دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الثالث 2018 - الوَحْدَة في لمسيح

تحميل قوات الدفاع الشعبي  -   دليل دراسة الكتاب المُقدَّس - الربع الثالث 2018 - الوَحْدَة في لمسيح

Adult Bible Study Guide


3rd Quarter 2018


مقدمة ٢


تَكُونُونَ لِي شُهُودًا — ٣٠حزيران (يونيو)-٦ تموز (يوليو) ٦

يوم الخمسين — ٧-١٣ تموز (يوليو) ١٤

الحياة في الكنيسة الأولى — ١٤-٢٠ تموز (يوليو) ٢٢

قادة الكنيسة الأولى — ٢١-٢٧ تموز (يوليو) ٣٠

اهتداء بولس — ٢٨ تموز (يوليو)- ٣ آب (أغسطس) ٣٨

الخدمة الكرازية لبطرس — ٤-١٠ آب (أغسطس) ٤٦

رحلة بولس التبشيرية الأولى — ١١-١٧ آب (أغسطس) ٥٤

مجمع أورشليم — ١٨-٢٤ آب (أغسطس) ٦٢

الرحلة التبشيرية الثانية — ٢٥-٣١ آب (أغسطس) ٧٠

الرحلة التبشيرية الثالثة — ١-٧ أيلول (سبتمبر) ٧٨

القبض على بولس في أورشليم — ٨-١٤ أيلول (سبتمبر) ٨٦

حبسٌ في قيصرية — ١٥-٢١ أيلول (سبتمبر) ٩٤

الرِّحلة إلى روما — ٢٢-٢٨ أيلول (سبتمبر) ١٠٢

Editorial Office: 12501 Old Columbia Pike, Silver Spring, MD 20904


Come visit us at our Website: http://www.absg.adventist.org


Principal Contributor

Wilson Paroschi


Editor

Clifford R. Goldstein


Associate Editor

Soraya Homayouni


Publication Manager

Lea Alexander Greve


Middle East and North Africa Union


Publishing Coordinator

Michael Eckert


Translation to Arabic

Ashraf Fawzy


Arabic Layout and Design

Marisa Ferreira


Editorial Assistant

Sharon Thomas-Crews


Pacific Press® Coordinator

Wendy Marcum


Art Director and Illustrator

Lars Justinen


Design

Justinen Creative Group



© ٢٠١٨ المجمع العام للأدفنتست السبتيين ®. جميع الحقوق محفوظة. لا يمكن تعديل أو تغيير أو تبديل أو تحويل أو ترجمة أو إعادة إصدار أو نشر أي جزء من دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس للكبار دون الحصول على إِذْن خطي مسبق من المجمع العام للأدفنتست السبتيين ®. ومصرحٌ لمكاتب الأقسام الكنسية التابعة للمجمع العام للأدفنتست السبتيين ® العمل على الترتيب لترجمة دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس للكبار بموجب مبادئ توجيهية محددة. وتبقى ترجمة ونشر هذا الدليل حقاً محفوظاً للمجمع العام. إن مصطلحي "الأدفنتست السبتيون" وشعار الشعلة هما علامتان تجاريتان للمجمع العالم للأدفنتست السبتيين ® ولا يجوز استخدامهما دون الحصول على إذن مسبق من المجمع العام.


إن دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس هو من إعداد مكتب دليل دراسة الكتاب المُقَدّس للكبار التابع للمجمع العام للأدفنتست السبتيين. والناشر والمشرف العام على إعداد هذا الدليل هو لجنة مدرسة السبت، وهي إحدى اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الإدارية للمجمع العام للأدفنتست السبتيين. إن دليل مدرسة السبت لدراسة الكتاب المُقَدّس هو انعكاس لمساهمات اللجنة العالمية للتقييم، ويحظى بموافقة لجنة مدرسة السبت للنشر، وبالتالي فهو لا يعكس بالضرورة وجهة النظر المنفردة للمؤلف (أو المؤلفين).


Sabbath School Personal Ministries



انتصار الإنجيل


يعتقد كثير من المؤرخين أن أكثر ثلاثة عقود أهمية في تاريخ العالم هي تلك التي قامت أثناءها مجموعة صغيرة من الرجال، معظمهم من اليهود، بحمل بشارة الإنجيل إلى العالم بقوة الروح القدس. وما سفر أعمال الرسل سوى سرد لهذه العقود الثلاثة الحاسمة التي امتدت من قيامة المسيح في عام ٣١ ميلادية إلى نهاية المدة الأولى من سَجْنِ بولس في روما، في حوالي ٦٢ ميلادية (أعمال ٢٨: ٣٠). ولا بد وأن سفر الأعمال قد كتب بعد ذلك بوقت قصير، وذلك لأن السرد يتوقف عند هذه النقطة. هذا على الرغم من وجود أدلة تشير إلى أن بولس قد أُطلق سراحه من ذلك الأَسر وبأنه واصل مساعيه التبشيرية، حيث قام بالوعظ والسفر حتى تم القبض عليه بعد سنوات قليلة، ومن ثم أُعدم في روما في عام ٦٧ ميلادية.


إن سفر أعمال الرسل لا يذكر اسم مؤلفه، لكن التقليد الكنسي يُعرِّفَه دائماً على أنه «لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ» المُشار إليه في كولوسي ٤: ١٤، ورفيق بولس في رحلاته التبشيرية (٢تيموثاوس ٤: ١١؛ فيلمون ٢٤). وعلى نحو تقليدي، يُعتقد أن لوقا هو أيضاً مؤلف الإنجيل الثالث، ولا شك في أنه «اَلْكَلاَمُ الأَوَّلُ» المذكور في أعمال الرسل ١: ١ (قارن مع لوقا ١: ٣). إن سِفرَي لوقا وأعمال الرسل هما مجلّدان مُزْدَوِجان يتحدثان عن بدايات المسيحية بالترتيب، حيث يشيرا إلى منشأ المسيحية (حياة المسيح وخدمته) وتوسعها (مساعي الرّسل التبشيرية). وكلا السّفرين يشكلان معاً حوالي ٢٧ في المائة من العهد الجديد، وهي أكبر مساهمة لكاتب واحد من كتبة العهد الجديد. وعند الكتابة إلى أهل كولوسي، أشار بولس إلى لوقا باعتباره من الأمميين والعامل معه في الكرازة (كولوسي ٤: ٧-١٤). إن لوقا، إذاً، هو الشخص غير اليهودي الوحيد الذي ساهم بكتابة سِفْرين مِن أسفار العهد الجديد [الإنجيل الذي يحمل اسمه وسِفر أعمال الرسل].


ويبدو أن هذا يفسّر أحد مواضيعه الرئيسية: عالمية وشُمُولِيّة الخلاص، وذلك لأَنْ لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ أو تفضيل. فالكنيسة مدعوة لتشهد لجميع الناس، بغض النظر عن عِرقهم، طبقتهم الاجتماعية، أو جنسيتهم (أعمال الرسل ١: ٨؛ ٢: ٢١، ٣٩، ٤٠؛ ٣: ٢٥؛ ١٠: ٢٨، ٣٤، ٣٥). إن الإخفاق في القيام بذلك، سواء من باب التحيّز أو الاقتناع، هو تشويه للإنجيل ومناقضة لأبسط حقائق كلمة الله. أمام الله، نحن جميعاً متساوون: خطاة بحاجة إلى الخلاص الموجود في يسوع المسيح.


بالنسبة للوقا، ليس من قبيل الصدفة إذن أن تكون الشخصية التي نالت إعجابه هي شخصية بولس الذي هو « رَسُولٌ لِلأُمَمِ» (رومية ١١: ١٣)، والذي يُكرِّس له لوقا ثلثي سفر الأعمال تقريباً.


وتشمل الموضوعات الهامة الأخرى الموجودة في سفر أعمال الرسل: سُلْطان الله وهدفه (أعمال ١٧: ٢٤، ٢٥؛ ٢٠: ٢٧؛ ٢٣: ١١)؛ تمجيد المسيح كَرَبّ ومخلّص (أعمال ٢: ٣٢، ٣٦؛ ٣: ١٣، ١٥؛ ٤: ١٠-١٢؛ ٥: ٣٠، ٣١)؛ وخاصة دور الروح القدس في تمكين وتوجيه الكنيسة للكرازة والتبشير (أعمال ٢: ١-٤؛ ٤: ٢٤-٣١؛ ٨: ١٤-١٧، ٢٩، ٣٩؛ ١٠: ١٩، ٢٠). في الواقع، إن إنجازات الكنيسة الأولى لم تكن نتيجة الحكمة أو القدرة البشرية، على الرغم من أنَّ الله قد سُرَّ بأن يستخدم شخصاً مثل بولس للتأثير على العالم بطريقة لم يقم بها أي رسول آخر، بل وربما لم يكن بمقدور أي رسول آخر القيام بذلك (١كورنثوس ١٥: ١٠).


يتعامل سفر الأعمال مع فترة تأسيس الكنيسة الأولى، التي كانت تشهد نمواً إدارياً بل وحتى لاهوتياً كبيراً. يمكننا أن نرى هذا، على سبيل المثال، في الطريقة التي تعاملت بها الكنيسة مع المسائل المتعلقة بموعد المجيء الثاني للمسيح، وضع المؤمنين من الأمم، ودور الإيمان بالنسبة للخلاص. ومع ذلك، فإن ما كان بمقدور الكنيسة الأولى القيام به في مثل هذه الفترة القصيرة من الزمن هو شهادة دائمة على ما يمكن لله أن يفعله من خلال أولئك الذين يتضعون في قلوبهم بالصلاة، ويعيشون متخطين الاختلافات الفردية، ويسمحون لأنفسهم بأن يُسْتَخْدَموا مِن قِبل الروح القدس لإجلال ومجد الله.


إن سفر أعمال الرسل هو قصة أولئك الذين تم دعوتهم مِن قِبل الله لبدء العمل؛ فما الذي يمكننا نحن الذين دُعينا من قبل الله لننهي العمل أن نتعلمه مِن قصتهم؟


ويلسون باروشي هو أستاذ تفسير العهد الجديد في جامعة البرازيل الأدفنتستية (UNASP)، في إنجنهيرو كويلهو، ساو باولو. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في العهد الجديد من جامعة أندروز (٢٠٠٤)، وقد أتم دراسات ما بعد الدكتوراه في جامعة هايدلبرغ، ألمانيا (٢٠١١).


انخراط كافة الأعضاء


حان وقت انخراط كافة الأعضاء


ما هو “انخراط كافة الأعضاء”؟


“انخراط كافة الأعضاء (’ TMI ‘)” هو تّوجُّه كرازي واسع النطاق على مستوى الكنيسة العالمية يشارك فيه كل عضو، كل كنيسة، كل كيان إداري، كل نوع من أنواع الخدمة العامة الإِيْصَالِيّة، وكذلك الخدمات الإِيْصَالِيّة الشخصية والمؤسساتية.

إنها خطة تعتمد على تواريخ محددة وتهدف إلى ربح النفوس المعني وتقف على احتياجات العائلات والأصدقاء والجيران. ثم تشارك كيف يلبّي الله كل حاجة، مما يؤدي إلى زرع كنائس جديدة ونمو الكنيسة ككل، مع التركيز على إبقاء الأعضاء، التبشير، المشاركة والتلمذة.

كيفية تطبيق «انخراط كافة الأعضاء» في مدرسة السَّبت


خصّص أول ١٥ دقيقة * من كل درس للتخطيط والصلاة والمشاركة:


“انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘ “ في الوصول لمَن ينتمون للكنيسة: خطط لزيارة الأعضاء المتغيبين أو المتضررين وصلِّ من أجلهم واعتنِ بهم، وقم بتوزيع مهام لكل منطقة. صَلِّ وناقش الطرق التي يمكن من خلالها تلبية احتياجات العائلات الكنسيَّة، الأعضاء غير الفاعلين، الشبيبة، النّساء والرجال، وطرق مختلفة لجعل العائلة الكنسية منخرطة في الخدمة.

«انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘ « في الوصول لمَن لا ينتمون للكنيسة: صَلِّ وناقش الطرق التي مِن خلالها يمكن الوصول إلى مجتمعك، مدينتك، والعالم، بإتمام مهمة البشارة من خلال الزَّرع، الحصاد، والحفاظ على ما نجمعه. قم بإشراك جميع الخدمات الكنسيّة إذ تخطط لمشاريع ربح النفوس قصيرة المدى وبعيدة المدى. إنَّ مبادرة «انخراط كافة الأعضاء’ TMI ‘ “ أساسها أعمال التّرفّق المكترث. فيما يلي بعض الطرق العملية لتصبح منخرطاً بشكل شخصي: ١. قم بتنمية عادة التعرّف على الاحتياجات في مجتمعك. ٢. ضع الخطط لتلبية هذه الاحتياجات. ٣. صَلِّ من أجل انسكاب الروح القدس.

“انخراط كافة الأعضاء ’ TMI ‘ “ للتواصل مع الله: دراسة فصل الكتاب. شجِّع الأعضاء على الانخراط في الدراسة الفردية للكِتاب المُقدَّس – اجعل دراسة الكِتاب المُقَدَّس في مدرسة السبت دراسة تشاركية. ادرسوا من أجل التغيّر الإيجابي وليس من أجل الحصول على المعلومات.

انخراط كافة الأعضاء ’TMI‘


الوقت


الشّرح


التبشير بالمشاركة


المرسلية العالمية


١٥ دقيقة.*


صَلّ، خطِّط، نظّم للعمل. اهتم بالأعضاء المتغيبين. ضع جدولاً زمنياً للتواصل. العطاء المرسلي.


درس دليل دراسة الكِتاب المُقَدَّس


٤٥ دقيقة.*


قم بإشراك الجميع في درس الكِتاب المُقَدَّس. اطرح أسئلة. سلّط الضوء على النصوص الرئيسية.


الغداء


خطط للغداء مع أعضاء الصَّف بعد العبادة.


ثم فليخرج كل واحد منكم ويتواصل مع شخص ما.


*يمكن تعديل الوقت حسب الضرورة.


قم بزيارة الموقع الإلكتروني


الخاص بالشرق الأوسط للنشر


للحصول على المزيد من الموارد باللغة العربية


www.middle-east-publishers.com


 

اشترك في


رسالتنا الإخبارية


المجانية


تزوّد بآخر المعلومات المتعلقة بكل


إصداراتنا الجديدة!


+961 1 690290 | www.middle-east-publishers.com


شارع الفردوس، السبتية، جديدة المتن، بيروت، لبنان ١٢٠٢٢٠٤٠


الدرس الأول ٣٠ حزيران (يونيو) – ٦ تموز (يوليو)


تَكُونُونَ لِي شُهُودًا






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: أعمال ١: ٦-٨؛ لوقا ٢٤: ٢٥؛ لوقا ٢٤: ٤٤-٤٨؛ تثنية ١٩: ١٥؛ أعمال ١: ٩- ٢٦؛ أمثال ١٦: ٣٣.


آية الحفظ: «لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ» (أعمال ١: ٨).


بعد أن أنهى المسيح مهمته على الأرض، كان الله على وشك إرسال الروح القدس الذي – من خلال إقراره لجهودهم بالعديد من العلامات والعجائب – كان سَيُمَكِّن التلاميذ ويقودهم في مهمة كان من شأنها الوصول إلى أقاصي الأرض. لم يكن بمقدور المسيح البقاء معهم إلى الأبد في الجسد البشري. فبالإضافة إلى أن تجسد المسيح قد حدَّه جسدياً فيما يتعلق بسياق العمل التبشيري في كافة أرجاء الأرض، فقد كان صعوده إلى السماء وتمجيده، أمرين ضروريين كي يأتي الروح القدس.


ومع ذلك، فإنَّ التلاميذ لم يعرفوا هذه الأمور بوضوح إلا بعد قيامة المسيح من الأموات. فعندما تركوا كل شيء ليتبعوه، كانوا يعتقدون أنه منجد سياسي كان من شأنه أن يقوم في يوم من الأيام بطرد الرومان من الأرض، وإعادة سلالة داود، واستعادة إسرائيل إلى مجدها السابق. ولم يكن من السهل بالنسبة لهم التفكير خلاف ذلك.


كان هذا هو الموضوع الأساسي فيما يتعلق بتعليمات المسيح النهائية للتلاميذ في الأصحاح الأول من أعمال الرسل. إنَّ الوعدَ بالروحِ القدسِ يأتي في هذا السياق. ويصفُ الأصحاح أيضاً عودةَ المسيحِ إلى السماءِ وكيفَ أَعدَّت الكنيسةُ الأولى نفسها ليوم الخمسين.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٧ تموز (يوليو).


الأحد ١ تموز (يوليو)


استرداد إسرائيل


هناك فئتان من النبوءات المتعلقة بالمسيا في العهد القديم، الأولى تتنبأ عن مسيا ملك يحكم للأبد (مزمور ٨٩: ٣، ٤ و ٣٥- ٣٧؛ إشعياء ٩: ٦، ٧؛ حزقيال ٣٧: ٢٥؛ دانيال ٢: ٤٤؛ ٧: ١٣، ١٤)؛ وهناك النبوءات التي تتنبأ عن مسيا يموت عن خطايا الناس (إشعياء ٥٢: ١٣-٥٣: ١٢؛ دانيال ٩: ٢٦). إنَّ هذه النبوءات لا تتعارض مع بعضها البعض. إنما هي تشير إلى مجرد مرحلتين متتاليتين لخدمة المسيا: فهو سيتألم أولاً، ومن ثم يصبح ملكاً (لوقا ١٧: ٢٤؛ ٢٥؛ ٢٤: ٢٥، ٢٦).


مع ذلك، فإنَّ مشكلة التوقعات اليهودية الخاصة بالمسيا في القرن الأول هي أنها كانت توقعات من جانب واحد. فقد كان اليهود يأملون في ظهور مسيا ملك من شأنه أن يجلب الإنقاذ السياسي، وقد كانوا معميين تماماً عن فكرة ظهور مسيا من شأنه أن يتألم ويموت.


في البداية، شارك التلاميذ هذا الرجاء المتعلق بالمسيا الملك. لقد آمنوا أن المسيح كان هو المسيا (متى ١٦: ١٦، ٢٠) وكانوا في بعض الأحيان يدخلون في مشاحنات فيما بينهم بشأن من سيجلس على جانبيه عندما يعتلي العرش (مرقس ١٠: ٣٥-٣٧؛ لوقا ٩: ٤٦). وعلى الرغم من تحذيرات المسيح حول المصير الذي ينتظره، لم يتمكن التلاميذ من فهم ما يعنيه. لذلك، فإنه عندما مات المسيح، أصبحوا مرتبكين ومحبطين. وعلى حد تعبيرهم، «وَنَحْنُ كُنَّا نَرْجُو أَنَّهُ هُوَ [أي المسيح] الْمُزْمِعُ أَنْ يَفْدِيَ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ، مَعَ هذَا كُلِّهِ، الْيَوْمَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ مُنْذُ حَدَثَ ذلِكَ» (لوقا ٢٤: ١).


