الشخصية. لكن سؤاله، بدلاً من ذلك، تعلق بجوهر كيان المسيح ذاته. لقد تطلب سؤال المسيح من التلاميذ أن يعبِّروا عن قناعتهم الفردية وإيمانهم.


يجب على كل شخص أن يجيب على هذا السؤال ذاته، إن عاجلاً أم آجلاً. لابد لكل شخص من أن يقرر، بصفة شخصية، مَن هو المسيح. لا يُجدي نفعاً ترديد ما يقوله الآخرون أو ما يؤمنون به؛ يجب أن تكون الإجابة، على هذا السؤال، هي معتقدنا الشخصي الصادق. وبالطبع، يتوقف مصير الكيان البشري على هذه الإجابة.


سنسعى، في هذا الأسبوع، إلى إيجاد الإجابة على هذا السؤال، استناداً إلى ما فعله المسيح وما قاله. وسيكون هدفنا هو الوصول، بالإيمان، إلى نفس الجواب الذي أعطاه بطرس: “ ’أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!‘ “ (متى ٦١: ٦١).


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٢١ تموز (يوليو).


الأحد


٦ تموز (يوليو)


ابْنُ الإِنْسَانِ


إن لقب «ابْنُ الإِنْسَانِ» هو اللقب الذي كان يفضِّله المسيح. فلقد أشار إلى نفسه على انه «ابن الإنسان» أكثر من ٠٨ مرة. ولم يخاطبه الآخرون، أبداً، مستخدمين هذا اللقب. لكن المسيح، بالطبع، قد اختار لنفسه هذا الاسم الخاص لغرض.


كانت هذه العبارة الاصطلاحية، «ابن الإنسان» شائعة في العهد القديم. فإنه، باستثناءٍ واحدٍ فقط، كان يُشار بهذه العبارة إلى البشر. وقد اختارها المسيح للتأكيد على بشريته عندما جاء في الجسد.


يُعَرِّفُ الكتابُ المقدسُ المسيحَ على أنه «إنسان حق». فقد وُلِدَ كطفل رضيع وكان، كطفل، (يزداد في الحكمة والقامة [لوقا ٢: ٠٤و ٢٥ٍ])، وكان له إخوة وأخوات (متى ٣١: ٥٥و ٦٥). وكان يأكل (متى ٩: ١١)، وينام (لوقا ٨: ٣٢)، ويتعب (يوحنا ٤: ٦)، ويعاني من الجوع والعطش (متى ٤: ٢؛ يوحنا ٩١: ٨٢). وقد اختبر الحزن والأسى (متى ٦٢: ٧٣).


لقد بدا المسيح، بالنسبة للمراقب العادي، رجلاً عادياً يمشي بين الناس كواحد من الجموع. ولم يرَ فيه معظم معاصريه أكثر من مجرد إنسان (يوحنا ٧: ٦٤). وقد تعامل معه بعض الناس على هذا الأساس؛ حيث ضَحِكُوا عَلَيْهِ، (لوقا ٨: ٣٥)، وانتقدوه (متى ١١: ٩١)، بل واستهزئوا به وضربوه (لوقا ٢٢: ٣٦). فقد كان المسيح، بالنسبة لهم، هو مجرد إنسان آخر مثلهم.


وقد فشلوا، وللأسف، في إدراك أن لقب «ابن الإنسان» له دلالة كبرى. فإنه، وفقاً لدانيال ٧: ٣١ و ٤١، جاء « ’مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ .... إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ ‘ « وحصل على سلطان أبدي ومجد وملكوت. ولقد ميَّز اليهود ابن الإنسان هذا على أنه «المسيّا». لذلك، فإنه عندما استخدم المسيح هذا اللقب فهو إنما كان يكشف، بطريقة شِبْه خفية، أنه كان المسيّا الموعود به، المسيح المتجسّد.


اقرأ متى ٤٢: ٠٣و ٥٢: ١٣و ٦٢: ٤٦. أية مبادئ، في كلمات المسيح المدونة في هذه الآيات، تُذَكِّرنا بدانيال ٧: ٣١و ٤١؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________



لماذا من المهم جداً، بالنسبة لنا، معرفة أن المسيح كان «إنساناً كاملاً»؟ ما هي نتائج كون المسيح «إنساناً كاملاً» على خلاصنا وعلى حياتنا اليومية، خصوصاً في حروبنا مع التجربة والخطيئة؟


الاثنين


٧ تموز (يوليو)


ابن الله


إن لقب «ابن الله» لم يُستخدم من قبل الْمَلاَكُ جبرائيل (لوقا ١: ٥٣)، وإنما اُستخدم من قبل كثيرين من الناس عند مخاطبتهم للمسيح (متى ٤١: ٣٣، مرقس ٥١: ٩٣، يوحنا ١: ٩٤، ١١: ٧٢). وقد قَبِل المسيح هذا اللقب، لكنه كان حريصاً على عدم تطبيقه على نفسه مباشرة خشية أن يُرجم حتى الموت. مع ذلك، فإن الكتاب المقدس يعلن بطرق مختلفة عن علاقة المسيح الخاصة بالآب.


وعند معمودية المسيح، اعترف الآبُ بالمسيح أبناً له (متى ٣: ٧١)؛ وقد حدث الشيء ذاته عند التجلي (متى ٧١: ٥).


إن علاقة الآب بالابن علاقة فريدة. والمسيح هو الكائن الوحيد في الكون الذي يتمتع بمثل هذا النوع من العلاقة، لأنه هو الوحيد الذي مِن نفس طبيعة الآب. ونحن، كمؤمنين، قد أُعْطِينا امتياز أن نصبح أبناء الله. لكن المسيح كان دائماً، ولا يزال وسيظل، ابن الله.


ما الذي تكشفه الآيات التالية عن الوحدة الكاملة التي للآب والابن؟ متى ١١: ٧٢؛ يوحنا ٣: ٥٣؛ ٥: ٧١؛ و ٠١: ٠٣.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن الوحدة الكاملة بين المسيح والآب تتضمن المعرفة المتبادلة والكاملة لواحدهما الآخر؛ فهي وحدة في الإرادة والغرض والأهداف. علاوة على ذلك، تتضمن هذه الوحدة، بين الآب والابن، وحدة في طبيعة كل منهما. إن الابن والآب هما أقنومان اثنان (« ’أنا والآب‘ «) لكن كلاهما ذات طبيعة واحدة « ’أنا والآب واحد‘ «، وهي حقيقة مؤكدة باستخدام الضمير «واحد» (قارن مع ١كورنثوس ٣: ٨).


مع ذلك، علينا إدراك أنه بسبب مجيء المسيح للعيش هنا على الأرض كإنسان، قام طوعاً بإخلاء ذاته الإلهية وخضع للآب (فيلبي ٢: ٦ـ ٨). وقد كان هذا «الخضوع» وظيفياً ولازماً لخطة الخلاص، لكنه ليس جزءاً من جوهر المسيح نفسه. لكن المسيح أَخْلَى ذاته لقَصْدٍ وهدفٍ مُعَيَّنَين.


ويمكننا، مع وضع هذا المفهوم في الذهن، أن نفهم لماذا قال المسيح: « ’لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ‘ « (يوحنا ٥: ٩١)؛ « ’لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي‘ « (يوحنا ٥: ٠٣). وبناءً على وجهة النظر هذه، أمكن المسيحُ أن يقول: « ’لأَنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي‘ « (يوحنا ٤١: ٨٢). إذاً، فالمسيح قد أخلى ذاته وخضع طوعاً للآب، رغم أنه «لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ».


لقد كان المسيح إلهاً كاملاً وإنساناً كاملاً. ماذا يخبرنا هذا الحق المدهش عن الصلة الوثيقة بين السماء والأرض؟ أي عزاء يمكننا استخلاصه من هذه الصلة الوثيقة؟


الثلاثاء


٨ تموز (يوليو)


الطبيعة الإلهية للمسيح: الجزء الأول


إن ألوهية المسيح هي أساس إيماننا. لا يمكن لكائن بشري أن يكون مُخَلِّصَناً، بغض النظر عن مدى ما تكون عليه حياة الشخص من روعة. إننا نجد في كافة أسفار العهد الجديد دليلاً على ألوهية المسيح. سنركز في درس اليوم، ودرس الغد، على ما علَّمه المسيح نفسه حول هذا الموضوع المتعلق بألوهيته.


بداية، لم يكن من السهل على المسيح تفسير مَن كان هو. لقد تطلبت مرسليته أن يقوم بإعلان أنه كان المسيا، الله الظاهر في الجسد؛ مع ذلك، ليس هناك سِجِل كتابيٌ وَرَدَ فيه أن المسيح قال علانية «أنا هو الله أو أنا المسيا». فلو كان المسيح قد قال ذلك، لتم قتله على الفور. لذلك، اختار المسيح التلميح بطبيعته الإلهية، وعمل بشكل غير مباشر على جعل سامعيه يعرفون ألوهيته. وإذ أعلن المسيح طبيعته الإلهية، بصورة تدريجية، أدرك معظم سامعيه ما قاله، لكنهم رفضوا قبول ادعائه لأنه لم يتناسب مع فكرة فهمهم المسبق عن المسيا. وقد اتضح ذلك من خلال تساؤلاتهم: « ’إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا‘ « (يوحنا ٠١: ٤٢). ويُظْهِرُ سياق الحديث أن سؤالهم، وللأسف، لم يكن صادقاً.


وكما رأينا في درس الأمس، فقد أشار المسيح، عدة مرات، إلى علاقته الخاصة بأبيه السماوي. وكانت هذه الإشارة هي إحدى الطرق المستخدمة لإعلان ألوهيته. لقد فهم الكثيرون بشكل واضح، أن المسيح، عندما قال أن الله هو أبوه، كان بذلك يساوي نفسه بالله (يوحنا ٥: ٨١).


اقرأ لوقا ٥: ٧١ـ ٦٢. بأية طرق قوية جداً أعلن المسيح هنا عن ألوهيته، دون قول ذلك علانية؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


«إن الأمر كان يحتاج إلى قدرة الله الخالقة لكي تعود إلى ذلك الجسم الواهن الذابل صحته ونضارته. إن ذلك الصوت الذي منح الحياة للإنسان المجبول من تراب الأرض هو نفسه الذي منحه الحياة لذلك المفلوج الذي كان يحتضر» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٩٦٢و ٠٧٢).


لقد ادعى المسيح الحق في أن يغفر الخطايا. وقال أيضاً أنه هو نفسه « ’سيَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ‘ « (متى ٥٢: ١٣) وبأنه سيدين كل الأمم ويقرر المصير الأبدي لكل شخص، الله وحده هو له السلطة للقيام بذلك. فما الذي كان يمكن للمسيح أن يفعله، أكثر مما فعل، ليُعْلِنَ عن هُوُيِّتِه [بوصفه الله المتجسد]؟


فكر في مدى ما كان عليه بعض أولئك القادة من قسوة تجاه المسيح. أَمَا كان مِن المفترض أن يكون هؤلاء القادة رعاة روحيين للناس؟ كيف يمكننا أن نتأكد مِن أننا لا نصبح، نحن أيضاً، قساة القلوب بأساليبنا الخاصة؟


الأربعاء


٩ تموز (يوليو)


طبيعة المسيح الإلهية: الجزء الثاني


لقد أعلن المسيح وبرهن على أنه كانت لديه نفس القوة، التي لدى الآب، على قهر الموت. « ’لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ‘ « (يوحنا ٥: ١٢). الله وحده هو القادر أن يقول: « ’أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ‘ « (يوحنا ١١: ٥٢).


إشارة واضحة أخرى إلى ألوهية المسيح نجدها في تأكيده على أزلية وجوده. فهو « ’الذي نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ‘ « (يوحنا ٣: ٣١) لأن الآب أرسله (يوحنا ٥: ٣٢). ثم أكد على أزلية وجوده مرة أخرى: « ’وَالآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ‘ « (يوحنا ٧١: ٥).


لماذا تُعد الآية في يوحنا ٨: ٨٥ من أهم إعلانات المسيح، المباشرة والجوهرية، فيما يتعلق بألوهيته؟ انظر كذلك خروج ٣: ٣١و ٤١.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________



اعلن المسيح أنه كائن بذاته، على عكس إبراهيم الذي جاء إلى حيِّز الوجود. والمسيحُ موجود منذ الأزل وإلى الأبد. وتدل عبارة «أنا كائن» على سرمديته. علاوة على ذلك، فإن كلمة «أَهْيَهِ» هي لقب من ألقاب «الله» نفسه (خروج ٣: ٤١). ولقد فَهِمَ القادةُ الدينيون، بشكل واضح، أن المسيح أدَّعَى أنه هو «يهوه» المُعْلَنُ في الْعُلَّيْقَةِ المتوقدة. وقد كان المسيح، في نظرهم، مذنباً بالتجديف؛ ولذلك «رَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ» (يوحنا ٨: ٩٥).


تُظْهِر الأناجيل أن المسيح قد قَبِلَ السجود من الآخرين، دون إظهار رفض أو اعتراض. لقد عَلِمَ المسيحُ جيداً أن الله وحده، وفقاً للأسفار المقدسة، هو المستحق لسجود وعبادة الإنسان له، فقد قال المسيح للشيطان: « ’مَكْتُوبٌ... لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ‘ « (متى ٤: ٠١). لذلك، فإن المسيح، بقبوله السجود، كان يعلن ألوهيته. وقد سجد كثير من الأشخاص للمسيح علانية، معترفين بألوهيته، ومن بين هؤلاء: التلاميذ في البحر (متى ٤١: ٣٣)، والرجل الأعمى الذي شُفي (يوحنا ٩: ٨٣)، والمرأة التي عند قبر المسيح (متى ٨٢: ٩) والتلاميذ في الجليل (متى ٨٢: ٧١). وما كان يمكن لشخص يهودي، مثل توما، أن يخاطب المسيح مستخدماً عبارة «ربي وإلهي» لو لم يكن توما قد أدرك، بشكل واضح، أنه كان يتكلم إلى الله.


اقرأ يوحنا ٠٢: ٩٢. ما هي الأمور التي لم ترها، ومع ذلك أنت تؤمن بها وبوجودها؟ ما هي النتائج المترتبة على إجابتك، فيما يتعلق بمجمل مسألة الإيمان؟


الخميس


٠١ تموز (يوليو)


مرسلية المسيح


لقد أصبحنا، بعد دراستنا لمسألة «مَن كان المسيح»، في وضع أفضل لفهم ما جاء المسيح ليفعله من أجلنا.


لقد وجَّه الشيطانُ اتهامات ضد الله. ومن أجل الرد على هذه الاتهامات جاء المسيح لتمثيل صفات الآب ولتصحيح المفهوم الخاطئ الذي كان لدى الكثيرين عن الألوهية. لقد أراد المسيح لنا أن نعرف الله لأن معرفة الله أمر لا غنى عنه من أجل الحصول على الحياة الأبدية (يوحنا ٧١: ٣).


مع ذلك، نحن بحاجة إلى ما هو أكثر من مجرد المعرفة لكي نخلص. إننا بحاجة إلى أن يُوفِّر الله لنا مُخلِّصَاً، وهذا هو بالضبط ما يعنيه اسم يَسُوع: الخلاص (متى ١: ١٢). لقد وصف المسيح مرسليته بعبارات واضحة: « ’لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ‘« (لوقا ٩١: ٠١). لقد خسر البشرُ، في عدن، علاقتهم مع الله، وخسروا قداستهم وبيتهم، وخسروا الحياة الأبدية. وقد جاء المسيح ليسترد كل شيء: وهو يعيد علاقتنا مع الآب (يوحنا ١: ١٥)؛ وهو يغفر خطايانا (متى ٦٢: ٨٢)؛ وهو قد تَرَك لَنَا مِثَالاً للعيش (١بطرس ٢: ١٢)؛ وبالطبع، يُعْطِينَا المسيحُ الحياة الأبدية (يوحنا ٣: ٦١).


كيف قام المسيح بتعريف جوهر مرسليته؟ يوحنا ٠١: ١١؛ متى ٠٢: ٨٢.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


لماذا كان يجب على المسيح أن يموت؟ كان ينبغي للمسيح أن يموت لأنه أَخَذَ مكاننا طوعاً وتحمَّل عقاب خطيتنا. نحن جميعاً خطأة (رومية ٣: ٠١ـ ٢١). وبناء على ذلك، نحن نستحق الموت الأبدي (رومية ٦: ٣٢). وقد كان ثمن خلاصنا باهظاً جداً لدرجة أن حياة ابن الله وحدها هي التي كانت كافية لدفع الثمن.


«إن شريعة الله التي اُنْتُهِكت كرامتها تطلب موت الخاطئ، وفي كل الكون لم يكن غير واحد يمكنه أن يتمم مطاليب الشريعة كنائب عن الإنسان، وحيث أن شريعة الله مقدسة مثله تماماً فالذي يكفر عن خطايا العالم ينبغي أن يكون معادلاً لله، ولم يكن أحد غير المسيح يستطيع أن يفتدي الإنسان الساقط من لعنة الناموس ويعيده إلى حالة الوفاق مع السماء» (روح النبوة، الآباء والأنبياء، صفحة ٤٤).


انظر إلى عالمنا من حولك، وإلى مصيرنا جميعاً في هذا العالم. إذا كان القبر هو نهاية كل شيء، فأي رجاء سيكون لنا؟ إنه لولا خطة الخلاص، لَمَا كان لنا أي رجاء بالمرة. كيف، إذن، يمكننا إظهار امتناننا وشكرنا لله من أجل ما قام به من أجلنا في المسيح؟


الجمعة


١١ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس


“وفي حين تتحدث كلمة الله عن بشرية المسيح عندما كان موجوداً على هذه الأرض، تتحدث بتأكيد تام، كذلك، عن سابق وجوده. فإن المسيح، الكلمة، كان موجوداً كذات إلهية، بل كان موجوداً بوصفه الابن السرمدي لله، وكان في اتحاد ووحدانية مع الآب.... والعالم بِهِ كَانَ، ’وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ ‘ (يوحنا ١: ٣). فإذا كان المسيح قد خلق كل شيء، فهو موجود قبل كل شيء. إنَّ الكلمات التي تتحدث عن هذا الأمر واضحة للغاية بحيث لا تترك مجالاً للشك. فالمسيح هو الله بكل معنى الكلمة. لقد كان المسيح مع الله منذ الأزل، وهو المبارك إلى الأبد. إن الرب يسوع المسيح، ابن الله، موجود منذ الأزل، وهو اقنوم متميز، لكنه واحد مع الآب” (روح النبوة، رسائل مختارة، مجلد ١، صفحة ٧٤٢).