اقرأ أعمال الرسل ١: ٦. ما الذي يقوله السؤال الذي طرحه التلاميذ عن الأمور التي كانوا لا يزالون غير فاهمين لها؟ في أعمال الرسل ١: ٧، كيف أجابهم المسيح؟


إذا كان موت المسيح قد شكل ضربة قاتلة لرجاء التلاميذ فإن قيامته من الأموات قد عملت على إحياء ذلك الرجاء، ورفع توقعاتهم السياسية إلى مستوى ربما لم يسبق له مثيل. فقد بدا من الطبيعي تصور القيامة باعتبارها مؤشراً قوياً على الملكوت المسياني الذي سيتأسس في نهاية المطاف.


مع ذلك، فإن المسيح لم يعطهم إجابة مباشرة على سؤالهم. إنه لم يرفض الفرضية وراء سؤال التلاميذ المتعلق بمسألة إقامة مملكة وشيكة، لكنه لم يقبل هذه الفرضية أيضاً. لقد ترك القضية مُعلّقة، في حين ذكَّرهم بأن المواعيد المتعلقة بأعمال الله تخص الله نفسه، وبأنها على هذا النحو ليست في متناول البشر.


وفقاً لما جاء في لوقا ٢٤: ٢٥، ماذا كانت مشكلة التلاميذ الحقيقة؟ لماذا من السهل بالنسبة لنا تصديق ما نريد تصديقه، مِمّا قد يكون مُعارضاً لِما يُعلِّمه الكتاب المقدس حقاً؟ كيف يمكننا تجنّب هذا الفخ؟


الاثنين ٢ تموز (يوليو)


مأمورية التلاميذ


اقرأ أعمال ١: ٨. بدلاً من الانغماس في التكهنات النبوية، ما الذي كان يتوقع من التلاميذ القيام به؟


هناك أربعة عناصر هامة في هذه الفقرة بشأن مأمورية التلاميذ:


١. هبة الروح القدس: كان الروح القدس دائماً نشطاً بين شعب الله. ووفقاً للأنبياء، سيكون هناك انسكاباً آخر للروح القدس في المستقبل (إشعياء ٤٤: ٣؛ يوئيل ٢: ٢٨، ٢٩). وعلى الرغم من أن المسيح نفسه قد مُسح بالروح القدس، ورغم أن الروح القدس كان يعمل أيضاً خلال خدمة المسيح (لوقا ٤: ١٨-٢١)، إلا أنّ الروح لَمْ يَكُنْ قَدْ أُعْطِيَ بصفة رسمية حتى تَمجَّد المسيح في السماء (يوحنا ٧: ٣٩؛ أعمال الرسل ٢: ٣٣).


٢. دور الشاهد. إن الشاهد هو مصدر مباشر للمعلومة. لقد كان التلاميذ مؤهلين تماماً لإعطاء مثل هذه الشهادة (أعمال الرسل ١: ٢١، ٢٢؛ ٤: ٢٠؛ قارن مع ١يوحنا ١: ١-٣) وقد كُلفوا بأن يشاركوا مع العالم اختبارهم الفريد مع يسوع.


٣. خطة المأمورية: كان على التلاميذ أن يشهدوا في أورشليم أولاً، ثم في اليهودية والسامرة، وأخيراً إلى أقاصي الأرض. لقد كانت خطة تقدمية. كانت أورشليم هي مركز الحياة الدينية اليهودية، المكان الذي فيه حوكم المسيح وصلب. وكانت اليهودية والسامرة منطقتان مجاورتين لأورشليم وقد خدم المسيح فيهما أيضاً. مع ذلك، فإنه لم يكن مطلوب من التلاميذ أن يحدّوا أنفسهم بهذه الأماكن وحدها. بل إن نطاق مأموريتهم كان هو العالم بأسره.


٤. تَوَجُّه المأمورية. في أزمنة العهد القديم، كانت الأمم هي التي ينبغي أن تنجذب إلى الله (انظر إشعياء ٢: ١-٥)، ولم تكن إسرائيل هي التي ينبغي أن «تأخذ» الله إلى الأمم. أما الاستثناءات القليلة (كيونان، على سبيل المثال) فلم تبطل القاعدة العامة. أما في زمن التلاميذ، فقد اختلفت الطريقة. كانت أورشليم لا تزال هي المركز، ولكن بدلاً من البقاء فيها وبناء الجذور هناك، كان المتوقع من التلاميذ أن يخرجوا إلى أقاصي الأرض.


اقرأ لوقا ٢٤: ٤٤-٤٨. ماذا كانت الرسالة الأساسية التي كان ينبغي على التلاميذ أن يكرزوا بها؟


في الأربعين يوماً التي قضاها مع التلاميذ بعد القيامة (أعمال الرسل ١: ٣)، لا بد وأن يكون المسيح قد شرح لهم الكثير من الحقائق المتعلقة بملكوت الله، حتى وإن كان هناك الكثير الذي لا يفهمونه، كما يتبين من سؤالهم في أعمال الرسل ١: ٦. لقد كانوا على دراية بالنبوءات ولكنهم لم يتمكنوا من رؤيتها في ضوء جديد، الضوء المشع من الصليب والقبر الفارغ (انظر أعمال الرسل ٣: ١٧-١٩).


الثلاثاء ٣ تموز (يوليو)


إنه سَيَأْتِي ثانية


اقرأ أعمال ١: ٩-١١. كيف يصور لوقا صعود المسيح؟ ما هي أهمية وجود ملاكين يتكلمون إلى التلاميذ؟ (انظر تثنية ١٩: ١٥)؟


إن سرد لوقا لحدث الصعود يعتبر مختصراً نوعاً ما. كان المسيح مع التلاميذ على جبل الزيتون، وبينما كان لا يزال يباركهم (لوقا ٢٤: ٥١)، أُخذ إلى السماء. وقد كان مَنْظَراً أَخَّاذاً حقاً، وإِنْ تمَّ تصويره كما بدا للعين البشرية. فقد كان المسيح يغادر الأرض، ولم تكن هناك طريقة أخرى للقيام بذلك بشكل مرئي سوى الارتفاع إلى أعلى.


لقد كان الصعود عملاً خارقاً من أعمال الله الكثيرة في كل الكتاب المقدس. ويفهم هذا ضمنياً من خلال الطريقة التي وصف بها لوقا حدث الصعود مستخدماً صيغة المجهول «epērthē» في اللغة اليونانية، والتي تعني «أُخِذَ» (أعمال ١: ٩). وعلى الرغم من أن هذه الكلمة قد اُستخدمت هنا فقط في العهد الجديد، إلا أن هذه الصيغة اللفظية قد وردت عدة مرات في النسخة اليونانية من العهد القديم (الترجمة السبعينية). وفي كل هذه المرات، تصف هذه الصيغة أعمال الله، مما يوحي بأن الله هو نفسه الذي أخذ يسوع إلى السماء، إذ أنه هو الذي أقامه من الأموات (أعمال ٢: ٢٤، ٣٢؛ رومية ٦: ٤؛ ١٠: ٩).


وبعد أن «أَخَذَتْهُ [المسيح] سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ»، يروي لوقا – فقط في سفر أعمال الرسل – حدث الشخصين اللذين كانا يرتديان لِبَاسٍ أَبْيَضَ ويقفان بجوار التلاميذ. ويتوافق الوصف مع أوصاف الملائكة بثيابهم اللامعة (أعمال ١٠: ٣٠؛ يوحنا ٢٠: ١٢). لقد جاءا ليؤكدا للتلاميذ أن المسيح سيأتي بنفس الطريقة التي رأوه مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ. وفقط سفر أعمال الرسل أيضاً هو الذي يخبرنا أن المسيح ارْتَفَعَ «وَهُمْ يَنْظُرُونَ» (أعمال ١: ٩).


وهكذا أصبح الصعود المرئي هو الضمان للعودة المرئية، والتي سوف تحدث فِي سَحَابَةٍ أيضاً، وإن كانت ستحدث «بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ « (لوقا ٢١: ٢٧)، ولن تكون حدثاً خاصاً، إذ «سَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ» (رؤيا ١: ٧)، ولن يكون وحده (لوقا ٩: ٢٦؛ ٢تسالونيكي ١: ٧). إن مجد المجيء الثاني سوف يفوق مجد الصعود.


كيف يمكننا أن نتعلم الإبقاء على الحقيقة والوعد بالمجيء الثاني نصب أعيننا دائماً؟ كيف ينبغي لهذا الحق العظيم أن يؤثر في كافة مجالات حياتنا، مثل الشؤون المالية والأولويات والخيارات الأخلاقية؟


الأربعاء ٤ تموز (يوليو)


الاستعداد ليوم الخمسين


إن ردَّ المسيح في أعمال ١: ٧، ٨، لم يقدم أي تعهد فيما يتعلق بالوقت. ومع ذلك، فإن المضمون الطبيعي لكلماته هو أنه كان سيأتي بعد انسكاب الروح القدس وإتمام التلاميذ لمأموريتهم مباشرة (انظر أيضاً متى ٢٤: ١٤). كما أن ملاحظة الملاكين (أعمال ١: ١١) لم تجيب السؤال حول متى سيأتي الملكوت، ولكن يمكن أن يفهم جوابهما كما لو أن المدة لن تكون طويلة. ويبدو أن هذا يفسر السبب في أن التلاميذ «رَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ» (لوقا ٢٤: ٥٢). إن وعد المجيء الثاني للمسيح في وقت غير محدد، الذي كان ينبغي أن يعطيهم المزيد من التشجيع للقيام بمأموريتهم، نُظر إليه على أنه يعني أن النهاية قد اقتربت. وستظهر التطورات الإضافية في سفر الأعمال هذه الفكرة.


اقرأ أعمال ١: ١٢-١٤. مَن هم الأشخاص الآخرين الذي كانوا في العلية أيضاً، وكيف أعدوا أنفسهم لمجيء الروح القدس؟


بعد عودتهم من جبل الزيتون، اجتمع التلاميذ في غرفة الضيوف العلوية في منزل خاص يتكون من طابقين في أورشليم. وكان هناك أيضاً بعض أتباع المسيح من النساء (لوقا ٨: ١-٣؛ ٢٣: ٤٩؛ ٢٤: ١-١٢)، وكذلك أم يسوع وإخوته كانوا مع التلاميذ.


إنَّ إخوة يسوع هم (مرقس ٦: ٣)، إما أبناء يوسف مِنْ مريم التي (لَمْ يَعْرِفْهَا [يوسف] حَتَّى وَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ. وَدَعَا اسْمَهُ يَسُوعَ) (متى ١: ٢٥؛ لوقا ٢: ٧) أو، على الأرجح، هم أبناء يوسف من زواجه الأول. وفي هذه الحالة، يكون يوسف أرملاً عندما أخذ مريم زوجة له. ووجود إخوة يسوع مع التلاميذ كان بمثابة مفاجأة لأنه كان لديهم دائماً بعض الشكوك المتعلقة بحقيقة مرسلية المسيح (مرقس ٣: ٢١؛ يوحنا ٧: ٥). ومع ذلك، يبدو أن القيامة وظهور المسيح ليعقوب بشكل خاص (١كورنثوس ١٥: ٧) قد أحدث كل الفرق. وفي وقت لاحق، كان يبدو أن يعقوب سيحل محل بطرس في قيادة المجتمع المسيحي (أعمال ١٢: ١٧؛ ١٥: ١٣؛ ٢١: ١٨؛ غلاطية ٢: ٩، ١٢).


ولأنهم كانوا يواظبون على الصلاة (أعمال ١: ١٤) ويواظبون على تسبيح الله في الهيكل (لوقا ٢٤: ٥٣)، فلا شك في أنهم جميعاً قد امضوا وقتاً في الاعتراف والتوبة والتخلص من الخطية. وعلى الرغم من أن عقولهم كانت ترى أن حلول الروح القدس سيؤدي إلى مجيء المسيح مباشرة، إلا أن موقفهم الروحي كان في تناغم تام مع ما كان على وشك أن يحدث، وذلك حين حل الروح القدس استجابة للصلاة.


في خياراتنا اليومية، ما هي الوسائل التي يمكننا من خلالها أن نساعد في إعداد الطريق لعمل الروح القدس في حياتنا؟


الخميس ٥ تموز (يوليو)


الرسول الثاني عشر


كان أول عمل إداري يقوم به أعضاء الكنيسة المسيحية الأولى، البالغ عددهم ١٢٠ مؤمناً (أعمال ١: ١٥)، هو اختيار بديل ليهوذا.


اقرأ أعمال ١: ٢١، ٢٢. ما هي المؤهلات التي كان يُتَوقَع أن تكون لدى خليفة يهوذا؟ ولماذا تعد هذه المؤهلات ذات أهمية بالغة؟


كان الحاجة إلى شاهد على قيامة المسيح (قارن مع أعمال ٤: ٣٣)؛ وهذا أمر بالغ الأهمية لأنّ القيامة تعتبر برهاناً قوياً على أن يسوع هو المسيا، وبرهاناً قوياً أيضاً على حقيقة الإيمان المسيحي بأكمله.


مع ذلك، فقد كان ينبغي الاختيار من بين أولئك الذي رافقوا التلاميذ طوال خدمة يسوع. ويشدد بولس في وقت لاحق على أنه بالرغم من عدم مرافقته للمسيح عندما كان يعيش على الأرض بالجسد، إلا أنه يرى أنه رسول للمسيح وبأن لقاءه بالمسيح في الطريق إلى دمشق قد أهَّله ليشهد بقيامته (١كورنثوس ٩: ١). وعلى الرغم من اعترافه بأنه « آخِرَ الْكُلِّ ­ كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ­« (١كورنثوس ١٥: ٨)، إلا أن بولس قد رفض اعتبار نفسه أقل تأهيلاً من الرسل الآخرين (١كورنثوس ٩: ٢؛ غلاطية ٢: ٦-٩). لذا، فإنّ الاثني عشر وبولس هم فقط الذين كانوا «رُسُلاً» بالمعنى الإصْطِلاحِيّ الرسمي (أعمال ١: ٢٥، ٢٦)؛ ومع ذلك، فإنّ مصطلح «مبعوثين» أو «مرسلين» بمعناه الأساسي العام، يمكن أن يستخدم للإشارة إلى خدام الإنجيل الآخرين (أعمال ١٤: ٤، ١٤؛ غلاطية ١: ١٩).


اقرأ أعمال ١: ٢٣-٢٦. كيف تم اختيار متياس؟


إن الطريقة التي استخدموها لاختيار متياس قد تبدو غريبة، لكن إلقاء الْقُرْعَة كان وسيلة راسخة ومتعارفاً عليها منذ أمد طويل لاتخاذ القرارات (على سبيل المثال، لاويين ١٦: ٥-١٠؛ سفر العدد ٢٦: ٥٥). وبالإضافة إلى ذلك، كان يتم الاختيار من بين مرشحين معروفين بالفعل، ولديهما مؤهلات متساوية، ولم تكن هذه القرعة خطوة إلى المجهول. وقد صلى المؤمنون أيضاً إلى الله، ولديهم الاقتناع بأن النتيجة ستعكس مشيئته (قارن مع أمثال ١٦: ٣٣). ولا يوجد دليل على أنه قد تم الاعتراض على القرار الناتج عن إلقاء القرعة. أما بعد يوم الخمسين فلم تعد القرعة ضرورية لأن المؤمنين كانوا يحصلون على التوجيه المباشر من الروح القدس (أعمال ٥: ٣؛ ١١: ١٥- ١٨؛ ١٣: ٢؛ ١٦: ٦-٩).


إذا حدث وجاءك شخص ما يسأل: «كيف يمكنني أن أعرف ما هي مشيئة الله لحياتي؟» فماذا سيكون جوابك، ولماذا؟


الجمعة ٦ تموز يوليو


لمزيد من الدرس: «إن الفترة الانتقالية بأكملها، الواقعة بين يوم الخمسين والمجيء الثاني للمسيح (مهما طالتْ أو قصُرتْ)، ينبغي أن تكون زاخرة بالعمل المرسلي للكنيسة في جميع أنحاء العالم بقوة الروح القدس. يجب على أتباع المسيح أن يعلنوا ما أنجزه [المسيح] عند مجيئه الأول وأن يقوموا بدعوة الناس إلى التوبة والإيمان استعداداً لمجيئه الثاني. عليهم أن يكونوا شهوده ‹إِلَى أَقْصَى الأَرْضِ› ([أعمال] ١: ٨) و ‹إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ› ... ونحن ليس لدينا حرية التوقف عن القيام بذلك حتى يتم إنجاز هاتين المأموريتين» [جون ر. و. ستوت، رسالة سفر أعمال الرسل: الروح القدس، الكنيسة والعالم (داونرز غروف: إنتيرفارسيتي، ١٩٩٠)، صفحة ٤٤].


«وقد شمل تفويض المخلص لتلاميذه كل المؤمنين، وهو يشمل كل المؤمنين بالمسيح في كل العصور. إن الظن بأن عمل ربح النفوس وتخليصها مقتصر على الخدَّام المرسومين وحدهم هو خطأ قاتل. إن كل من قد أتى إليهم الوحي الإلهي قد استؤمنوا على الإنجيل. وكل من يقبلون حياة المسيح هم معينون لأن يعملوا على خلاص بني جنسهم. لقد أقيمت الكنيسة لأجل هذا العمل، وكل من يأخذون على أنفسهم عهودها المقدسة قد ارتبطوا بموجب تلك العهود أن يكونوا عاملين مع المسيح» (روح النبوة، مشتهى الأجيال، صفحة ٧٧٦).


أسئلة للنقاش


١. إن الآية في أعمال ١: ٧ هي ترديد لصدى ما جاء في مرقس ١٣: ٣٢: «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ.» تقول روح النبوة: «لن تكون هناك رسالة لشعب الله تتعلق بالزمن مرة أخرى. نحن لسنا لنعرف الوقت المحدد إما لانسكاب الروح القدس أو لمجيء المسيح» (رسائل مختارة، مجلد ١، صفحة ١١٨). وتضيف بالقول: «إن كل مَن يبدأ بإعلان رسالة تنبئ بساعة أو يوم أو سنة لظهور المسيح، يضع على عاتقه نِيراً ويُعلن رسالة لم يُعْطِها له الرب أبدا» (آدفنت ريفيو آند ساباث هيرالد، ١٢أيلول/سبتمبر، ١٨٩٣). ما هي أهمية هذه الفقرات بالنسبة لنا اليوم؟


٢. قال أحدهم: «الله بحاجة إلى شهود أكثر من حاجته إلى محامين.» ما رأيك في هذا التعبير؟


٣. ماذا كان دور الصلاة في الكنيسة الأولى؟ هل من قبيل الصدفة أننا نجد إشارة إلى الصلاة في كل لحظة حاسمة كانت تمر بحياة الكنيسة الأولى؟ (أعمال ١: ٢٤؛ ٨: ١٤-١٧؛ ٩: ١١، ١٢؛ ١٠: ٤، ٩، ٣٠؛ ١٣: ٢، ٣)؟ ما هو دور الصلاة في حياتنا؟


الدرس الثاني ٧-١٣ تموز (يوليو)


يوم الخمسين






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: أعمال ٢: ١-٤؛ يوحنا ١٤: ١٦؛ أعمال ٢: ٥-١٣؛ يوئيل ٢: ٢٨-٣٢؛ أعمال ٢: ٢٢-٣٩؛ مزمور ١١٠: ١-٣.


آية الحفظ: «يَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ. وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ» (أعمال ٢: ٣٢-٣٣).


إن «يوم الخمسين» هو اسم «عِيدَ الأَسَابِيعِ» عند اليهود (خروج ٣٤: ٢٢)؛ ويعرف أيضاً باسم عيد «يَوْمِ الْبَاكُورَةِ» أو عيد «بَاكُورَةِ الثَّمَرِ» في بعض الترجمات (سفر العدد ٢٨: ٢٦). والمصطلح يعني «الخمسين» وقد سُمي كذلك لأنه كان يتم الاحتفال بهذا العيد في اليوم الخمسين من تقديم حزم الشعير، في اليوم الأول بعد عيد الفصح. لقد كان يوماً من الفرح والشكران، عندما كان بنو إسرائيل يقدمون أمام الرب «أَبْكَارِ حِصَادِ الْحِنْطَةِ» (خروج ٣٤: ٢٢).


ثم أصبح العيد رمزاً مناسباً للحصاد الروحي الأول للكنيسة المسيحية، عندما انسكب الروح القدس بغزارة أكثر من أي وقت مضى، واعتمد ثلاثة آلاف شخص في يوم واحد (أعمال ٢: ٤١). وبعد صعود المسيح وتمجيده في السماء، كان هذا الانسكاب للروح القدس مفاجئاً، وقد كان حدثاً خارقاً حَوَّلَ التلاميذ من جليليين بسطاء غير معروفين إلى رجال إقناع وشجاعة، من شأنهم تغيير العالم.


وكثيراً ما يسمى «يوم الخمسين» عيد ميلاد الكنيسة، لأنه اليوم الذي اكتسب فيه أتباع المسيح، من اليهود و (في وقت لاحق) من الأمم، الشرعية باعتبارهم مجتمع الله الجديد على الأرض.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ١٤تموز (يوليو).


الأحد ٨ تموز (يوليو)


مجيء الروح القدس


إطاعة لأمر المسيح، انتظر المؤمنون في أورشليم الوعد بحلول الروح القدس، وقد انتظروا في جو من الصلاة الحارة والتوبة الصادقة والتسبيح. «وَلَمَّا حَضَرَ يَوْمُ الْخَمْسِينَ كَانَ الْجَمِيعُ مَعًا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ» (أعمال ٢: ١). وربما كانوا مجتمعين في نفس الغرفة العلوية الواسعة التي ورد ذكرها في أعمال ١. مع ذلك، فسرعان ما كانوا سينتقلون إلى منطقة أكثر شعبية (أعمال ٢: ٦-١٣).


اقرأ أعمال ٢: ١-٣. ما هي العناصر الخارقة التي رافقت انسكاب الروح القدس؟


كان المشهد قوياً. فقد كان هناك ضجيجاً مفاجئاً من السماء مثل دوي عاصفة من الرياح العنيفة التي ملأت المكان بأكمله، ثم ظهر ما بدا أنه ألسنة من نار واستقرت على أولئك المتواجدين هناك.


في الكتاب المقدس، غالباً ما ترتبط الرياح والنار بالتجلي الإلهي (على سبيل المثال، خروج ٣: ٢؛ ١٩: ١٨؛ تثنية ٤: ١٥). بالإضافة إلى ذلك، الرياح والنار يمكن أن يُستخدما أيضاً لتمثيل روح الله (يوحنا ٣: ٨؛ متى ٣: ١١). وفي حالة يوم الخمسين، وأياً كان المعنى المحدد لهذه الظواهر، فإنها كانت علامات إسْتِهْلال لحظة فريدة من نوعها في تاريخ الخلاص، انسكاب الروح القدس الموعود به.


لقد كان الروح القدس يعمل دائماً. وكثيراً ما كان تأثيره على شعب الله في أزمنة الكتاب المقدس يتجلى بطريقة بارزة، لكنه لم يعلن في ملئه أبداً. «في أثناء عهد الآباء أعلنت قوة الروح القدس وظهر تأثيره بشكل ملحوظ، ولكن الروح لم يتجلَّ في ملئه أبداً. أما الآن فقدم التلاميذ ابتهالاتهم، إطاعة لقول المخلص في طلب هذه العطية، كما أن المسيح في السماء أضاف شفاعته ووساطته إلى هذه الابتهالات. فقد طالب بموهبة الروح القدس لكي يسكبها على شعبه» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٢٤).


وقد تنبأ يوحنا المعمدان بمعمودية الروح القدس مع مجيء المسيا (لوقا ٣: ١٦؛ قارن مع أعمال ١١: ١٦)، وقد أشار المسيح عدة مرة إلى انسكاب الروح القدس (لوقا ٢٤: ٤٩؛ أعمال ١: ٨). وكان هذا الانسكاب أول عمل تشفعي قام به المسيح أمام الآب [بعد صعوده] (يوحنا ١٤: ١٦، ٢٦؛ ١٥: ٢٦). وفي يوم الخمسين، تُمِّم الوعد.


وعلى الرغم من أن المعمودية بالروح في يوم الخمسين كانت حدثاً فريداً من نوعه لكونه مرتبطاً بنصرة المسيح على الصليب وتمجيده في السماء، إلا أنّ الامتلاء من الروح القدس هو اختبار ينبغي أن يتكرر باستمرار في حياة المؤمنين (أعمال ٤: ٨، ٣١؛ ١١: ٢٤؛ ١٣: ٩، ٥٢؛ أفسس ٦: ١٨).


ما هي الأدلة التي لديك على عمل الروح القدس في حياتك؟


الاثنين ٩ تموز (يوليو)


موهبة التكلم بألسنة


في أعمال ٢: ٤، تجلى الروح القدس من خلال موهبة التكلُّم بألسنة. ومع ذلك، فقد كانت هذه الموهبة واحدة من بين العديد من التجليات المختلفة للروح القدس (أعمال ١٠: ٤٥، ٤٦؛ ١٩: ٦). بعض المواهب الأخرى تتضمن التنبؤ بالمستقبل (أعمال ١١: ٢٨)، الرؤى (أعمال ٧: ٥٥)، العظات الموحى بها (أعمال ٢: ٨؛ ٢٨: ٢٥)، الشفاء (أعمال ٣: ٦، ١٢؛ ٥: ١٢، ١٦)، والتأهل للخدمة (أعمال ٦: ٣، ٥).


إن موهبة التكلم بألسنة لم تعط في يوم الخمسين لأنها كانت الدليل النموذجي أو الدليل الأهم على انسكاب الروح القدس. بل لقد تجلت هذه الموهبة من أجل استهلال المرسلية العالمية للكنيسة. ما يعنيه هذا هو أن الدعوة المقدمة في أعمال ١: ٨ كانت تتطلب هبة التكلم بألسنة. فإذا كان على التلاميذ عبور الحواجز الثقافية والوصول إلى أقاصي الأرض، فقد كانوا بحاجة إلى أن يكونوا قادرين على التحدث بلغات أولئك الذين يحتاجون إلى سماع ما يقوله التلاميذ.


اقرأ أعمال ٢: ٥-١٢. ما هو الدليل على أن الرسل تكلموا بلغات أجنبية كانت موجودة بالفعل؟


تُشير التقديرات إلى أنه في القرن الأول الميلادي كان هناك ما بين ثمانية إلى عشرة ملايين يهودي في العالم، وأن ما يصل إلى ٦٠ بالمائة منهم كانوا يعيشون خارج أرض يهوذا. ومع ذلك، فإن الكثيرين الذين كانوا في أورشليم للاحتفال بالعيد كانوا من أرض أجنبية ولا يمكنهم التكلّم باللغة الآرامية، لغة اليهود في يهوذا في ذلك الوقت.


ليس هناك شك في أن معظم المهتدين في يوم الخمسين كانوا يهوداً من مختلف البلدان، وقد أمكنهم الآن سماع البشارة بلغاتهم الأصلية. إن حقيقة أن الرسل قد تكلموا باللغات الأجنبية التي كانت موجودة آنذاك، ولم يتكلموا بلغات غير معروفة يتضح من خلال مصطلح « ‹dialekto› أو ‹دياليكتوس› » (أعمال ٢: ٦، ٨)، الذي يعني لغة أمة أو منطقة (قارن مع أعمال ٢١: ٤٠؛ ٢٢: ٢؛ ٢٦: ١٤). ومن الواضح، إذن، أنهم كانوا يتكلمون بهذه اللغات المختلفة. وكانت المعجزة هي أن الجليليين البسطاء كانوا الآن يتحدثون بلغة لم يكونوا يعرفونها قبل ذلك بساعات قليلة. وبالنسبة لأولئك اليهود المحليين الذين رأوا المشهد ولكن لم يكونوا يعرفون هذه اللغات، كان التفسير الممكن الوحيد هو أن الرسل كانوا سكارى يصدرون أصواتاً غريبة لا معنى لها. «وَكَانَ آخَرُونَ يَسْتَهْزِئُونَ قَائِلِينَ: ‹إِنَّهُمْ قَدِ امْتَلأُوا سُلاَفَةً› » (أعمال ٢: ١٣).


إن ما كان يحدث أمام أعين أولئك الأشخاص كان تجلياً قوياً لله، ومع ذلك اعتقدوا أن ذلك مجرد سكر؟ كيف يمكننا الحذر بحيث لا نكون نحن أنفسنا عميان روحياً؟


الثلاثاء ١٠ تموز (يوليو)


عظة بطرس


إنَّ تهمة السكر أعطت بطرس الفرصة ليشرح ما حدث. في عظته، أشار الرسول بطرس إلى الكتاب المقدس أولاً (أعمال ٢: ١٦-٢١)، واصفاً انسكاب الروح القدس على أنه إتمام للنبوءة.


قارن أعمال ٢: ١٧ مع يوئيل ٢: ٢٨. كيف فهم بطرس وقت إتمام نبوءة يوئيل؟


كانت نبوءة يوئيل عن العصر المستقبلي للخلاص (يوئيل ٢: ٣٢)، الذي سيتميز بالعديد من العلامات في العالم الطبيعي وانسكاب غزير للروح القدس (يوئيل ٢: ٢٨-٣١). من خلال تفسير حدث يوم الخمسين في ضوء النبوءة، قصد بطرس أن يؤكد على الصلة التاريخية لتلك اللحظة. لكن هناك فرق هام في الطريقة التي اقتبس بها بطرس يوئيل. فبدلاً من عبارة يوئيل التمهيدية «وَيَكُونُ بَعْدَ ذلِكَ» (يوئيل ٢: ٢٨)، التي أشارت إلى المستقبل بشكل عام، قال بطرس «فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ» (أعمال ٢: ١٧)، مشيراً إلى أن العمل النهائي في أحداث الخلاص العظيمة قد بدأ للتو. وهذا بالطبع ليس وصفاً كاملاً لأحداث زمن المنتهى، ولكنه دليل على الإحساس بالحاجة الملحة التي ميَّزت الكنيسة الأولى. إنهم لم يعرفوا متى ستكون النهاية لكنهم كانوا مقتنعين أن الوقت ليس بعيداً.


اقرأ أعمال ٢: ٢٢-٢٣. ماذا كانت النقطة الأساسية في عظة بطرس؟


بعد تسليط الضوء على الأهمية النبوية ليوم الخمسين، تحول بطرس إلى الأحداث الأخيرة المتعلقة بحياة وموت وقيامة المسيح. مع ذلك، فقد كانت القيامة هي التي حظيت بقدر أكبر من التركيز، إذ أنها مثَّلت العامل الحاسم في البشارة. فبالنسبة لبطرس، كانت القيامة هي البرهان الأساسي المطلق على أن المسيح هو المسيا (أعمال ٢: ٢٢، ٢٧)، وقد اقتبس من الأسفار المقدسة للمساعدة في توضيح نقطته فيما يتعلق بمعنى القيامة.


لأن المسيح كان هو المسيا، فإنه لم يكن من الممكن احتجازه من قبل الموت. لذا فإنه بالنسبة لبطرس ولجميع كتبة أسفار العهد الجديد، أصبحت القيامة برهاناً قوياً ليس على أن المسيح هو المسيا فحسب، وإنما على مجمل رسالة الخلاص المسيحية.


في ظل الموت المحيط بنا، والذي يهددنا أو أحباءنا بصفة دائمة، لماذا تعد قيامة المسيح حقيقة غاية في الأهمية؟


الأربعاء ١١ تموز (يوليو)


تمجيد المسيح


«وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ» (أعمال ٢: ٣٣).


في الجزء الثالث من خطابه، عاد بطرس إلى مسألة الألسنة، التي اجتذبت الناس في المقام الأول. فبدلاً من أن يكون التلاميذ سكارى، وهو الأمر الذي كان سيكون غريباً في التاسعة صباحاً (أعمال ٢: ١٥)، كان المؤمنون يتكلمون بألسنة لأن الروح القدس كان قد انسكب للتو من السماء.


اقرأ أعمال ٢: ٣٣-٣٦. ما هي العلاقة بين تمجيد المسيح عن يمين الله وبين انسكاب الروح القدس؟


إن اليد اليمنى لله هي مركز السلطة (مزمور ١١٠: ١-٣). فإن حجة بطرس، التي أسسها على الكتاب المقدس، هي أنَّ المسيح قد سكب الروح القدس على أتباعه بموجب ارتقائه (أي المسيح) إلى مثل هذا المركز في السماء. إن التمجيد لم يمنح المسيح مركزاً لم يكن له من قبل (يوحنا ١: ١-٣، ١٧: ٥). بدلاً من ذلك، كان هذا التمجيد يمثِّل المصادقة السامية مِنْ قِبل الآب على كون المسيح رباً ومخلصاً (أعمال ٢: ٣٦).


إن هذا الحدث، في الواقع، يأتي بنا إلى أحد أكثر المواضيع أهمية في الكتاب المقدس: الصراع الكوني بين الخير والشر. النقطة هي أن الروح القدس لا يمكنه أن يُعْطَى بشكل تام ما لم يتمجد المسيح (يوحنا ٧: ٣٩)، وما كان المسيح ليتمجد لو لم ينتصر على الصليب (يوحنا ١٧: ٤، ٥). وبعبارة أخرى، كان تمجيد المسيح هو الشرط لمجيء الروح القدس لأن مجيئه يدل على تصديق الله على إنجازات المسيح على الصليب، بما في ذلك هزيمة مَن اغتصب سلطة هذا العالم (يوحنا ١٢: ٣١).


إن دخول الخطية إلى العالم قد ألقت ظلاً على الله. كان موت المسيح ضرورياً، ليس لأجل فداء البشرية فحسب، ولكن من أجل إبراء الله وفضح الشيطان باعتباره محتالاً. في خدمة المسيح، كان عصر الخلاص قد بدأ بالفعل (لوقا ٤: ١٨-٢١). فعندما كان المسيح يطرد الشيطان أو يغفر الخطايا، فهو إنما كان يحرر أسرى الشيطان. ومع ذلك، فقد كان الصليب هو الذي من شأنه أن يمنح المسيح السلطة الكاملة للقيام بذلك. لذلك فإنه عندما تمت المصادقة على تضحية المسيح بذاته، تلقى الشيطان ضربة قاسية، وانسكب الروح القدس لإعداد شعب لمجيء المسيح.


الخميس ١٢ تموز (يوليو)


الباكورة


لقد تأثر مستمعي بطرس تأثراً شديداً بكلماته. فربما كان البعض منهم من بين الذين طلبوا أن يصلب المسيح قبل ذلك ببضعة أسابيع (لوقا ٢٣: ١٣-٢٥). أما الآن، وبعد أن اقتنعوا بأن يسوع الناصري كان بالفعل هو المسيا المعين من قبل الله، صرخوا بحزن قائلين: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟» (أعمال ٢: ٣٧).


اقرأ أعمال ٢: ٣٨. ما هما المطلبان الأساسيان للمغفرة؟


التوبة تعني تغييراً جذرياً في الاتجاه في الحياة، الابتعاد عن الخطية (أعمال ٣: ١٩؛ ٢٦: ٢٠)، بدلاً من مجرد شعور بالحزن أو الندم. إن التوبة الحقيقية، جنباً إلى جنب مع الإيمان، هي هبة من الله. لكن، مثل كل الهبات، يمكن رفضها (أعمال ٥: ٣١-٣٣؛ ٢٦: ١٩-٢١؛ رومية ٢: ٤).


منذ زمن يوحنا المعمدان، كانت التوبة مرتبطة بالمعمودية (مرقس ١: ٤). معنى هذا أن المعمودية أصبحت تعبيراً عن التوبة، أي أصبحت طقساً يرمز إلى غسل الخطايا والتجديد الأخلاقي المُقَدَّم من الروح القدس (أعمال ٢: ٣٨؛ ٢٢: ١٦؛ قارن مع تيطس ٣: ٥-٧).


اقرأ أعمال ٢: ٣٨، ٣٩. ما هو الوعد الخاص الذي يعطى لأولئك الذين يتوبون ويعتمدون؟


لم يُمنح الناسُ في يوم الخمسين مغفرة للخطايا فحسب، بل مُنحوا أيضاً ملء الروح القدس من أجل النمو الشخصي للقيام بالخدمة في الكنيسة، وخاصة القيام بالعمل المرسلي. ولعل هذه هي أعظم كل البركات، لأن السبب الرئيسي لوجود الكنيسة هو مشاركة أخبار الإنجيل السارة (١بطرس ٢: ٩). لذا، فإنه من تلك النقطة فصاعداً، كان لدى أتباع المسيح يقين بالخلاص وقوة الروح القدس التي تمكنهم من العمل المرسلي الذي دُعيت الكنيسة للقيام به.


لماذا يعد إدراك الحصول «على غفران الخطايا» أمراً هاماً جداً بالنسبة لمن يريد أن يعلن بشارة الإنجيل؟ فعلى كل حال، أي رجاء يمكنك أن تقدمه للآخرين في المسيح ما لم يكن لديك أنت نفسك هذا الرجاء؟


الجمعة ١٣ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس: إن انسكاب الروح القدس في يوم الخمسين قد كشف عن حقيقة هامة بشأن ما حدث في السماء وبشأن كيف قبل الله الآب ذبيحة المسيح لأجل خطايا العالم. كما أعلن انسكاب الروح القدس أيضاً أن عمل المسيح في السماء نيابة عنَّا، إسْتِنَاداً إلى تضحيته على الأرض، كان قد ابتدأ. إن هذه الأحداث المدهشة هي إيضاحات أكثر للحقيقة الرائعة ألا وهي أن السماء والأرض مرتبطتان بطرق لا يمكننا فهمها بشكل تام الآن.