“في المسيح الحياة الأصلية التي ليست مستعارة ولا مشتقة ’مَن له الابن فله الحياة‘ ١يوحنا ٥: ٢١. إن ألوهية المسيح هي يقين المؤمن بالحياة الأبدية” (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٠٠٥).


أسئلة للنقاش


١. لقد عرفت الشياطين واعترفت بأن يسوع هو “ ’قُدُّوسُ اللهِ‘ “ (مرقس ١: ٤٢)، وأنه “ابْنُ اللهِ” (مرقس ٣: ١١)، وبأنه “ ’ ابْنُ اللهِ الْعَلِيِّ ‘ “ (مرقس ٥: ٧). أنظر أيضاً يعقوب ٢: ٩١. لماذا لا يُعدُ مثل هذا النوع من الاعتراف كافياً للخلاص؟ كيف يمكننا تَجنُّب الوقوع في فخ أن نكون قانعين بمجرد القبول العقلي للمسيح؟


٢. عندما رأى قائد المئة المسيح، وهو يموت على الصليب، قال: “حَقًّا كَانَ هذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللهِ!” (مرقس ٥١: ٩٣). إن “أقدام الصليب” هي أفضل مكان نتعرف فيه على المسيح. كم هي عدد المرات التي تذهب فيها إلى الصليب؟ متى كانت آخر مرة كنت فيها عند أقدام الصليب؟ لماذا لا تقضي بعض الوقت، الآن، لتتأمل في الذبيحة الأبدية التي قدمها المسيح لأجل خلاصك؟


٣. رُفِضَ المسيحُ من قِبَلِ عددٍ كبيرٍ من معاصريه لأن أولئك الناس كانت لديهم أفكاراً خاطئة عن المسيا. وللأسف، يرفض كثير من الناس، اليوم، تسليم حياتهم ليسوع لأن لديهم أفكاراً مسبقة، أو مفهوماً مشوهاً عن المسيح. كيف نساعد هؤلاء على أن يروا المسيح كما هو حقاً؟ ما الذي لدينا، كأدفنتست سبتيين على وجه الخصوص، ويمكن أن يساعد في أن تكون لهم نظرة أكثر وضوحاً، فيما يتعلق بمَن هو المسيح حقاً؟


قصة الأسبوع


قوّتنا في وحدتنا


يعمل المؤمنون معاً في غرب روسيا على ربح الجيران، أو حتّى اللصوص أحياناً، للمسيح. وهم يقومون بكتابة اسماء الأشخاص الذين يريدون الصلّاة من أجلهم في كتاب مُخصّص يضعونه في الكنيسة، ثم يقومون بإرسال تأمّلات ونشرات دينيّة لهؤلاء الأشخاص أثناء الأسبوع.


وفي أحد الأيّام، طلبت امرأة من الله أن يكشف لها عن شخص بحاجة إلى أن تصلّي من أجله، وكانت تلك المرأة تمتلك مزرعة لتربية الماعز. وقد استجاب الله لطلبها بطريقة لم تخطر على بالها. ففي أحد الأيام، لاحظت المرأة أنّ الماعز ينقص تدريجيّاً من مزرعتها. وفي إحدى المرات، وجدت رجلاً يحمل واحدة من الماعز من الحظيرة، فأوقفته. قال لها الرجل، «عائلتي جائعة، إذا قمت ببيع هذه المعزة فسوف تتمكّن عائلتي من شراء الطعام.»


طلبت المرأة من الرجل أن يُرجع الماعز إلى الحظيرة بينما ذهبت هي لتقوم بتحضير الطعام له ولعائلته. أعطت المرأة الطعام للرجل، بالإضافة إلى بعض كتيبات عبارة عن تأمّلات دينيّة. قامت عائلته بقراءة هذه التأمّلات. والآن، يعمل هذا الرجل راعياً للماعز في مزرعة هذه السيدة، كما انضمت عائلته للعبادة مع تجمّع الأدفنتست في المدينة.


كان يوجد ٣ اخوات يصلّين من أجل إيجاد شقة للإيجار. وعرضت عليهم امرأة عجوز شقة لكي يستأجرنها، فوافقت الاخوات وانتقلنّ إلى تلك الشقة.


ثم اكتشفت الاخوات أنّ صاحبة الشقة تتحدث مع الارواح. فقرّرت الاخوات أن يصلّين من أجلها، لكنّهن كنّ خائفات من الحديث إليها عن هذا الأمر. وعوضاً عن ذلك، قامت الاخوات بترك بعض النشرات الدينيّة على المائدة حيث تستطيع الامرأة ايجادها وقراءتها. قامت الامرأة بأخذ هذه النشرات وقرأتها. وكانت إحدى هذه النشرات تتكلّم عن خدع ابليس. وبينما كانت تقرأها، اكتشفت صاحبة البيت بأنّها كانت تتبع الشرير. طلبت السيدة من الاخوات المزيد من هذه النشرات والكتب الدينيّة التي تتحدّث عن الله.


ومن خلال أمانة الاخوات في مشاركة إيمانهن مع الجميع، أتى الكثير من الأشخاص من الخارج وقاموا بتشكيل تجمّع كنسي صغير. ولكن الأعضاء لم يكن لديهم كنيسة ليجتمعوا فيها. كانت أقرب كنيسة على بعد عدة أميال وهو موجودة في المدينة الأُخرى. كان الأعضاء يعانون من أجل توفير المال الكافي لبناء كنيسة إلى أن ساعد عطاء السبت الثالث عشر في جعل حلمهم حقيقة. واليوم تقف كنيسة بسيطة في هذه المدينة في غرب روسيا، كمنارة وشهادة لقوّة العمل الجماعي لتتميم عمل الله.



من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.


الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www


الدرس الثالث


٢١- ٨١ تموز (يوليو)


الروح القدس



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: يوحنا ٤١: ٦١ـ ٨١؛ ٤١: ٦٢؛ ٥١: ٦٢؛ متى ٢١: ١٣و ٢٣؛ يوحنا ٦١: ٨؛ يوحنا ٥: ٣ـ ٨؛ لوقا ١١: ٩ـ ٣١.


آية الحفظ: « ’وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ‘ « (يوحنا ٤١: ٦١).


إن الروح القدس، من بين الأقانيم الثلاثة الألوهية، لا يحظى بفهم واسع النطاق من قِبَلِنَا. ومن المفارقات أن الروح القدس، الكائن الأقرب إلينا، والذي يُحْدِثُ فِينا الولادة الجديدة ويعيش بداخلنا ويغيِّرنا، هو الكائن الذي لا نعرف عنه سوى القليل.


وما سبب عدم فهمنا للروح القدس؟ السبب هو أن الكتاب المقدس يبدو، في حديثه عن الروح القدس، أقل وضوحاً من حديثه عن كل من الآب والابن. هناك إشارات عديدة إلى الروح القدس في الكتاب المقدس، لكن معظمها مجازي أو رمزي. يقدم لنا الكتاب المقدس معلومات وافرة عن عمل الروح القدس، لكنه لا يقول الكثير عن طبيعته.


سبب آخر وراء محدودية فهمنا للروح القدس هو العمل الذي يقوم به. فهو يحاول، باستمرار، أن يجعلنا نركِّز انتباهنا على المسيح، وليس على شخصه هو. ويقوم الروح القدس بدور «ثانوي» في خطة الخلاص، إذ يعمل بخدمة كل من الآب والابن. مع ذلك، فهذه الوظيفة لا تعني نقص الروح القدس في الجوهر.


وإذ نستمع، في هذا الأسبوع، إلى ما عَلَّمَهُ المسيحُ عن الروح القدس، دعونا نصلي بلجاجة من أجل حضور الروح القدس المُغَيِّرِ للحياة.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٩١ تموز (يوليو).


الأحد


٣١تموز (يوليو)


ممثل المسيح


استمع التلاميذ للمسيح، بخوف وحزن، وهو يعلن لهم عن موته الوشيك. فمَن سيكون معلمهم وصديقهم وناصحهم عندما يُحْرَمُونَ مِنْهُ؟ ولأن المسيح كان يعرف حاجتهم الماسة، فقد وعدهم بأن يُرْسِلَ ممثله ليكون معهم.


ما هو الاسم المعين الذي أطلقه المسيح على ممثله؟ انظر يوحنا ٤١: ٦١ـ ٨١. بأي معنى كان هذا الاسم مناسباً جداً؟ انظر أيضاً يوحنا ٤١: ٦٢.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن كلمات مثل: مساعد وناصح ومُعَزِّي هي ترجمات مختلفة للكمة اليونانية « sotelkarap» أي «الباراقليط» أو «المُعَزِّي» وتتكون هذه الكلمة [في اللغة اليونانية] من حرف الجر «بارا» «بمعنى «إلى جانب» والصفة «كليتوس» بمعنى «دُعِيَ». وهذه الكلمة مجتمعة تعني «مَن دُعِيَ ليكون إلى جانب [شخص ما]»، وهو ما يُعطي فكرة أن «شخصاً ما قد اُسْتُدْعِيَ ليساعد شخصا آخرا». وقد تشير إلى «وسيط» أو «شفيع» أو «مساعد» أو «ناصح»، بل وقد تشير إلى «مستشار قانوني».


يوحنا، وحده، هو مَن استخدم المصطلح «sotelkarap» أو « الباراقليط (أي المُعَزِّي)» في العهد الجديد. والمثير للاهتمام هو أن يوحنا قد استعمل إحدى مرادفات هذه الكلمة، أيضاً، للإشارة إلى المسيح نفسه (١يوحنا ٢: ١).


كان المسيح، خلال خدمته الأرضية، هو الناصح والمُعيِن والمعزِّي للتلاميذ. لذلك، فإنه من المناسب تماماً أن يحصل «ممثله» على نفس الاسم. لقد أُرْسِلَ الروحُ القدس من قِبل الآب بناء على طلب من الابن، وباسم الابن (يوحنا ٤١: ٦١و ٦٢). ويواصل الروح القدس القيام بعمل يسوع على هذه الأرض.


وقد كان المسيح حاضراً مع تلاميذه، من خلال الروح القدس، فقال الرب: « ’لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ‘ « (يوحنا ٤١: ٨١). ولم يكن المسيح يتحدث عن القيام بزيارتهم على فترات متقطعة، وهو الأمر الذي ما كان ليجلب الكثير من العزاء لـ «أيتام» بائسين. لقد كان المسيح، بالأحرى، يُعلن عن وجود علاقة دائمة وحميمة بينه وبين تلاميذه: « ’أَنَا فِيكُمْ‘ « (يوحنا ٤١: ٠٢). وكان هذا ممكناً فقط من خلال سكنى الروح القدس فيهم.


وبطبيعة الحال، فإن طبيعة المسيح البشرية قد أعاقته مِن أن يكون حاضراً بشخصه في كل مكان، في نفس الوقت. أما الروح القدس، ومن ناحية أخرى، فموجود في كل مكان (مزمور ٩٣١: ٧). وقد أمكن لمخلِّصَنا، من خلال الروح القدس، أن يكون متاحاً للجميع، بغض النظر عن مكان تواجدهم أو المسافة التي كانت تفصلهم عن المسيح.


بأية طرق اختبرت حقيقة وجود الروح القدس، رغم أنه ليس من السهل أن نفهم طبيعته وكيفية عمله في حياتنا؟


الاثنين


٤١ تموز (يوليو)


الروح القدس هو ذاتية شخصية


كتبت روح النبوة تقول: «إن طبيعة الروح القدس هي سر. فليس في مقدور الناس أن يوضحوها لأن الرب لم يعلنها لهم.... ففيما يختص بمثل هذه الأسرار التي هي أعمق من أن يسبر غورها الإدراك البشري، يكون السكوت من ذهب» (أعمال الرسل، صفحة ٧٣).


مع ذلك، فقد أكدت روح النبوة أيضاً على أن «الروح القدس هو ذاتية شخصية، لأنه يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ.... ولا بد للروح القدس مِن أن يكون كائناً إلهياً، وإلا لما أمكنه أن يَفْحَص كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَعْمَاقَ اللهِ» (روح النبوة، الكرازة، صفحة ٦١٦و ٧١٦). إن هذه الفقرة تستند إلى الكتاب المقدس (رومية ٨: ٦١و ١كورنثوس ٢: ٠١و ١١). لذلك، فإنه رغم أننا محدودون بطبيعتنا البشرية، إلاَّ أنه يمكننا، على الأقل، أن نعرف من خلال الكتاب المقدس أن الروح القدس هو ذاتية شخصية وبأنه أحد أقانيم الألوهية. وما قاله المسيح عن الروح القدس، يؤكد على هذا الشيء.


ما هي بعض أعمال الروح القدس التي تُظهر أنه ذاتية شخصية؟ انظر يوحنا ٤١: ٦٢؛ ٥١: ٦٢؛ ٦١: ٧ـ ٤١.


_________________________________________________________________________


_________________________________________________________________________


لقد ذَكَرَ المسيحُ العديد من الأنشطة التي يقوم بها الروح القدس، وجميعها تدل على أنه ذاتية شخصية. ومَن أفضل مِن كائن ذات ذاتية شخصية، مثل الروح القدس، يمكنه أن يُعَلِّمنا ويذكِّرنا بكل الأشياء التي قالها المسيح (يوحنا ٤١: ٦٢)؟ أو، مَن هو أفضل مِن كائن ذي ذاتية شخصية، مثل الروح القدس، يمكنه أن يشهد للمسيح (يوحنا ٥١: ٦٢)، ويبكِّت العالم (يوحنا ٦١: ٨)، ويرشدنا إلى الحق. ويمكنه، أيضاً، أن يسمع ويتكلم (يوحنا ٦١: ٣١)؟ وفقط الكائن العاقل هو الذي يمكنه أن يُمَجِّدَ المسيح (يوحنا ٦١: ٤١).


صرَّح كتبة أسفار العهد الجديد، بعد سماعهم لتعاليم المسيح المتعلقة بالروح القدس، أن الروح القدس لديه الصفات الأساسية للذاتية الشخصية مثل: المشيئة (١كورنثوس ٢١: ١١)، الفِطنة (أعمال ٥١: ٨٢، رومية ٨: ٧٢)، والمشاعر (رومية ٥١: ٠٣؛ أفسس ٤: ٠٣).


ولأن الروح القدس هو أحد أقانيم الألوهية، لذا يجب علينا أن نُخْضِع أنفسنا لمشيئته وإرشاده؛ وعندها، سندعوه إلى السكن في قلوبنا (رومية ٨: ٩)، ليُغيِّرَ حياتنا (تيطس ٣: ٥) وأن ينتج ثمار الروح في صفاتنا (غلاطية ٥: ٢٢و ٣٢). إننا، بمفردنا، عاجزون عن عمل أي شيء؛ وفقط من خلال قوة الروح القدس العاملة فينا يمكننا أن نصبح ما وُعِدنا بأن نكون عليه في المسيح.


الروح القدس هو عطية؛ ومثل معظم العطايا، فإنه يمكن رفضه. كيف يمكنك أن تتأكد من أنك لن تبتعد، يوماً بعد يوم، عن ما يسعى الروح القدس إلى القيام به في حياتك؟


الثلاثاء


٥١ تموز (يوليو)


الروح القدس هو إله حقاً


عندما تحدث المسيح إلى التلاميذ، عن الروح القدس، دعاه «مُعَزِّيًا آخَرَ» (يوحنا ٤١: ٦١). والكلمة اليونانية التي استخدمها المسيح تعنى « آخَرَ من نفس النوع»، وذلك على نقيض كلمة أخرى موجودة في اللغة اليونانية [لم يستخدمها المسيح] وتعني «آخَرَ من نوعية مختلفة، أو جودة مختلفة». إن نفس التشابه في الطبيعة، الذي يربط الآب بالابن، هو نفس التشابه المُعْلن في العلاقة بين الابن والروح القدس.


لقد قال المسيح أن الروح القدس سوف « ’ يُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ‘ « (يوحنا ٦١: ٣١). ونحن نعرف من الكتاب المقدس أن الله فقط هو الذي يمكنه أن يُخبر بالمستقبل (إشعياء ٦٤: ٩و ٠١).


إن ألوهية الروح القدس مشهودٌ لها، أيضاً، من خلال دوره في الوحي بالكتاب المقدس، وهي وظيفة أقرَّها المسيح صراحة، حيث قال: « ’لأَنَّ دَاوُدَ نَفْسَهُ قَالَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي، حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ ‘ « (مرقس ٢١: ٦٣)، وهذا ما نجده في مزمور ٠١١: ١.


وكان المسيح، أثناء وجوده على هذه الأرض، تحت إرشاد الروح القدس دائماً. فبعد أن مُسِحَ المسيحُ بالروح، عند معموديته (متى ٣: ٦١و ٧١) كان «يُقْتَادُ بِالرُّوحِ فِي الْبَرِّيَّةِ» (لوقا ٤: ١). وعند انتصاره على المُجرِّب، «رَجَعَ يَسُوعُ بِقُوَّةِ الرُّوحِ إِلَى الْجَلِيلِ» للقيام بمرسليته (لوقا ٤: ٤١). وكانت المعجزات التي أجراها المسيح تتم من خلال الروح القدس (متى ٢١: ٨٢). أما حقيقة أن ابن الله قد اعتمد على الروح القدس فهي دليل آخر على الطبيعة الإلهية للروح القدس، لأنه من الصعب أن نتصور أن ابن الله يعتمد على أي شيء دون الله.


دليل آخر على ألوهية الروح القدس نجده في ارتباطه بالآب والابن، في فقرات كتابية تذكر أن الأقانيم الثلاثة متساوون. ولهذا كَلَّفَ المسيحُ الرسل بتعميد التلاميذ الجدد «’بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ‘ « (متى ٨٢: ٩١).


كيف تساعدنا الآيات التالية على أن نفهم ألوهية الروح القدس؟ انظر متى ٢١: ١٣و ٢٣.


_________________________________________________________________________


__________________________________________________________________________


إنَّ المقارنة بين اعتبار التجديف على ابن الانسان خطيئة يمكن أن تُغْتَفَر وبين اعتبار التَّجْدِيف عَلَى الرُّوحِ القدس خطيئة لا تغتفر، تُظْهِرُ أن الروح القدس ليس كائناً عادياً. إن التجديف هو خطيئة تقترف ضد الله مباشرة. وهكذا، فإننا نستنتج أن الروح القدس هو واحد من الأقانيم الثلاثة للألوهية. وعلى الرغم من أن الكثير قد كُتب عن «الخطيئة التي لا تُغْتفر»، إلاًّ أنَّ السياق المباشر، الذي وردت فيه هذه الآية المتعلقة بالتجديف على الروح القدس، تُظهر أناساً قلوبهم متحجرة للغاية ضد الروح القدس، وضد دوره في الخلاص، لدرجة أنهم يَنْسِبُون عمل الروح القدس للشيطان!


الأربعاء


٦١ تموز (يوليو)


عمل الروح القدس


لقد سبق وذكرنا الدور الهام للروح القدس في حياة المسيح المُتَجَسِّد، وكذلك الدور الهام للروح القدس في الوحي بأسفار الكتاب المقدّس. دعونا نركز الآن على ما عَلَّمَه المسيح عن عمل الروح القدس من أجل خلاصنا.


ما هو العمل الذي لا غنى عنه والذي يقوم به الروح القدس من أجل إعدادنا لقبول المُلِّخص؟ انظر يوحنا ٦١: ٨.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________ لا يتناول الدواءَ إِلاَّ مَنْ يُقِرَّ بأنه مريضٌ. ومن نفس المنطلق، نحن لا يمكننا أن نَخْلَصَ ما لم ندرك أننا خطأة. إن الروح القدس يقنعنا بلطف، ولكن باستمرار، بأننا أخطأنا وبأننا مذنبون، وبأننا واقعون تحت دينونة الله العادلة.


يوجهنا الروح القدس إلى المسيح، ويشهد له (يوحنا ٥١: ٦٢) بوصفه [أي المسيح] الوحيد القادر أن يُخَلِّصَنا. وبما أن المسيح هو الحق (يوحنا ٤١: ٦)، فإن الروح القدس، ومن خلال إرشادنا إلى المسيح، إنما هو يأخذنا «إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ» أيضاً (يوحنا ٦١: ٣١). ولا يمكن أن يكون هناك أي سبيل آخر يأخذنا إلى الحق؛ فالروح القدس يُدعى «رُوح الْحَقِّ» (يوحنا ٤١: ٧١).


وبمجرد أن نُبَكَّتَ على خطيتنا (الأمر الذي يتضمن التوبة عن الخطية) ونُوجَّهُ إلى المسيح وإلى حق المسيح، عندها نكون مستعدين لأن يقوم الروح القدس بعمله العظيم، فينا ومن خلالنا.


لماذا من المهم جداً أن نكون «مولودين من الروح» انظر يوحنا ٣: ٥ـ ٨.


______________________________________________________________________________________________________________________________________________ يعرف أولئك الذين حاولوا تقويم حياتهم بأنفسهم مدى عدم جدوى جهودهم في هذا المجال. فمن المستحيل، بالنسبة لنا، أن نُحَوِّلَ حياتنا المتردية الآثمة إلى حياة جديدة، دون التدخل الإلهي. إن تجديد الخاطئ يتطلب نوع القوة الخلَّاقَة التي لا يستطيع أحد سوى الروح القدس الإلهي أن يقدمها. نحن مخلَّصون «بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (تيطس ٣: ٥). إن ما يقوم به الروح القدس هو ليس مجرد تغيير أو تحسين للحياة القديمة ولكنه تحوُّل في طبيعتنا، إنه خَلْقُ حياةٍ جديدةٍ. ويمكن رؤية نتائج مثل هذه المعجزة بوضوح تام، وهي تشكِّلُ حجة دامغة على قوة البشارة.


وعمل الروح القدس ليس ضرورياً في بداية حياتنا المسيحية فقط؛ بل نحن نحتاج إلى عمله باستمرار. ويعمل الروح القدس على تعزيز نُموِّنا الروحي من خلال تعليمنا وتذكيرنا بكل الأشياء التي عَلَّمَها المسيحُ (يوحنا ٤١: ٦٢). وإذا نحن سمحنا له، فسيمكث الروح القدس معنا إلى الأبد بوصفه معيننا ومعزينا ومشيرنا (يوحنا ٤١: ٦١).


إن العادات السيئة يصعب تغييرها، أليس كذلك؟ وما لم نكن يقظين باستمرار، وحتى عندما نتوقف عن ممارسة هذه العادات السيئة، فإنه يمكن لها أن تقهرنا وتتغلب علينا مرة أخرى. ماذا ينبغي لضعفاتنا المتأصلة، وميولنا للخطيئة، أن تخبرنا عن حاجتنا المستمرة إلى أن نكون خاضعين للروح القدس؟


الخميس


٧١ تموز (يوليو)


مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ


لا شك في أنه من المهم لنا أن نعرف مَن هو الروح القدس. لكن هذه المعرفة تكون عديمة الجدوى ما لم تقودنا إلى أن نفتح حياتنا لتكون مملؤة بالروح القدس. لقد أوضح المسيح، جلياً، أنه إذا أخفقنا في دعوة حضور «الضيف السماوي [أي الروح القدس]» ليسكن فينا، بصفة يومية، فسيكون هناك نوع آخر من الروح متلهفاً وتوَّاقاً إلى دخول الحياة الفارغة وإحداث كارثة روحية بها (متى ٢١: ٣٤ـ ٥٤). كان المسيح نفسه «مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ» (لوقا ٤: ١). «وفي كل يوم كان يحصل على معمودية من الروح القدس من جديد» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٦٢١).



ما الذي تقوله الفقرة الكتابية في لوقا ١١: ٩ـ ٣١ عن الطريقة التي قد نتسلم بها الروح القدس؟ ما الذي تظهره لنا هذه الآيات، فيما يتعلق باستعداد الآب لأن يعطينا الروح القدس؟


________________________________________________________________________________________________________________________________________________ وعد المسيح تلاميذه، في العشاء الأخير، بأنه سيُرسل الروح القدس. وقد أكد المسيح على أن الروح القدس سيعزيهم ويعلِّمَهَم، تلبية لاحتياجهم، في ذلك الوقت. فقد واجه التلاميذ، بعد صعود المسيح، تحديات جديدة الأمر الذي تطلب أن يقوم الروح القدس بتعزيتهم وتعليمهم بما يتناسب وتغير ظروف حياتهم.


ما هو العمل الذي كان سيقوم به الروح القدس، وفقاً للوعد الذي أعطاه المسيح، فيما يتعلق بهذه المسألة؟ انظر أعمال ١: ٤ـ ٨.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________ تحتوي الآية، في أعمال ١: ٥، على السرد الوحيد الذي نجد فيه حديث المسيح عن معمودية الشخص» ’بِالرُّوحِ الْقُدُسِ‘ «. وكان يوحنا المعمدان قد أعلن عن هذه المعمودية الخاصة (متى 3: 11؛ يوحنا 1: 33)، لكن هذه المعمودية لم تحدث إلا بعد صعود المسيح إلى السماء. ما الذي تعنيه المعمودية بالروح؟


في أعمال 1: 8، أوضح المسيح، نفسه، هذه المسألة بتعبير موازٍ حيث قال: «وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ» (أعمال 1: 5). ومعنى أن تعتمد هو أن تغطس بالتمام في شيء، وعادة ما يكون ذلك الشيء هو الماء. وتشمل المعمودية الشخص كله. ومعنى أن تعتمد من الروح القدس هو أن تكون بجملتك تحت تأثير الروح القدس، وأن تكون «ممتلئاً بالروح القدس» (أفسس 5: 18). وهذا ليس اختبار نختبره «مرة واحدة وإلى لأبد»، لكنه اختبار يحتاج إلى أن يتجدد بشكل مستمر.


إذا سألك شخص ما، هل سبق وأن «امتلأت من الروح القدس»، فماذا يكون جوابك، ولماذا؟


الجمعة


٨١ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس


اقرأ لروح النبوة، الفصل الذي بعنوان «عطية الروح» صفحة ٣٣ـ ١٤، في كتاب «أعمال الرسل».


«ففي كل الأوقات وكل الأماكن، وفي كل الأحزان والتجارب عندما يبدو كل شيء مظلماً ومتجهماً والمستقبل محيراً، وحين نحس بعجزنا ووحدتنا سيرسل إلينا المعزي إجابة لصلاة الإيمان. قد تفصلنا الظروف عن كل أصدقائنا الأرضيين ولكن لا يوجد ظرف أو ساعة لتباعد بيننا وبين المعزي السماوي. فأينما نكون وأينما نذهب هو عن يميننا دائماً ليسندنا ويعضدنا ويشجعنا ويبهج قلوبنا» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٦٣٦).


«لقد كانت عطية الروح القدس أسمى كل العطايا التي أمكنه أن يطلبها من الآب لأجل تمجيد شعبه. كان الروح القدس سيعطى كقوة مجددة، إذ بدونه لن تجدي ذبيحة المسيح فتيلاً. لقد زادت قوة الشر وتفاقمت أجيالاً طويلة، وكان خضوع الناس لعبودية الشيطان مذهلاً ومحيراً. ولم يكن ممكناً مقاومة الخطيئة أو الانتصار عليها إلا بقوة الأقنوم الثالث من اللاهوت الذي لا يأتي بقوة ضعيفة بل في ملء القوة الإلهية. إن الروح هو الذي يجعل عمل فادي العالم ذا تأثير فعال» (المرجع نفسه، صفحة ٨٣٦).


أسئلة للنقاش


١. نظراً للميل البشري إلى تمجيد الذات، ما هي الدروس التي يعلمنا إياها عمل الروح القدس، المتسم بالتواضع والخضوع؟


٢. شبَّه المسيح، في حواره مع نيقوديموس، الروح القدس بالريح؟ ما هي الدروس الروحية التي يمكننا أن نتعلمها من هذا التشبيه؟


٣. يزعُم بعض الناس أن الدليل على كون المرء «مملوءً بالروح القدس» هو أن يكون قادراً على التكلُّم بما يُشار إليه عادة باسم «التكلم بألسنة». كيف ينبغي أن نرد على هذا الزعم والادعاء؟


٤. إننا نميل إلى التفكير في عمل الروح القدس على أنه عمل يتعلق بالفرد، بصفة شخصية، وهذا صحيح. في الوقت ذاته، كيف يمكننا، كمجتمع كنسي، أن نختبر حقيقة حضور الروح القدس في كنيستنا ككل؟


قصة الأسبوع


نهر الحياة


أنا من الجيل الرابع للأدفنتست في جمهوريّة التشيك، وهي تُعد ثاني أكبر دولة من حيث نسبة الإلحاد في اوروبا. كان الذهاب إلى الكنيسة جزءاً من حياتي، مثل التسوّق والأكل. كنت استمتع بوجودي في الكنيسة لأنّه كان لدي أصدقاء هناك، ولكن لم تكن لدي علاقة حقيقيّة مع الله.


لقد كوّنت في مخيلتي صورة مغلوطة عن الله. وكان لدى الكثير من الشبّان نفس الصورة أيضاً وقد توقف العديد منهم عن الذهاب إلى الكنيسة عندما التحقوا بالجامعات.


قام قادة كنيسة الأدفنتست بالصّلاة من أجل إيجاد وسيلة للوصول إلى الشّبان في نطاق اتحاد التشيك-سلوفاكيا. وقد استجاب الرب صلواتهم من خلال برنامج «طريق المسيح». وهو برنامج لطلبة الجامعات خِصّيصاً.


وعندما بدأت دراستي الجامعية، قام قس شاب بدعوتي لحضور برنامج طريق المسيح. كان البرنامج مميّزاً جداً ويجذب كافة الشبيبة إذ كان يحتوي على اجتماعات مسائيّة توّفر فرصا لتكوين صداقات مع طلبة آخرين. كما كان يحتوي على دروس للكتاب المقدس، ومحادثات لغويّة، وفرقا رياضيّة، ونشاطات أُخرى كثيرة أيضاً. وبسبب وجود الكثير من الأصدقاء لدي هناك، واصلت الذهاب إلى هذه الاجتماعات.


مارك، وهو مؤسّس برنامج طريق المسيح وقائد المجموعة في المدينة التي أدرس فيها، سألني إن كنت أرغب في الانضمام لفريق التخطيط. فوافقت على طلبه. وكنّا متحمّسين لتجربة أفكارنا الخاصة للعمل المرسلي لنرى إن كانت ستنجح. وكان يوجد الكثير من المجموعات التي يتكوّن منها برنامج طريق المسيح.


على سبيل المثال، قامت فتاة أدفنتستيّة تدرس مجال الطب بدعوة صديقتها المسيحيّة للصلاة وسط أكوام من الكتب في قاعة المكتبة. ثم انضم آخرون إليهم، وبدأت المجموعة بالنمو. وأرادوا إيجاد مكان آخر يلتقون فيه، فقام برنامج طريق المسيح بدعوتهم للانضمام إليهم. إنه هذه هي الطريقة المثاليّة التي من خلالها ينمو هذا البرنامج. أغلبيّة أعضاء البرنامج هم ليسوا من الأدفنتست، بل هم أصدقاء لأشخاص أدفنتست آخرين.


انضممت إلى مجموعتين لدراسة الكتاب المقدس، والدراسة المتعمّقة التي ندرسها كشفت أعماق جديدة في كلمة الله بطرق جديدة ومدهشة لي. أرى إلى أيّ مدى قد أخذني الله في رحلتي معه. لقد تعلمت أن اعتمد على الله في كل شيء. وهو يعطيني الفرص لتطبيق ما قد تعلّمته وأيضاً القوّة لمشاركة إيماني مع الآخرين.


أريد أن أنقل للآخرين ما قد تعلّمته عن الله وعن حياة الخدمة. كما أريد أن أساعد الآخرين في أن يروا أنّ حياتهم هي هبة من عند الله، وأن مسؤوليتهم هي خدمة الآخرين بكل ما لديهم. إنّ فهمي لهذا الأمر قد غيّر حياتي بالكامل.


قام برنامج طريق المسيح في السنة الماضية باستلام جزء من عطاء السبت الثالث عشر لمساعدته في تطوير وتوسيع برنامجه ليشمل جامعات أُخرى في المدينة وتدريب القادة، وتوفير المصادر التي ستساعدهم في جلب المزيد من الأشخاص ليعرفوا عن الرب المخلّص. نشكركم كثيراً من أجل اهتمامكم.


من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.


الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www


الدرس الرابع


٩١- ٥٢ تموز (يوليو)


الخلاص



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: لوقا ٨١: ٩ـ ٤١؛ يوحنا ٦: ٤٤؛ لوقا ٥١: ٣ـ ٠١؛ متى ٠٢: ٨٢؛ يوحنا ٨: ٤٣ـ ٦٣؛ يوحنا ٦: ٥٣و ٧٤ـ ١٥.


آية الحفظ: « ’لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ‘ « (يوحنا ٣: ٦١).


نقول، في كثير من الأحيان، أن الموت هو «جزء من الحياة». لا، الموت هو نقيض الحياة، وليس جزءاً منها. مع ذلك، ولأننا معتادون كثيراً على مشهد الموت فإننا نخطئ في تسميته ونصوره بعكس ما هو عليه حقاً. وبغض النظر عن كيفية فهمنا للموت، هناك نقطة واحدة مؤكدة: إنه لولا العون الإلهي لكان الموت الأبدي سيكون مصيرنا جميعاً.


والجيد هو أن هذا العون قد جاء. فإن الله، في محبته اللامتناهية، يقدم لنا الخلاص من خلال يَسُوع المسيح. فعندما أعلن الملاك ميلاد المسيا، قال أن اسمه سيدعى « يَسُوع» (من الكلمة العبرية التي تعني الخلاص)، « ’لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ‘ « (متى ١: ١٢).


سوف ننظر، في هذا الأسبوع، إلى عمل الخلاص الذي قام به المسيح. أولاً، سنقوم بالتركيز على أساس خلاصنا، ومن ثم نُرَكِّزُ على نتائج هذا الخلاص.


الكتاب المقدس واضح. فنحن ليس لدينا سوى خيارين، فيما يتعلق بآثامنا: إما أن ندفع نحن ثمن خطايانا، وذلك بأن يكون نصيبنا في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت؛ أو أنْ نقبل تسديد المسيح لثمن هذه الخطايا على الصليب. وإذ نستعرض العطية السَّخية لنعمة الله المتمثلة في المسيح دعونا نجدد، بتواضع، إيماننا في المسيح بوصفه مخلصنا الشخصي.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٦٢ تموز (يوليو).


الأحد


٠٢ تموز (يوليو)


الخلاص عطية من الله


في يوحنا ٣: ٦١، يتم استخدام فعلين لوصف ما فعله الله من أجل خلاصنا. كيف يرتبط هذان الفعلان ببعضهما البعض؟ وما الذي يُظهره، هذان الفعلان، فيما يتعلق بأصل خلاصنا؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن استخدام الفعل «أَحَبَّ»، خاصة بالطريقة المعتادة التي يُستخدم بها هذا الفعل اليوم، يُعَدُ غير كافٍ بالمرة للتعبير عن عمق الاهتمام، المُراعي لمشاعر الآخرين، والذي يتم الإعراب عنه باستخدام الفعل اليوناني «أجابي»، بمعنى «أن تحب». وفي العهد الجديد، تُعلن هذه الكلمة «epaga» أو «المحبة» عن محبة الله العميقة والمستمرة لمخلوقاته الذين لا يستحقون هذه المحبة بالمرة. إن المحبة هي السمة البارزة لطبيعة الله. فإن الله لا يحبنا فحسب، ولكنه هو نفسه محبة (١يوحنا ٤: ٨). إن محبة الله ليست حافزا أساسه مشاعر الله أو تفضيلاته. كما أن محبته ليست انتقائية، وهي لا تعتمد على ما نقوم به. إن الله يحب العالم، ومعنى هذا أنه يحب كل البشر، بما في ذلك أولئك الذين لا يحبونه.