«إن صعود المسيح إلى السماء كان علامة على أن تابعيه سيقبلون البركة الموعود بها. ... وعندما دخل المسيح من أبواب السماء جلس على عرشه وسط تمجيد الملائكة. وحالما تم كل هذا نزل الروح القدس على التلاميذ في سيول غامرة، وَتَمَجَّدَ المسيح حقا بالمجد الذي كان له عند الآب منذ أيام الأزل. إن انسكاب الروح في يوم الخمسين كان علامة السماء على أن عملية تتويج الفادي وتسلمه للسلطة قد تمت. فبناءً على وعده أرسل الروح القدس من السماء إلى تابعيه كعلامة على أنه قد أخذ كل سلطان في السماء وعلى الأرض ككاهن وملك، وصار هو المسيح (الممسوح) على شعبه» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٢٥).


أسئلة للنقاش


١. ما هي أحداث يوم الخمسين التي يمكن للكنيسة أن تتوقع اختبارها في حياتها اليوم؟ ما هي الأمور التي حدثت في يوم الخمسين ويمكن أن تتكرر، وما هي الأمور التي لا يمكن تكرارها؟


٢. أمعن التفكير في حقيقة أن بطرس قد جعل من قيامة المسيح جزءاً هاماً من رسالته في يوم الخمسين. إن ما جعل القيامة أكثر إثارة للدهشة هو أن أياً من التوقعات اليهودية التي كانت موجودة في ذلك الوقت بشأن المسيا لم تتوقع أن يقوم مسيا من الأموات. إن هذا الأمر لم يكن في الحسابات الروحية لأي شخص؛ إنه لم يكن الشيء الذي كان يتوقعه أولئك الذين ينتظرون مجيء المسيا. ما هي الدروس التي يمكن أن نتعلمها من هذا حول كيف أننا بحاجة إلى معرفة ما يعلِّمه الكتاب المقدس، على نقيض التعاليم الشائعة، أَيًّا كانَت، التي ظهرت في وقت لاحق؟


٣. تحدثت الآية في أعمال ٢: ٣٨ عن الحاجة إلى المعمودية. هل معنى هذا أن أي شخص آمن بالمسيح لكنه مات قبل أن يعتمد يجب، بالضرورة، أن يهلك؟ قم بتبرير إجابتك.


الدرس الثالث ١٤- ٢٠ تموز (يوليو)


الحياة في الكنيسة الأولى






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: أعمال ٢: ٤٢-٤٦؛ أعمال ٤: ٣٤، ٣٥؛ أعمال ٣: ١-٢٦؛ أعمال ٤: ١-١٨؛ أعمال ٥: ١-١١؛ أعمال ٥: ٣٤-٣٩.


آية الحفظ: «وَكَانُوا كُلَّ يَوْمٍ يُواظِبُونَ فِي الْهَيْكَلِ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَإِذْ هُمْ يَكْسِرُونَ الْخُبْزَ فِي الْبُيُوتِ، كَانُوا يَتَنَاوَلُونَ الطَّعَامَ بِابْتِهَاجٍ وَبَسَاطَةِ قَلْبٍ، مُسَبِّحِينَ اللهَ، وَلَهُمْ نِعْمَةٌ لَدَى جَمِيعِ الشَّعْبِ. وَكَانَ الرَّبُّ كُلَّ يَوْمٍ يَضُمُّ إِلَى الْكَنِيسَةِ الَّذِينَ يَخْلُصُونَ» (أعمال ٢: ٤٦، ٤٧).


كان الإحساس بالمتطلبات الملحة لدى الكنيسة الأولى قوياً بشكل لا يضاهى. إن الطريقة التي أجاب بها يسوع على السؤال المتعلق بتأسيس المُلك المسياني، تاركاً موضوع التوقيت مفتوحاً (أعمال ١: ٦-٨)، يمكن أن يُفهم على أنه يعني أن كل شيء يتوقف على مجيء الروح القدس وإتمام المرسلية الرسولية. لذا، فإنه عندما جاء يوم الخمسين، اعتقد المؤمنون الأوائل أن كل شيء قد أُتْمِم: أي أنَّهم قد تسلموا الروح القدس وشاركوا البشارة مع العالم أجمع. وقد اعتقد الرسل أن العالم قد جاء إليهم ليسمع البشارة دون أن يغادروا أورشليم ويذهبوا إلى العالم (أعمال ٢: ٥-١١).


وما حدث بعد ذلك هو أن أفراد الكنيسة قد تخلوا عن الممتلكات المادية. فنظراً لشعورهم بأن الوقت قصير، باعوا كل ما لديهم وكرّسوا أنفسهم للتعلم والشركة مع مواصلة الشهادة ليسوع، لكن فقط في أورشليم. إن الحياة الاجتماعية التي قامت الكنيسة بإنمائها، رغم فاعليتها في مساعدة الفقراء، سرعان ما أصبحت مشكلة، وكان على الله أن يتدخل لإبقاء الكنيسة موحدة. كان هذا أيضاً هو الوقت الذي فيه بدأت الكنيسة الأولى تجد نفسها تواجه معارضة. مع ذلك، فإنه في خضم كل هذه الأمور بقي إيمان الكنيسة راسخاً لا يتزعزع.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٢١ تموز (يوليو).


الأحد ١٥ تموز (يوليو)


التعليم والشركة


بعد يوم الخمسين، تحوَّل لوقا بالحديث بحيث قدم وصفاً عاماً للحياة الداخلية للكنيسة في أورشليم. «وَكَانُوا يُواظِبُونَ عَلَى تَعْلِيمِ الرُّسُلِ، وَالشَّرِكَةِ، وَكَسْرِ الْخُبْزِ، وَالصَّلَوَاتِ» (أعمال ٢: ٤٢). ويبدو أن العناصر الأربعة المشار إليها تتعلق أساساً بالتعليم والشركة. وفقاً للآية ٤٦، كان التعليم يتم في الهيكل، بينما كانت الشركة تتم في المنازل الخاصة.


كانت ساحة الهيكل محاطة بشرفات مسقوفة وكثيرا ما كانت تستخدم من قبل الْمُعَلِّمِينَ لتعليم الشَّعْب. وحقيقة أن المؤمنين كرسوا أنفسهم لتعاليم الرسل، تُظهر أن الروح القدس لم يقودهم إلى ديانة تأملية وإنما إلى عملية تعلم مكثفة على يد الرسل الذين كان تعليمهم الموثق مصادقاً عليه بعلامات وعجائب (أعمال ٢: ٤٣).


كانت الشركة الروحية هي علامة مميزة أخرى من علامات التقوى في الكنيسة الأولى. لقد كان المؤمنون باستمرار معاً، ليس فقط في الهيكل ولكن أيضاً في منازلهم، حيث كانوا يتقاسمون وجبات الطعام ويحتفلون بالعشاء الرباني ويصلون (أعمال ٢: ٤٢، ٤٦). ومن خلال وجود مثل هذه الاحتفالات اليومية كان أفراد الكنيسة الأولى يعربون عن رجائهم في عودة المسيح القريبة، عندما سيتم استعادة شركته معهم في الملكوت المسياني (متى ٢٦: ٢٩).


لقد لعبت المنازل الخاصة دوراً رئيسياً في حياة الكنيسة الأولى. كان المؤمنون لا يزالون يحضرون احتفالات الهيكل اليومية (أعمال ٣: ١)، وفي أيام السبوت كان يفترض عليهم أن يكونوا في المعابد مع رفقائهم اليهود (يعقوب ٢: ٢)، لكن المَبَادِئ والممارسات المميزة للعبادة المسيحية كانت تتم في المنازل.


اقرأ أعمال ٢: ٤٤، ٤٥؛ ٤: ٣٤، ٣٥. ما هو الجانب الهام من جوانب الشركة المسيحية في الكنيسة الأولى؟


إيماناً منهم بأن النهاية كانت قريبة، قرر المؤمنون في الكنيسة الأولى أن ممتلكاتهم المادية، (أي «أملاكهم الخاصة» بلغة العصر)، لم تكن ذات أهمية بعد الآن. ولهذا رأوا أن الاستخدام المشترك لمواردهم المادية بدا أمراً مناسباً. لم يكن هناك ما يدعو للقلق بشأن الغد، إذ أن المسيا نفسه كان سيوفر احتياجاتهم في الملكوت المسياني (لوقا ٢٢: ٢٩، ٣٠). لقد سمحت لهم هذه المشاركة أن يختبروا شعوراً أعمق من الوحدة، بالإضافة إلى أنهم أصبحوا مثالاً رائعاً للسخاء المسيحي.


ما مدى سخاؤك في مشاركة ما أعطيت إياه من قبل الرب؟


الاثنين ١٦ تموز (يوليو)


شفاء الرَّجُلِ الأَعْرَجِ


في أعمال ٣: ١، ذهب كلاً من بطرس ويوحنا إلى الهيكل لخدمة صلاة الساعة الثالثة. وهذا يدل على الطابع اليهودي الأساسي لإيمان الكنيسة في هذه الفترة المبكرة. ما يعنيه هذا هو أن الرسل لم يذهبوا إلى الهيكل فقط للتعليم أو لهداية أشخاص جدد وإنما لأن بطرس ويوحنا كانا لا يزالان يهوديين، وعلى هذا النحو، كانا لا يزالان مكرسين لتقاليد الدينية اليهودية (أعمال ٢٠: ١٦؛ ٢١: ١٧-٢٦)، على الأقل حتى هذه اللحظة. وبينما هما في الهيكل أجريا معجزة مذهلة (أعمال ٣: ١-١٠)، وهو الأمر الذي أعطى بطرس الفرصة لإلقاء عظة أخرى.


اقرأ أعمال ٣: ١٢- ٢٦. ما هي بعض النقاط الأساسية التي ركَّز عليها بطرس في عظته؟


هناك خمس نقاط رئيسية ميَّزت الوعظ في الكنيسة المسيحية الأولى: كان يسوع هو الْمَسِيحُ المتألم (أعمال ٣: ١٨)؛ الله أقامه من الأموات (أعمال ٣: ١٥)؛ المسيح تمجَّد في السماء (أعمال ٣: ١٣)؛ إنَّه سوف يأتي مرة أخرى (أعمال ٣: ٢٠)؛ والتوبة ضرورية لمغفرة الخطايا (أعمال ٣: ١٩).


من نواح عديدة، هذه هي نفس الرسالة التي نحملها للعالم، حتى وإن تغير السياق. لقد كان الرسل لا يزالون في محيط يهودي. لذا، فإنه بدلاً من أن يقوموا بتغيير ديانات الناس، عملوا في الأساس على «النزوح» من العهد القديم إلى العهد الجديد. وكجزء من شعب الله، كان على التلاميذ أن يقبلوا المسيح ويختبروا الولادة الجديدة التي تتبع القبول الحقيقي للمسيح.


الآن، وعلى الرغم من أن الحالة مختلفة، إلا أن الرسالة لا تزال هي ذاتها: لقد مات المسيح لأجل خطايانا، وقام من الأموات، وهو سوف يعود مرة أخرى. معنى هذا، إذن، هو أننا نجد خلاصنا فيه. حتى في سياق رسائل الملائكة الثلاثة في رؤيا ١٤، يجب أن يكون شعار المسيح المصلوب والمسيح المُقام والمسيح الآتي ثانية هو محور الطريقة التي بها نعلن تلك الرسائل.


«من بين جميع المسيحيين المُعْتَرفين، يجب أن يكون الأدفنتست السبتيون في طليعة من يقومون برفع المسيح أمام العالم. إن إعلان رسالة الملاك الثالث يدعو إلى عرض الحق المتعلق بالسبت. إن هذا الحق، بالإضافة إلى غيره من الحقائق المتضمنة في الرسالة، ينبغي أن يعلن؛ لكن لا يجب استبعاد مركز الجذب العظيم الذي هو يسوع المسيح. فإنه عند صليب المسيح حدث أن ‹الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا› [مزمور ٨٥: ١٠]. يجب أن يوجه الخاطئ إلى النظر إلى جلجثة؛ وبالإيمان البسيط الذي لطفل صغير، يجب أن يثق في استحقاقات المخلص، قابلاً بره، ومؤمناً في رحمته» (روح النبوة، عمّال الإنجيل، صفحة ١٥٦، ١٥٧).


الثلاثاء ١٧ تموز (يوليو)


تَصَاعَد المعارضة


لم يمض وقت طويل حتى أثار نجاح الكنيسة معارضة من بعض قادة أورشليم. كان هيكل أورشليم يدار من قبل رئيس الكهنة ورفقائه، معظمهم كانوا صدوقيين. وكان رئيس الكهنة أيضاً رئيس مجلس السنهدرين، الذي كان في تلك الأيام يتألف في معظمه من الصدوقيين والفريسيين. ولأن الصدوقيين لم يؤمنوا بالقيامة، فقد شعروا بانزعاج شديد عندما كان بطرس ويوحنا يعلمان أن المسيح قد قام من الأموات. وعند القبض عليهما من قبل حراس الهيكل، وُضِعَ الرسولان في الحبس حتى اليوم التالي، عندما تم إحضارهما أمام المجلس (أعمال ٤: ١-٧).


اقرأ أعمال ٤: ١-١٨. عندما سُئِلا كلاً من بطرس ويوحنا: «بِأَيَّةِ قُوَّةٍ وَبِأَيِّ اسْمٍ صَنَعْتُمَا أَنْتُمَا هذَا؟»، كيف جاوب بطرس؟ ما هي الرسالة الضمنية فيما قاله بطرس والتي وجد القادة أنها تشكل تهديداً؟


إن التعرِّض لمسألة السلطة مِن قِبل القادة اليهود يشير إلى القلق بشأن القوة والنفوذ. مع ذلك، فإن بطرس لم يعلن أن المعجزة قد أُجريت بِاسْمِ المسيح فحسب، وإنما أعلن أيضاً أن الخلاص يأتي من المسيح وحده. لقد كان الرسولان يقفان أمام أعلى سلطة يهودية؛ ومع ذلك، فقد كانوا يخدمون سلطة أعلى بكثير. لقد كان هذان الرجلان صيادين بسيطين وغير متعلمين؛ ولهذا، فإن شجاعتهما وفصاحتهما أدهشت وأذهلت أولئك الذين كانوا هناك. وعلى الرغم من أن القادة لم يلاحظوا ذلك، إلا أن حقيقة ما كان يجري هي أنَّ الرسولَين كانا ممتلئين بالروح القدس، تماماً كما تنبأ المسيح بذلك (متى ١٠: ١٦- ٢٠).


ودون أن يكونوا قادرين على إنكار المعجزة – إذ كان الرجل الذي تم شفاؤه حاضراً وبإمكان الجميع رؤيته – أمر السنهدرين الرسولَين بالتوقف عن التبشير. لقد كانوا يخشون من الرسالة بقدر خشيتهم من الشعبية المتزايدة للحركة المسيحية. ونظراً لإخفاقهم في تقييم البَيِّنَة بشكل صحيح، سمحوا للتحيز والميل إلى حماية الذات بأن يمليا عليهم تصرفاتهم.


إن كلمات بطرس الختامية هي من أروع ما ورد في سفر أعمال الرسل: « ‹إِنْ كَانَ حَقًّا أَمَامَ اللهِ أَنْ نَسْمَعَ لَكُمْ أَكْثَرَ مِنَ اللهِ، فَاحْكُمُوا. لأَنَّنَا نَحْنُ لاَ يُمْكِنُنَا أَنْ لاَ نَتَكَلَّمَ بِمَا رَأَيْنَا وَسَمِعْنَا› » (أعمال ٤: ١٩، ٢٠).


فكر في الرغبة في السلطة وفي مدى خطورة ما يمكن أن تكون عليه، على أي مستوى وفي أي سياق. بوصفنا مسيحيين دعينا إلى أن نكون خداماً، لماذا يجب أن نكون حذرين بشأن إغراء السلطة؟


الأربعاء ١٨ تموز (يوليو)


حَنَانِيَّا وَسَفِّيرَةُ


لم يكن تجميع الممتلكات للاستخدام العام أمراً إلزامياً في الكنيسة الأولى؛ معنى ذلك أنه لم يكن شرطاً أساسياً للعضوية. ومع ذلك، كانت هناك بالتأكيد أمثلة عديدة على السخاء الطوعي الذي ألهم المجتمع بأسره. أحد هذه الأمثلة كان برنابا (أعمال ٤: ٣٦، ٣٧)، الذي سيلعب دوراً هاماً في وقت لاحق في سفر أعمال الرسل.


مع ذلك، فقد كانت هناك أمثلة سلبية هددت وحدة الكنيسة من الداخل، في الوقت الذي بدأت فيه للتو الهجمات من الخارج.


اقرأ أعمال ٥: ١-١١. ما هي الدروس المستخلصة من هذه القصة؟


على الرغم من أن لوقا لم يعط كل التفاصيل، إلا أنه ليس هناك شك في أن المشكلة الأساسية لحَنَانِيَّا وَسَفِّيرَة لم تكن محاولة الاحتفاظ بالمال وإنما كانت ممارسة الخداع داخل المجتمع. لم تكن خطيئتهما نتيجة لفعل متهور وإنما نتيجة خطة وضعت بعناية، محاولة متعمدة «عَلَى تَجْرِبَةِ رُوحِ الرَّبِّ» (أعمال ٥: ٩). إنهما لم يكونا ملزمين ببيع ممتلكاتهما وإعطاء المال للكنيسة. وهكذا، فإنهما عندما قررا القيام بذلك، ربما كانا يتصرفان فيما هو لصالحهما فقط، بل وربما كانا يحاولان كسب النفوذ بين الإخوة من خلال ما بدا أنه عمل صدقة يستحق الثناء.


هذا الاحتمال قد يساعد على تفسير السبب الذي جعل الله يعاقبهما بشدة. حتى وإن كانت الحياة الاجتماعية للكنيسة قد نتجت عن الاعتقاد بأن يسوع كان على وشك أن يأتي، إلا أن تصرفاً مثل هذا الذي لحنانيا وسفيرة في مثل هذه المرحلة المبكرة كان يمكن أن يقلل من أهمية الولاء لله ويصبح تأثيراً سيئاً بين المؤمنين. وحقيقة أنه لا يوجد ذكر لحنانيا بين من تم إعطاءهم الفرصة للتوبة، كما في حالة سفيرة (أعمال ٥: ٨)، قد تكون فقط نظراً للسرد الموجز.


وخلاصة القول هي أنهما، من البداية إلى النهاية، قد تصرَّفا تصرُّفاً خاطئاً، والخطية مسألة خطيرة في نظر الله (حزقيال ١٨: ٢٠؛ رومية ٦: ٢٣)، حتى وإن كان لا يعاقب عليها دائماً بشكل مباشر. في الواقع، إن تأجيل العقوبة في كثير من الأحيان يجب أن يذكرنا باستمرار بمدى رحمة وإشفاق الله (٢بطرس ٣: ٩).