إن المحبة الحقيقية تُعْرَفُ من خلال الأعمال التي تنتجها هذه المحبة. أحياناً، قد نقول، كبشر، أننا نحب شخصاً ما، في حين تثبت أعمالنا عكس ذلك (١يوحنا ٣: ٧١و٨١). لكن شيئاً من هذا القبيل لا يحدث مع الله، إذ أنَّ محبة الله تتجلى وتنعكس في أعماله وتصرفاته. فقد بَذَلَ اللهُ ابنه الوحيد، بدافع المحبة، لأجل خلاصنا. وعندما قام بذلك، فإنه قد أعطى كل ما لديه، لقد بَذَلَ نفسه لأجلنا.


اقرأ لوقا ٨١: ٩ـ ٤١. ماذا تعلِّمنا هذه القصة عن ما يجب أن يكون عليه موقفنا تجاه الله ونعمته؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________________


ربما نكون قد قرأنا هذا المثل أعلاه مرات عديدة لدرجة أننا لا نفاجأ بالحكم الذي نطق المسيح به قائلاً: « ’إِنَّ هذَا [العشار] نَزَلَ إِلَى بَيْتِهِ مُبَرَّرًا دُونَ ذَاكَ‘ « (لوقا ٨١: ٤١). مع ذلك، فلا بد وأن أولئك الذين سمعوا المسيح وهو ينطق بالحكم قد دُهِشوا. أفلم تكن هذه نتيجة غير عادلة؟


نعم، لقد كان تبرير العشار غير مُسْتَحَقٍ بالتمام، وهذا هو الخلاص. إنه عطية من الله. والعطايا لا تُكْتسَب؛ إنما هي، ببساطة، تُقْبَل. نحن لا يمكننا شراء الخلاص؛ إنما يمكننا فقط تقبُّلَه وتَسلُّمَه. وعلى الرغم مِن أن المسيح نادراً ما استخدم مصطلح «النعمة»، إلاَّ أنه علَّم بوضوح أن الخلاص هو بالنعمة. والنعمة هي أن تُعْطَى ما لا تستحقه.


إذا أعطاك الله ما تستحقه، فماذا عساه يكون هذا الذي تستحقه، ولماذا؟


الاثنين


١٢ تموز (يوليو)


الخلاص: مبادرة من الله


إن مجرد قراءة الأناجيل يُظهر أننا مدينون، بالتمام، للمسيح في خلاصنا. لم يأتِ المسيحُ إلى هذا العالم لأننا دعوناه للمجيء. لكنه جاء لأن الآب، وبدافع محبته لنا، أرسله. وما يؤكد على مبادرة الآب هو استخدام المسيح المتكرر لعبارة « الذي أرسلني» وعبارة «الآب الذي أرسلني» (اقرأ يوحنا ٧: ٨٢؛ ٨: ٩٢؛ ٢١: ٩٤).


ما الذي يفعله الآب من أجل خلاصنا، وفقاً ليوحنا ٦: ٤٤؟


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


على الرغم من حقيقة أننا كنا خطأة ولم نحب الله، إلاَّ أنه أحبنا ودَبَّر وسيلة لمحو خطايانا، من خلال ابنه (١يوحنا ٤: ٠١). وهذه المحبة العجيبة هي التي تجذبنا نحو الله.


ولم يكن الآب وحده هو المكترث لخلاصنا؛ لكن الابن، أيضاً، كان له دور حيوي للغاية في خلاصنا. ولقد جاء المسيح في مهمة محددة. « ’لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ‘ « (لوقا ٩١: ٠١). وكلما تأملنا فيه وهو يرتفع عن الأرض، فإنه سيجذبنا إلى نفسه (يوحنا ٢١: ٢٣).


ما مدى استعداد الرب لبذل كل الجهود الرامية إلى خلاصنا؟ انظر لوقا ٥١: ٣ـ ٠١. _______________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن هذان المثلان «التوأم» يظهران أن الله لا ينتظر، بسلبية، إلى أن نأتي إليه، لكنه يسعى بِهِمَّةٍ في طلبنا واستردادنا. إن إلهنا يسعى في طلبنا. ولا يهم إذا كنا ضالين وبعيدين في مكان خطر، أو كنا حتى ضالين في البيت؛ فإن الله سيسعى بلا كلل للبحث عنا إلى أن يعثر علينا.


«فما أن يضل الخروف حتى تمتلئ نفس الراعي حزناً وجزعاً. فيعد القطيع مراراً وتكراراً. وعندما يتأكد أن خروفاً قد ضاع فهو لا ينام. بل يترك التسعة والتسعين في الحظيرة ويذهب مفتشاً عن الخروف الضال. فكلما اشتد ظلام الليل والعواصف، وزادت خطورة الطريق ازداد جزع الراعي، وجَّد في بحثه. فهو يبذل كل جهده ليجد ذلك الخروف الواحد الضال.


«فبأي راحة يسمع أول صرخاته الواهنة من بعد. فإذ يتتبع الصوت يتسلق المرتفعات السريعة الانحدار ويذهب إلى حافة الهوة مخاطراً بحياته. وهكذا يبحث في حين تنبئه الصرخة التي صارت أضعف مما كانت بأن خروفه موشك على الموت. أخيراً يكافأ مسعاه فقد وُجِد الضال (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٦٧١و ٧٧١).


الثلاثاء


٢٢ تموز (يوليو)


الموت المطلوب


وصف يوحنا المعمدان المسيحَ بأنه « ’هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!‘ « (يوحنا ١: ٩٢). لقد كانت هذه الصورة سهلة التخيُّل بالنسبة لأي إسرائيلي على علم بالذبائح التي كانت تُقدم في الهيكل والتاريخ المقدس المدون في العهد القديم. لقد أعرب إبراهيم عن إيمانه بأن « ’الله سيرى لنفسه الخروف للمحرقة‘ «؛ وبالفعل دبَّر الله الحيوان الذي قُدم ذبيحة بدلاً من إسحق (تكوين ٢٢: ٨و ٣١). وفي مصر، قام بنو إسرائيل بذبح خروف كرمزٍ للإنقاذ الإلهي من عبودية الخطيئة (خروج ٢١: ١ـ ٣١). وفي وقت لاحق، وعندما تم تأسيس خدمات المقدِس، كان يجب تقديم خروفين كذبيحة على المذبح، كل يوم وبشكل مستمر: خروف في الصباح والآخر في المساء (خروج ٩٢: ٨٣و ٩٣). كانت كل هذه الذبائح رموزاً للمسيا المنتظر، والذي «كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى الذَّبْحِ» لأن «الرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا» (إشعياء٣٥: ٦و ٧). لذلك، فإن يوحنا المعمدان كان يُعلن الطبيعة البديلة لموت المسيح الكفاري، وذلك عندما قام بتقديم المسيح على أنه « ’حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ‘ « (يوحنا ١: ٩٢).


وأثناء خدمته، أعلن المسيح عن موته، مراراً وتكراراً، على الرغم من أنه كان من الصعب على التلاميذ أن يفهموا لماذا كان عليه أن يموت (متى ٦١: ٢٢). وقد شرح المسيح، بشكل تدريجي، الهدف العظيم من موته.


ما هي الإيضاحات التي استخدمها المسيح ليشير إلى أنه كان سيموت كبديل عنا؟ انظر متى ٠٢: ٨٢و يوحنا ٠١: ١١.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


« ’لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ‘ « (يوحنا ٥١: ٣١)؛ ينطبق هذا الشيء أيضاً على الأحباء الذين لا يقبلون التضحية المقدمة من أجلهم. ولقد سفك المسيح دمه على الصليب « ’مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا‘ « (متى ٦٢: ٨٢).


من المهم أن نلاحظ أن المسيح مات طوعاً واختياراً. فكما أن الآب قد بذل ابنه الوحيد، هكذا أيضاً الابن بذل حياته لفداء وخلاص الجنس البشري. إن أحداً لم يُجْبِر المسيح على القيام بذلك. فقد أعلن يسوع: « ’لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا [حياتي] مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي» (يوحنا ٠١: ٨١).


بل وحتى «قيافا»، الذي رفضَ المسيحَ صراحة وقاد المؤامرة لقتله، قد أدرك، لا إرادياً، الموت البديل للمسيح (يوحنا ١١: ٩٤ـ ١٥).


فكِّر في ما لدى البشر من جحود تجاه الله وتجاه ما أعطاه لنا في المسيح. كيف يمكننا أن نتأكد من أننا لا نقع في فخ الجحود هذا؟ لماذا من السهل جداً القيام بذلك، خصوصاً عندما نمر بأوقات صعبة؟


الأربعاء


٣٢ تموز (يوليو)


أحرار من الخطيئة


لقد كنا، من دون المسيح، عبيداً للخطيئة ولدوافع الشر التي لطبيعتنا البشرية الساقطة. لقد عشنا بطريقة أنانية تتمحور حول المصالح الذاتية محاولين إسعاد أنفسنا بدلاً من العيش لمجد الله. وكانت النتيجة الحتمية، لهذه العبودية الروحية، هي الموت، لأن أجرة الخطيئة هي موت.


لكن المسيح جاء لينادي « ’للْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ... [وليُرْسِل] الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ‘ « (لوقا ٤: ٨١). هؤلاء ليسوا مأسورين جسدياً لكنهم مأسورين روحياً للشيطان (انظر مرقس ٥: ١ـ ٠٢؛ لوقا ٨: ١و ٢). لم يقم المسيح بإطلاق سراح يوحنا المعمدان من سجن هيرودس، لكنه أطلق أولئك الذين كانوا مقيدين بقيود الحياة الآثمة التي كانوا يعيشونها، ونَجَّاهم من الأعباء الثقيلة التي للذنب والإدانة الأبدية.


أي وعد عظيم نجده في الآيات التالية؟ أنظر يوحنا ٨: ٤٣ـ ٦٣.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن استخدام كلمة «فَبِالْحَقِيقَةِ» في عد ٦٣ يُظهر أن هناك، أيضاً، نوعاً من الحرية الزائفة التي تعمل على تقييد الكائنات البشرية وتجعلهم يتمادون في عصيانهم لله. لقد كان سامعو المسيح يثقون في أصولهم، التي تعود بهم إلى إبراهيم، وكانوا يرون فيها مصدراً لرجائهم في الحرية. ونتعرض نحن أيضاً للخطر ذاته، حيث يريدنا العدو أن نعتمد على أي شيء: يريدنا، على سبيل المثال، أن نعتمد على معرفتنا العقائدية وعلى بِرِّنَا الذاتي، أو على تاريخ خدمتنا لله. يريد الشيطان أن نعتمد، في خلاصنا، على أي شيء باستثناء المسيح. لكن لا شيء من كل هذا، بغض النظر عن ما قد تكون عليه هذه الأشياء من أهمية، لديه القدرة على تحريرنا من الخطيئة ومن إدانتها. إن المُعْتِقَ الحقيقي الوحيد هو «ابن الله» الذي لم يُسْتَعْبَد أبداً من قِبَل الخطيئة.


لقد سُرَّ المسيحُ بأن يغفر الخطايا. وعندما أَحضر إليه الرجال الأربعة رجلاً مشلولاً، عرف المسيحُ أن هذا الرجل كان مريضاً نتيجة عيشه لحياة ماجنة، لكنه عرف أيضاً أن الرجل قد تاب. وقد رأى الرب، في عينيِّ الرجل المتوسلتين، شوق قلبه إلى المغفرة وشعوره بأن المسيح هو معينه الوحيد. وقد قال له المسيح بلطف: « ’يَا بُنَيَّ، مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ‘ « (مرقس ٢: ٥). تلك كانت أجمل كلمات سمعها هذا الرجل في حياته. وهكذا تلاشى عبء اليأس من ذهنه وملأ سلام الغفران روحه. فقد وجد، في المسيح، الشفاء الروحي والجسدي.


وفي بيت أحد الفريسيين، قامت امرأة خاطئة بغسل قدميّ المسيح بدموعها وَدَهَنَتْهُمَا بِالطِّيبِ (لوقا ٧: ٧٣و ٨٣). وعندما أدرك المسيح استنكار الرجل الفريسي لما قامت به المرأة، قال له المسيح موضحاً: « ’قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ‘ « (لوقا ٧: ٧٤). ثم قال للمرأة: « ’مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ‘ « (لوقا ٧: ٨٤).


« ’مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكِ‘ «. لماذا تُعد هذه أفضل كلمات يمكن لأي واحد منا سماعها؟


الخميس


٤٢ تموز (يوليو)


المسيح يمنحنا الحياة الأبدية


نحن نستحق الموت بسبب خطايانا. لكن المسيح أخذ مكاننا على الصليب ودفع عقوبة الموت التي كانت ستقع علينا نحن لو لم يفعل المسيح ذلك. فالمسيح، لكونه باراً، أخذ على نفسه إثمنا وحمل عقوبتنا حتى يمكننا نحن، الأثمة، أن نتبرر بِبرِّه. فنحن، من خلال المسيح، قد حصلنا على الحياة الأبدية، بدلاً من الهلاك. وتُقدم لنا الآية في يوحنا ٣: ٥١ هذا الوعد المدهش: « ’...لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ‘ «، وهو الوعد الذي يتكرر في الجزء الأخير من يوحنا ٣: ٦١.


يعتقد البعض أنه حتى بعد قبولنا للمسيح مخلصاً، لن يكون الوعد بالحياة الأبدية حقيقة واقعة إلاَّ بعد المجيء الثاني للمسيح. مع ذلك، فإن الوعد بالحياة الأبدية يَرِدْ في صيغة المضارع: « ’الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ‘ « (يوحنا ٣: ٦٣). فإن كل مَن يؤمن بالمسيح « ’لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ‘ « الآن « ’وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ‘ « في اليوم الأخير، « ’بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ‘ « (يوحنا ٥: ٤٢). وهكذا، فإنه حتى وإن مُتنا ورقدنا في القبر، فإن هذه الراحة المؤقتة لا تأخذنا بعيداً عن حقيقة الحياة الأبدية.


عندما يصبح المسيح مُخلِّصنا، تكتسب حياتنا معنى جديداً تماماً، وعندها يمكننا الاستمتاع بوجودنا. قال المسيح: « ’أَتَيْتُ لِتَكُونَ لَهُمْ حَيَاةٌ وَلِيَكُونَ لَهُمْ أَفْضَلُ‘ « (يوحنا ٠١: ٠١). فبدلاً من ملذات الحياة العابرة التي تملأنا دون أن تشبعنا حقاً، يُقَدِّمُ لنا المسيحُ حياةً نحياها فيه، بطريقة مختلفة تماماً؛ حياة مليئة بالشبع الذي لا ينضب. إن هذه الحياة الأفضل تتضمن كياننا بأكمله. وقد أجرى المسيح العديد من المعجزات ليعيد الحياة الجسدية للكثير من الناس. ولكنه أراد، في المقام الأول، أن يمنحهم حياة روحية متجددة، حياة فيها تطهير من الخطية، حياة مليئة بالإيمان في المسيح ومليئة باليقين في الخلاص.


ما هي الاستعارة التي استخدمها المسيح للتعبير عن نتائج قبولنا له؟ ما الذي يعنيه ذلك فيما يتعلق بعيش حياتنا اليومية العملية؟ انظر يوحنا ٦: ٥٣و ٧٤ـ ١٥.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


تمعن في مفهوم الحياة الأبدية. فالحياة الأبدية ليست مجرد وجود دائم، لكنها وقبل كل شيء، حياة مباركة ومُرْضِية وسعيدة نحياها في شركة مع الله في الأرض الجديدة. وعلى الرغم من أننا لا نزال نعيش في هذا العالم، كيف يمكننا البدء في التمتع، ولو جزئياً، بما يعنيه أن تكون لنا الحياة الأبدية؟


الجمعة


٥٢ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس


أقرأ لروح النبوة، الفصل الذي بعنوان «الحاجة إلى المسيح»، صفحة ٢١ـ ٨١، في كتاب طريق الحياة.


«ونحن إذ نشخص في فادينا المصلوب ندرك إدراكاً كاملاً عظمة ومعنى الذبيحة العظيمة التي قدمها جلال السماء. وتدبير الخلاص يتمجد في نظرنا. كما أن تفكيرنا في جلجثة يوقظ في قلوبنا انفعالات حية ومقدسة. وتمتلئ قلوبنا وتنطق أفواهنا بالشكر لله وللحمل لأن الكبرياء وعبادة الذات لا يمكن أن تنمو أو تترعرع في النفس التي تذكر دائماً مناظر جلجثة.


«والذي يرى محبة المخلص التي لا تبارى سيسمو تفكيره ويتطهر قلبه وتصلح أخلاقه. وسيخرج ليكون نوراً للعالم ويعكس في حياته هذه المحبة العجيبة إلى درجة ما. إننا كلما أطلنا التأمل في صليب المسيح أمكننا أن ننطق بما قاله الرسول بكيفية أكمل إذ قال: ’حاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صلب العالم لي وأنا للعالم‘ غلاطية ٦: ٤١» (روح النبوة ،مشتهى الأجيال، صفحة ٩٢٦).


أسئلة للنقاش


١. إن الخلاص عطية، الأمر الذي يعني أن الخلاص مجاني. في الوقت نفسه، ألا يُكلِّف الخلاص شيئاً؟ ما الذي يُكلِّفه أن تقبل هذه العطية، ولماذا يُعد الخلاص أكثر من مستأهل ومستحق لهذه التكلفة، أياً كانت؟


٢. قرأنا في درس يوم الاثنين فقرات كتابية تظهر أن الخلاص هو مبادرة من الله. فالله يبذل كل جهد ليخلّصنا. قال المسيح، أيضاً، أننا بحاجة إلى أن نطلب ملكوت الله وبرَّه (متى ٦: ٣٣). وتعني كلماته القائلة « ’اجْتَهِدُوا أَنْ تَدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ‘ « (لوقا ٣١: ٤٢) أننا بحاجة إلى أن نطلب خلاصنا. كيف لنا أن نفسر هذا؟


٣. كيف يعلن موت المسيح، على الصليب، عدالة الله؟ كيف يعلن موته رحمة الله أيضاً؟


٤. إذا كان بمقدورنا الحصول على الحياة الأبدية، من خلال جهودنا الخاصة وأعمالنا الصالحة، بل وحتى من خلال حفظنا للناموس، فما الذي كان سيقوله هذا عن خطورة وجدية الخطيئة؟ بدلاً من ذلك، فكر في مدى ما يجب أن تكون عليه الخطيئة، من سوء ورداءة، لدرجة أن موت المسيح كان هو الوحيد القادر على التكفير عنها.


٥. يرى، المتدينون اليهود، في السبت مجرد لمحة لما ستكون عليه الحياة الأبدية. بأية طرق تبدو، تلك الفكرة المتعلقة بأن السبت هو تصور مسبق للحياة الأبدية، منطقية ومعقولة؟


قصة الأسبوع


مشاركة «حُلم» الله


أرسل الله حلماً إلى ألن وكيلي فولر ليخدما وسط الشعب النافاجي في شمال ولاية اريزونا في الولايات المتحدة الأمريكيّة. فذهب ألن وكيلي كمتطوعين وقد صلّيا إلى الله من أجل أن يستخدمهما للوصول إلى الأشخاص الذين أحبّوهما. قام ألن وكيلي بخدمة النافاجيين الذين يعيشون بالقرب من مدينة «بيج». تقول كيلي، «حيثما نرى احتياج، نصلّي للرب لتسديده».


قام الزوجان بدعوة فريق عمل مرسلي لمساعدتهما في اعادة بناء بعض المنازل وتوفير الاحتياجات اللازمة للعائلات الفقيرة كالمعاطف والبطانيّات وسلال من المواد الغذائيّة. كما قاما بدعوة العاملين في المجال الطبّي لقضاء اجازتهم بتقديم رعاية صحيّة مجانيّة لهؤلاء الأشخاص الذين لا يقدرون على دفع تلك المصاريف، وكما قام العاملون بتقديم محاضرات عن الصحّة لتعليم النّاس كيفيّة الوقاية من الأمراض مثل السكرّي وضغط الدم المرتفع.


كان يوجد العديد من الشغل لتقديمه لهؤلاء الأشخاص الريفيين، لكن الله دعاهم أيضاً للخدمة في المُدن. مدينة بيج هي مركز لمنطقة سياحيّة مزدهرة. ولكن نصف عدد السكّان هم من الأمريكيين الأصليين، الذين يعيش معظمهم في فقر شديد.


قام الزوجان بزيارة أماكن تواجد المقطورات والبيوت المتنقّلة، باحثين عن أشخاص محتاجين لمساعدتهما والعمل على تسديد تلك الاحتياجات. وعندما رأى النافاجيون بأنّ هذين الزوجين يهتمّان بهم فعلاً، قرّروا أن يتعلّموا المزيد عن الله.


وخلال وقتٍ قصير، كان هناك ٧٠ شخصاً يريدون دروساً في الكتاب المقدس. فقام الزوجان بعمل اجتماعات تبشيريّة في مدينة بيج. واعتمد ١٢ شخصاً بعد نهاية تلك الاجتماعات.


لكن لم يكن لديهم كنيسة ليجتمعوا فيها. لذا قامت المجموعة بعقد اجتماعاتها في مركز قام ببنائه متطوعون من خارج المدينة. وقاموا بالصّلاة أيضاً من أجل بناء كنيسة خاصة لهم، وقد كان هذا الحلم بالنسبة لهم يصعب تحقيقه. لأنّ الأراضي كانت غالية الثمن، كما كان إيجادها صعباً، بالإضافة إلى أنّ بناء الكنيسة كان يستغرق عدّة سنوات.


قام قسم شمال اميركا بمساعدة العمل المرسلي بين جماعة النافاجو بجزء من عطاء السبت الثالث عشر. وانتعشت الآمال حين أتى زائر أدفنتستي إلى المدينة واكتشف بأنّه يوجد بناء كنيسة غير مستعمل، ومع أنّه لم تكن توجد لافتة على المبنى، إلّا أن الكنيسة كانت معروضة للبيع. قام الأعضاء بالصّلاة من أجل هذا الأمر، واستمرت المفاوضات، وأخيراً قاموا بشراء الكنيسة بالإضافة إلى بيت للقس وساحة خارجيّة، وذلك بواسطة المال الذي خصّصوه لهذا المشروع من عطاء السبت الثالث عشر.


قال الزوجان، «رأينا يد الله تتدخل بقوّة، وقام النّاس حول العالم بمساعدتنا في جعل «حُلم» الله حقيقة.» شكراً لعطائكم في السبت الثالث عشر، الكنيسة تم تكريسها لله في كانون الأوّل لعام ٢٠١٢. شكراً لكم!


أرجو منكم الصّلاة من أجل المتطوعين لتميم اجابة دعوة الله للعمل وسط النافاجيين، كي ما يتمكّنوا من التعلّم عن محبّة الله لهم ومعرفة أنه يريد قضاء الأبديّة معهم.


ألن وكيلي فولر، مستمرّان في خدمة أحبّائهم النافاجيين في مدينة بيج، ولاية أريزونا.



من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.


الموقع على الإنترنت: gro.noissiMsitnevdA.www


الدرس الخامس


٦٢ تموز (يوليو)- ١ آب (أغسطس)


كيف نخلص



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: لوقا ٥: ٧٢ـ ٢٣؛ ٣١: ١ـ ٥؛ متى ٢٢: ٢ـ ٤١؛ زكريا ٣: ١ـ ٥؛ يوحنا ٨: ٠٣و ١٣؛ لوقا ٤١: ٥٢ـ ٧٢.


آية الحفظ: « ’وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ‘ « (يوحنا ٣: ٤١و ٥١).



عندما تعرض بنو إسرائيل للدغات الْحَيَّاتِ الْمُحْرِقَةَ في البرية، أعطى الرب تعليماته لموسى بأن يقوم بصنع حَيَّة مُحْرِقَة وَيضَعْهَا عَلَى رَايَةٍ حتى يتكمن كل مَن لدغته حية أن ينظر إلى حَيَّةِ النُّحَاس فيَحْيَا.


ما هي الخصائص الشفائية التي يمكن أن تكون موجودة في حَيَّةِ النُّحَاسِ؟ لا شيء. لقد جاء الشفاء فقط من عند الله. لكن بني إسرائيل، ومن خلال النظر إلى التمثال النحاسي، كانوا يُظهرون إيمانهم بالله، بوصفه رجائهم الوحيد للحياة والخلاص.


لقد أراد الرب أن يُعَلِّمَ بني إسرائيل درساً روحياً. لذلك، فقد حوَّل رمز الموت إلى رمزٍ للحياة. لقد كانت هذه الحية النحاسية رمزاً للمسيح، الذي أصبح حاملاً لخطايانا لكي يخصلِّنا. وبالإيمان، يمكننا جميعاً النظر إلى المسيح المرفوع على الصليب والحصول على علاج للّدغة المميتة التي للحية القديمة المدعو إبليس. وما لم نفعل ذلك، فإن مصيرنا هو الموت في خطايانا. إن كلمة الله تُعْرِبُ عن ما ينبغي أن يكون واضحاً بشكل مؤلم: نحن، ككائنات بشرية، خطاة وبحاجة إلى النعمة. ولقد قُدِمَت النعمةُ لنا في يسوع المسيح.


سوف نلقي، في هذا الأسبوع، نظرة إلى تعاليم المسيح فيما يتعلق بالخطوات العملية البسيطة اللازمة للخلاص؟


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٢ آب (أغسطس).


الأحد


٧٢ تموز (يوليو)


أدرك حاجتك


اقرأ لوقا ٥: ٧٢ـ ٢٣. كيف لك أن تعرف في أي مجموعة من المجموعتين أنت؟


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


يتمتع كثير من الناس بصحة جسدية جيدة «ولا يحتاجون إلى طبيب». مع ذلك، مَن منا يتمتع بصحة روحية جيدة؟ فبالنسبة لجميع البشر، «الْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ» (مزمور ٤١: ٣). لا أحد صالح من تلقاء ذاته (رومية ٣: ٠١). قد نقوم ببعض الأعمال الجيدة أخلاقياً، لكننا لا نستطيع أن نجعل أنفسنا أبراراً أمام الله. ومن هنا، فإن المسيح عند قوله أنه « ’لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَارًا... إِلَى التَّوْبَةِ‘ « إنما كان يشير إلى الفريسيين الذين اعتقدوا أنهم أبرارٌ، على الرغم من أنهم لم يكونوا كذلك. وللأسف، فإنه على الرغم من أنهم كانوا يعتقدون أنه لا غبار عليهم أمام الله، إلا أنهم كانوا عمياناً روحياً (يوحنا ٩: ٠٤و ١٤).


لذلك، فالخطوة الأولى لتقلي العلاج من الخطيئة هي أن ندرك حالتنا الآثمة وعدم قدرتنا المطْلقة على شفاء أنفسنا. لكن، كيف يمكننا أن نرى حاجتنا الحقيقية إذا كنا عمياناً؟ كيف يمكن أن نعترف بأننا خطأة إذا كانت خطايانا نفسها هي التي تمنعنا من إدراك حالتنا الحقيقية؟


كيف يمكن أن تُفتح عيوننا الروحية حتى يتسنى لنا إدراك حاجتنا الماسة إلى مخلِّص؟ انظر يوحنا ٦١: ٨.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن الروح القدس هو بلسم العين الوحيد الذي يمكنه أن يجعلنا نبصر حالتنا الروحية الحقيقية. ولا بد للروح القدس من أن يبكتنا على خطيئتنا، قبل قيامه بأي عمل في حياتنا. ويدعو الروح القدس ضمائرنا، باستمرار، من أجل أن ينشئ فينا إدراكاً، ضرورياً، لآثامنا وشعوراً عميقاً بالذنب، وهو الأمر الذي يجعلنا نتوق إلى مخلِّص. ويجب علينا، عند سماع هذا الصوت، الإصغاء إليه وإطاعته؛ وإلا فإننا، إن عاجلاً أم آجلاً، سنكون قساة جداً ضد الروح القدس بحيث لا يكون هناك ما يمكن عمله لأجلنا. يا لها من فكرة مخيفة!


على الرغم من أن الشعور بالذنب هو أمر سيئ، بأية طرق كان الروح قادراً على استخدام الشعور بالذنب لصالحك الروحي؟


الاثنين


٨٢ تموز (يوليو)


توبوا


إن الاعتراف بخطايانا لا يكفي؛ لا بد للاعتراف من أن يكون مصحوباً بالتوبة. إن المعنى الكتابي للتوبة يتضمن ثلاثة جوانب: اعتراف المرء بخطيئته، الأسف على أنه أخطأ، والرغبة في عدم ارتكاب الخطيئة مرة أخرى. وإذا غاب أحد هذه الجوانب، فلن تكون هناك توبة حقيقية. على سبيل المثال، اعترف يهوذا بخطيئته، لكنه افتقر إلى الحزن والأسف كونه قد خان سيده (متى ٧٢: ٣و ٤). لقد كان يهوذا مغموراً في الندم وليس التوبة. لقد كان دافع اعترافه هو الخوف وعواقبه وليس محبته للمسيح.


يمكننا أن نرى أهمية التوبة في ضوء حقيقة أن كلاً من يوحنا المعمدان والمسيح قد بدأا خدمتهما بالتبشير قائلين: « ’تُوبُوا، لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ‘ « (متى ٣: ٢؛ ٤: ٧١). وفي وقت لاحق، وعندما أرسل المسيح الاثني عشر في رحلتهم التبشيرية الأولى، مضوا يبشرون طالبين من الناس «أَنْ يَتُوبُوا» (مرقس ٦: ٢١). وبعد يوم الخمسين، حثَّ بطرس الجموع على عمل الشيء ذاته (أعمال ٢: ٨٣؛ ٣: ٩١).


تمعن في الكلمات القوية التي استخدمها المسيح للتأكيد على حاجة جميع البشر إلى التوبة من أجل أن يخلصوا. ما هي رسالة المسيح لنا هنا؟ انظر لوقا ٣١: ١ـ ٥.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


لقد أكد المسيح على أن الجميع أخطأوا. ولذلك فهو يحث سامعيه قائلاً: « ’إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ‘ « (لوقا ٣١: ٥). إن الخلاص مستحيل بدون التوبة، لأن غياب التوبة يدل على أن الناس يرفضون الخضوع للرب.


قد قيل لنا: «أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟» (رومية ٢: ٤). ماذا يعني ذلك؟ إن تَكسُّر كتلة الجليد إلى قطع صغيرة، لا ينفي أن هذه القطع الصغيرة لا تزال جليداً. لكن، يمكن لنفس كتلة الجليد هذه أن توضع بالقرب من جهاز تدفئة فيذوب الجليد ويتحول إلى ماء. وهكذا، فإن جليد كبرياءنا يمكن أن يذوب فقط إذا نحن تعرَّضنا لدفء صلاح الله ومحبته. لذلك، فإنه من المهم، بالنسبة لنا، أن نسهب التفكير، بقدر ما نستطيع، في كل الأدلة التي أعطينا إياها عن محبة الله لنا.


«نحن لا نتوب لكي يحبنا الله، ولكنه يعلن لنا محبته لكي نتوب» (روح النبوة، آفاق عيش أفضل، صفحة ٨٧١).


ما هي الأدلة التي لديك عن محبة الله؟ ما الذي رأيته واختبرته وتعلمته ووفر لك الأسباب القوية للثقة في صلاح الله؟ لماذا من المهم دائماً أن نفتكر في هذه الأسباب، خصوصاً في الأوقات العصيبة؟


الثلاثاء


٩٢ تموز (يوليو)


آمن بالمسيح


إن التوبة الحقيقية تسير جنباً إلى جنب مع الإيمان بيسوع المسيح بوصفه مخلصنا الوحيد. لقد تحدث المسيح كثيراً عن الحاجة إلى الإيمان به من أجل الحصول على بركاته. « ’إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ‘ « (مرقس ٩: ٣٢). إن الإيمان عنصر أساسي، إذا كنا نريد الخلاص. ويعرف الشيطان ذلك، وهذا هو السبب في أنه يبذل قصارى جهده من أجل أن يمنعنا من الإيمان (لوقا ٨: ٢١).


وما معنى أن «تؤمن»، وفقاً للمسيح؟ إن الإيمان هو أكثر من مجرد شعور غامض بأن شيئاً ما سوف يحدث. إنه أكثر من مجرد تدرب عقلي على مسلك معين. إن الإيمان الذي يقود إلى الخلاص لا يخلو من المضمون. على العكس من ذلك، الإيمان له هدف واضح هو يسوع المسيح. فالإيمان هو ليس فقط التصديق في شيء ما، ولكنه التصديق في المسيح. الإيمان هو الثقة في المسيح وفي موته من أجلنا. ويعني الإيمان في المسيح معرفة وإدراك مَن هو المسيح (يوحنا ٦: ٩٦)، وقبوله شخصياً (يوحنا ١: ٢١).


هكذا أحب الله العالم حتى بذل المسيح، لِكَيْ تَكُون الْحَيَاةُ الأَبَدِية لكُلّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ. مع ذلك، فإن موت المسيح لا يعني أن الجميع سيخلصون، إذ لا بد لنا من أن نتغطى ببرّه. ونحن، من خلال إيماننا بالمسيح، لدينا البرَّ واليقين والوعد العظيم بأن المسيحَ سوف يقيمنا فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ (يوحنا ٦: ٠٤).


قال المسيح، لامرأة عاشت حياة آثمة، هذه العبارات التأكيدية: « ’مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ ... إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ‘ « (لوقا ٧: ٨٤و ٠٥). ما الذي يعنيه ذلك؟ هل يُخَلِّصنا إيماننا؟


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


وفقاً للأناجيل، كان المسيح عند شفائه لبعض الناس، يقول للشخص: « ’إيمانك قد شفاك‘ « (متى ٩: ٢٢؛ مرقس ٠١: ٢٥؛ لوقا ٧١: ٩١). إن المسيح، بقوله ذلك، لم يكن يضع أية قوة شفائية في إيمانهم، في حد ذاته. لقد كان إيمانهم مجرد ثقة كاملة في قدرة المسيح على شفائهم. إن قوة الإيمان لا تأتي من الشخص الذي يؤمن وإنما تأتي من الله الذي يؤمن به ذلك الشخص.


لماذا يجب أن نكون حذرين للغاية في كيفية فهم دور الإيمان فيما يتعلق بالصلاة، خصوصاً الصلاة من أجل الشفاء؟ ما هو الخطأ في ضوء الآيات أعلاه، أن نستنتج أنه إذا لم يحدث شفاء صلينا في طلبه فإن السبب في ذلك هو أنه ليس لدينا ما يكفي من إيمان؟


الأربعاء


٠٣ تموز (يوليو)


رداء العرس


جلس المسيح أمام الجموع ونطق بكلمات لا بد وأنها صدمتهم: « ’إِنَّكُمْ إِنْ لَمْ يَزِدْ بِرُّكُمْ عَلَى الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّماوَاتِ‘ « (متى ٥: ٠٢). قليلون هم مَن كانوا أكثر تدقيقاً من الفريسيين، في حفظهم للناموس. ومع ذلك، فقد فشلوا لأن تصرفاتهم كان المقصود منها التأثير في الناس أكثر من إرضاء الله. ويُحذِّرنا المسيح من التصرُّف مثلهم (متى ٦: ١).


كيف، إذن، يمكننا أن نكون أبراراً أمام الله؟ يقدِّم لنا مثل «وليمة العرس» لمحة عن التوصُّل إلى مصدر البرّ الحقيقي.