لماذا يجب أن نكون حذرين بشأن إساءة استخدام النعمة كما فعل هذان العضوان في الكنيسة الأولى؟


الخميس ١٩ تموز (يوليو)


الاعتقال الثاني


إذا كان يمكن استخدام الرسل لجلب إدانة الله على الخطية، كما حدث في حالة حنانيا وسفيرة، فإنه يمكن أن يستخدم أيضاً لجلب نعمة الله على الخطاة. إن خدمة الشفاء القوية التي أجراها الرسل (أعمال ٥: ١٢-١٦) كانت دليلاً ملموساً على أن روح الله كان يعمل من خلالهم. إنه حتى الاعتقاد بأن ظل بطرس يمكن أن يشفي الناس كان أمراً مذهلاً. إن أقرب حدث شبيه لذلك في الأناجيل هو حدث المرأة التي شفيت بلمس رداء المسيح (لوقا ٨: ٤٣، ٤٤). مع ذلك، فإن لوقا لا يقول أن ظل بطرس كانت فيه قوة شافية وإنما قال أن الناس كانوا يعتقدون ذلك. ومع هذا، فإنه حتى وإن كانت هناك معتقدات خرافية سائدة، فإنَّ الله لا يزال يمنح نعمته.


على الرغم من ذلك، فإنه كلما كان الرُّسُلُ مملوئين من الروح القدس، وكلما تضاعفت العجائب والآيات، كلما امتلأ القادة الدينيين بالغَيْرَة أكثر. وهذا دفع بهم إلى اعتقال الرُّسُلِ للمرة الثانية (أعمال ٥: ١٧، ١٨). وفقط بعد هروبهم من السجن بأعجوبة (أعمال ٥: ١٩-٢٤) وفقط بعد خطاب جريء آخر من قبل بطرس مؤكداً فيها أنَّه «يَنْبَغِي أَنْ يُطَاعَ اللهُ أَكْثَرَ مِنَ النَّاسِ» (أعمال ٥: ٢٩)، أنَّ بعضاً من رجال السلطة بدأوا في التفكير في إمكانية أن تكون قوى خارقة هي التي وراء ما يحدث.


اقرأ أعما ل ٥: ٣٤-٣٩. كيف حاول غمالائيل أن ينصح السنهدريم بالعدول عن قتل الرسل؟


كان السنهدريم مسيطرٌ عليه من قبل الصدوقيين، في حين كان يشكل الفريسيون أقلية مؤثرة. كان غمالائيل فريسياً ومعلماً للشريعة. وقد كان يحظى بتقدير كبير بين اليهود وأصبح يلقب بـ «رَبَّان» (أي «مُعلمنا»)، بدلاً من «رَبَاي» (بمعنى «مُعلِّمي»). وكان بولس واحداً من تلاميذه (أعمال ٢٢: ٣).


وقد أشار غمالائيل إلى حركتين متمردتين أخريين كانتا قد حدثتا في تاريخ إسرائيل الحديث واللتين قد استقطبتا أيضاً أتباعاً وسببتا الاضطرابات. مع ذلك، فإن قائدا هاتين الحركتين قد قتلا وقد تم تفريق أتباعهما تماماً. وكان الدرس الذي استخلصه غمالائيل هو أنه إذا كانت الحركة المسيحية من أصل بشري، فإنها ستختفي قريباً. من ناحية أخرى، إذا كانت حركة إلهية، كما يدعي التلاميذ، فكيف يمكنهم كقادة لليهود أن يقاوموها؟ وقد تم العمل بنصيحة غمالائيل. وتم جلد الرسل، ومرة أخرى أُمروا بألا ينطقوا باسم المسيح.


ماذا تخبرنا هذه القصة عن مدى ما يمكن أن تكون عليه النصيحة الجيدة من أهمية وفائدة؟ كيف يمكننا أن نتعلم أن نكون أكثر انفتاحاً للحصول على النصيحة والمشورة حتى عندما تشتمل على ما لا نريد بالضرورة أن نسمعه؟


الجمعة ٢٠ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس: «نحن وكلاء عُهدَ إلينا مِن قِبل ربنا المتغيب أن نرعى رعيته ونهتم بشؤونه، إنها الرعية التي جاء إلى العالم كي يخدمها. لقد عاد إلى السماء، تاركاً لنا المسؤولية، وهو يتوقع منا أن نسهر ونترقب ظهوره. دعونا نكون أوفياء لما عُهد إلينا، لئلا يأتي فجأة ويجدنا نياماً» (روح النبوة، شهادات للكنيسة، مجلد ٨، صحفة ٣٧).


«الناس بحاجة إلى أن يطبعوا في أذهانهم قدسية عهودهم وتعهداتهم المتعلقة بما يقومون به من أجل الله. فمثل هذه التعهدات لا تكون عادة إلزامية كالتعهدات التي يقطعها الناس بعضهم لبعض بحيث يكون هناك سَنَدٌ واجب السداد. ولكن، هل ينبغي أن يكون العهد أقل قدسية وأقل إلزاماً لمجرد أنه قُطِع مع الله؟ وهل ينبغي للمسيحيين أن يتجاهلوا التزاماتهم التي نطقوا بها أمام الله لمجرد افتقارها إلى المصطلحات التقنية ولا يمكن تنفيذها بالقانون؟ ليس هناك سند قانوني أو صَكّ أكثر إلزاماً من التعهد الذي قُطِع للعمل من أجل الله» (تعليقات روح النبوة، موسوعة الأدفنتست لتفسير الكتاب المقدس، مجلد ٦، صفحة ١٠٥٦).


أسئلة للنقاش


١. من بين أمور أخرى كثيرة، أوصى المسيح تلاميذه وصيتين مباشرتين: ترقب مجيئه الوشيك والمأمورية العالمية. كيف ينبغي لهاتين الوصيتين أن تؤثرا في إحساسنا بالمرسلية وفي دعوتنا إلى الكرازة ببشارة الإنجيل إلى العالم؟


٢. قال أحدهم ذات مرة: «يجب أن نكون مستعدين كما لو أن المسيح سيأتي اليوم، ولكن يجب أن نواصل العمل [في مرسلية الكنيسة] كما لو أن المسيح سيأتي بعد مائة عام.» ما هي الحكمة الموجودة في هذه العبارة، وكيف يمكننا تطبيقها على دعوتنا في الحياة؟


٣. لماذا يجب لحياة وموت وقيامة وعودة المسيح أن تكون هي محور كل عظاتنا وكرازتنا؟ أو انظر للأمر هكذا: ما جدوى أي شيء آخر نكرز به دون هذه الأحداث؟


٤. ماذا يجب لقصة حنانيا وسفيرة أن تعلمنا حول مدى صعوبة أن نعرف ما بقلوب الآخرين، سواء للخير أو للشر؟


٥. مَن هم الأشخاص الذين تعرفهم في العصر الحديث ويشبهون غمالائيل؟ أو، هل أنت ربما في وضع يجعلك تقوم بدور غمالائيل بالنسبة للآخرين؟ في كلتا الحالتين، قوموا كصف لمدرسة السبت بإعطاء أمثلة حول كيف أن إعطاء وتسلم نصائح وإرشادات حكيمة كان أمراً جيداً. ما هي الدروس التي نتعلمها من هذه الأمثلة؟


الدرس الرابع ٢١ -٢٧ تموز (يوليو)


قادة الكنيسة الأولى






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: أعمال ٦؛ أعمال ٧: ٤٨؛ عبرانيين ٥: ١١-١٤؛ ميخا ٦: ١-١٦؛ أعمال ٧؛ أعمال ٨: ٤-٢٥.


آية الحفظ: «وَكَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ تَنْمُو، وَعَدَدُ التَّلاَمِيذِ يَتَكَاثَرُ جِدًّا فِي أُورُشَلِيمَ، وَجُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنَ الْكَهَنَةِ يُطِيعُونَ الإِيمَانَ» (أعمال ٦: ٧).


كان العديد من المهتدين في يوم الخمسين من يهود «الهلنستية»، أي اليهود من العالم اليوناني الروماني ممن كانوا يعيشون في أورشليم (٢: ٥، ٩-١١). وعلى الرغم من كونهم يهوداً، إلا أنهم كانوا في كثير من النواحي يختلفون عن يهود اليهودية – أي «الْعِبْرَانِيِّينَ» الوارد ذكرهم في أعمال ٦: ١. وكان الفرق الأكثر وضوحاً هو أنهم كانوا عادة لا يعرفون اللغة الأرامية التي كان يتم التحدث بها في مملكة يهوذا آنذاك.


وكانت هناك عدة اختلافات أخرى أيضاً، ثقافية ودينية. فكونهم قد ولدوا في دول أجنبية، فإنه لم يكن لديهم جذور في التقاليد اليهودية لمملكة يهوذا، أو على الأقل لم تكن جذورهم بنفس عمق جذور أولئك اليهود الذين من يهوذا. ويحتمل أنهم لم يكونوا متعلقين كثيراً بطقوس الهيكل وبجوانب الناموس الموسوي التي لا تنطبق إلا على أرض إسرائيل فقط.


أيضاً، ولكونهم قد قضوا معظم حياتهم في البيئة اليونانية الرومانية، وكونهم عاشوا في اتصال وثيق مع الأممين، فقد كانوا بطبيعة الحال أكثر استعداداً لفهم الطابع الشامل للإيمان المسيحي. في الواقع، إن الله استخدم الكثير من المؤمنين من العالم اليوناني الروماني لتحقيق الأمر المتعلق بالشهادة إلى العالم أجمع.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٢٨ تموز (يوليو).


الأحد ٢٢ تموز (يوليو)


تعيين السبعة


اقرأ أعمال ٦: ١. ماذا كان تَذَمُّرُ المؤمنين الْيُونَانِيِّينَ؟


«وكان سبب الشكوى هو الادعاء بأن الأرامل اليونانيات قد أُهمل أمرهن في الخدمة اليومية. إن أي تحيُّز أو عدم مساواة هو مغاير لروح الإنجيل، ومع ذلك فقد أفلح الشيطان في إثارة الشكوك. فلا بد من اتخاذ إجراءات سريعة الآن لإزالة كل أسباب التذمر لئلا ينتصر العدو في سعيه لإحداث انقسام بين الإخوة» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٦٩).


وكان الحل الذي اقترحه الرسل هو أن يختار اليهود من بينهم سبعة رجال للقيام بـ «خْدِمَة مَوَائِدَ» (أعمال ٦: ٢)، في حين يصرف الرسل وقتهم في الصلاة و»خِدْمَةِ الْكَلِمَةِ» (أعمال ٦: ٤). وحيث أن كلمة «خدمة» مشتركة بين الآيتين، فإن الفرق الحقيقي الوحيد هو بين كلمتي «موائد» في أعمال ٦: ٢ وكلمة «الكلمة» في أعمال ٦: ٤. وهكذا يبدو أن هاتين الكلمتين، بالإضافة إلى كلمة «الْيَوْمِيَّةِ» الواردة في صيغة صفة في أعمال ٦: ١، تشير إلى العنصرين الرئيسيين للحياة اليومية في الكنيسة الأولى: تعليم «الكلمة» وشركة «الموائد». وتتألف شركة الموائد الآتي: تناول الطعام معاً، الاشتراك في فريضة العشاء الرباني وَالصَّلَوَاتِ (أعمال ٢: ٤٢، ٤٦؛ ٥: ٤٢).


معنى هذا أنه كان على الرسل، باعتبارهم الأمناء المؤتمنين على تعاليم المسيح، أن يشغلوا أنفسهم في المقام الأول بتعليم العقيدة للمؤمنين وبالصلاة، في حين يتولى السبعة مسؤولية الأنشطة المتعلقة بالشركة في العديد من الكنائس المنزلية. مع ذلك، فإن واجبات أولئك السبعة لم تكن تقتصر على المهام التي يقوم بها الشمامسة كما يفهم هذا المصطلح اليوم. في الواقع، لقد كان أولئك السبعة أول قادة تَجَمّعٍ ورَعِيّةٍ للكنيسة.


اقرأ أعمال ٦: ٢-٦. كيف تم اختيار وتكليف السبعة للخدمة؟


كان ينبغي للمرشحين أن يتميزوا بالصفات الأخلاقية والروحية والعملية: كان يجب أن يكونوا ذات سمعة مشرفة وأن يكونوا مملوئين بالروح القدس والحكمة. وبموافقة مجتمع المؤمنين، تم اختيار السبعة ومن ثم تكليفهم من خلال الصلاة ووضع الأيدي. ويبدو أن الطقس كان يشير إلى الاعتراف العلني بهم وبمنح السلطة لهم للعمل كشمامسة.


إنّه من السهل جداً زرع الخلاف في الصفوف، أليس كذلك؟ كيف يمكننا العمل بكل ما أعطانا الله من قوة على حفظ السلام فيما بيننا والتركيز على العمل المرسلي والكرازة؟


الاثنين ٢٣ تموز (يوليو)


خدمة استفانوس


بعد تعيينهم، لم ينخرط السبعة في خدمة الكنيسة فحسب، لكنهم انخرطوا في الشهادة الفعالة كذلك. وكانت النتيجة هي أن بشارة الإنجيل استمرت في الانتشار، واستمر عدد المؤمنين في التزايد (أعمال ٦: ٧). وبطبيعة الحال، فقد بدأ هذا النمو في جلب المعارضة للكنيسة الأولى. ثم يركز الحديث بعد ذلك على اسْتِفَانُوس، الذي كان رجلاً ذات أهَمّيّة روحية نادرة.


اقرأ أعمال ٦: ٨-١٥. ماذا تعلمنا هذه الآيات عن اسْتِفَانُوس وإيمانه وصفاته؟ أيضاً، ما الذي اشتمل عليه وعظ اسْتِفَانُوس وأغضب خصومه كثيراً؟


كيهودي يوناني، شارك اسْتِفَانُوس البشارة في مجامع اليونانيين في أورشليم. وقد كان هناك العديد من هذه المجامع في المدينة؛ وربما تشير الآية في أعمال ٦: ٩ إلى اثنين من هذه المجامع، أحدهما للمهاجرين الجنوبيين (يهود القيروان والإسكندرية) والمجمع الخاص بالمهاجرين الشماليين (أولئك الذين أتوا مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا).


وبلا شك كان يسوع هو الموضوع المركزي للمناقشات، لكن التُّهم التي أثيرت ضد اسْتِفَانُوس تشير إلى أن فهمه لبشارة الإنجيل وما تتضمنه ربما كان يفوق فهم المؤمنين من اليهود. لقد اتُّهم اسْتِفَانُوس بالتجديف ضد موسى والله؛ بمعنى أنه جدّف ضد الشريعة والهيكل. إنه حتى لو كان قد أسيء فهم اسْتِفَانُوس في بعض النقاط – أو أن كلماته قد تمَّ تحريفها عمداً – وحتى وإن كان قد تم استمالة بعض شهود الزور للتحدث ضد اسْتِفَانُوس، إلا أن التّهم التي وُجهت إليه لم تكن تهماً زائفة كلياً، كما في حالة المسيح (مرقس ١٤: ٥٨؛ يوحنا ٢: ١٩). إنَّ قيام اسْتِفَانُوس، أمام السنهدريم، بإدانة التبجيل الوثني المُقدَّم للهيكل (أعمال ٧: ٤٨) يكشف أن اسْتِفَانُوس كان يفهم المعاني الأعمق لموت المسيح وإلى ما تؤدي إليه، على الأقل فيما يتعلق بالهيكل وخدماته الطقسية.


وبعبارة أخرى، فإنه على الرغم من أن العديد من المؤمنين من أصل يهودي كانوا ربما لا يزالون مرتبطين بالهيكل وبالممارسات الطقسية الأخرى (أعمال ٣: ١؛ ١٥: ١، ٥؛ ٢١: ١٧- ٢٤) وكانوا يجدون صعوبة في التخلّي عنها (غلاطية ٥: ٢- ٤؛ عبرانيين ٥: ١١- ١٤)، إلا أن اسْتِفَانُوس وربما غيره أيضاً من المؤمنين اليهود الهلّينيّين (أي من ذوي الثقافة اليونانية) قد فهموا بسرعة أن موت المسيح كان يدل على نهاية نظام الهيكل بأكمله.


لماذا يجب أن نكون حذرين من أن نكون منغلقين جداً داخل بعض أفكارنا المعززة لدرجة أننا نصد النور الجديد عندما يأتي؟


الثلاثاء ٢٤ تموز (يوليو)


أمام السنهدريم


اقرأ أعمال ٧: ١-٥٣. ماذا كان اسْتِفَانُوسُ يقول للمشتكين عليه؟


إن التهم التي وجهت إلى استفانوس أدت إلى اعتقاله ومحاكمته من قبل السنهدريم. ووفقاً للتقاليد اليهودية، كان كلاً من الشريعة وخدمات الهيكل ركنين من الأركان الثلاثة التي يرتكز عليها العالم – كانت الأعمال الصالحة هي الركن الثالث. وكان مجرد التلميح إلى أن الطقوس الموسوية قد أصبحت قديمة يعتبر حقاً اعتداءً على ما كان الأكثر قداسة في اليهودية؛ ولهذا اتهم استفانوس بالتجديف (أعمال ٦: ١١).


وكان رد استفانوس هو أطول خطبة في سفر أعمال الرسل، وهو ما يشير في حد ذاته إلى أهمية هذه الخطبة. وعلى الرغم من أن خطبته لا تبدو من الوهلة الأولى أكثر من مجرد سرد ممل لتاريخ إسرائيل، إلا أنه يجب علينا فهم الخطبة فيما يتصل بميثاق العهد القديم وبالطريقة التي استخدم بها الأنبياء بنْيَة ذلك العهد عندما كانوا يقومون كمصلحين دينيين بدعوة إسرائيل للرجوع إلى متطلبات ذلك العهد. وعندما كان يحدث ذلك، كانوا في بعض الأحيان يستخدمون الكلمة العبرية «rîḇ» التي ربما تكون أفضل ترجمة لها هي «خُصُومَةَ « أو «دعوة قضائية» للتعبير عن فكرة أن الله اتخذ إجراءات قانونية ضد شعبه بسبب إخفاقهم في حفظ العهد.


على سبيل المثال، يرد ذِكر «rîḇ» أو «خُصُومَة» ثلاث مرات في ميخا ٦: ١ و٢. ثم، وبالرجوع إلى عهد سيناء (خروج ٢٠-٢٣)، يُذكِّر ميخا الشعب بأعمال الله العظيمة نيابة عنهم (ميخا ٦: ٣-٥)، ويذكِّرهم كذلك بالأحكام والتعديات (ميخا ٦: ٦ -١٢)، وفي الختام يذكرهم باللعنات الناجمة عن تلك الانتهاكات (ميخا ٦: ١٣ -١٦).


ربما هذه هي خلفية عظة استفانوس. وعندما طُلب منه تفسير أفعاله، فإنه لم يبذل أي جهد لدحض التهم الموجهة ضده أو الدفاع عن إيمانه. بدلاً من ذلك، رفع صوته بنفس الطريقة التي كان يرفع بها الأنبياء القدماء أصواتهم عندما كانوا ينطقون «بأحكام» الله ضد إسرائيل. وقد كان القصد من عرضه الطويل لعلاقة الله السابقة مع إسرائيل هو توضيح جحودهم وعصيانهم.