اقرأ متى ٢٢: ٢ـ ٤١. لماذا أراد الملك أن يتأكد مِن أن كل ضيف من ضيوفه كان لديه رداء وليمة العرس؟ ما الذي يمثِّله الرداء؟ انظر كذلك إشعياء ١٦: ٠١؛ زكريا ٣: ١ـ ٥.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن أولئك الذين حضروا العرس كانت قد تمت دعوتهم بشكل عشوائي، بينما كانوا مسافرين على الطرقات السريعة، وربما لم يكن لديهم الثياب المناسبة لحضور وليمة عرس، أو ربما ليس لديهم المال لشرائه. لقد كانتا كل من الدعوة والرداء عطيتين من الملك. وكان المطلب الوحيد اللازم لحضور الوليمة هو قبول هاتين العطيتين.


إن كل إنسان، منذ السقوط في جنة عدن، هو عريان روحياً. لقد شعر كل من آدم وحواء أنهما عريانان بعد عصيانهما، وقد حاولا تغطية نفسيهما بأن خَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ، وهو شيء غير مريح وغير نافع (تكوين ٣: ٧). إن أفضل برٍّ يمكن للجهود البشرية تحقيقه هو «كَثَوْبِ عِدَّةٍ» (إشعياء ٤٦: ٦).


وكما في المثل، يوفِّر الله لنا الرداء الذي نحتاجه. فقد «صَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا» (تكوين ٣: ١٢) وهي رمز لبرِّه الذي يغطي ويستر الخاطئ. ويوفر الله كذلك رداء برِّ المسيح لكنيسته، لكي ما «تَلْبَسَ بَزًّا نَقِيًّا بَهِيًّا» (رؤيا ٩١: ٨)، «لاَ دَنَسَ فِيهَا وَلاَ غَضْنَ أَوْ شَيْءٌ مِنْ مِثْلِ ذلِكَ» (أفسس ٥: ٧٢). إن لباس العرس هو» بر المسيح وصفاته التي بلا لوم التي تُعطى لكل مَن يقبلونه بإيمان كمخلصهم الشخصي» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة٩٠٣).


وعلاوة على كل ما نؤمن به، لماذا يجب أن ندرك أن خلاصنا يأتي فقط من الكساء الذي يمنحه المسيح، كعطية، لنا؟ لماذا يجب علينا أن نتذكر هذا دائماً؟


الخميس


١٣ تموز (يوليو)


اتبع يسوع


إننا نصبح تلاميذاً للمسيح عندما ندرك، بالإيمان، حاجتنا؛ وعندما نتوب ونعترف بخطايانا ونطالب ببرِّ المسيح لأنفسنا. لقد قام المسيح، أثناء خدمته، بدعوة أناس مختلفين، مثل بطرس ويعقوب ويوحنا، ليكونوا تلاميذه. وهي دعوة كانت تتضمن ترك كل شيء من أجل إتِّباع المسيح (متى ٤: ٠٢و ٢٢؛ مرقس ٠١: ٨٢؛ لوقا ٥: ٨٢). في الواقع، إننا نجد في الأناجيل أن الفعل «أن تتبع» قد أصبح مرادفاً، تقريباً، لكلمة «تلميذ».


ما هما العنصران الضروريان من أجل يكون المرء تلميذاً للمسيح؟ انظر يوحنا ٨: ٠٣و ١٣.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________ يحاول بعض الناس الفصل بين الإيمان بالمسيح وبين الالتزام بتعاليم المسيح، وكما لو أن الإيمان بالمسيح أكثر أهمية من الالتزام بتعاليمه. لكن المسيح لم يضع مثل هذا التمييز. فالأمران كلاهما، بالنسبة للمسيح، مترابطان بقوة وكلاهما لازمان للتلمذة الحقيقية. فتلميذ المسيح يكون مكرَّساً لتعاليم المسيح بنفس تكريسه لشخص المسيح. وعلى الرغم من أن هناك دائماً خطر الانغماس في المعتقدات ومظاهر الإيمان، لدرجة أننا قد نغفل عن المسيح نفسه ونجعله يغيب عن بالنا، إلا أنه يجب علينا دائماً أن نكون مدركين لخطورة الاعتقاد في أن كل ما يَهُمْ، في مسيرنا مع الرب، هو أن نؤمن بالمسيح.


ما هي التكلفة الباهظة لكون المرء تلميذاً للمسيح؟ انظر لوقا ٤١: ٥٢ـ ٧٢.


______________________________________________________________________________________________________________________________________________


استخدم المسيح الفعل «تكره» كصيغة مبالغة لمعنى «أن تحب أقل». وتوضِّح الفقرة الموازية لهذه الفقرة، في سِفر متى، معنى كلمات المسيح: « ’مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي‘ « (متى ٠١: ٧٣). لا بد وأن يكون للمسيح المكان الأول في حياتنا، إذا كنا نريد أن نكون تلاميذه.


ماذا كلفك إتباع المسيح، كونك تلميذاً له؟ ما الذي تقوله عن «سيرك مع الرب»؟


الجمعة


١ آب (اغسطس)


لمزيد من الدرس


اقرأ لروح النبوة، الفصل الذي بعنوان «التوبة»، صفحة ٩١- ١٣، في كتاب طريق الحياة.


«ولكن الحقيقة هي أن كل مجهود إصلاحي يقومون به عن رغبة خالصة لعمل ما هو حق وصواب إنما هو تأثير روح المسيح الذي يجتذبهم إليه، إذ يستحث قلوبهم، من حيث لا يشعرون فتحيا ضمائرهم» (روح النبوة، طريق الحياة، صفحة ٣٢).


«لأننا، إذ نراه، حمل الله، مرفوعاً على صليب جلجثة، نأخذ ندرك شيئاً من سر الفداء، فيقتادنا لطف الله إلى التوبة، فالمسيح بموته عن الخطاة أماط اللثام عن حب يفوق الوصف والإدراك، وكلما تأمل الخاطئ في هذا الحب لان قلبه، وذابت روحه وانسحقت نفسه فيه» (روح النبوة، طريق الحياة، صفحة ٣٢).


أسئلة للنقاش


١. يحاول الكثيرون التخلُّص من شعورهم بالذنب من خلال الانغماس في الكحول والمخدرات والمتع الدنيوية، أو ملء حياتهم بنشاطات ماجنة. لماذا لا تجدي كل هذه الأمور نفعاً؟ كيف تساعد شخصاً ما، يعاني من هذه الظروف، على إيجاد الحل للتخلُّص من الشعور بالذنب؟


٢. هل من الممكن أن نعترف ونتوب عن خطايانا من دون «صنع أثمارًا تليق بالتوبة». لماذا لا تعد توبة، من هذا النوع، توبة صادقة؟ ما قيمة هذه الثمار الناتجة عن التوبة الحقيقية؟ هل هي أعمال صالحة يتم القيام بها من أجل كسب رضا الله؟ اشرح جوابك.


٣. تأمل في الحقيقة التي مفادها أن برَّ المسيح هو برٌّ مجاني، لكنه ليس بِرَّاً رخيصاً. بالرغم من عدم حاجتنا لدفع شيء مقابل الحصول على هذا البرِّ، إلا أنه كان على الرب أن يدفع ثمناً، هائلاً، على الصليب. فكِّر في مدى ما نحن عليه من سقوط، وفي مدى ما يجب أن تكون عليه الخطيئة من خطورة، لدرجة أن الأمر قد تطلب شيئاً «بالغاً يتجاوز المألوف» مثل موت ابن الله نفسه لكي يخلصنا من عواقب الخطيئة.


قصة الأسبوع


الخدمة لتخليص النفوس


«زو» و «لاي» هما زوجان شابان يخدمان كرائدين في العمل المرسلي في الصين. أرسلهما الله ليخدما في مدينة لا يوجد فيها مؤمنون أدفنتستيّون. فأستأجر الزوجان منزلاً لهما ليكون بمثابة كنيسة لعقد اجتماعات كنسية في بتيهما مع جيرانهم الجُدد.


وفي أحد الأيّام، قابلت لاي رجلا عجوزا في الشارع. كان يدفع بدراجة ثلاثية العجلات مُحمّلة ببضائع للبيع. فقامت لاي بمساعدة هذا الرجل وذلك من خلال مشاركته في دفع الدراجة إلى بيته وأثناء سيرهما كانت تخبره عن الله. وبعد ذلك بفترة، قام زو بزيارة الرجل العجوز ودعاه لحضور مناقشات في الكتاب المقدس. قَبِل الرجل الدعوة وذهب لتلك الاجتماعات.


قابل زو ولاي بعض الأشخاص المُسنّين الذين كانوا يسكنون بالقرب من بيتهما. ولاحظا بأنّ السكّان لم يكن لديهم المال حتى لحلق شعرهم، لذا قاما بدعوتهم لحلق شعرهم مجاناً. قد شارك الزوجان محبّة الله مع أصدقائهم الجُدد، ووافق ١٥ شخصاً منهم على دراسة الكتاب المقدس معهما. وبالرغم من أنّ أحداً منهم لم يأت خلفيّة مسيحيّة، إلّا أنّهم كانوا جائعين لمعرفة المزيد عن الله.


عندما قام زو بطرح موضوع يوم السبت عليهم، قرّر الجميع أن يعبدوا الله في السبت. لكن المسؤول عن إدارة المنزل قال أنّ زو ولاي لا يمكنهما عقد اجتماعات دينيّة في المنزل مرّة أُخرى. لذا وجد زو مكاناً آخر قريباً حيث يمكنهم العبادة فيه. ولكنّ عدداً من هؤلاء المُسنّين كان عليه السير لمدة ١٥ دقيقة بضعة مرّات في الأسبوع للوصول إلى كنيستهم الجديدة. لذلك استمر زو في زيارة الأشخاص الذين لا يقدرون على السير تلك المسافة إلى الكنيسة.


ذهب الزوجان إلى قرية قريبة لمساعدة المزارعين في حصاد محصولهم. وأصبح لديهما أصدقاء جُدد في القرية، وقد قاما بدعوتهُم للانضمام إليهما في العبادة. رأى المزارعون بأنّ زو ولاي هما شخصان جيّدان، لذا قّرروا فيما بينهم أنه لا بد أن يكون إله زو ولاي مُحبّاً وعطوفاً مثلهما. استمع المزارعون لرسالة زو عن الرب يسوع. واليوم، وبعد مرور وقت طويل على حصاد المحاصيل، يوجد ٣٠ قروي يدرسون الكتاب المقدس مع زو. ويوماً ما قريباً سيكون هناك كنيسة في هذه القرية.


يقول زو، «نحن نسعى لتلبية احتياجات النّاس المُسنّين والمرضى والمحبطين أيضاً». يزداد عدد الأشخاص الذين يجتمعون للعبادة، ويوجد العديد منهم يخطّطون ليعتمدوا قريباً.


يقوم الزوجان بتدريب النّاس المحليّين على قيادة التجمُّعات في المدينة ليُكملوا مسيرة العمل والخدمة عند ارتحالهما عنهم.


يساعد عطاؤنا روّاد العمل المرسلي في مُدن عديدة حول العالم. شكراً لكم على تقدماتكم كي ما يعرف النّاس بأنّ الله يحبّهم ويُعدّ لهم مكاناً في مملكته. نصلّي أن يبارك الرب مجهوداتهم ليصلوا إلى أكبر عدد ممكن من النّاس في الصين.


من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.


الموقع على الإنترنت: gro.noissiMtsitnevdA.www


الدرس السادس


٢ ـ ٨ آب (أغسطس)


النُّمُوّ في المسيح



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: يوحنا ٣: ١ـ ٥١؛ متى ٣١: ٣٣؛ ٢كورنثوس ٥: ٧١؛ يوحنا ٥١: ٤ـ ٠١؛ متى ٦: ٩ـ ٣١؛ لوقا ٩: ٣٢و ٤٢.


آية الحفظ: «أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: ’الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللهِ‘ « (يوحنا ٣: ٣).


شعر نيقوديموس أنه منجذب إلى يسوع المسيح، لكنه لم يتجاسر على زيارته بشكل علني. قام نيقوديموس بتحية المسيح بطريقة مهذبة، معترفاً به كمعلم من الله. عرف المسيح أن وراء هذه التحية المهذبة باحث عن الحق؛ لذلك، وبدون أن يُضيع الوقت، قال المسيح لنيقوديموس أنه لا يحتاج إلى معرفة لاهوتية بقدر ما كان بحاجة إلى تجديد روحي، ولادة جديدة.


كان من الصعب على نيقوديموس أن يستوعب هذا المفهوم. ولأنه كان من نسل إبراهيم، فقد كان متأكداً مِن أن له مكاناً في ملكوت الله؛ إضافة إلى ذلك، فقد كان فريسياً متشدداً، ومن المؤكد أنه كان يشعر بأنه مستحقٌ لرضى الله وقبوله. فلماذا، إذاً، كان نيقوديموس بحاجة إلى مثل هذا التغيير الجذري؟


أوضح المسيح لنيقوديموس، بصبر وأناة، أن التغيُّر الروحي هو عمل خارق يُحْدِثَه الروح القدس. وعلى الرغم من أننا لا نستطيع أن نرى أو نفهم كيف يحدث ذلك، إلا أنه يمكننا أن نميّز النتائج. إن التغيير الروحي هو ما ندعوه التجديد أو الاهتداء، إنه الحياة الجديدة في المسيح.


وعلى الرغم من أنه يجب أن نتذكر دائماً كيف دعانا الرب وهدانا، إلاَّ أن التحدي هو أن نتمسك بالمسيح، بثبات كل يوم، لكي يتمكن مِن أن يُغيِّرنا إلى صورته أكثر فأكثر.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٩ آب (أغسطس).


الأحد


٣ آب (أغسطس)


أن تولد ثانية


التقى أحد المسيحيين، المتحمسين، بسيدة تعمل في السياسة وسألها، «هل وُلِدِّتِ ثانية؟» غضبت السيدة من سؤاله معتبرة إياه سؤالاً شخصياً، فردت قائلة: «فأنا مكتفية بولادتي الأولى ولا أريد أن أُوُلَدَ ثانية، شكراً لك».


ربما كان هذا صحيحاً. لكن بالتفكير في حالتنا الساقطة، لا تعد ولادتنا الأولى كافية، أو على الأقل هي لا تكفي للحياة الأبدية. ولهذا، يجب أن «نولد ثانية «.


اقرأ حوار المسيح مع نيقوديموس في يوحنا ٣: ١ـ ٥١. كيف شرح المسيح ما يعنيه أن تولد ثانية؟


________________________________________________________________________________________________________________________________________________ لا شك في أن نيقوديموس، بوصفه معلماً دينياً في إسرائيل، كان يعرف أسفار العهد القديم التي تتحدث عن الحاجة إلى «قلب جديد» وعن استعداد الله لأن يخلق قلباً جديداً فينا (مزمور ١٥: ٠١؛ حزقيال ٦٣: ٦٢). لقد أوضح المسيح هذه الحقيقة إلى نيقوديموس وشرح له كيفية حدوثها.


ينتهي الحوار المدَّون، في إنجيل يوحنا، بكلمات المسيح ولكن لم يَرِدْ أي جواب من نيقوديموس. فربما مضى إلى بيته وهو غارق في تأملات عميقة. وقد عمل الروح القدس، رويدا رويدا، في حياة نيقوديموس. فبعد ذلك بثلاث سنوات، كان نيقوديموس مستعداً لأن يصبح تلميذاً للمسيح.


وحقيقة أنه من الضروري أن نُولَد ثانية تُظْهِرُ، من دون شك، أن ولادتنا السابقة غير كافية، من وجهة النظر الروحية. لا بد وأن تكون الولادة الجديدة ولادة مزدوجة: بالماء والروح. ومن خلال خدمة يوحنا المعمدان، فهم نيقوديموس، بسهولة، أن الولادة من الماء هي إشارة إلى المعمودية بالماء. وما كان نيقوديموس بحاجة إلى أن يعرفه، أيضاً، هو أن الولادة من الروح هي تجديد القلب بالروح القدس.


هناك أوجه تشابه بين الولادة الجسدية والروحية. فكلاهما يشيران إلى بداية حياة جديدة. وكلاهما يحدثان لنا. لكن، هناك أيضاً اختلافاً هاماً بينهما: نحن لم نكن قادرين على اختيار إذا كنا نريد أن نولد جسدياً أَم لا؛ مع ذلك، نحن يمكننا اختيار أن نولد روحياً. وفقط أولئك الذين يختارون، بحرية، السماح للروح القدس بأن ينشئ ذاتاً روحية جديدة داخلهم هم المولودون ثانية. يحترم الله حريتنا، وعلى الرغم من أنه تواق إلى تغييرنا، إلاَّ أنه لا يغيرنا بالقوة.


فَكِّرْ في الطريقة التي أحدث الله بها تغييراً في حياتك. لا يُهم إذا كان ذلك التغيير قد حدث من خلال مرورك بظروف قاسية أو من خلال المرور بعملية طويلة من التغيُّر، الغير المدرك بالحس. كيف اختبرت الولادة الجديدة؟


الاثنين


٤ آب (أغسطس)


الحياة الجديدة في المسيح


لا يمكن للمرء أن يُولد ثانية إلا من خلال عمل الروح القدس. لقد أحسن المسيح استخدام الكلمة اليونانية «بنيوما» التي تعني كل من «الروح» و «اَلرِّيحِ» لكي يوضِّح عمل التغيير (يوحنا ٣: ٨). فإن اَلرِّيحَ تَهُبُّ ولا يستطيع أي واحد منا أن يبدأها أو يوجهها أو يوقفها، فقوتها الهائلة خارجة عن سيطرة البشر. نحن فقط يمكننا أن نتفاعل معها، سواء بمقاومتها أو استخدام طاقتها الكامنة لمنفعتنا.


وبالمثل، يعمل الروح القدس، باستمرار، في قلب كل إنسان ويجذبه إلى المسيح. وليس لأحد أي سيطرة على القوة المخلِّصة والقوة المغيِّرة التي للروح القدس. ونحن يمكننا إما مقاومته أو الخضوع له. وعندما نخضع أنفسنا لتأثيره المُبَكِّتِ، فإن الروح القدس سَيُنْشِئُ فينا حياة جديدة.


هل هناك أي طريقة لمعرفة إذا كنا اختبرنا الولادة الجديدة؟ الإجابة هي نعم. ففي حين يعمل الروح القدس بشكل غير مرئي، إلا أن نتائج نشاطه مرئية. وسيعرف الناس من حولنا أن المسيح قد خَلقَ فينا قلباً جديداً. فإن الروح القدس يقدم، باستمرار، مظاهر خارجية للتغيُّر الداخلي الذي يُحْدِثَهُ فينا. وكما قال المسيح: «فَإِذًا مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ» (متى ٧: ٠٢).


إن الحياة الجديدة، في المسيح، ليست حياة تم ترميمها وترقيعها ببعض الإصلاحات الخارجية القليلة. والحياة الجديدة ليست تعديلاً للحياة القديمة ولكنها تَغيُّر تامٌ يطرأ على الحياة.


ماذا تخبرنا الآيات التالية عن ما تحققه الولادة الجديدة فينا؟ تيطس ٣: ٥ـ ٧؛ ٢كورنثوس ٥: ٧١؛ غلاطية ٦: ٥١.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________ إن المسيح، ومن خلال الروح القدس، يزرع فينا أفكاراً ومشاعراً ودوافعاً جديدة. وهو يُوقِظ ضمائرنا ويُغيِّر أذهاننا ويُخْضِع فينا كل رغبة غير مقدسة، ويملاًنا بسلام السماء اللطيف. وعلى الرغم من أن التغيير لا يحدث في الحال، إلا أننا نصبح، بمرور الوقت، خليقة جديدة في المسيح. ولابد أن يحدث لنا هذا التغيير، لأننا وُلِدْنَا الولادة الأولى ونحن في عدم وفاق مع الله بسبب الخطيئة.


تأمل في حياتك خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. إلى أي مدى يرى أولئك الذين يتعاملون معك «المسيح» في كلماتك ومواقفك وتصرفاتك؟ صَلِّي بشأن تلك الصفات الشخصية لديك والتي لا تزال بحاجة إلى أن تشكَّل من قِبَلِ الروح القدس.


الثلاثاء


٥ آب (أغسطس)


الثبات في المسيح


إن الحصول على حياة روحية مزدهرة لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الاعتماد على المسيح باستمرار. وقد استعمل المسيحُ مَثَلَ الكرمة ليعلِّمنا كيف نحقق هذا: « ’أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ‘ « (يوحنا ٥١: ٥). وتُصوَّر الأمة العبرانية، في العهد القديم، على أنها الكرمة التي قد غرسها الرب (إشعياء ٥: ١ـ ٧؛ مزمور ٠٨: ٨و ٩؛ إرميا ٢: ١٢)، لكن المسيح يقدم نفسه على أنه «الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ» (يوحنا ٥١: ١) وهو يحث أتباعه على أن يثبتوا فيه كما تثبت الأَغْصَانُ في الكرمة.


ما الذي تعلمنا هذه الآيات الكتابية إياه حول الثبات، باستمرار، في المسيح؟ انظر يوحنا ٥١: ٤ـ ٠١.


_________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إن الغصن المنفصل عن الكرمة حديثاً قد يبدو حياً لفترة، ولكن من المؤكد أنه سيذبل ويموت لأنه قد قُطع عن مصدر الحياة. والشيء ذاته ينطبق علينا، فنحن يمكننا الحصول على الحياة فقط من خلال ارتباطنا بالمسيح. لكن لابد لهذا الاتحاد من أن يُصَان حتى يكون مثمراً. إن وقت العبادة الصباحية ضروري، لكن شركتنا مع الله يجب أن تستمر طوال اليوم. ومعنى الثبات في المسيح هو أن نسعى في طلب الله وطلب توجيهاته باستمرار، والصلاة طلباً في القوة من أجل إطاعة مشيئته والتماس كي تملأنا محبته.


إِنَّ أكثرَ الفخاخِ خداعاً هو أن نحاولَ عيشَ الحياةِ المسيحيةِ بمعزل عن الرب. « ’لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا‘ « (يوحنا ٥١: ٥). إننا، من دون الرب، لا نستطيع حتى مقاومة تجربة واحدة أو التغلُّب على خطيئة واحدة أو إنماء صفة واحدة تشبه صفات المسيح. يمكن للحياة الروحية الجديدة أن تنمو فقط بواسطة سُبُل الشركة المستمرة مع المسيح.


إننا نتغذى ونتقوى من خلال كلمة الله والتأمل فيها. قال يسوع: « ’اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ‘ « (يوحنا ٦: ٣٦). فإذ تُكْنَز كلمة الله في القلب والذهن، فإنها توجِّه صلواتنا من أجل أن تُبقينا على اتصال بالرب. وعلى الرغم من أنه يسهل أن ننشغل بـ « ’هُمُومُ هذَا الْعَالَمِ‘ « (مرقس ٤: ٩١)، إلا أنه يجب أن نبذل جهوداً مكثفة للثبات في المسيح.


ما هي أصعب العقبات التي تمنعك من الثبات، باستمرار، في المسيح؟ ما هي الخطوات التي يمكنك اتخاذها لكي تزيل هذه العقبات أو تتغلب عليها؟


الأربعاء


٦ آب (أغسطس)


الصلاة


إن الصلاة، بالإضافة إلى دراسة الكتاب المقدس، لا غنى عنها من أجل أن نتمكن من الثبات في المسيح والنمو روحياً. إنه حتى المسيح نفسه احتاج إلى الصلاة لكي يكون متحداً مع الآب. وقد ترك لنا المسيح مثالاً لحياة الصلاة. فقد صلى عند معموديته. وفي أغلب الأحيان، كان المسيح يصلي في أماكن معزولة قبل طلوع ضوء الشمس أو على الجبل بعد الغروب. وأحياناً، كان يقضي الليل كله مصلياً. وقد فعل الشيء ذاته عندما اختار الاثنا عشر تلميذاً. وقد صلى ليقيم لعازر. بل حتى الصليب لم يمنع المسيح عن الصلاة.


إذا كان « ’أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ‘ « (متى ٦: ٨)، فلماذا نحتاج إلى أن نتقدم باحتياجاتنا إليه في الصلاة؟ نحن نفعل ذلك لأننا نتعلم، من خلال الصلاة، أن نُفْرِغَ ذواتنا وأن نصبح أكثر اعتماداً عليه.


« ’اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ‘ « (متى ٧: ٧). وعلى الرغم من أننا لا نحتاج إلى التأثير في الله، من خلال صلوات فيها ترديد أجوف للكلام (متى ٦: ٥ـ ٩)، إلاَّ أننا بحاجة إلى أن نثابر في الصلاة متمسكين بوعود الله (يوحنا ٥١: ٧؛ ٦١: ٤٢)، مهما كانت الظروف.


كيف يمكن للمقاطع المختلفة للصلاة الربانية أن تساعدنا على النمو في المسيح؟ انظر متى ٦: ٩ـ ٣١.


________________________________________________________________________


________________________________________________________________________


المسيح هو وسيطنا في السماء. ولذلك، فهو يأمرنا بأن نوجِّه صلواتنا للآب باسمه هو. « ’اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ‘ « (يوحنا ٦١: ٣٢). لقد علَّم المسيح بأن هناك شروطاً معينة لكي تُتَمَّم هذه الوعود الرائعة. إننا بحاجة إلى الإيمان بأن الله يمكن أن يستجيب لنا (متى ١٢: ٢٢). كما أنه ينبغي أن يكون لدينا موقفاً متسماً بالمسامحة نحو إخواننا وأخواتنا من البشر (مرقس ١١: ٥٢). والأهم من ذلك، يجب أن تكون إرادتنا خاضعة لمشيئة الآب (متى ٦: ٠١؛ لوقا ٢٢: ٢٤). ولا ينبغي لأي «تأخُّر» في استجابة الله لصلاتنا أن يحبطنا؛ بالعكس، نحن نحتاج إلى الصلاة دائماً، وإلى عدم الاستسلام أو اليأس (لوقا ٨١: ١).


إن عبارة «يَارَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ « (لوقا ١١: ١) هي دائماً طِلبة ذات معنى، بغض النظر عن المدة الزمنية التي مرت علينا منذ قبولنا المسيح مُخَلِّصَاً لنا. ما هي بعض جوانب حياة الصلاة الخاصة بك، والتي لا تزال بحاجة إلى أن تنمو بنعمة الله؟


الخميس


٧ آب (أغسطس)


الموت عن النفس كل يوم


ومن المفارقات، أنه لا يمكننا الحياة إلا من خلال الموت. ونحن، عند معموديتنا (ومن الناحية المثالية)، نموت عن طبيعتنا القديمة ونُقَام ثانية إلى حياة جديدة. وسيكون من الرائع لو «أَنَّ إِنْسَانَ الخطيئة الْعَتِيق» قد مات بشكل دائم، حين دُفِنَا تحت مياه المعمودية. مع ذلك، فإنه إن عاجلاً أم آجلاً، يكتشف كل واحدنا منا أن عاداتنا القديمة وميولنا لا تزال حية وتصارع من أجل أن تستعيد السيطرة على حياتنا مجدداً. ينبغي لطبيعتنا القديمة أن تُمات، بصفة مستمرة، بعد معموديتنا. ولهذا ربط المسيحُ بين الحياة المسيحية وبين الصليب.


ما الذي تعنيه الآيتان في لوقا ٩: ٣٢و ٤٢؟


________________________________________________________________________


________________________________________________________________________


يعتقد الكثيرون أن الصليب الذي عليهم أن يحملوه هو عبارة عن أمراض خطيرة، أو ظروف غير مواتية في الحياة، أو عجز دائم. وفي حين أن أياً من هذه الأمور هو بالتأكيد حمل ثقيل، إلا أن معنى كلمات المسيح يرمي إلى ما هو أبعد من ذلك. فمعنى أن نحمل صليبنا هو أن ننكر ذواتنا بصفة يومية. ولا يكون إنكار الذات هذا لمرة واحدة، في فترة معينة، وإنما ينبغي أن يكون كل يوم؛ يجب إنكار كياننا بأكمله، وليس جزءاً منه.


إن الحياة المسيحية هي حياة محورها الصليب. « ’مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي‘ « (غلاطية ٢: ٠٢). في العالم القديم، لم يكن مَن يتم صَلْبَهم يموتون على الفور. فقد كانوا يتعذبون وهم على الصليب لعدة ساعات، وأحياناً لعدة أيام. تصارع طبيعتنا القديمة، رغم أنها قد صُلبت، من أجل النزول عن الصليب.


ليس من السهل أن ننكر ذواتنا. فإن طبيعتنا العتيقة تبقى مخيمة؛ ولا يرغب إنساننا العتيق في أن يموت. وعلاوة على ذلك، نحن لا يمكننا أن نُسَمِّر أنفسنا على الصليب. «ولا يستطيع أي إنسان أن يخلي ذاته بنفسه. ويمكننا إخلاء ذواتنا فقط عندما نعتمد كلياً على المسيح. وحينئذ تكون لغة النفس هكذا: خلصني بالرغم من ذاتي، ذاتي الضعيفة التي ليست كالمسيح. يا رب امتلك قلبي إذ لا يمكنني أن أعطيه لك. إنه ملكك. احفظه طاهراً لأني لا أستطيع أن أحفظه لك. صغني وشكلني وارفعني إلى جو نقي ومقدس حيث يمكن لنهر محبتك الغنية أن يفيض في نفسي.


«إن نبذ الذات هكذا لا يتم فقط عند بدء الحياة المسيحية. بل لا بد من تجديد هذا الإنكار عند كل خطوة تقدمية نخطوها في طريق السماء.... مع اعتراف مستمر بالخطية من قلب منسحق واتضاع النفس وتذللها أمام الله، فبواسطة نبذ الذات والاعتماد الدائم على المسيح، يمكننا بذلك وحده أن نسير آمنين» (روح النبوة، المعلم الأعظم، صفحة ٩٤١و ٠٥١). يجب أن يكون هناك خضوع يومي للرب.


متى كانت آخر مرة مُتَّ فيها عن الذات؟ ما الذي تقوله لك إجابتك، خصوصاً في ضوء الآيات الكتابية لدرس اليوم؟


الجمعة


٨ آب (أغسطس)


لمزيد من الدرس


اقرأ لروح النبوة الفصل الذي بعنوان “التسليم”، صفحة ٧٣ـ ١٤ في كتاب طريق الحياة؛ الفصل الذي بعنوان “نيقوديموس”، صفحة ٦٤١ـ ٥٥١، في كتاب مشتهى الأجيال.


“إن محاربة الأثرة فينا هي أعظم معركة دارت رحاها إطلاقاً، لأن تسليم النفس لله وإخضاع المشيئة لمشيئته يستلزمان حرباً عواناً وصراعاً عنيفاً، والنفس لا تتجدد في القداسة ما لم تخضع لربها خضوعاً مطلقاً” (روح النبوة، طريق الحياة، صفحة ٧٣).


“نحن لا يمكننا الإبقاء على الذات والبقاء، في الوقت ذاته، ممتلئين بكل ملء الله. يجب أن نفرّغ نفوسنا. وإذا نحن حصلنا على السماء في نهاية المطاف، فإن ذلك لن يكون إلا من خلال نبذ الذات وتَقَبُّلِ فِكْرِ وروح ومشيئة يسوع المسيح” (روح النبوة، في الأماكن السماوية، صفحة ٥٥١).


“عندما يملك روح الله على القلب يُغيِّر الحياة، فالأفكار الشريرة تطرد بعيداً والأعمال الخاطئة يبتعد الإنسان عنها. وفي موضع الحسد والغضب والخصام تملك المحبة والوداعة والسلام. ويحل الفرح في مكان الحزن والكآبة، وتسطع على الوجه أنوار السماء.... إن البركة تجيء عندما تسلم النفس ذاتها لله. وحينئذ فالقوة التي لا يمكن لأي عين أن تراها تخلق كائناً جديداً على صورة الله” (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٠٥١).


أسئلة للنقاش


١. ما هو اختبارك، فيما يتعلق بما يعنيه أن تثبت في المسيح؟ ماذا يحدث عندما تتواصل مع المسيح؟ وما الذي يحدث عندما لا تفعل ذلك؟


٢. مَن مِنَّا لم يُصارع مع مسألة الصلاة التي لم تُستجاب، على الأقل بالطريقة التي طلبنا أن تُستجاب بها؟ كيف تُبْقي، في داخلك، على الإيمان بالله ووعوده، في ظل الطِلبات التي لم تُستجات بالطريقة التي كنت تريدها؟ ما هي الأمور الحاسمة التي ينبغي أن نضعها في اعتبارنا، في مثل هذه الحالات؟


٣. ما هو الشيء الذي في الذات، في طبيعة الذات نفسها، والذي نحن مدعوون إلى إنكاره بصفة يومية؟ انظر إلى الأمر بهذه الطريقة: إذا لم تنكر ذاتك، إذا سمحت للذات بأن تسود على كل ما تفكر فيه وما تفعله، فأي حياة ستحياها؟ وهل ستشبه هذه الحياة، بأي شكل من الأشكال، حياة يسوع المسيح؟ ماذا يخبرك جوابك عن ما ستكون عليه حياتك بمعزل عن المسيح؟


قصة الأسبوع


رينالتو المُخْلِص


يسكن رينالتو مع عائلته في بلدة على شاطئ شمال بيرو. وعندما كان عمره ٨ أعوام، خسرت أمّه وظيفتها. واجهت العائلة تحدّيات ماليّة صعبة. وكان شقيق رينالتو الأصغر مريضاً، فاضطرت أمّه إلى البقاء معه في المنزل. لذا كان رينالتو يذهب إلى الكنيسة سيراً بمفرده. وكان يطلب من الله أن يساعد عائلته لتقدر على الذهاب للكنيسة معاً.


انتقل زوجان ادفنتستيّان للعيش بالقرب من بيت رينالتو. وعلما بأنّ والدته تحترف مهنة الطبخ، فدعاها الزوجان لفتح مطعم في شرفة بيتهما. وقالا لها، «يمكنك حتّى أن تستأجري جزءاً من منزلنا كي تتمكّني من البقاء قريبة من عملك وأولادك.»


انتقلت عائلة رينالتو إلى بيت الزوجين، وأصبح المطعم الذي تديره والدة رينالتو معروفاً جداً عند السيّاح الزائرين القادمين إلى الشاطئ. أكمل والد رينالتو دراسته ووجد عملاً أفضل. وأصبحت العائلة قادرة على الذهاب للعبادة معاً في الكنيسة الأدفنتستيّة الصغيرة التي في القرية.


دعا الزوجان الأدفنتستيّان رينالتو لدراسة الكتاب المقدس، فوافق رينالتو وانضم إليهما. وقام رينالتو أيضاً بدعوة زملائه لدراسة الكتاب المقدس معه. ولكن عندما أخبر رينالتو الزوجين بأنّه يريد أن يدرس الكتاب المقدس برفقة أصدقائه، قام الزوجان بحثّه وتشجيعه على وجود مجموعة صغيرة تدرس الكتاب المقدس معه، وقالا له، «سنقوم بمساعدتك في ذلك،».


بدأ رينالتو بدراسة الكتاب المقدس مع أصدقائه. ومن ثم انضمّ أشخاص آخرون إلى المجموعة. وعندما انهوا دراسة الكتاب المقدس، اعتمد رينالتو وزميلته ساندرا في نفس اليوم. قامت ساندرا بدعوة رينالتو للبدء في تكوين مجموعة صغيرة لدراسة الكتاب المقدس والصّلاة في منزلها. وبعد فترة وجيزة تشكلّت مجموعة أُخرى أيضاً.


لم يكن والد ساندرا مسيحيّاً، ولكنّه رأى التغيير الواضح في حياة ابنته. وكان والدها يستمع إلى حوارات ونقاشات المجموعة الصغيرة التي كانت تدور في بيته. ومع الوقت، قَبِلَ الرب يسوع مخلّصاً له. وبدأت عائلة ساندرا أيضاً بالذهاب للعبادة في الكنيسة الأدفنتستيّة الصغيرة. قام والدا ساندرا بدعوة البعض من أصدقائهما لحضور اجتماعات المجموعة الصغيرة، وسرعان ما أصبح عدد البالغين الحاضرين أكبر من عدد الأطفال الموجودين. عرضت امرأة في الكنيسة أن تقوم بقيادة مجموعة البالغين. واليوم، هناك ما بين ١٥-١٨ شخصاً يحضرون اجتماع البالغين أسبوعيّاً.