في الواقع، إننا عندما نصل بالقراءة إلى أعمال ٧: ٥١-٥٣، نجد أن استفانونس لم يعد المُدعى عليه وإنما الوكيل النبوي لله الذي يقدم دعوة قضائية متعلقة بعهد الله ضد هؤلاء القادة. فإذا كان آباؤهم مذنبون بقتل الأنبياء، فإنَّ هؤلاء القادة كانوا أكثر جرماً من ذلك. إن التحوُّل من استخدام تعبير»آبائنا» (أعمال ٧: ١١، ١٩، ٣٨، ٤٤، ٤٥) إلى تعبير «آبائكم» (أعمال ٧: ٥١) هو تحوُّل ذات دلالة: فقد توقّف استفانوس عن تضامنه مع شعبه واتخذ موقفاً حاسماً للمسيح. وكانت التكلفة ستكون هائلة؛ ومع ذلك، فإن كلماته لا توحي بخوف أو ندم.


متى كانت آخر مرة كنت فيها بحاجة إلى اتخاذ موقف ثابت لا هوادة فيه لأجل المسيح؟ هل استطعت الوقوف أم أنك اكتفيت بالثرثرة بدلاً من ذلك؟ وإذا كنت لا تتخذ موقفاً حاسماً لأجل المسيح، فما الذي بحاجة إلى تغيير؟


الأربعاء ٢٥ تموز (يوليو)


المسيح في المحكمة السماوية


بما أن النبي، بحكم التعريف، هو شخص يتحدث نيابة عن الله، أصبح استفانونس نبياً في اللحظة التي جلب فيها «خصومة» الله ضد إسرائيل. مع ذلك، فقد كانت خدمته النبوية قصيرة نوعاً ما.


اقرأ أعمال ٧: ٥٥، ٥٦. ماذا كان معنى الرؤيا التي رآها استفانوس؟


«وعندما وصل اسْتِفَانُوس إلى هذا الحد حدث شغب بين الشعب. فإذ ربط المسيح بالنبوات وتحدث عن الهيكل، فالكاهن إذ تظاهر بأنه يرتعب ويستاء مما يسمع، مزق رداءه. وقد كان هذا العمل بالنسبة إلى اسْتِفَانُوس علامةً على أن صوته سرعان ما سيبكم إلى الأبد. فإذ رأى المقاومة التي بها قوبلت أقواله، علم أنه كان يقدم آخر شهادة له. ومع أنه كان في منتصف موعظته فقد ختمها فجأة» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٧٩).


وبينما كان استفانوس واقفاً أمام قادة اليهود وناطقاً بدعوى الله القضائية ضدهم، كان المسيح واقفاً في المحكمة السماوية – أي في المقدس السماوي، إلى جوار الآب، وهو ما يدل على أن الدينونة على الأرض لم تكن سوى تعبير عن الدينونة الحقيقة التي ستحدث في السماء. فإن الله سيدين المعلمين والقادة الكذبة في إسرائيل.


وهذا من شأنه أن يفسر سبب غياب الدعوة إلى التوبة هنا، وهي التي كانت سمة سائدة في العظات السابقة في أعمال (٢: ٣٨؛ ٣: ١٩؛ ٥: ٣١). لقد كانت «الثيوقراطية» الإسرائيلية على وشك أن تنتهي، وهذا يعني أن خلاص العالم لم يعد يتم من خلال وساطة بني إسرائيل كما وعدت لإبراهيم (تكوين ١٢: ٣؛ ١٨: ١٨؛ ٢٢: ١٨)، وإنما من خلال أتباع المسيح، اليهود والأمم، الذين كان من المتوقع لهم الآن أن يتركوا أورشليم ويشهدوا للعالم (أعمال ١: ٨).


اقرأ أعمال ٧: ٥٧ – ٨: ١، ٢. كيف يروي لوقا موت استفانوس؟


كان الرجم هو عقوبة التجديف (لاويين ٢٤: ١٤)، هذا على الرغم من أنه ليس من الواضح فيما إذا كان استفانوس قد حُكم عليه بالموت أو أنه قد قتل بواسطة حشود المتعصبين. وعلى أية حال، فقد كان استفانونس هو أول مؤمن بالمسيح سُجّلَ على أنه مات بسبب إيمانه. وحقيقة أن الشهود قد وضعوا ثيابهم عند أقدام شاول تشير إلى أنه كان زعيم معارضي استفانوس؛ مع ذلك، فعندما صلى استفانوس من أجل من يقومون بقتله، فهو قد صلى من أجل شاول أيضاً. إنه فقط إنسان ذات شخصية سامية وإيمان ثابت لا يتزعزع هو الذي يمكنه عمل شيء من هذا القبيل، وهو إعلان قوي لإيمانه وحقيقة سكنى المسيح في حياته.


الخميس ٢٦ تموز (يوليو)


انتشار البشارة


أشعل الانتصار على استفانوس اضطهاداً واسع النطاق ضد المؤمنين في أورشليم، ولا شك في أنه قد تم التحريض على هذا الاضطهاد من قبل نفس مجموعة المعارضين. وكان زعيم المجموعة هو شاول، الذي تسبب في أذية للكنيسة ليست بقليلة (أعمال ٨: ٣؛ ٢٦: ١٠). مع ذلك، فقد تحول الاضطهاد إلى تأثير جيد.


في الواقع، إن المؤمنين الذين انتشروا فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ أخذوا يبشرون بالإنجيل. وعندها تحقق الأمر الذي أعطاه المسيح لرسله بالشهادة في هذه المناطق (أعمال ١: ٨).


اقرأ أعمال ٨: ٤-٢٥. ما هي الدروس المعلنة في هذه القصة؟


كان السامريون نصف إسرائيليين، حتى من وجهة النظر الدينية. كانوا من الموحدين الذين قبلوا أسفار موسى الخمسة الأولى (التوراة)، وكانوا يمارسون الختان ويترقبون مجيء المسيا. مع ذلك، فإنه بالنسبة لليهود كانت الديانة السامرية مُحَرّفة، وهو ما يعني أنه لم يكن للسامريين أي نصيب يذكر في مراحم وبركات العهد المقدمة لإسرائيل.


إنَّ الاهتداء غير المتوقع للسامريين قد أذهل الكنيسة في أورشليم، لذلك أرسل الرسل كلاً من بطرس ويوحنا لتقييم الحالة. وربما كان منع الروح القدس من الحلول على أهل السامرة إلى أن يأتي بطرس ويوحنا (أعمال ٨: ١٤- ١٧) كان الهدف منه هو أن يتم قبول السامريين كأعضاء كاملي العضوية في مجتمع الإيمان (انظر أعمال ١١: ١- ١٨).


مع ذلك، فالأمر لم يتوقف عند هذا الحد. فإننا نجد في أعمال ٨: ٢٦- ٣٩ قصة فِيلُبُّس والْخَصِيّ الحَبَشِيّ الذي، بعد دراسة الكتاب المقدس، طلب أن يعتمد. «فَأَمَرَ أَنْ تَقِفَ الْمَرْكَبَةُ، فَنَزَلاَ كِلاَهُمَا إِلَى الْمَاءِ، فِيلُبُّسُ وَالْخَصِيُّ، فَعَمَّدَهُ» (أعمال ٨: ٣٨).


أولاً كان هناك السامريون، ثم الخصي الحبشي، الذي كان قد جاء إلى أورشليم ليتعبد وكان الآن في طريقه إلى بلاده. لقد كانت البشارة تعبر حدود إسرائيل وتصل إلى العالم، تماماً كما تمَّ التنبؤ بذلك. مع ذلك، فقد كان كل هذا هو مجرد البداية، لأن أولئك المؤمنين اليهود الأوائل كانوا على وشك أن يجوبوا في جميع أنحاء العالم المعروف آنذاك للتبشير بالأخبار العظيمة المتعلقة بموت المسيح الذي دفع عقوبة خطاياهم والذي يقدم للجميع، في كل مكان، رجاء الخلاص.


قال بطرس لسِيمُون أنه كان «فِي مَرَارَةِ الْمُرِّ وَرِبَاطِ الظُّلْمِ» (أعمال ٨: ٢٣). ماذا كان الحل لمشكلة سيمون، ولأي شخص قد يكون في حالة مماثلة؟


الجمعة ٢٧ تموز (يوليو)


لمزيد من الدرس: « إن الاضطهاد الذي وقع على الكنيسة في أورشليم نتج عنه إعطاء عمل الإنجيل قوة دفعته إلى الأمام. لقد لازم النجاح خدمة الكلمة في ذلك المكان وكان هنالك خطر من أن يبقى التلاميذ هناك وقتاً أطول من اللازم غافلين عن المهمة التي أوكلها المُخَلِّص إليهم بأن يذهبوا إلى العالم أجمع. فإذ نسوا أن القوة على مقاومة الشر تكتسب فقط عن طريق الخدمة المناضلة والكفاح، بدأوا يظنون أنه لا يوجد لهم عمل يعملونه أهم من وقاية الكنيسة في أورشليم من هجمات العدو. وبدلاً من أن يدربوا المهتدين الجدد على حمل الإنجيل إلى من لم يسمعوا عنه، كانوا في خطر الإقدام على عمل يجعل الجميع يكتفون بما قد أنجز. فلكي يشتت الله ممثليه هؤلاء إلى الخارج حيث يمكنهم أن يخدموا الآخرين، سمح بأن يثور الاضطهاد ضدهم. فإذ طردوا من أورشليم ‹جَالُوا مُبَشِّرِينَ بِالْكَلِمَةِ.› » (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٨٤ و٨٥).


أسئلة للنقاش


١. اقرأ بعناية اقتباس روح النبوة أعلاه بشأن المخاطر التي واجهتها الكنيسة الأولى فيما يتعلق بكونهم كانوا راضين عن أنفسهم وعما تم إنجازه من خلالهم. أولاً، معنى هذا أن كثيرين من اليهود، خلافاً للفكر السائد، كانوا قد قبلوا المسيح بالفعل باعتباره المسيا. ولكن الأهم من ذلك، ما هو التحذير الذي يجب علينا كأشخاص أن نستخلصه من هذا الأمر اليوم؟ كيف يمكننا التأكد من أننا غير منخرطين كثيراً في حماية ما لدينا بالفعل، بدلاً من القيام بما يجب علينا حقاً أن نفعله – ألا وهو الوصول إلى العالم وتبشيره؟


٢. بحلول وقت الرسل، كانت العلاقات بين اليهود والسامريين تتميز بعصور من العداوات الشرسة. ما الذي يمكننا أن نتعلمه من حقيقة أن فليبس، اليهودي على الأرجح، قد شهد للمسيح في السامرة؟ وكأدفنتست سبتيين، نحن غير محصنين ضد التحيزات الثقافية والعرقية. ماذا ينبغي للصليب أن يعلمنا حول كيف أننا جميعاً متساوون أمام الله؟ أيضاً، ماذا ينبغي لعالمية وشمولية موت المسيح أن تعلمنا عن القيمة اللامتناهية لكل إنسان؟


٣. كيف تعامل فيلبس مع الخصي الحبشي (أعمال ٨: ٢٧- ٣٠)؟ كيف يمكننا أن نكون أكثر انفتاحاً على الفرص المتاحة لمشاركة البشارة مع الآخرين؟


٤. ما الذي تعلمناه من أعمال ٦- ٨ ويمكن أن يساعدنا في إتمام مرسلية الكنيسة على نحو أكثر فعالية؟


الدرس الخامس ٢٨ تموز (يوليو) – ٣ آب (أغسطس)


اهتداء بولس






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: أعمال ٢٦: ٩-١١؛ تثنية ٢١: ٢٣؛ أعمال ٩: ١-٢٠؛ ١كورنثوس ٩: ١؛ غلاطية ١: ١؛ أعمال ٩: ٢٠-٣٠.


آية الحفظ: « فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: ‹اذْهَبْ! لأَنَّ هذَا لِي إِنَاءٌ مُخْتَارٌ لِيَحْمِلَ اسْمِي أَمَامَ أُمَمٍ وَمُلُوكٍ وَبَنِي إِسْرَائِيلَ.› » (أعمال ٩: ١٥).


كان اهتداء شاول الطرسوسي (الذي صار بولس) حدثاً من أكثر الأحداث تميزاً في تاريخ الكنيسة الرسولية. إلا أن أهمية بولس، مع ذلك، تذهب إلى ما هو أبعد من اهتدائه في حد ذاته، وذلك لأنه من المؤكد أن بولس هو ليس العدو الوحيد للكنيسة الذي أصبح مسيحياً صادقاً. كانت المسألة، بدلاً من ذلك، تتعلق بما انتهى ببولس القيام به من أجل بشارة الإنجيل. كان بولس خصماً عنيداً للمؤمنين الأوائل، والضرر الذي كان يمكن أن يسببه للمؤمنين الأوائل كان هائلاً. كان لدى بولس العزم والدعم الرسمي لتدمير الكنيسة. ومع ذلك، فقد استجاب بأمانة لدعوة الله في الطريق إلى دمشق وأصبح أعظم الرسل. «مِن بين أكثر مضطهدي الكنسية عنفاً وقسوة، نهض أبرع المدافعين عنها وأكثر روَّاد البشارة نجاحاً» (روح النبوة، صور من حياة بولس، صفحة ٩).


إنَّ أعمال بولس السابقة في اضطهاد الكنيسة الأولى كانت ستجعله دائماً يشعر شعوراً عميقاً بعدم استحقاقه، على الرغم من أنه استطاع، بشعور أعمق من الامتنان، أن يقول أن نعمة الله عليه لم تذهب دون جدوى. فباهتداء بولس، تغيرت المسيحية إلى الأبد.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ٤ آب (أغسطس).


الأحد ٢٩ تموز (يوليو)


مضطهد الكنيسة


كان بولس يهودياً هلينياً. كانت طرسوس، عاصمة كِيلِيكِيَّةَ، هي مسقط رأسه (أعمال ٢١: ٣٩). ومع ذلك، فإن بولس وإلى حد معين قد انحرف عن الصورة الهلنستية النمطية لأنه نشأ وتربى في أورشليم، حيث درس عِنْدَ رِجْلَيْ غَمَالاَئِيلَ (أعمال ٢٢: ٣)، المعلم الفريسي الأكثر تأثيراً في ذلك الوقت. وكفريسي، كان بولس أرثوذكسياً صارماً، على الرغم من أن حماسته كانت أقرب إلى التعصّب (غلاطية ١: ١٤). وهذا هو السبب في أنه دفع باستفانوس إلى الموت وأصبح شخصية رئيسية في حصول الاضطهاد الذي أعقب ذلك.


اقرأ أعمال ٢٦: ٩- ١١. كيف وصف بولس أفعاله ضد الكنيسة؟


يقول بولس في مكان آخر أن بشارة الإنجيل كانت عَثْرَةً لليهود (١كورنثوس ١: ٢٣). فبالإضافة إلى حقيقة أن المسيح لم يتناسب مع التوقعات اليهودية التقليدية المتمثلة في قدوم المسيا كملك، فإنهم لم يستطيعوا بأي حال من الأحوال قبول فكرة أن الشخص الذي مات على الصليب يمكن أن يكون هو مسيا الله لأن الأسفار المقدسة تقول أن كل شخص يُعَلَّق على خشبة مَلْعُونٌ مِنَ اللهِ (تثنية ٢١: ٢٣). فبالنسبة لليهود، كان الصلب في حدا ذاته تناقضاً غريباً، وكان كذلك أوضح دليل على أن مزاعم الكنيسة عن يسوع كانت كاذبة.


الآيتان في أعمال ٩: ١، ٢ تظهران أنَّ شاول الطرسوسي كان يعمل ضد المؤمنين. كانت دمشق مدينة هامة تقع على بُعد حوالي مائة وخمسة وثلاثين ميلاً إلى الشمال من أورشليم، وكان فيها عدد كبير من السكان اليهود. وكان اليهود الذين يعيشون خارج اليهودية منظمين في نوع من المجموعات المترابطة التي كانت قياداتها العامة في أورشليم (السنهدريم)، بينما كانت المجامع تعمل كمراكز دعم للمجتمعات المحلية. وكان هناك اتصال مستمر بين السنهدريم ومثل هذه المجتمعات من خلال الرسالة التي كانت تحمل عادة من قبل (شَالْيَاهْ، بالعبرية)، أي «مُرْسَل». وكان المُرْسَل مبعوثاً رسمياً يتم تعيينه مِن قِبل السنهدريم للقيام بالعديد من الوظائف الدينية.


عندما طلب بولس من رئيس الكهنة، رئيس السنهدريم، رسائل موجهة إلى المجامع في دمشق، أصبح بولس بذلك مرسلاً لديه سلطة للقبض على أي من أتباع المسيح وإحضارهم إلى أورشليم (قارن مع أعمال ٢٦: ١٢). وفي اللغة اليونانية، الكلمة المرادفة لكلمة « شَالْيَاهْ « العبرية هي «أَبُوسُولُسْ»، وهي الكلمة التي تشتق منها كلمة «أَبُوسُلْ» أي «رسول» باللغة العربية. وهكذا، فإن بولس قبل أن يكون رسولاً ليسوع المسيح كان رسولاً للسنهدريم.


متى كانت آخر مرة كنت فيها متحمساً لأجل (أو ضد) شيء ما، ثم قمت بتغيير رأيك بشأن ذلك الشيء في وقت لاحق؟ ما هي الدروس التي يجب أن تكون قد تعلمتها من ذلك الاختبار؟


الاثنين ٣٠ تموز (يوليو)


في الطريق إلى دمشق


اقرأ أعمال ٩: ٣-٩. ماذا حدث عندما كان بولس يقترب من دمشق؟ ما هي أهمية كلمات المسيح في أعمال ٩: ٥ (انظر أيضاً أعمال ٢٦: ١٤)؟


إذ اقترب بولس ورفاقه من دمشق، حدث ما لم يكن متوقعاً: ففي حوالي الظهيرة، اختبروا نوراً مشرقاً للغاية من السماء وصوتاً يتحدث. هذه لم تكن مجرد رؤية بالمعنى النبوي وإنما كانت إعلاناً نبوياً موجَّهَاً، بشكل حصري نَوْعاً ما، إلى بولس. وقد رأى مرافقوه النور؛ ومع ذلك، فإن بولس فقط هو الذي أُصيب بالعمى [المؤقت]؛ وقد سمعوا الصوت؛ ومع ذلك، فإن بولس فقط هو الذي فهم ما قيل. وكان النور هو المجد الإلهي ليسوع المُقَام، الذي ظهر شخصياً لبولس في تلك اللحظة (أعمال ٢٢: ١٤). وفي مكان آخر، يصر بولس مؤكداً على أنه قد رأى يسوع، الأمر الذي جعله مساوياً للاثنا عشر كشاهد على قيامة يسوع، وكشاهد أيضاً على سلطة بولس الرسولية (١كورنثوس ٩: ١؛ ١٥: ٨).


والحوار الذي أعقب ذلك مع المسيح كان سبب ذهول هائل لبولس فاق ذهوله من البرق نفسه. كان بولس مقتنعاً تماماً أنه من خلال مهاجمته لأتباع يسوع الناصري إنما كان يقوم بعمل الله في تطهير اليهودية من هذه البدعة الخطيرة والمروِّعة. ومع ذلك، فإنَّ ما أفزع بولس هو ليس فقط معرفة أن المسيح حي، بل أيضاً معرفة أنه عندما يلحق الأذى والألم بالمؤمنين بالمسيح فإنما هو يهاجم المسيح نفسه.