انتقلت مجموعة رينالتو وساندرا الصغيرة إلى الكنيسة للاجتماع هناك أسبوعيّاً، وكانت المجموعة تضم أكثر من ٢٥ شخصاً معظمهم من الجيران. وبالرغم من أنّ رينالتو هو من أصغر أعضاء المجموعة، إلّا أنّه يساعد هناك في القيادة بشكل فعّال. يقول لهم رينالتو، «هل تتذكّرون عندما دعوتكم إلى هذه المجموعة الصغيرة؟ الآن هو دوركم أنتم لتدعوا أصدقائهم للمجيء أيضاً.» وبسبب قيام الأشخاص بهذا الأمر، تنمو المجموعة بشكل ملحوظ.


ساعد جزء من عطاء السبت الثالث عشر في عام ٢٠١٢ في توفير أدوات تعليميّة للأطفال الذين يقودون مجموعات صغيرة في بيرو. نشكركم من أجل مساعدتنا في مشاركة محبّة الله مع الآخرين عن طريق هذا البرنامج الناجح في بيرو وفي مُدن أمريكا الجنوبية.


من إعداد مكتب المرسلية الأدفنتستية للمجمع العام.


الموقع على الإنترنت:gro.noissiMtsitnevdA.www



صدر حديثاً كتاب «ساعة من التأمل»


من تأليف جيري د. توماس


من الصعب إيجاد الوقت الكافي للدراسة المتأنية للأناجيل، حيث السرد الرائع لقصة حياة المسيح. لذلك، تم إعداد هذا الكتاب خصيصاً ليجعل من السهل بالنسبة لنا تكريس ساعة للتأمل في حياة المسيح، إذ أنّه يقدّم طريقة عمليّة ومركّزة لدراسة حياة الرب يسوع.


يمكنك الحصول على هذا الكتاب من خلال الطُرق الثلاثة التالية:


  • محلياً: دار الأدفنتست للكتاب

  • هاتفياً: ٦٩٥٥-٧٦٥-٨٠٠-١

عبر الإنترنت: AdventistSookCenter.com



قصص جديدة مرسليّات عُظمى كثيرة!


تستمر مجلة العمل المرسلي ’الاختبارات الروحيّة‘ في تقديم المزيد من قصص العمل المرسلي حول العالم. نقابل أشخاصا جُددا، ونُظهر لهم محبّة وغنى المسيح التي تلمس حياتهم وتغيّرها. تُستخدم ’الاختبارات الروحيّة‘ في مدرسة السبت، والكنيسة، وصفوف مدرسة السبت، وغيرها.


يمكنكم الآن تحميل قصص العمل المرسلي وأخبار العمل مجاناً على موقعنا الإلكتروني:


الدرس السابع


٩ـ ٥١ آب (أغسطس)


العيش كما عاش المسيح



السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: متى ٩: ٦٣؛ مرقس ٠١: ١٢؛ لوقا ٠١: ٠٣ـ ٧٣؛ متى ٥٢: ١٣ـ ٦٤؛ لوقا ٦: ٢٣ـ ٥٣؛ يوحنا ٥١: ٤ـ ٢١.


آية الحفظ: “ ’وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا‘ “ (يوحنا ٣١: ٤٣).


إن وصية محبة القريب، وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون، ليست تعليماً جديداً جاء به العهد الجديد. فإن الله، في العهد القديم، قد أمر شعبه بأن “تُحِبّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ” (لاويين ٩١: ٨١) وأن “تحب [الْغَرِيبَ] كنفسك” (لاويين ٩١: ٤٣).


لماذا، إذن، قال يسوع: “ ’وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ‘ “؟ إن الجديد في تعليمات المسيح يكمن في البُعد الجديد الذي أعطاه المسيح لهذه الوصية: “ كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا”. فالناس، قبل تجسّد المسيح، لم يعرفوا ملء إعلان محبة الله. والآن، ومن خلال حياته المضحية وموته، أعلن المسيح المعنى الحقيقي والأعمق لمحبته.


“لقد كانت المحبة هي المجال الذي فيه تحرك المسيح وسار وعمل. لقد جاء المسيح لاحتضان العالم بين ذراعي محبته.... ويجب علينا الاقتداء بمثاله، وعلينا أن نجعل المسيح نموذجاً لنا حتى تكون لدينا محبة للآخرين، كتلك التي أظهرها المسيح نحونا” (روح النبوة، أبونا السماوي يهتم، صفحة ٧٢).


سنبحث في هذا الأسبوع في حياة المسيح الحنونة والعطوفة والمراعية لشعور الآخرين، ليت قلوبنا تُلْمَس وتُشَكَّل بمبدأ محبة المسيح الذي هو المعيار الأسمى للمسيحية الحقيقية.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم، ٦١آب (أغسطس).


الأحد


٠١آب (أغسطس)


كيف عاش المسيح حياته


على الرغم من أن المسيح كان دائماً عُرضة لأشرس هجومات الشيطان، إلاَّ أنه عاش حياة من الخدمة المتسمة بالمحبة والخالية من الأثرة. كان المسيح دائم الاهتمام بالآخرين. فقد أظهر، منذ طفولته وحتى الصليب، سلوكا متسماً بالعطاء وخدمة الآخرين. وكانت يداه الراغبتان في الخدمة على استعداد، دائماً، لتخفيف كل حالة من حالات المعاناة التي رأتها عيناه. فقد اهتم المسيح بأولئك الذين كان المجتمع يعتبرهم بلا قيمة تُذْكَر، كالأطفال والنساء والغرباء والمصابين بالبرص وجباة الضرائب. فالمسيح « ’لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ ‘« (متى ٠٢: ٨٢). لذلك، فقد « ’جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ‘ « (أعمال ٠١: ٨٣). لقد كانت رأفته واهتمامه بصحة الآخرين أكثر أهمية، بالنسبة للمسيح، من اهتمامه بتلبية احتياجاته هو المادية من طعام ومأوى. في الواقع، لقد أبدى المسيح على الصليب اهتماماً بأمه أكثر من اهتمامه بمعاناته (يوحنا ٩١: ٥٢ـ ٧٢).


ماذا تعلمنا الآيات، في متى ٩: ٦٣؛ ٤١: ٤١ و٥١: ٢٣، عن كيف كان ينظر المسيح إلى الناس؟


_________________________________________________________________________


_________________________________________________________________________


لقد كان المسيح مكترثا لاحتياجات الناس؛ بقلب تملأه الرحمة وقد اهتم بهم اهتماماً حقيقياً. وقد تعامل مع الحشود الغفيرة التي كانت مرهقة ومشتتة، بقلب تملأه الرحمة. وقد تحنن على الضعفاء، مثل الرجلين الأعميين بالقرب من أريحا (متى ٠٢: ٤٣)، والأبرص المتوسل (مرقس ١: ٠٤و ١٤)، والأرملة التي كانت قد فقدت للتو ابنها الوحيد (لوقا ٧: ٢١و ٣١).


ما هي المبادئ العملية التي كانت توجِّه المسيح، عند تعامله مع مختلف الأشخاص؟ انظر مرقس ٠١: ١٢و يوحنا ١١: ٥.


_________________________________________________________________________


_________________________________________________________________________


إن كل عمل من أعمال الرحمة، كل معجزة، وكل كلمة تفوه بها المسيح كان الدافع وراءها محبته اللامتناهية، وهي محبة دائمة لا تتزعزع. وفي نهاية حياته على الأرض، أظهر المسيح لتلاميذه بشكل واضح أن كونه قد أحبهم منذ البداية يعني أنه قد «أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى» (يوحنا ٣١: ١). فبموته على الصليب، أظهر المسيح للكون كله أن المحبة المنكرة للذات تنتصر على الأنانية. فإنه من الواضح، في ضوء جلجثة، أن مبدأ المحبة المبنية على «نبذ الذات» هو الأساس الوحيد الفعَّال للحياة في الأرض وفي السماء.


« ’لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ‘ « (يوحنا ١٥: ١٣). كيف لك أن تفهم ما يعنيه هذا الكلام في حياتك اليومية والعملية؟ كيف يقوم المرء بعمل هذا الأمر، يوماً بعد يوم؟


الاثنين


١١ آب (أغسطس)


أن تحب قريبك


معنى أن تعيش مثل المسيح هو أن تُظهر نفس المحبة التي أظهرها هو. ولقد أوضح المسيح مثل هذا النوع من المحبة من خلال مَثَلِ السامري الصالح (لوقا ١٠: ٣٠ـ ٣٧)، وهو المثل الذي سرده أثناء حواره مع نَامُوسِيٍّ. لقد لخص النَامُوسِيٌّ واجبنا نحو الله ونحو إخوتنا وأخواتنا من بني البشر: « ’تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ‘ « (لوقا ١٠: ٢٧). وقد عرف النَامُوسِيٌّ الأسفار المقدسة جيداً (فقد اقتبس، عن ظهر قلب، من تثنية ٦: ٥ ولاويين ١٩: ١٨)، لكن لابد وأنه كان قد شعر بالذنب لأنه لم يُظهر محبته لقريبه. وفي محاولة منه لتبرير ذاته، سأل النَامُوسِيٌّ المسيحَ قائلاً: « ’مَنْ هُوَ قَرِيبِي؟‘ « (لوقا ١٠: ٢٩).


كيف فسَّر المسيح عبارة «مَن هو قريبي»؟ ما هي النتائج المترتبة على هذا المثل، بالنسبة لنا؟ انظر لوقا ١٠: ٣٠ـ ٣٧. كيف ترتبط وصية أن «تحب قريبك كنفسك» بالقانون الذهبي؟ متى ٧: ١٢.


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


إجابة على السؤال: «مَن هو قريبي؟» قال يسوع أن قريبنا، في الأساس، هو كل شخص يحتاج إلى مساعدتنا. وهكذا، فإنه بدلاً من أن نسأل: «ما الذي يمكن لقريبي أن يفعله من أجلي؟» ينبغي أن نسأل: «ما الذي يمكنني فِعله من أجل قريبي؟»


لقد ذهب المسيح إلى ما هو أبعد من مجرد التفسير السلبي المعتاد لهذا القانون في ذلك الوقت، حيث فهمه الناس بطريقة أنه ينبغي أن «لا تفعل للآخرين ما تكرهه أنت نفسك». لقد قدم المسيح «القانون الذهبي» بطريقة إيجابية، فهو لم يتحدث عن ما يجب علينا تجنُّب القيام به فحسب، وإنما تحدث عن ما يجب علينا عمله أيضاً. نحتاج إلى أن نتذكر، بصفة خاصة، أن هذا المبدأ لا يطلب مِنَّا أن نُعامل الآخرين بالطريقة التي يعاملوننا بها. فإنه من السهل، على كل حال، أن نكون لطفاء مع مَن هم لطفاء معنا، والتعامل بطريقة سيئة مع أولئك الذين يسيئون معاملتنا، فبمقدور معظم الناس القيام بذلك. يجب، بدلاً من ذلك، أن تكون محبتنا تجاه قريبنا غير معتمدة على الطريقة التي يعاملنا بها قريبنا.


فكر في شخص أساء معاملتك. كيف تعاملت معه، في المقابل؟ ماذا يعلِّمك مثال المسيح، والطريقة التي عامل بها أولئك الذين أساءوا معاملته، كيف يمكنك أن تتعامل، على نحو أفضل، مع أولئك الذين لا يتعاملون معك بلطف؟


الثلاثاء


٢١ آب (أغسطس)


الخدمة بدافع المحبة


ما هي الرسالة الأساسية للآيات التي في متى ٢٥: ٣١ـ ٤٦؟


________________________________________________________________________________________________________________________________________________


سيكون هناك العديد من المفاجآت، في اليوم الأخير. فإن أولئك الذين سيكونون عن يمين ابن الإنسان، لن يتخيلوا أبداً أن إظهارهم للمحبة غير الأنانية سيكون حاسماً وله أهميته. فإن المسيح لن يدينهم وفقاً للعظات البليغة التي قدموها، أو العمل القيِّم الذي قاموا به، أو التبرعات السخية التي جادوا بها. بل سيرحب المسيح بهم إلى السماء من أجل الأمور الصغيرة التي أظهروا فيها رعاية واهتماماً بأخوته الأصاغر.


وسيندهش أولئك الذين عن اليسار من السبب الذي يعطيه الملك لصدور حكمه بهذه الطريقة. بل إن البعض منهم سيقول: « ’يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِاسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِاسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِاسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟‘ « (متى ٧: ٢٢). وعلى الرغم من أن هذه أعمال مطلوبة ومحبذة، إلا أنه لا قيمة لها بدون توفر موقف متسم بالمحبة. لقد صرَّح هؤلاء الناس بأنهم يخدمون المسيح، لكن الرب لم يعرفهم قط (متى ٧: ٢٣)، لأنهم لم يحبوه أو يحبوا أخوته أبداً. إنهم لم يمارسوا مبادئ «اَلدِّيَانَة الطَّاهِرَة النَّقِيَّة» (يعقوب ١: ٢٧).


لقد أشار المعلقون إلى تفسيرات مختلفة فيما يتعلق بمَن هم «إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ» (متى ٢٥: ٤٠). من المهم تحديد مَن هم هؤلاء حتى نعرف مدى مسؤوليتنا المسيحية تجاههم. يقول بعض المفسرين أن «الإخوة الأصاغر» للمسيح هم الرسل والمبشرين المسيحيين الآخرين. ويحاول هؤلاء المفسرين إيجاد دعم لآرائهم هذه في متى ١٠: ٤٠ـ ٤٢. وبناء عليه، هم يستنتجون أن مصير جميع البشر يعتمد على كيفية معاملة المبشرين والمرسلين المسيحيين. ويزعم علماء آخرون، واستناداً إلى متى ١٢: ٤٨ـ ٥٠، أن إخوة المسيح الأصاغر هم أتباعه، بصفة عامة. ليس هناك شك في أن كل تلاميذ المسيح هم إخوته؛ لكن يبدو أن كلمات المسيح أوسع نطاقاً، حتى من ذلك. إن المسيح «مرتبط بكل واحد من بني الإنسان.... إنه ابن الإنسان، ولذلك فهو أخ لكل ابن وابنة من نسل آدم» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٦٠٦).


فكر في وقت كنت فيه بحاجة ماسة إلى المساعدة، وجاء شخص ما لمساعدتك. كيف كان تأثير تلك المساعدة لك، في معاناتك وآلامك؟ كيف أظهر ذلك الاختبار أهمية أن نكون على استعداد لمساعدة الآخرين، ممَّن هم في حاجة، بكل طريقة ممكنة؟


الأربعاء


٣١ آب (أغسطس)


أحبوا أعداءكم


إن محبتنا لأعدائنا هي الدليل الأسمى على أننا مسيحيين حقيقيين. لقد وضع المسيح هذه المعايير الرفيعة، التي كانت مناقضة للأفكار السائدة في عصره. وقد استنتج الكثيرون من الوصية القائلة « ’تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ‘ « أموراً لم ينطق بها الرب أو يقصدها: وهي أن تكره عدوك. لكن شيئاً من هذا القبيل لم يكن متضمناً في نَصِّ الوصية.


بأية طرق عملية تتجلى محبتنا لأعدائنا، وفقاً لما قاله المسيح؟ انظر لوقا ٦: ٢٧و ٢٨.


________________________________________________________________________________


________________________________________________________________________________


يمكن للشخص الذي يعاديك أن يظهر عداوته نحوك بثلاثة طرق مختلفة: من خلال إظهار موقف عدائي نحوك («أن يكرهك»)، ومن خلال التفوهه بكلمات سيئة («أن يلعنك»)، ومن خلال القيام بأعمال تعسفية ضدك (يعاملك بطريقة سيئة حاقدة وأن يضطهدك») [متى ٥: ٤٤]. وللرد على العداوة ثلاثية المظاهر هذه، يعلّمنا المسيح أن نرد بثلاثة مظاهر للمحبة: القيام بأعمال صالحة لأجلهم («أعمل خيراً» لهم»)، التحدث عنهم بالخير (أن «تباركهم»)، والتشفع لأجلهم أمام الله «صلِي من أجلهم»). إن الجواب المسيحي على العداء والخصومة هو أن «تغلب الشَّرَّ بِالْخَيْرِ» (رومية ١٢: ٢١).


ملاحظة: يطلب المسيح منَّا أن نحب أعدائنا أولاً، ومن ثم، ونتيجة لذلك، نُظهر نحوهم هذه المحبة من خلال أعمالنا الحسنة وكلماتنا الرقيقة وصلواتنا التشفعية من أجلهم. ومن دون المحبة المستوحاة من السماء، ستكون هذه الأعمال والكلمات والصلوات إساءة بليغة وتزييفاً فاضحاً للمسيحية الحقيقية.


ما هي الأسباب التي ذكرها المسيح لتوضيح لماذا ينبغي أن نحب أعداءنا؟ انظر لوقا ٦: ٣٢ـ ٣٥.


________________________________________________________________________________


________________________________________________________________________________


استخدم الرب ثلاثة مناهج ليساعدنا على فهم هذه الوصية العظيمة، المتعقلة بمحبة الأعداء. أولاً، نحن بحاجة إلى العيش وفق معايير تفوق معايير العالم المتدنية. فإنه حتى الخطأة يحبون بعضهم بعضاً، بل ويساعد المجرمون بعضهم بعضاً. فإذا لم يعمل إِتِّبَاعُنا للمسيح على رفعنا وجعلنا نعيش ونحب بطريقة أفضل واستقامة تفوق أبناء هذا العالم، فما هي قيمة إتباعنا له؟ ثانياً، إن الله سيكافئنا من أجل محبتنا لأعدائنا؛ وعلى الرغم من أننا لا نحب أعدائنا بهدف أن نكافأ، إلا أن الله سيكافئنا بسخاء. وثالثاً، إن هذا النوع من المحبة هو دليل على تواصلنا الوثيق مع أبينا السماوي الذي هو « ’مُنْعِمٌ عَلَى غَيْرِ الشَّاكِرِينَ وَالأَشْرَارِ‘ « (لوقا ٦: ٣٥)