وعند التحدث إلى شاول، استخدم يسوع مثالاً وقولاً مأثوراً يفترض أنه من أصل يوناني بحيث من المؤكد أن بولس كان يعرفه: «صَعْبٌ عَلَيْكَ أَنْ تَرْفُسَ مَنَاخِسَ» (أعمال ٢٦: ١٤). والصورة هي لثور موضوع على عُنُقِه نير بينما يحاول الثّور مقاومة العصا الحادة التي تُستخدم لتوجيهه. وعندما يحدث ذلك فإنَّ الحيوان إنما يضر نفسه أكثر.


وقد يشير هذا المثل إلى الصراع الذي يدور في رأس بولس – كما يشير الكتاب المقدس إلى هذا باعتباره عمل الروح القدس (يوحنا ١٦: ٨ -١١) – والذي يمكن أن يعود إلى ما حدث مع استفانونس. «وكان شاول قد لعب دوراً كبيراً في محاكمة اسْتِفَانُوس وإدانته، ولكن البراهين المدهشة على وجود الله مع الشهيد جعلت شاول يشك في عدالة القضية التي ناصرها ودافع عنها ضد تابعي يسوع. لقد اضطرب عقله اضطراباً هائلاً. ففي حيرته لجأ إلى أولئك الذين كان يثق في حكمتهم وعدلهم ثقة كاملة. ولكن حجج الكهنة والرؤساء أقنعته أخيراً بأن اسْتِفَانُوس كان مجدفاً وأن المسيح، الذي كان ذلك التلميذ الشهيد يبشر به كان محتالاً، وأن أولئك الذين يقومون بالخدمة المقدسة هم على صواب» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ٩١ و٩٢).


لماذا من الحكمة أن تنتبه إلى ما يمليه عليك ضميرك؟


الثلاثاء ٣١ تموز (يوليو)


زيارة حنانيا


عندما أدرك أنه يتحدث إلى يسوع نفسه، سأل بولس السؤال الذي كان من شأنه أن يعطي يسوع الفرصة التي كان ينتظرها: « ‹مَاذَا أَفْعَلُ يَارَبُّ؟› » (أعمال ٢٢: ١٠). إن السؤال يشير إلى أسف عميق في ضوء تصرفاته حتى تلك اللحظة، ولكن الأهم من ذلك هو أن هذا السؤال يعرب عن استعداد بولس غير المشروط للسماح للمسيح بأن يوجه حياته من تلك النقطة فصاعداً. وعندما اُقْتِيدَ إلى دمشق، كان على بولس انتظار مزيد من التعليمات.


في أعمال ٩: ١٠-١٩، يعلن الكتاب المقدس كيف كان الرب يعمل على إعداد شاول الطرسوسي لحياته الجديدة كبولس الرسول. وفي رؤية، كلّف يسوعُ حنانيا بمهمة زيارة شاول ووضع يديه عليه كي يسترد بصره. مع ذلك، فقد كان حناينا يعرف بالفعل مَن هو شاول، وكذلك العديد من الإخوة الذين عانوا بل وفقدوا حياتهم بسببه. وكان حنانيا يعلم جيداً أيضاً سبب وجود شاول في دمشق. ولهذا فهو بالتأكيد لم يكن يريد أن يصبح ضحية شاول الأولى هناك. لذا فإنَّه كان يمكن تفهم تردد وارتباك حنانيا.


ومع ذلك، فإن ما لم يكن حنانيا يعرفه هو أن شاول كان له لقاء شخصي مع المسيح عمل على تغيير حياته إلى الأبد. إنَّ حنانيا لم يعرف أن شاول بدلاً من أن يعمل لصالح السنهدريم، قد دُعي من قبل يسوع لأن يعمل لأجله، وهو ما يعني أن شاول لم يعد رسولاً للسنهدريم وإنما أصبح أداة المسيح لحمل بشارة الإنجيل لكل من اليهود والأمم.


اقرأ غلاطية ١: ١، ١١، ١٢. ما هو الاستحقاق الخاص الذي ادّعاه بولس فيما يتعلق بخدمته الرسولية؟


في سفر غلاطية، يصر بولس على أنه تلقى رسالته وعمله الرسولي من يسوع المسيح مباشرة، وليس من أي مصدر بشري. وهذا بالضرورة لا يتعارض مع الدور الذي أداه حنانيا في دعوة بولس. فإن كل ما قام به حنانيا عند زيارته لبولس هو مجرد التأكيد على المأمورية التي كان شاول قد تسلمها بالفعل من يسوع في الطريق إلى دمشق.


وفي الواقع، لقد كان التغيير في حياة شاول هائلاً جداً لدرجة أنه لا يمكن إسناد هذا التغيير لأي سبب بشري. فقط التدخل الإلهي يمكن أن يفسر كيف يمكن لأكبر خصم للمسيح أن يتقبله فجأة باعتباره مخلصاً ورباً، بحيث يتخلى عن كل شيء – الاعتقادات، السمعة والوظيفة – ويصبح رسول يسوع الأكثر تكريساً.


بأية طرق يُظْهِرُ اهتداء شاول كيفية عمل نعمة الله المدهشة؟ ما الذي يمكنك أن تتعلمه من قصته فيما يتعلق بأولئك الأشخاص في حياتك مِمَّن تشكُ في قبولهم للإيمان الحقيقي مهما حدث؟


الأربعاء ١ آب (أغسطس)


بداية خدمة بولس


إن الفقرة في أعمال ٩: ١٩-٢٥ تعطينا الانطباع بأن بولس قد بقي في دمشق لفترة من الوقت قبل العودة إلى أورشليم (أعمال ٩: ٢٦). مع ذلك، في غلاطية ١: ١٧، يضيف بولس بأنه قبل الذهاب إلى أورشليم انْطَلَقْ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ، حيث عاش على ما يبدو في عزلة لفترة معينة. «هنا وهو في وحدته وعزلته في البرية وجد الرسول بولس متسعاً من الوقت للدرس والتأمل الهادئ» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ١٠٣).


اقرأ أعمال ٩: ٢٠-٢٥. كيف يصف لوقا خدمة بولس في دمشق؟ ما مدى نجاحها؟


كان الهدف الأصلي لبولس عندما غادر أورشليم حاملاً رسائل من رئيس الكهنة بخصوص المؤمنين اليهود الذين من المفترض أنهم لجأوا إلى المجامع في دمشق (أعمال ٩: ٢). والآن، وبعد العودة من العربية، وصل بولس أخيراً إلى المجامع، لا ليعتقل المؤمنين ولكن لكي يزيد عددهم؛ لا ليفتري على المسيح ويصفه بالدجال وإنما ليقدمه باعتباره مسيا إسرائيل. ما الذي يمكن أن يكون قد دار بأذهان أولئك الذين كانوا قد سمعوا عنه باعتباره أحد مضطهديهم، وهم الآن يسمعونه يشهد للمسيح؟ ما الذي يمكنهم عمله سوى الاندهاش مما أصبح عليه شاول الطرسوسي ومما يقوم به لأجل الكنيسة؟ (ربما لم يكن لديهم أدنى فكرة عن التأثير الذي سيكون لهذا المهتدي الجديد في نهاية المطاف!)


ولعدم قدرتهم على دَحَض تبشيره، تآمر بعض خصوم بولس على قتله. والطريقة التي سرد بها بولس الحدث (٢كورنثوس ١١: ٣٢، ٣٣) تشير إلى أن خصومه قد نددوا بنشاطاته أمام السلطات المحلية من أجل تحقيق نيتهم. ومع ذلك، ومن خلال مساعدة المؤمنين، استطاع بولس الهرب في سلة، ربما من خلال نافذة أحد البيوت المشيدة على سور المدينة.


وقد عرف بولس من البداية أنه سيواجه تحديات (أعمال ٩: ١٦). وكانت المعارضة والاضطهاد والمعاناة من مصادر مختلفة ستكون دائمة في خدمته. لكن لا شيء كان يمكنه أن يزعزع إيمانه أو شعوره بالواجب، على الرغم من المصاعب والتجارب التي واجهها، غالباً في كل خطوة من حياته الجديدة في المسيح (٢كورنثوس ٤: ٨، ٩).


بالرغم من النزاعات والمعارضة، فإنَّ بولس لم ييأس. كيف يمكننا أن نتعلم عمل الشيء ذاته عندما يتعلق الأمر بالإيمان – بمعنى، كيف يمكننا المثابرة في ظل التثبيط والمعارضة؟


الخميس ٢ آب (أغسطس)


العودة إلى أورشليم


بعد الهروب من دمشق، رجع بولس إلى أورشليم للمرة الأولى منذ تركها كمضطهِد. وقد حدث هذا بعد ثلاثة أعوام من اهتدائه (غلاطية ١: ١٨). ولم تكن عودة سهلة، إذا واجه المشاكل من داخل وخارج الكنيسة.


اقرأ أعمال ٩: ٢٦-٣٠. ماذا حدث لبولس عند وصوله إلى أورشليم؟


في أورشليم، حاول بولس الانضمام إلى الرسل. وعلى الرغم من أنه في ذلك الوقت كان مسيحياً منذ ثلاثة أعوام، إلا أن نبأ اهتدائه بدا لا يصدق للغاية لدرجة أن الرسل، كما حدث لحنانيا قبلهم، كانوا في الواقع متشككين. كانوا يخشون من أن ذلك قد يكون مجرد جزء من مؤامرة واسعة ومحبوكة بعناية. لقد كان برنابا، لاَوِيّا قبرصيا (أعمال ٤: ٣٦، ٣٧)، وبالتالي يوناني، هو مَن وضع حداً لمقاومة الرسل وقدّم بولس لهم. ولا بد وأنهم هم أيضاً قد تعجبوا مما فعله الله لبولس؛ أي عندما أدركوا أن بولس قد اهتدى حقاً.


ومع ذلك، فإن مثل هذه المقاومة ما كانت لتتلاشى كلية، إن لم يكن بسبب أعمال بولس السابقة فيما يتعلق باضطهاد الكنيسة، فستكون على الأقل بسبب البشارة التي كرز بها. فكما في حالة استفانونس، كان المؤمنون اليهود، بما في ذلك الرسل، بطيئين، إلى حد كبير، في فهم النطاق العالمي للإيمان المسيحي. فهو الإيمان الذي لم يعد مرتكزاً على النظام الطقسي للعهد القديم، وخاصة نظام الذبائح، الذي فقد سريان مفعوله بموت المسيح على الصليب. وقد كانت دائرة العلاقات المقربة لبولس داخل الكنيسة التي في اليهودية تتكون دائماً من مؤمنين يونانيين: فبالإضافة إلى برنابا نفسه، اشتملت هذه الدائرة على فِيلُبُّسَ، وَاحِداً مِنَ السَّبْعَةِ (أعمال ٢١: ٨) مَنَاسُونَ، أيضاً من قُبْرُص (أعمال ٢١: ١٦). وبعد عدة سنوات، كان قادة الكنيسة في أورشليم لا يزالون يتهمون بولس بالتبشير، بشكل أساسي، بنفس العقيدة التي كان اسْتِفَانُوس قد بشر بها قبلاً (أعمال ٢١: ٢١).


وخلال الخمسة عشر يوماً التي قضاها في أورشليم (غلاطية ١: ١٨)، قرر بولس على ما يبدو أن يشارك بشارة الإنجيل مع نفس اليهود غير المؤمنين الذين كان قد حرضهم ضد استفانوس في وقت سابق. مع ذلك، وكما كان هو الحال مع استفانونس، فإن جهوده قوبلت بمعارضة شديدة شكلت تهديداً لحياته. وفي رؤية، طلب منه يسوع أن يغادر أورشليم حفاظاً على سلامته (أعمال ٢٢: ١٧-٢١). وبمساعدة الإخوة، ذهب إلى ميناء قَيْصَرِيَّة ومن هناك إلى مسقط رأسه في كِيلِيكِيَّةَ، حيث بقي لعدة سنوات قبل أن يبدأ رحلاته التبشيرية.


الجمعة ٣ آب (أغسطس)


لمزيد من الدرس: «إن القائد الذي يُقتل في المعركة يخسره جيشه ولكن موته لا يزيد من قوة العدو. ولكن عندما ينضم رجل شهير إلى الجيش المعادي فإنه فضلاً عن كون الفريق الأول الذي كان ينتمي إليه تضيع عليه خدماته، فالذين ينضم إليهم يحصلون على ميزة حاسمة. إن شاول الطرسوسي وهو في طريقه إلى دمشق كان يمكن للرب بكل سهولة أن يضربه الضربة القاضية، وبذلك كانت جحافل الاضطهاد تخسر قوة عظيمة. ولكن الله في عنايته فضلاً عن إبقائه على حياة شاول فقد جدده وخلصه وبذلك نقل الخصم من جانب العدو إلى جانب المسيح» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ١٠٢).


«كان المسيح قد أمر تلاميذه بالذهاب والتبشير للأمم؛ لكن التعاليم السابقة التي تلقوها من اليهود جعلت من الصعب عليهم أن يفهموا بشكل كامل كلمات سيدهم، وبالتالي كانوا بطيئين في التصرف بناءً على ما قاله المسيح لهم. لقد دعوا أنفسهم أبناء إبراهيم، واعتبروا أنفسهم ورثة الوعد الإلهي. وفقط بعد عدة سنوات من صعود الرب بدأت عقولهم تتسع بما فيه الكفاية لتفهم بشكل واضح المغزى من كلمات يسوع، وبأنه كان عليهم العمل على هداية الأمم وكذلك اليهود» (روح النبوة، صور من حياة بولس، صفحة ٣٨).


أسئلة للنقاش:


١. أمعن التفكير في السؤال الذي وجهه المسيح إلى بولس في الطريق إلى دمشق: «لماذا تضهدني» (أعمال ٩: ٤). بالنسبة لبولس، كان هذا السؤال مؤشراً على أن يسوع الناصري كان بالفعل قد قام من الأموات. لكن، والأكثر من ذلك، هو أن هذا السؤال كان مؤشراً أيضاً على الهوية الروحية الموجودة بين يسوع وكنيسته (انظر أيضاً متى ٢٥: ٣٤-٤٥). والمعنى المتضمن في هذا واضح: أي ضرر يلحق بالكنيسة هو ضرر يلحق بالمسيح نفسه. من الناحية العملية، ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة ليومنا؟


٢. إن الشهادة ليسوع تنطوي على المعاناة من أجله؟ وليس من قبيل الصدفة أن الكلمة اليونانية «تشهد» (مارتيس) ترتبط بكلمة «استشهاد» (مارتيديوم). ما الذي يعنيه أن تعاني من أجل المسيح؟


٣. هناك مقولة لاتينية قديمة تقول ما معناه: «أنا أؤمن كي أفهم.» كيف تساعدنا هذه الفكرة على أن نفهم ما حدث لشاول الطرسوسي؟ وما يعنيه هذا هو أن بولس قبل اهتدائه، قبل أن يصبح مؤمناً بالمسيح، لم يكن يستوعب ذلك. فقط بعد الاختبار الذي كان له في الطريق إلى دمشق استطاع بولس أن يستوعب. ما هو الدرس الذي يمكننا أن نستخلصه من هذا بالنسبة للأوقات التي قد نجد أنفسنا فيها مثبطين من أولئك الذين لا يؤمنون بالحقائق التي تبدو شديدة الوضوح بالنسبة لنا؟


الدرس السادس ٤-١٠ آب (أغسطس)


الخدمة الكرازية لبطرس






السبت بعد الظهر


المراجع الأسبوعية: أعمال ٩: ٣٢-٤٣؛ أعمال ١٠: ٩-١٦؛ أفسس ٢: ١١-١٩؛ أعمال ١١: ١-٢٦؛ أعمال ١٢: ١-١٨.


آية الحفظ: « فَفَتَحَ بُطْرُسُ فَاهُ وَقَالَ: ‹بِالْحَقِّ أَنَا أَجِدُ أَنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ الْوُجُوهَ. بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، الَّذِي يَتَّقِيهِ وَيَصْنَعُ الْبِرَّ مَقْبُولٌ عِنْدَهُ› » (أعمال ١٠: ٣٤، ٣٥).


مع رحيل بولس إلى طرسوس، أصبح بطرس مجدداً الشخصية الرئيسية في سرد لوقا للأيام الأولى للكنيسة المسيحية. يتم تصوير بطرس على أنه يقوم نوعاً ما بخدمة متجولة في جميع أنحاء اليهودية والمناطق المحيطة بها. ويخبرنا سفر أعمال الرسل بقصتين وجيزتين لمعجزتين تم إجراءهما، شفاء حَنَانِيَّا وإقامة طَابِيثَا (غَزَالَة)، ثم تليهما قصة كرنيليوس في الأصحاح العاشر.


وكان اهتداء الأمم من أكثر القضايا إثارة للجدل في الكنيسة الرسولية. وعلى الرغم من أن المناقشات التي تلت معمودية كرنيليوس كان بعيدة كل البعد عن حل كل الصعوبات، إلا أن انسكاب الروح القدس، وتذكر ما قد حدث في يوم الخمسين، قد ساعد على إقناع بطرس والإخوة في أورشليم بأن بركات البشارة لم تكن تقتصر على اليهود. وفي الوقت ذاته، كان الكنيسة في أنطاكية قد بدأت بالفعل بالتحرك نحو الأمم أيضاً.


وتتضمن دراسة هذا الأسبوع أيضاً ظهور اضطهاد جديد قصير الأمد – هذه المرة على يد الملك هيرودس – وأثره على الرسل الذين نجوا من الاضطهاد الذي كان قد قام به بولس قبل اهتدائه.


*نرجو التعمق في موضوع هذا الدرس استعداداً لمناقشته يوم السبت القادم الموافق ١١ آب (أغسطس).


الأحد ٥ آب (أغسطس)


في لدة ويافا


كان بطرس يزور المجتمعات المسيحية الواقعة في المنطقة الساحلية لليهودية. وعلى الأرجح أن الغرض من زياراته هذه كان إعطائهم التعليمات العقائدية (أعمال ٢: ٤٢)، لكن الله استخدمه بقوة لإجراء معجزات بنفس الطريقة التي أجريت بها المعجزات من قبل المسيح نفسه.


اقرأ أعمال ٩: ٣٢-٣٥. ما هي أوجه الشبه التي تراها في معجزة المسيح في لوقا ٥: ١٧- ٢٦ ومعجزة شفاء حنانيا؟


على الرغم من أن القصة موجزة، إلا أن المعجزة تذكرنا بالقصة المعروفة جيداً للرجل المشلول الذي شفي بواسطة المسيح في كفرناحوم (لوقا ٥: ١٧-٢٦). إنه حتى التفاصيل المتعلقة بالفراش متشابهة. لكن الأهم من ذلك كان تأثير شفاء حنانيا، ليس فقط في لدة ولكن أيضاً في السهل الساحلي لشارون. فبعد أن تحققوا لأنفسهم من حقيقة المعجزة، رجع كثير من الناس إلى الرب.


اقرأ أعمال ٩: ٣٦-٤٣. راجع قصة قيامة طابيثا. ما هو الشيء المميز جداً بشأن طابيثا؟


كانت طابيثا محبوبة جداً في الحي الذي تعيش فيه بسبب الأعمال الخيرية المسيحية التي كانت تقوم بها. وقصة قيامتها تتوازى أيضاً مع معجزة أجراها المسيح ألا وهي إقامة ابنة يايروس (لوقا ٨: ٤١، ٤٢، ٤٩-٥٦)، وهي المعجزة التي شهدها بطرس. واتباعاً لمثال المسيح، طلب بطرس من الجميع أن يغادروا الغرفة (انظر مرقس ٥: ٤٠). ثم ركع وصلى، وبعد ذلك نادى المرأة الميتة قائلاً، « ‹يَا طَابِيثَا، قُومِي!› » (أعمال ٩: ٤٠).


لقد أجرى الرسل العديد من المعجزات؛ ومع ذلك، وفي الواقع، كانت هذه كلها أعمال الله التي جَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ (أعمال ٥: ١٢). وربما كان المقصود من تشابه هذه المعجزات مع معجزات المسيح هو تذكير الكنيسة، بما في ذلك نحن اليوم، أن ما يهم حقاً هو ليس الأداة التي أجريت المعجزة بواسطتها، ولكن المهم بالأحرى هو مقدار خضوع هذا الإنسان، الذي أجرى المعجزة، لله (انظر يوحنا ١٤: ١٢). عندما نسمح تماماً لله بأن يستخدمنا لصالح البشارة، فإن أموراً عظيمة يمكن أن تحدث. فإنَّ بطرس لم يقم طابيثا فحسب، لكن المعجزة أدت إلى اهتداء الكثيرين في يَافَا (أعمال ٩: ٤٢).


بعض الناس يعتقدون أنه إذا أمكنهم فقط أن يروا معجزة حقيقية، مثل ما حدث هنا، فإنهم عندها سوف يؤمنون. وعلى الرغم من أن المعجزات قد ساعدت في بعض الأحيان على قيادة بعض الناس إلى الإيمان، إلا أن الكتاب المقدس مليء بقصص أولئك الذين رأوا معجزات ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا. ما هو إذن الشيء الذي يجب أن يرتكز عليه إيماننا؟


الاثنين ٦ آب (أغسطس)


في بيت كرلينيوس


وفي يافا، أقام بطرس عند شخص يدعى سِمْعَانَ الذي كان يعمل دَبَّاغاً (أعمال ٩: ٤٣). وفي الوقت نفسه، على بعد حوالي ٤٠ كيلومتراً من يافا، كان يعيش قائد مائة روماني اسمه كورنيليوس. كان هو وأسرته مكرسين لعبادة الله، على الرغم من أنهم لم يكونوا ملتزمين رسمياً بالديانة اليهودية، وهذا يعني أن كورنيليوس كان لا يزال أممياً غير مختون. في رؤية أعطيت له من الله، طلب من كورنيليوس أن يرسل رسلاً إلى يافا ليدعو بطرس لزيارته (أعمال ١٠: ١-٨).


اقرأ أعمال ١٠: ٩-١٦، ٢٨، ٣٤، ٣٥. ما الذي اختبره بطرس، وكيف فسر ذلك؟


من المهم أن نعرف أن رؤية بطرس لم تكن تتعلق بالطعام وإنما تتعلق بالناس. نعم، كان الوقت حوالي الظهيرة، وكان بطرس جائعاً، وقد طلب منه الصوت في الرؤية أن يذبح ويأكل؛ ومع ذلك، فإن الله استخدم الرؤية لا ليزيل التمييز بين الحيوانات الطاهرة والنجسة، وإنما ليعلم بطرس عن الطبيعة الشاملة للبشارة.


لقد كانت الرؤيا تهدف صراحة إلى كسر مقاومة بطرس للأمم. كان رأي بطرس هو أنه إذا دخل بيت كورنيليوس وأكل معه، فإنه بذلك سوف يدنس نفسه ويصبح غير مؤهل للعبادة في الهيكل أو أن يأتي أمام حضور الله. إن يهود القرن الأول من اليهودية والمناطق المجاورة لم يختلطوا بالأمميين غير المختونين.


كانت المشكلة تتعلق باللاهوت المعاصر، الذي استبعد الأمميين من مجتمع إسرائيل، على الرغم من أن هذا الرأي قد أصبح تشويها لمجمل النقطة المتعلقة بوجود إسرائيل كأمة، وهي التي كان المقصود لها الوصول إلى العالم بمعرفة الله الحقيقي. ولأن الختان كان علامة لعهد الله مع إبراهيم، فقد تم عزل الوثنيين غير المختتنين ومعاملتهم بازدراء. ولم يكن مسموح له بالاشتراك في أي جزء من بركات العهد ما لم يقبلوا الختان ويصبحوا يهوداً. مع ذلك، فإن مثل هذا المفهوم لم يكن يتفق مع النطاق الكوني لموت المسيح، الذي بدأ المؤمنون الأولون في استيعابه مع مرور الوقت.


اقرأ تيطس ٢: ١١؛ غلاطية ٣: ٢٦-٢٨؛ وأفسس ٢: ١١-١٩. ماذا تعلمنا هذه الفقرات الكتابية حول عالمية رسالة بشارة الإنجيل؟ ماذا ينبغي أن تخبرنا حول كم هو خطأ بالنسبة للمسيحيين أن يعززوا التحيز ضد أي جماعة على أساس الانتماءات العرقية؟


الثلاثاء ٧ آب (أغسطس)


هبة الروح القدس


تكشف الآيات في أعمال ١٠: ٤٤-٤٨ عن لحظة حاسمة في تاريخ الكنيسة الأولى. كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التبشير بالإنجيل إلى الأمم غير المختونين مِن قِبل أحد الرسل. وخلافاً للمؤمنين الهلنستيين، لم يكن الرسل والمؤمنون الآخرون من اليهود مستعدين لقبول الأمميين في الكنيسة. وحيث أن يسوع كان مسيا إسرائيل، فقد اعتقد هؤلاء المؤمنين أنه ينبغي مشاركة البشارة فقط مع اليهود القريبين والبعيدين. وكانوا يعتقدون أنه ينبغي للأمم أن يهتدوا إلى اليهودية أولاً ومن ثم يتم قبولهم في مجتمع الإيمان. وبعبارة أخرى، قبل أن يتمكن الأمم من أن يصيروا مسيحيين، كان عليهم أولاً أن يصيروا يهوداً. كان هذا هو التفكير الذي كان بحاجة إلى أن يتغير بين أولئك المؤمنين اليهود الأولين.


إن هبة التكلم بألسنة التي أعطيت لكرنيليوس وأهل بيته قد أضيفت كعلامة واضحة وملحوظة تبرهن أن مفهوم المؤمنين الأولين بشأن الأمم كان مفهوماً خاطئاً، وبأن لَيْسَ عِنْدَ اللهِ مُحَابَاةٌ أو تفضيلٌ، وبأنه فيما يتعلق بالخلاص، فإن اليهود والأمميين متساوين أمام الله.


اقرأ أعمال ١١: ١- ١٨. كيف كان رد فعل الكنيسة على اختبار بطرس في قيصرية؟


إن التحيز اليهودي طويل الأمد نحو الأمم دفع بالمؤمنين في أورشليم إلى انتقاد بطرس لكونه قد أكل مع أشخاص غير مختونين. يبدو أنهم كانوا أكثر اهتماماً بوساوس الطقوس اليهودية أكثر من اهتمامهم بخلاص كرنيليوس وأهل بيته. لقد كانوا يخشون من أنه إذا تخلت الكنيسة عن مثل هذه الممارسات فإنَّ ذلك من شأنه أن يمثِّل إنكاراً لإيمان إسرائيل، وأنهم بذلك سيخسرون رضى الله، ويصبحون هم أنفسهم مدانين بنفس الاتهامات – من رفاقهم اليهود – التي أدت إلى مقتل استفانوس.


«لقد حان الوقت الذي فيه تَبْدأ كنيسة المسيح بالدخول في مظهر جديد من مظاهر العمل. فالباب الذي أغلقه كثيرون من المهتدين اليهود في وجه الأمم كان سيُفتح الآن على مصراعيه. والذين قبلوا الإنجيل من الأمم كانوا سيُعتبرون متساوين مع التلاميذ اليهود دون أن تكون بهم حاجة إلى ممارسة فريضة الختان» (روح النبوة، أعمال الرسل، صفحة ١٣٦).


وكما حدث في يوم الخمسين، فإنه هنا أيضاً تحدث المؤمنون من الأمم بلغات لم تكن معروفة لهم من قبل، ولم يتحدثوا بلغات وجدانية عُلْوِيّة غير مفهومة. وفقط الغرض من التكلم بألسنة كان هو الأمر المختلف: فإنه في حين كان التكلم بألسنة بالنسبة للرسل يهدف إلى إنماء المرسلية العالمية للكنيسة، كان تكلم كرنيليوس وأهل بيته بألسنة بمثابة تأكيد على أن نعمة الله كانت تعمل حتى بين الأمم.


الأربعاء ٨ آب (أغسطس)


الكنيسة في أنطاكية


عمل اهتداء كرنيليوس على جعل لوقا يتوقف لفترة وجيزة عن سرد قصة خدمة بطرس لإظهار التقدّم الأوَّلِي لبشارة الإنجيل بين الأمم.


اقرأ أعمال ١١: ١٩-٢٦. ماذا حدث عندما جاء بعض المشتتين من أورشليم إلى أنطاكية؟


يشير هذا القسم من سفر أعمال الرسل إلى الاضطهاد الذي كان يشنه بولس في أصحاح ٨. وهكذا، فإنه بينما كانت التطورات السابقة تحدث في اليهودية وأماكن أخرى، كان بعض المؤمنين الهلينستيين الذين أجبروا على مغادرة أورشليم ينشرون البشارة في أماكن خارج حدود اليهودية.


يُولِي لوقا اهتماماً خاصاً بمدينة أنطاكية في سوريا، حيث بدأ المشتتون في تبشير رفاقهم اليهود وكذلك اليونانيين، وقد كان الكثيرون منهم يقبلون الإيمان. وهكذا فإن مأمورية المسيح في أعمال ١: ٨ كانت تتحقق من خلال جهود المسيحيين اليونانيين من أصل يهودي. لقد كانوا هم الذين أصبحوا مؤسسي المرسلية إلى الأمم.


وبسبب نجاح الكنيسة في أنطاكية، قرر الرسل في أروشليم إرسال برنابا لتقييم الحالة. وعندما لاحظ برنابا الفرص العظيمة المتاحة لتقدّم البشارة، أرسل في طلب بولس الذي كان مقيماً في طرسوس، لأن برنابا شعر أن بولس سيكون معيناً حيوياً.


وقد كان برنابا على حق. فخلال السنة التي عمل فيها هو وبولس معاً، تمكنت حشود كبيرة، معظمها من الأمم، من سماع البشارة. والحماس الذي تحدثا به عن يسوع المسيح جعل المؤمنين هناك يُعْرفون لأول مرة على أنهم «مسيحيين» (أعمال ١١: ٢٦). وحقيقة أنهم «قد دُعِيَوا» مسيحيين تشير إلى أن هذا المصطلح قد صيغ من قبل أولئك الذين من خارج الكنيسة، ربما كنوع من السخرية، هذا في حين كان يفضِّل المؤمنون الإشارة إلى أنفسهم على أنهم «إِخْوَة» (أعمال ١: ١٦)، «تَّلاَمِيذ» (أعمال ٦: ١)، أو حتى « قِدِّيسِون» (أعمال ٩: ١٣). وبحلول الوقت الذي كُتب فيه سفر أعمال الرسل، أصبحت كلمة «مسيحي» تسمية شائعة (أعمال ٢٦: ٢٨)، ويبدو أن لوقا كان موافقاً على هذه التسمية. فكلمة «مسيحي» تعني تابعاً أو ملاصقاً للمسيح.


ما الذي يعنيه لك أن تدعى «مسيحياً»؟ ماذا عن حياتك هل أنت حقاً مسيحي؟ بمعنى، ما مدى اختلاف طريقتك في العيش عن تلك التي لغير المسيحيين فيما يتعلق بالأمور التي تهم حقاً؟


الخميس ٩ آب (أغسطس)


اضطهاد هيرودس


عودة بالحديث إلى اليهودية، وها نحن الآن نواجه قصة إعدام الملك هيرودس ليعقوب، أخي يوحنا ابن زبدي (مرقس ١: ١٩). وقد أراد هيرودس عمل الشيء ذاته مع بطرس.


اقرأ أعمال ١٢: ١-٤. ماذا يعلمنا هذا عن التحدي الذي واجهته الكنيسة الأولى؟


إن الملك هيرودس المذكور هنا هو أغريباس الأول، حفيد هيرودس الكبير (متى ٢: ١)؛ وقد حكم اليهودية من ١٨ إلى ٤٤ ميلادية. ونتيجة لتظاهره بالتقوى، فقد حظي بشعبية بين رعاياه اليهود، خاصة الفريسيين. ومحاولاته لنيل رضا اليهود من خلال مهاجمته لبعض الرسل تتناسب تماماً مع ما نعرفه عنه من مصادر أخرى.


ولأن الحكم بقتل يعقوب كان فعالاً في تحقيق أهداف أغريباس، فقد خطط لقتل بطرس كذلك. وبالفعل تم القبض على بطرس وتسليمه إلى أربعة فرق تتكون كل فرقة منها من أربعة جنود. وكانت هذه الفرق تتناوب على حراسته نهاراً وليلاً. وفي كل نوبة حراسة، كان يوجد أربعة جنود مع بطرس: كان بطرس مربوطاً بسلسلتين متصلتين بجنديين، جندي على كل جانب، بينما كان هناك جنديان يحرسان المدخل. ومن المؤكد أن هذه الاحتياطات المشددة قد اتخذت لتجنب ما حدث بالفعل مع بطرس (ويوحنا) منذ فترة في السابق (أعمال ٥: ١٧-٢٠).


اقرأ أعمال ١٢: ٥-١٨. ما الذي حدث استجابة لصلوات الإخوة؟


في الليلة السابقة لليوم الذي خطط فيه أغريباس لمحاكمة بطرس وإعدامه، تم مرة أخرى تحريره بمعجزة بواسطة ملاك.


بعد ذلك، نجد قصة وفاة أغريباس في قيصرية (أعمال ١٢: ٢٠-٢٣). وقد بُذلت محاولات لتحديد سبب وفاته: (اِلْتِهابُ الصّفَاق، قرحة، أو حتى مسموماً)؛ ومع ذلك، فإن لوقا واضح في القول بأن الملك قد مات بسبب حكم إلهي.


لقد قُتل يعقوب، وأُنقذ بطرس، وواجه هيرودس حكماً إلهياً. في بعض الحالات، نرى العدالة؛ وفي حالات أخرى، لا يبدو أن الأمر كذلك. ماذا ينبغي لهذا أن يعلمنا حول كيف أننا لا نملك أجوبة على كافة أسئلتنا ولماذا نحن بحاجة إلى العيش بالإيمان فيما يتعلق بما لا نفهمه؟


الجمعة ١٠ آب (أغسطس)


لمزيد من الدرس: في الأصحاح العاشر من سفر أعمال الرسل، لا يزال لدينا مِثَال آخر حول الحصول على مساندة من الملائكة السماوية، وهو ما نتج عنه اهتداء كرنيليوس وأهل بيته. دعونا نقرأ هذه الأصحاحات [٨-١٠] ونوليها اهتماماً خاصاً. وفيها سنجد أن السماء أقرب بكثير إلى المسيحي المنخرط في عمل خلاص النفوس، أقرب مما قد يتصور الكثيرون. يجب أن نتعلم منها أيضاً اهتمام الله بكل إنسان، وبأن كل شخص يجب أن يعامل أخيه الإنسان باعتباره أحد وسائط الرب لإنجاز عمله في الأرض» (تعليقات روح النبوة، موسوعة الأدفنتست لتفسير الكتاب المقدس، مجلد ٦، صفحة ١٠٥٩).


«عندما تصلي الكنيسة، فإن عمل الله سيمضي قُدُمَاً، ولن يحصد أعداؤه سوى الفشل، حتى وإن كان هذا لا يعفي الكنيسة من المعاناة والشهادة. إن قناعة لوقا بانتصار البشارة هي قناعة حقيقية تماماً، وهي تدرك أنه على الرغم من أن كلمة الله لا تتقيد، إلّا أن خدامها قد يضطرون إلى مواجهة المعاناة والحبس» [هوارد مارشال، أعمال الرسل (غراند رابيدس: أيردمانز، ١٩٨٠)، صفحة ٢٠٦، ٢٠٧].


أسئلة للنقاش:


١. يوصف كَرْنِيلِيُوس بأنه «تَقِيٌّ وَخَائِفُ اللهِ مَعَ جَمِيعِ بَيْتِهِ، يَصْنَعُ حَسَنَاتٍ كَثِيرَةً لِلشَّعْبِ، وَيُصَلِّي إِلَى اللهِ فِي كُلِّ حِينٍ» (أعمال ١٠: ٢). من الواضح أن روح الله كان بالفعل يعمل في كرنيليوس قبل مقابلة بطرس بفترة طويلة. هل يمكن أن حياته التعبدية كانت فرصة الله للوصول إليه ببشارة الإنجيل؟ ما هو الدرس بالنسبة لنا في قصة كرنيليوس؟


٢. في الصف، عودوا إلى السؤال الأخير بدرس يوم الاثنين واسألوا أنفسكم هذا السؤال: ما هو السياق الثقافي والاجتماعي والسياسي الذين تعيش فيه ويولّد هذا النوع من التوتر العِرقي الذي ليس من المفترض بالمسيحيين تعزيزه؟ وبعبارة أخرى، كيف يمكننا جميعاً كمسحيين أن نسمو عن كل ما من شأنه أن يُحرّض على مثل هذه الأمور في ثقافاتنا وخلفياتنا؟


٣. على الرغم من أضرارها، إلا أن جهود بولس لاضطهاد المسيحيين تحولت إلى تأثير جيد: فإن المشتتين الذين جاءوا إلى أنطاكية بدأوا يبشرون لليهود والأمم. في الصف، شارك اختبار شخصي من المعاناة والألم حوَّله الله إلى بَرَكَة ونعمة؟


٤. كان يعقوب واحداً من أقرب التلاميذ إلى المسيح (مرقس ٥: ٣٧؛ ٩: ٢؛ ١٤: ٣٣)؛ ومع ذلك، فقد كان أول مَن استشهد مِن بين التلاميذ الاثني عشر. ما هي بعض الأمثلة الأخرى التي نجدها في الكتاب المقدس عن أشخاص مؤمنين لاقوا المعاناة ظُلْماً؟ ما هي الدروس المستفادة التي ينبغي أن نستخلصها من هذه القصص لأنفسنا فيما يتعلق بمجمل مسألة المعاناة والألم؟